موصى به لك

    الأقسام

    روايات تاريخية

    معارك ملحمية، مؤامرات، وأبطال منسيون

    ... ...

    روايات فانتازيا

    ممالك مفقودة وسيوف أسطورية، هنا تبدأ المغامرة

    ... ...

    روايات رومانسية

    لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير بتلك النظرة

    ... ...

    روايات رعب

    السحر والكتب يخفون أسراراً لا تريد معرفتها

    ... ...

    روايات خيال علمي

    سافر عبر الزمن بتكنولوجيا تتحدى الخيال

    ... ...

    روايات مافيا

    عالم الجريمة المنظمة حيث القوة هي القانون

    ... ...

    روايات كورية

    اجمل القصص الكوريه المترجمه والكيدراما

    ... ...

    روايات اجتماعية

    صراعات يومية تعكس حقيقة الحياة التي نعيشها

    ... ...

    الأفضل شهرياً

      رواية الورقة الأخيرة - تاريخية

      الورقة الأخيرة

      بقلم,

      تاريخية

      مجانا

      طالبة جامعية مش مقتنعة خالص بأهمية دراسة التاريخ، خصوصًا قصة الكهنة التلاتة "جومبورزا". بعد ما أستاذها بيحرجها ويكلفها ببحث مصيري عنهم، بتحاول تذاكر غصب عنها. وهي بتقرا الكتاب، بيغمى عليها وتصحى تلاقي نفسها رجعت بالزمن لسنة 1872. بتفوق في مكان ضلمة على نور شمعة، وتقابل الناس اللي كانت لسه بتقرا عنهم، ومصيرها بيتغير.

      ميريام

      شايفه التاريخ ده "كلام فاضي" وملوش لازمة. عنيدة شوية ومش بتخاف تقول رأيها حتى لو هيغلطها. هي اللي بتسافر عبر الزمن.

      سير

      أستاذ التاريخ بتاعها. راجل شديد وحازم جدًا، وشايف إن التاريخ هو أهم حاجة. مش بيتهاون أبدًا مع أي طالب مش مقدر المادة بتاعته.

      ليزيل

      صاحبتها وبتحاول تهون على ميريام وتقترحلها حلول لمشكلتها مع الأستاذ.
      رواية الورقة الأخيرة - تاريخية
      صورة الكاتب

        -- دي سادس روايه ليا تقريبا على روايات أونلاين بتمنى تعجبكم وهي قائمه على احداث شبه حقيقيه --
        
      في سكن طلابي صغير قريب من واحدة من أشهر الجامعات في الفلبين، كانت فيه طالبة بتعاني مع مادتها الدراسية ومحتارة تمامًا ومش عارفة تعمل إيه...
      
      أنا قريت كل حاجة بس برضه الكلام مش راضي يثبت في دماغي. دورت كذا مرة على جوجل على إجابات بس أنا بجد مش قادرة أفهم إيه أهمية دراسة التلات كهنة الشهدا دول، الجومبورزا.
      
      رمشت بعيني وفركتهم. أدركت إني بجد محتاجة أنام نومة عدلة. قفلت الكتاب اللي بنستخدمه في حصة التاريخ وحطيت راسي على دراعي.
      
      "هو إيه لزمة إننا ندرس عن 'الجومبورزا' دول؟" قلت لنفسي.
      
      مش قصدي أقول إن التلات كهنة الشهدا دول ماكانش ليهم دور في حرية الفلبينيين من الإسبان، بس هو لازم يعني نفضل نعيد ونزيد في دراستهم؟ تاريخ ماشي تاريخ، بس الزمن بيتغير برضه، مش كده؟ مش بس دراسة التاريخ هي اللي مهمة يتعلّموها طلبة الجامعة، ما فيه مواد تانية محتاجة اهتمام برضه.
      
      رفعت راسي وفضلت أدلك جبهتي كذا مرة يمكن أهدى. "يا دي النيلة. جومبورزا برضه...." قلت الكلمتين دول ببطء وأنا بحاول أهدي نفسي.
      
      •••
      
      في صباح اليوم التالي في جامعة سانتو توماس....
      
      الساعة كانت تمانية لما وصلت قدام الجامعة. حاجة صعبة أوي إنك تدخل متأخر، ممكن متلاقيش مكان. لو أنت واحد من الطلبة المنحوسين اللي وقعوا في فصول سير روموالديز، فأكيد مش هتبقى عايز تتأخر أبدًا عن مناقشاته، خصوصًا لو يوم اتنين أو جمعة، عشان دي الأيام اللي غالبًا بيعمل فيها أنشطة أو تسميع شفوي.
      
      فكرت أقعد ورا خالص في الفصل عشان أهرب من إن 'سير' يناديني، خصوصًا إن التسميع الشفوي النهاردة عليه درجات وأنا مراجعتش كويس أوي امبارح. بصيت من الشباك ودعيت إن التسميع اللي هيعمله سير روموالديز يخلص بسرعة.
      
      الساعة كانت قربت تسعة لما سير روموالديز دخل فصلنا. فجأة سكت، واتجمدت في مكاني. عدلت قعدتي واستنيت أي مصير مستنيني في الحصة دي. 'سير' قعد بسرعة على كرسيه وحط صندوق على الترابيزة اللي قدامه. الصندوق كان متغطي ومتغلف بورق كانسون أسود، وده اللي خلانا كلنا مستغربين.
      
      "آآ... سير؟ إيه ده؟" سأل واحد من زمايلي، آرتشي، وهو بيشاور على الصندوق. ظهرت ابتسامة خبيثة على شفايف سير روموالديز. مسك الصندوق وفتحه ببطء.
      
      مش عارفة ليه، بس أنا حاسة بقلبي بيدق جامد أوي. شكل ابتسامة المدرس بتاعنا دي فيها حاجة غريبة زودت توتري أكتر. شوية، والمدرس طلع حاجة من الصندوق. لما رفع إيده، كانت فيه حتة ورقة محشورة بين صوابعه. الفصل كله اتنهد، وده اللي خلى سير روموالديز مبسوط أكتر.
      
      "يعني 'سير' طلع شغال بنظام كروت الأسماء، بس طريقته دي موتراني أكتر." قلت في سري.
      
      دعيت إني ماكونش ضمن اللي 'سير' هيناديهم النهاردة. وسط الجو المشحون اللي الصندوق عمله في الفصل، مقدرتش أمنع نفسي إني أعرق وسير روموالديز بيفحص الورقة اللي طلعها.
      
      لما خلص قراية الورقة، نطق ببطء بس بحزم اسم الطالبة اللي حظها وحش ولعبة القدر اختارتها. "ميريام دي ليون."
      
      رجعت لورا في الكرسي بتاعي لما سمعت اسمي بيتنطق من أستاذنا. "هي، ميريام، بينده عليكي." همس زميلي اللي جنبي، وده اللي فوقني للواقع. وقفت ببطء من مكاني عشان أواجه زمايلي وسير روموالديز. "يا آنسة دي ليون، بما إني كلفتكم تدرسوا وتبحثوا عن حياة التلات كهنة الشهدا، فخليني أسألك." قال أستاذي، وده خلى قلبي يدق أسرع لدرجة إني مكنتش سامعة حاجة غير دقاته.
      
      
      
      
      
      
      
      
      "فين وإمتى اتحكم بعقوبة الإعدام على الكهنة الشهدا التلاتة، أو المشهورين أكتر باسم جومبورزا؟"
      
      هو أنا كنت متوترة أوي للدرجة دي عشان كده مسمعتش كويس اللي قاله الأستاذ روموالديز؟ "مـ-ممكن تعيد تاني يا أستاذ. أنا بس مـ-مفهمتش أوي." قلت أنا.
      
      "فرصة كمان يا آنسة دي ليون. فين وإمتى اتحكم بعقوبة الإعدام على الكهنة الشهدا التلاتة، المشهورين أكتر باسم جومبورزا؟" كرر الأستاذ.
      
      أنا قولت لنفسي كان لازم أراجع امبارح. أهو عشان كده مش عارفة أجاوب سؤال الأستاذ ليا دلوقتي. كنت بصاله وأنا برتعش، والجو الحر في الفصل اللي إحنا فيه مكنش مساعد خالص. "آآ... اللي أعرفه إنه تلاتين ديسمبر ألف وتمنمية وستة وتسعين؟" مجاوبتش بصوت عالي أحسن يطلع اللي قلته غلط بجد.
      
      "عيدي تاني يا آنسة دي ليون عشان مسمعتش إجابتك كويس." طلب الأستاذ روموالديز. "تـ-تلاتين ديسمبر ألف وتمنمية وستة وتسعين." قلت أنا واستنيت إيه اللي هيحصل نتيجة إني معملتش البحث بتاعي الليلة اللي فاتت.
      
      الأستاذ روموالديز مردش على طول على اللي قلته، بس سكوته ده اتحول لضحكة. "آنسة دي ليون، إنتي متأكدة إنك راجعتي لمناقشتنا النهاردة؟" سألني. مقدرتش أنطق وأرد على سؤاله.
      
      "بتقولي تلاتين ديسمبر ألف وتمنمية وستة وتسعين؟ في رأيي هما مكنش ممكن يتعاقبوا وقتها، عشان في السنة دي كانت حياتهم خلصت خلاص!" قال بصوت عالي. "آنسة دي ليون، إنتي بجد راجعتي عن الجومبورزا؟" سأل تاني.
      
      "لـ-لأ...." اعترافي بالحقيقة ده جه معاه طقطقة صوابع من الأستاذ روموالديز. "أهو، ظهرت الحقيقة أخيرًا، إنك يا آنسة دي ليون، مش بتقدرّي دراسة الماضي بتاعنا." قال الكلمة دي اللي خلت أي دوشة في الفصل تسكت. "هي معلوماتك ضيقة أوي للدرجة دي لدرجة إن معلومة بسيطة زي موت الكهنة الشهدا مش عارفاها؟"
      
      "ما هو يا أستاذ، مش حصتك بس هي اللي بديها اهتمامي وتقديري. إحنا عندنا مواد تانية أهم محتاجين نذاكرها. مش حصة حضرتك بس." كان ده ردي على اللي اتهمني بيه.
      
      "آنسة دي ليون، أنا اديتكم أسبوع كامل عشان تبحثوا وتعرفوا حاجات عن الجومبورزا. أسبوع عدى، وشكلك معملتيش أي حاجة؟"
      
      "يا أستاذ، أنا شايفة إن دراسة الماضي بتاعنا مش مهمة أوي في مجال دراستنا، وإن مادتك مش مميزة أوي زي ما حضرتك فاكر. لو فضلنا نرجع ونراجع في ماضينا، إزاي هنتقدم كبلد؟"
      
      "بالظبط كده يا آنسة دي ليون. إنتي لسه ثابتة وجهة نظرك. إزاي فعلًا هنقدر نتقدم لو مدرسناش ومقدرناش التراث بتاعنا؟ وعشان كده يا آنسة دي ليون، أنا عايزك تسلمي مقال عن حياة الكهنة التلاتة، وتعملي بحث عن إزاي مساهماتهم في سبيل الحرية بتنعكس دلوقتي على وضعنا الحالي، وده بيمثل خمسة وسبعين في المية من درجتك." قال الأستاذ روموالديز، وده اللي ضايقني جدًا.
      
      "يا أستاذ، ده كده مش عدل. أنا لوحدي بس، بجد؟" قلت أنا. أنا مش قادرة أفهم خالص هو ليه كده، وإزاي فجأة كده يخليني أعمل مهمة هي اللي هتحدد درجتي عنده. "قلة تقديرك واعترافك بتاريخنا بيحملك مسؤولية إنك تخلصي مهمتك الخاصة دي وتتسلم الأسبوع الجاي، يوم الإتنين." دي كانت آخر كلمة قالها لي قبل ما يخليني أقعد مكاني. "اللي بعده، الأستاذ آرتشي سانتوس...."
      
      أنا حاسة بنظرات زمايلي الحادة اللي زودت إحراجي أكتر. وطيت راسي خالص واتمنيت إن الوقت يجري بسرعة عشان مسمعش تاني أبدًا صوت الأستاذ اللي بيجرح ده.
      
      ---
      
      
      
      
      بعد حصة الأستاذ روموالديز، بدت ميريام كأنها خرساء ولم تتكلم طوال الصباح حتى حل وقت الغداء....
      
      بسبب الإحراج الشديد في حصة الأستاذ روموالديز الصبح، رحت بسرعة بس بهدوء على الساحة الكبيرة في الجامعة وقعدت على جنب مستنية صاحبتي. شوية، وحد نده اسمي. "ميريام!"
      
      بصيت فجأة لمصدر الصوت وشفت صاحبتي بتجري ناحيتي وهي بتشاور. "ليزيل!" ندهت أنا. "إزيك، عاملة إيه؟" سألتني وقعدت جنبي. "كويسة." قلت. رفعت حاجبها وقالت "همم...." مقدرتش أمنع نفسي من الضحك. "متأكدة من الكلام ده؟ شكلك شاحب أهو." قالت.
      
      "إيه ده، لأ طبعًا." أنكرت. "متضحكيش عليا يا ختي، إنتي أصلًا مش شاطرة في الكدب." حاجبها كان مرفوع للسما وهي حاطة إيديها عند بطنها. "أوف، خلاص ماشي. أيوه، أنا بجد مش كويسة." قلت الحقيقة. قلبت عينيها لما طلعت الكلمة اللي هي كانت عايزة تسمعها. "إيه اللي حصل بس؟ ده يوم الجمعة أهو وبرضه مكشرة؟"
      
      "ما هو أعمل إيه بس؟ الأستاذ روموالديز ده حطني في دماغه. عشان بس مجاوبتش على سؤاله في التسميع الصبح، راح مخليني أعمل مقال وكمان ورقة تأمل. هو أكيد عارف إني مش بفكر في مادته هو بس، وهو عامل فيها إن مادته دي هي الأساسية؟" فضفضت عن اللي جوايا.
      
      ليزيل ردت وهي مكشرة. "الأستاذ روموالديز ده كان بيدرسلي السنة اللي فاتت يا بنتي، وهو مش من النوع اللي بيدي تكليفات زيادة كده وخلاص، إلا لو كان اتعصب أو اتضايق منك؟"
      
      "آه... ما هو...." فجأة افتكرت أنا اتصرفت إزاي معاه الصبح. هزت ليزيل راسها. "يبقى إنتي قلتي حاجة فعلًا عشان كده الأستاذ روموالديز خلاكي تعملي المهمة دي بالسرعة دي." قالت. "بس ده برضه مش عدل، صح؟ أنا أصلًا مضغوطة في المذاكرة، وفي الشغل، وفي إني ألاقي حد أحبه، وكمان هشيل هم ده؟" اشتكيت.
      
      "بصي يا بنتي، عشان تخلصي نفسك من اللي هو طالبه ده، استعيني بالذكاء الاصطناعي. أكيد هتلاقي هناك حاجات كتير تساعدك في اللي هو طلبه منك." اقترحت. المرة دي أنا اللي كشرت.
      
      "إيه ده، بس مش ده يعتبر سرقة إن الواحد ياخد إجابات من الذكاء الاصطناعي؟" كنت مترددة. "يوه، إنتي بتصعبي الدنيا على نفسك وخلاص." قالت ليزيل. "طب إيه رأيك تدوري في المكتبة، كده كده جامعة سانتو توماس مليانة كتب... أكيد هتلاقي كتير." أضافت اقتراح تاني. "أهو ده، ده أحسن من اللي قلتيه في الأول." قلت وفجأة إحنا الاتنين ضحكنا.
      
      "يلا بينا، خلينا نروح ناكل. أهو أنا اللي في الآخر بقيت أطلعلك حلول لمشاكلك." قالت.
      
      •••
      
      بعد انتهاء حصتها، مرت ميريام فعلًا على مكتبة بينافيدس بالجامعة للبحث عن كتب ومصادر معلومات أخرى ستحتاجها للمهمة....
      
      كانت الساعة أربعة العصر لما عديت على المكتبة. مكنش فيه ناس كتير في المكتبة عشان كده قدرت أدور على كتب براحتي من غير دوشة أو إزعاج حواليا. عديت على قسم التاريخ ودورت كويس عن أي كتاب بخصوص الأبطال المعترف بيهم في البلد لحد ما لقيت نسخة من "التاريخ العام للفلبين" للمؤرخ خوسيه مونتيرو إي فيدال. أخدت نفس عميق وأخدت النسخة ودورت على مكان مناسب أقعد فيه في المكتبة.
      
      قريت المقدمة بتاعت النسخة بسرعة قبل ما أستعيرها من أمينة المكتبة. بعد كده، بدأت طريقي للبيت. ليزيل كانت مشغولة عشان راحت حفلة، أما أنا فكان لازم أخلص المهمة اللي سببها غضب الأستاذ روموالديدز مني. لما نزلت من العربية، دخلت السكن بسرعة وقفلت الباب. كويس إن شريكتنا التالتة أنا وليزيل، باتريس، لسه مرجعتش وبكده هقدر أقرأ في هدوء.
      
      ظبطت نفسي الأول وغيرت هدومي لهدوم مريحة قبل ما أقعد على الترابيزة الوحيدة في سكننا الضيق وبدأت أقرأ النسخة اللي استعرتها.
      
      فعلًا أنا قلت كلام غلط الصبح، لأني لسه واخدة بالي دلوقتي إن التاريخ اللي قلته الصبح ده كان تاريخ إعدام خوسيه ريزال مش الجومبورزا اللي اتحكم عليهم بالإعدام يوم سبعتاشر فبراير ألف وتمنمية واتنين وسبعين. أدركت إن بكرة هو اليوم ده. ضحكت على غلطتي، وجزء مني بيقولي إني أستاهل فعلًا المقال وورقة التأمل اللي اتطلبوا مني.
      
      من ضمن المعلومات اللي ضفتها في بحثي، كان فيه معلومة إن الكهنة التلاتة اتهموهم بإنهم قادة التمرد اللي حصل في كافيت يوم عشرين يناير ألف وتمنمية واتنين وسبعين، بس ده تم نفيه، والمحكمة اللي اتهموا فيها الكهنة واتحكم عليهم بالعقوبة كانت مجرد طريقة عشان يخلصوا من صورة الكهنة دول اللي كانوا بيطالبوا بعلمنة الكهنة العاديين في أبرشياتهم، ودي حاجة بدأها الأب بيدرو بيلايز قبل موته المفاجئ سنة ألف وتمنمية وتلاتة وستين.
      
      لقيت برضه صفحة مطبوع فيها الصورة الوحيدة اللي الكهنة التلاتة متصورين فيها مع بعض. مقدرتش أميز مين فيهم جوميز، وبورجوس، وزامورا، بس أنا متأكدة إن ده مبقاش مهم.
      
      وأنا بقلب الصفحة اللي بعدها، فجأة الدنيا لفت بيا ومبقتش شايفة كويس. يا إلهي، أهو ده اللي كنت بقول عليه ليه مينفعش أتأخر في النوم.
      
      من كتر الدوخة والصداع اللي حسيت بيه، مقدرتش أقاوم إني أريح راسي على دراعي فوق الترابيزة جنب النسخة. في الثواني اللي بعد ما غفيت فيها، حسيت إني شميت ريحة حاجة إحنا معندناش منها في السكن اللي عايشين فيه.
      
      شمعة.
      
      •••
      
      الظلام يغطي المكان، ولا يمكن سماع أي همسة من الضوضاء المحيطة. مع كل نسمة هوا، تنتشر ذرات التراب اللي جاية من تماثيل القديسين المحطوطة قرب المذبح. الضوء الخافت اللي جاي من شمعة بتدوب هو الحاجة الوحيدة اللي بتدي حياة للأوضة دي في عز الليل. مفيش أي حياة، مفيش أي لون، بس في لحظة واحدة، كل ده اختفى....
      
      طلع إحساس جميل أوي إن الواحد ياخد غفوة مش متوقعة بعد أيام كلها قهوة وأمل بس في التخرج هما اللي مخليين الواحد عايش. كنت فاكرة إنها مجرد ريحة في الحلم، بس إزاي لسه شماها لحد دلوقتي وأنا صحيت؟
      
      فتحت عينيا، ولقيت قدامي ظلام دامس، والريحة اللي لسه ملاحظاها دي جاية من شمعة قربت تسيح. اتنهدت من شدة ضلمة الأوضة ورمشت بعينيا عشان أستعيد وعيي بالكامل. هما ليزيل وباتريس دول بجد، ميقولوش حتى إنهم وصلوا.
      
      ما بيننا إحنا التلاتة، أنا أكتر واحدة بتحب تنام، عشان كده يمكن هما مضايقوش نفسهم يصحوني وسابوني نايمة على الترابيزة، بس اللي مستغربة له، هما ليه محتاجين شمعة طالما ممكن يولعوا النور عادي؟ وقفت بالراحة ومددت جسمي قبل ما أتمشى.
      
      من كتر الضلمة اللي حواليا، قررت أستخدم كشاف تليفوني عشان أولع النور. اتفاجئت جدًا لما مكنتش لاقية تليفوني. "يا خبر، راح فين ده؟" قلت. "هي، ليزيل، باتريس، إنتو بتهزروا معايا تاني، صح؟" صرخت، بس مفيش أي رد رجعلي.
      
      "ليزيل، باتريس، تليفوني فين؟" سألت تاني. برضه مفيش أي رد. "استنوا كده، هو النور فين؟" قلت، بس حتى مفتاح النور مش عارفة ألاقيه بسبب ضلمة الأوضة الشديدة. لفيت الناحية التانية، وبدأت أدور على المفتاح هناك.
      
      مع نسمة الهوا، جه صوت فاجئني بجد. "كيين إيريس؟" (مين إنتي؟). نطيت لورا وواجهت مصدر الصوت.
      
      نور قوي جه في عينيا من الحاجة اللي كان ماسكها اللي اتكلم، وده خلاني أتزحلق. النور اللي كان مغطيه خف، ولمحت وشه. مقدرتش أنطق، وقبل ما يغمى عليا، سمعت صوته تاني، بنبرة هادية. "أيودا، بادري زامورا! آي ألجيين آكي!" (المساعدة، يا أب زامورا! فيه حد هنا!)
      
      
      --- يتبع ---
      
      

      روايه هاري بوتر وجيني

      هاري بوتر وجيني

      بقلم,

      خيال علمي

      مجانا

      هاري كان راجع تعبان بعد المعركة، بس كان أهم حاجة عنده يطمن على جيني ويرجع العصاية. لقى جيني في الأوضة المشتركة لوحدها ومنهارة وفاكراه مات. قعدت تلومه وتهاجمه إزاي يعمل كده، وهو فضل يطمنها ويشرح لها إنه عمل كل ده عشانها وعشان بيحبها. الكلام جاب بعضه، وفضلوا يضموا بعض ويعالجوا جروحهم بالكلام. وفي الآخر اتصالحوا وباسوا بعض، ونام في حضنها على الكرسي من كتر التعب.

      هاري بوتر

      راجع من المعركة مهدود حيله وتعبان جدًا. حاسس بالذنب ناحية جيني بس في نفس الوقت ميت عليها وعايز يرجع لها بأي شكل. هو لسه مخلص ومهموم بحاجتين: يرجع العصاية الأقدم، ويطمن على جيني.

      جيني ويزلي

      هي كمان تعبانة ومجروحة جسديًا ونفسيًا. كانت غضبانة جدًا من هاري ومتعصبة عليه لأنه خلاها تفتكر إنه مات خلاص. هي قوية وعصبية، بس زعلها كله كان من كتر حبها وخوفها عليه.

      رون ويزلي

      صاحب هاري الانتيم. هو كمان "فاصِل" ومش شايف قدامه وعايز ينام وبس. دوره كان إنه طمن هاري إن جيني لسه موجودة تحت.
      روايه حب مجنون
      صورة الكاتب

      كانت غرفة جريفندور المشتركة فارغة بشكل مريح عندما وصل هاري ورون وهيرمايني.
      توقف رون وهيرمايني لفترة وجيزة ليقولا ليلة سعيدة، لكن هاري لم يتردد حتى. سار مباشرة عبر الغرفة وصعد مباشرة الدرج الحلزوني إلى المهجع.
      
      وكما كان يأمل، كان سريره ذو الأربعة أعمدة جاهزًا في انتظاره. وكذلك كانت صينية مليئة بالسندويتشات تقف على المنضدة بجانب سريره.
      
      اتجه هاري إليها جائعًا والتهم ثلاثة، وهو يتجول في أنحاء الغرفة قبل أن يلاحظ حتى نوعها.
      
      لحم بقري مشوي. أحد أنواعه المفضلة. ابتسم وهو يفكر في كريتشر وهو يتركها هناك، لكن دماغه كانت بتتشوش أكتر وأكتر كل لحظة. في الحقيقة، هاري منامش من آخر ليلة ليهم في كوخ شيل، ومع كل اللي كان مستنيهم وقتها،
      هو منامش كويس الليلة دي برضه. فكر إنه خلاص الأسوأ عدّى، يمكن يعرف ينام دلوقتي.
      
      بس برضه، كان فيه حاجتين عايز يعملهم منعوه إنه يرتاح. لأ استنى، دي كانت حاجات لازم يعملها. الأولانية إنه يرجع العصاية الأقدم مكانها. والتانية إنه يلاقي جيني.
      
      انحنى هاري إلى الخلف مستندًا على سريره يفكر بعمق في هذا الأمر. كان قد رأى جيني عدة مرات في ذلك اليوم خلال أعقاب المعركة، مع والدتها، محاطة بعائلتها، ومن الواضح أنها كانت متأثرة بكل شيء، ولكن كان هناك الكثير مما شعر هاري أنه يجب عليه شرحه. لقد حدث الكثير، كان لازم يشوفها، كان لازم يتكلم معاها لو ينفع، كان محتاج يعرف، هل فيه أي فرصة بعد كل اللي خلاها تعدي بيه، وبعد كل اللي هو عدى بيه، ممكن ترجع له؟ كان هاري مستغرقًا جدًا في هذه الأفكار لدرجة أنه لم يكد يسمع رون وهو يدخل الغرفة ويراه هناك، عيناه شاردتان، ويبدو وكأنه فقد شيئًا بدلاً من كونه قد فاز في حرب.
      
      ”هاري،“ نادى رون. ”انت كويس يا صاحبي؟“
      
      هز هاري كتفيه.
      
      ”أنا افتكرتك نمت،“ قال له رون.
      
      هز هاري رأسه، ونظر إلى رون. ”فيه حاجة لازم أعملها. في الواقع، هما حاجتين.“
      
      ”طيب، مش ممكن يستنوا للصبح؟“ سأل رون. ”أنا خلاص فصّلت.“
      
      ”آه، أنا عارف يا رون. وأنا كمان. واحدة منهم ممكن...“ صوت هاري تلاشى. ”انت شفت جيني؟“ سأله فجأة وهو يقف مستقيماً.
      
      ”أيوة، أعتقد إنها تحت في الأوضة المشتركة، ليه؟“
      
      ”أنا راجع كمان شوية،“ قال له هاري، وبدون نظرة إلى الوراء، شق طريقه عائدًا إلى أسفل الدرج.
      
      بدت الغرفة المشتركة مهجورة عندما وصل هاري وكاد قلبه أن يسقط في قدميه. كانت الجمرات في المدفأة تخبو تاركة الغرفة في شبه ظلام، ولكن بعد لحظة وجد أنه يستطيع الرؤية قليلاً. مسح هاري الغرفة بعناية، وبالتدريج ميز الانحناءة الخفيفة لرأس يبرز قليلاً فوق ظهر أحد كراسيه المفضلة المريحة بجوار النار. سار هاري نحوه ووجد جيني هناك، منكمشة على نفسها وتبدو مرهقة تمامًا كما شعر هو. ركع هاري على السجادة البالية بجانب الكرسي ينظر إليها عن كثب. كانت عيناها مفتوحتين، لذا لم تكن نائمة، بل كانت تحدق في ما تبقى من النار. تحرك هاري بحيث أصبح داخل مجال رؤيتها.
      
      ”جيني،“ قال بهدوء.
      
      بدأ يمد يده نحوها عندما أدرك في ضوء النار الخافت كم كانت قذرة. سحب هاري عصاه من جيبه، ووجهها نحو يده وتمتم ”تنظيف“ سامحًا للسحر بامتصاص بعض الأوساخ والدماء التي كانت تغطي جلده. رأى زوايا فم جيني ترتفع قليلاً جدًا عند هذا.
      
      ”جيني،“ همس مرة أخرى وهذه المرة مد يده نحوها، بلطف، وبحذر شديد، غير متأكد مما قد يكون رد فعلها. لم تتحرك جيني واستطاع هاري رؤية الخطوط أسفل خديها التي أظهرت بوضوح أنها كانت تبكي. من لم يبكِ في هذا اليوم بالذات؟ وتساءل هاري عما إذا كانوا ربما قد خسروا بقدر ما كسبوا. 'لأ،' صحح لنفسه، محصلش. ده كان فولدمورت. وهو مش موجود نقدر نبني من تاني، يمكن في يوم نكون مبسوطين. من غير ده مكنش هيبقى عندنا الفرصة دي أصلًا.
      
      ”جيني، أنا آسف جدًا. انتي كويسة؟“ همس.
      
      بدون سابق إنذار، اندفعت جيني نحو هاري بصرخة. ”بوتر!“ صاحت، قافزة برشاقة قطة كبيرة ألقت بنفسها عليه، وكادت أن تفقده توازنه. ترنح هاري إلى الوراء مع الارتطام غير متأكد ما إذا كان سيحصل على عناق أم على 'علقة' عمره. اصطدمت مؤخرة ساقيه بالكرسي المقابل للذي كانت تجلس فيه جيني وانهار هاري عائدًا إليه مع جيني فوقه، ويدها مقبوضة في شكل لكمات وهي تضرب صدره. بشكل غريزي لف ذراعيه حولها ليحتضنها، لا يزال غير متأكد مما إذا كان يحمي نفسه أم لا.
      
      ”إزاي تعمل كده!“ كادت أن تصرخ في أذنه، وكادت أن تصيبه بالصمم بالإضافة إلى الكدمات والرضوض.
      
      ”جيني، أنا آسف جدًا،“ كرر.
      
      ”أنا افتكرتك مت!“ قالت له بصوت أهدأ الآن وبصوت مكتوم وهي تدفن وجهها في جانب الكرسي.
      
      تحرك هاري جانبًا قليلاً حتى أصبحا نصف جالسين، نصف مستلقين جنبًا إلى جنب في الكرسي المبطن بنعومة.
      
      ”جيني... أنا عارف إني جرحتك، ولو كان فيه أي طريقة أقدر أعملها من غير ده، لو كان فيه أي طريقة أعرفك من غير ما أكشف نفسي... أنا مكنتش مستحمل لما سمعتك بتصرخي... انتي، ورون، وهيرمايني،“ تدفقت الكلمات من فم هاري وهو يضمها بقوة إليه، أقرب إلى العناق الآن منه إلى الوضع الدفاعي، وهو يعلم وهو يفعل ذلك أنه لا يريد أبدًا أن يتركها ترحل. دفن وجهه في شعرها. كانت الرائحة الزهرية المألوفة موجودة، ولكن كانت هناك أيضًا رائحة الدم والتراب والمرض والشعر المحروق. هذا اليوم لم يكن سهلاً على أي منهم. ”أنا تقريبًا فقدت أعصابي وقتها.“
      
      
      
      
      
      ”هاري...“ صوتها اتهز، كان واضح إنها بتتألم.
      
      ”جين، أنا آسف جدًا،“ كرر. مكنش عارف يقول إيه تاني. ”أنا بحبك. عمري ما قصدت آذيكي. أنا كنت عايزك تعيشي.“
      
      عند الكلمة دي جيني بعدت عنه، وسندت على دراعاتها عشان تبصله. ”انت مش قصدك كده. مستحيل،“ أصرت.
      
      هاري فضل باصص لها، كان نفسه بأي شكل تصدق إن كلامه حقيقي. ”لأ قصدي، بجد...“ حاول يقولها بضعف.
      
      لكن جيني هزت راسها. ”سيبني يا بوتر.“
      
      ”لأ. مش دلوقتي. مش بعد كل اللي أنا عديت بيه ده.“
      
      ”أنا مش جايزة ممكن تكسبها لمجرد إنك 'المختار'!“
      
      قلب هاري وجعه من الكلمة دي. معقولة تكون تقصد كده؟ معقول كل اللي كان بيتمناه، كل اللي اتمسك بيه في اللحظات الأخيرة دي في الغابة، معقول يكون خسر كل ده؟
      
      ”لأ، طبعًا لأ،“ رد. كان عايز يسيبها، بس دراعاته مكنتش بتطيعه. فضل باصص لها، بيدور في عينيها، عايز يعرف الحقيقة ورا الكلام اللي بتقوله. ”هو... عيد ميلادي... مكنش يعني... أي حاجة؟“ سأل، وصوته مجرد همس. كان السؤال ده مستنزف كل طاقته.
      
      جيني بصت في عينيه، العيون الخضرا المدهشة زي الزمرد دي، وعينيها البنية دابت شوية. ”لأ طبعًا كان يعني،“ همست هي كمان. ”بس يا هاري... حصلت حاجات كتير أوي...“ وطّت راسها ناحيته وابتدت تعيط.
      
      هاري بدأ يشدها ليه في حضن لما خد باله إن قميصه أوسخ حتى من إيده، متغطي بدم من جروحه الكتير وبطين الأرض من وقت ما كان راقد على أرضية الغابة. تمتم تاني ”تنظيف“ ومرة تانية العصاية اللي بريشة العنقاء شفطت الدم والطين من على التي-شيرت بتاعه. جيني بصت على التي-شيرت، مستغربة من الحركة دي، وبعدين فجأة شهقت.
      
      ”يا هاري، انت بتنزف!“ همست وهي بتتعدل في قعدتها تاني. ”انت متعور.“
      
      هاري بص لتحت. كان حقيقي، نقط دم بترشح تاني على قميصه من جوه، وفكر بجمود يا ترى أنهي جرح اللي لسه بينزف. هي الجروح الملعونة بتنزف؟ سأل نفسه. هي نزفت المرة اللي فاتت؟ ولو نزفت، فضلت قد إيه؟ بس بعدين نفض الفكرة من دماغه. كان فيه حاجات أهم ضاغطة على تفكيره.
      
      ”اتكلمي معايا، أرجوكي،“ اترجاها.
      
      ”انت لازم تروح جناح المستشفى،“ قالتله، متجاهلة سؤاله، وهي بتحاول تقوم كأنها بتشده من على الكرسي.
      
      هاري هز راسه، رافض يسيب إيده من عليها أو يخليها تشده من الكرسي. ”لأ. مش الليلة دي. يمكن الصبح يا جين.“
      
      بصت له بصرامة بالنظرة بتاعة 'مش هتجادلني' اللي ورثتها كويس أوي من والدتها.
      
      ”أنا تعبان أوي. مش قادر أتحرك خلاص،“ قال لها.
      
      ”آه يا هاري...“ صوتها بقى أرق.
      
      ”وبعدين، انتي كمان متعورة،“ قال لها، وهو بيمد إيده يبعد شعرها عن جرح ماشي بطول خدها ومعدي على شفتها اللي فوق. هو كمان كان لسه بينزف، حاجة بسيطة. كان فيه واحد تاني على دقنها. مرر إبهامه على ده، وهو بيتمنى لو يقدر يشفيه. وكان فيه علامات تانية، يمكن ندوب أو من حروق على دراع واحد. هيبقى لازم يسألها عن ده، بس بعدين. مد إيده يلمسه، بس هي سحبت دراعها.
      
      بوضوح كانت مرهقة، بطلت تحاول تهرب من مسكته واستندت عليه تاني. من غير ما يفكر، هاري لمس جبهتها بشفايفه.
      
      ”عمالة أتمنى،“ تمتمت... ”فضلت آملة يكون فيه حاجة أقدر أعملها عشان أساعد. بس كل اللي قدرت أقدمهولك كان البوسة الغبية دي.“ صوتها انهار وكانت خلاص هتعيط تاني.
      
      ”دي ساعدتني أكتر ما ممكن أبدأ أوصفلك،“ هاري قال بهدوء في ودنها. ”هي اللي خلتني مكمل، لما افتكرت إني هفشل، لما رحت أواجهه... جين... مكنتش هقدر أعملها من غيرك. أنا حبيتك أوي... أنا بس كنت عارف إني لو عملت اللي لازم أعمله، هيبقى عندك فرصة تبقي في أمان، وتعيشي.“
      
      المرة دي بقى ضربته فعلًا. ”ودي كانت هتبقى حياة شكلها إيه دي، من غيرك؟“ سألته بغضب.
      
      بس هاري مردش عليها. هو بس شدها ليه جامد، وعينيه هو كمان دمعت. غمض عينيه جامد، بيحاول يرجع الدموع اللي بتهدد تفضحه. لما فتحهم تاني، جيني كانت بتبص له، بتتأمل وشه، على بعد بوصات بس. ورغم إنه كان مرهق، ورغم إنه كان عارف إن شفايفه جافة ومتشققة، مال ناحيتها وهو بيعمل كل جهده يتجنب الجروح اللي على وش جيني، وباسها. كل المشاعر من الشهور دي بتاعة الهروب، والاستخبا، والتفكير فيها وقت رحلة البحث عن الهوركروكس وفي الغابة، هجمت عليه مرة واحدة وباسها بحرارة أكتر ما كان يتخيل إنها ممكنة. ولما بعد أخيرًا، كل اللي قالته كان ”آه!“ كان صوت واطي أوي، لدرجة إنه مكنش متأكد إذا كان سمعه أصلًا.
      
      الحاجة اللي بعدها اللي هاري عرفها إن جيني لفت دراعاتها حواليه، وضمت نفسها ليه، ورغم كل جروحه المفتوحة، ورغم كل الكدمات والضرر اللي جسمه استحمله النهاردة، هاري قرر إن ده كان أحسن إحساس حس بيه في حياته.
      
      ”بس اوعدني بحاجة واحدة،“ همست في ودنه.
      
      ”أي حاجة يا جيني، اطلبي بس.“
      
      ”عمرك ما تعمل حاجة زي دي تاني.“
      
      هاري طلع نَفس مكنش واخد باله إنه حابسه.
      
      ”أبدًا،“ طمنها. ”مرة واحدة كانت كفاية أوي.“
      
      جيني ضحكت بخفة وهي بتتحرك وتقرب منه أكتر. هاري سند راسه على راسها وهو بيتنفس ببطء، وبدأ يسترخي شوية بشوية وعينيه بتغمض تاني. جيني مأصرتش إنه يمشي، ومبعدتهوش عنها. أكيد ده معناه إنه ممكن يفضل... وهاري بوتر راح أخيرًا في النوم.
      
      
      

      روايه ديستوبيا - عالم في المستقبل سنة ٢٥٦٤

      ديستوبيا

      بقلم,

      خيال علمي

      مجانا

      عالم في المستقبل سنة ٢٥٦٤، الحكومة العالمية فيه بتقسم الناس طبقات وبتقضي على أي حد جيناته "ضعيفة" عشان تعمل سلالة مثالية، فبتقوم ثورة ضدهم. القصة بتركز على "ريكي"، شاب متردد وحزين بعد ما "داي هي"، قائد الثورة اللي كان زي معلمه، بيتقتل. ريكي بيدخل في صراع نفسي، وكمان مع "مين جاي" (ابن داي هي) و"مايكل" (نائب القائد)، عشان يحددوا مين اللي هيقود الثورة بعد كده. الرواية نوعها خيال علمي وديستوبيا (عالم فاسد) وحرب، ومليانة مشاعر حزن وضياع. أسماء مقترحة: "وريث الانتفاضة"، "سقوط المثاليين"، أو "الجينات الأخيرة".

      ريكي

      كان القائد "داي هي" بيعتبره زي ابنه وبيجهزه للقيادة. هو حاليًا محطم ومصدوم بعد موت "داي هي" ومتردد جدًا إنه ياخد مكانه.

      مايكل

      نائب القائد "داي هي" والرجل التاني في الثورة. هو اللي جاب لـ "ريكي" الخبر الوحش، وهو المرشح الطبيعي إنه يمسك القيادة بعد "داي هي".

      داي هي

      قائد الثورة (الانتفاضة). كان راجل ملهم وقوي، وكان زي الأب الروحي لـ "ريكي". اتقتل في بداية الأحداث، وموته هو اللي بيحرك القصة كلها. هو كمان أبو التوأم (مين جاي وأخته).
      روايه حب مجنون
      صورة الكاتب

      في سنة ٢٥٦٤، ارتباط غلط بين واحدة من بيت الجنوب وراجل من بيت الغرب فتح الطريق لسقوط الحكومة العالمية.
      
      برنامج اتفهم لسكان العالم إنه مفيهوش ولا غلطة، طلع إنه مجرد دعاية كدابة عشان يضمنوا إن البشر يفضلوا ماشيين على الخط.
      
      تحت السيطرة.
      
      الهدف بتاع الحكومة العالمية كان إنهم ينتجوا سلالة بشرية مثالية.
      
      الناس اللي عندهم جينات مضرة للمخزون الجيني البشري كانوا بيتشالوا من المجتمع، عن طريق إنهم يتسابوا عشان يفنوا في منطقة الأرض الوسطى.
      
      الناس اللي كانوا بيعتبروهم كويسين كفاية كانوا بيكملوا السلالة، ويخلفوا ورثة بجينات أحسن.
      
      نموذج مثالي لعرق كامل.
      
      قرون من التمييز والفصل بين الطبقات بقت هي العرف الاجتماعي. اللي مكنوش بيسمعوا الكلام كانوا بيتصفوا في السر. اللي كانوا بيشذوا عن القاعدة كانوا بيتشالوا من المجتمع، ومفيش أي سجلات تثبت إنهم عملوا أي خلل في خططهم.
      
      الانتفاضة، الثوار اللي كانوا منبوذين وفاقوا من الحكم القاسي ده، ظهروا على طول بعد كده، بيشقوا طريقهم تحت أجهزة الرصد بتاعة الحكومة العالمية.
      
      يوم سبعتاشر نوفمبر سنة ٢٥٦٤، حصل الهجوم على مبنى الحكومة العالمية ألف.
      
      وده بدأ سلسلة أحداث كلفت أرواح ناس كتير، لكنها كسرت السيطرة اللي الحكومة كانت فرضاها على الناس الكتير المحبوسين تحت حكمهم.
      
      عدى تلاتة وعشرين سنة والثورة كانت لسه مكملة بقوة.
      
      خمس قارات من سكان العالم كان لازم يتحرروا من قيودهم. واحدة منهم؛ منطقة جيم تحت حكم الرئيس كليمنتو اتحررت خلاص.
      
      جه الوقت للأربع قارات الباقيين.
      
      
      
      
      
      ريكي
      
      ريكي بربش، عينيه فضلت متعلقه في عينين مايكل، وعقله وقف عن التفكير. صوت صفارة عالي فضل يرن جوه دماغه، صمّ ودانه. الورق اللي كان ماسكه في إيده اليمين اتكرمش، بس هو تقريبًا مسمعش الصوت. ريقه نشف، وعينيه دمعت، وجسمه كله اتخشب. الجو بينهم كان تقيل أوي، وحاسس بتقل مش شايفه بيهدد إنه يطبق على صدره.
      
      "إيه؟" قالها، وصوته كان يا دوب أعلى من الهمس.
      
      مايكل هز راسه مرة واحدة. هزة سريعة وحاسمة.
      
      صوابعه سابت الورق، فـ وقع اتنطور حوالين رجليه.
      
      مايكل مسح بإيده على وشه، حركاته كانت متقطعة ومتشنجة. "أنا... إحنا حاولنا. كان الوقت اتأخر أوي."
      
      في اللحظة دي ريكي اتحرك. زق مايكل وعدى من جنبه، ورجليه ابتدت تجري قبل حتى ما يفكر. قلبه كان بيدق جامد في صدره وهو بيخرج من الأوضة الصغيرة اللي بيسميها مكتبه. مكنش شايف الناس اللي وسعوله من سكتهم أول ما شافوه.
      
      مش ممكن تكون دي نهاية كل حاجة!
      
      هو اتزحلق زحلقة خفيفة وهو بياخد ملف حاد في الطرقة، رايح ناحية الأوضة الطبية. بطّأ خطواته لحد ما وقف، نَفَسُه كان عالي ومتقطع لما لمح زحمة ناس واقفين بره الأبواب، ومحدش فيهم بيدخل جوه. خد كام خطوة ناحيتهم قبل ما يقف تاني، وهو مدرك إن الرؤية قدامه مزغللة.
      
      الكلمتين اللي طلعوا من زوره بالعافية كانوا ناشفين. "وسعوا."
      
      لما محدش سمعه، قفل إيديه على شكل قبضة ودب برجليه ناحية الناس، بقى يزق فيهم عشان يفتح سكة.
      
      "وسعوا!" ريكي زعق، صوته كان عالي كفاية إنه يخض الناس. "وسعوا!"
      
      رجليه مكنتش شايلاه واتكعبل وسط الناس، لحد ما وقف في الأوضة الصغيرة اللي فيها أربع سراير جنب بعض. في السرير التالت، قدام المدخل بالظبط، ومتحاوط بناس هو عارفهم واتنين دكاترة علّموا نفسهم بنفسهم، كان الضحية راقد. الراجل اللي قاد كل العدد ده من الناس عشان يستردوا حريتهم.
      
      "ريكي،" أمه، إيلي، اتكلمت وشدت انتباهه.
      
      عينيها الزرقا المدمعة بصت في عينيه، وعلى وشها ابتسامة حزينة. ريكي خد كام خطوة ناحيتها ونَفَسُه محبوس في زوره. بعدها بص على الراجل اللي على السرير، راقد من غير أي حركة... ساكن، هادي.
      
      عكس الراجل اللي ريكي اتعود يشوفه عليه تمامًا.
      
      بس هو ده اللي الموت بيعمله في الناس. هو ده اللي الموت عمله فيه.
      
      "كنا فاكرين إنه هيعيش،" ماريلين قالت، وهي بتشد في البالطو الأبيض بتاعها وهي واقفة قلقة جنب السرير. "بس بعدين الأمور اتعقدت ومكنش عندنا موارد كفاية بعد آخر هجمة من الحكومة..."
      
      ريكي مكنش عارف إذا كان عايز يقرب أي خطوة من داي هي. قلبه اتكسر حتت والفجوة الكبيرة اللي في صدره بدأت تفرض نفسها.
      
      هو خسر داي هي. خسر الراجل اللي يعتبر علمه كل أصول الحياة دي.
      
      "آه،" ريكي قالها، وهو بيبلع غصة اتكونت في زوره.
      
      "ممكن تسيبونا لوحدنا كام دقيقة؟" أمه سألت حد، صوتها كان واطي.
      
      مكنش فاهم إزاي صوتها طالع متماسك كده. هو بالعافية ماسك نفسه من جوه. كل حتة فيه كانت بتترعش من الرغبة إنه يصرخ ويكسر أي حاجة حواليه. رغبة عنيفة عشان يسكت الانهيار التقيل ده من الحزن والأسى.
      
      إنكار.
      
      إزاي داي هي، بالذات، يموت؟
      
      "أه، أكيد، طبعًا،" ماريلين قالت.
      
      ريكي تقريبًا محسيش بالزحمة وهي بتمشي، صوت الخطوات الكتير كان بيبعد عن الأوضة الطبية لحد ما كل اللي بقى سامعه هو صوت شهقات أمه وعياط التوأم الخافت — ولاد داي هي. رفع عينيه الزرقا المدمعة ناحية الولد والبنت، اللي كانوا حاضنين بعض. الولد التوأم، الأطول، عينيه جت في عينيه قبل ما ينقل بصته للأرض.
      
      قلبه وجعه.
      
      لمسة أمه على كتفه فوقته من أفكاره. بص لها، وقبل ما يلحق يفكر، كانت خدته في حضن جامد. ريكي حضنها هو كمان من غير تردد، دفن مناخيره في شعرها وهو بيحاول يهدي نفسه. عياطه اتحشر في زوره بس هو كان عارف إنه مش هيسمح لنفسه ينهار قدام شهود.
      
      مش دلوقتي.
      
      كان لازم يفضل قوي.
      
      لو مش عشانه، يبقى عشان أمه اللي محتاجة سند لإنه مبقاش ليها حد غيره دلوقتي. وعشان ولاد داي هي، اللي أكيد مبقاش ليهم أي حد من دمهم يعتمدوا عليه. بعد عنها شوية، وهو بيشهق، وساب أمه تلمس وشه، تمسح الدموع من على خدوده.
      
      "أنا مش مصدق،" ريكي قالها، وصوته كان مبحوح.
      
      "ولا أنا،" قالتها وهي بتهز راسها وبطبطب على إيديه. "بس... إحنا كنا عارفين إن مفيش حد في أمان لما دخلنا في الموضوع ده."
      
      "أنا عارف." بس ده ميخليش الموضوع أسهل.
      
      دي كانت نتيجة الشغلانة دي. عشان يعملوا تغيير كبير زي ده، كانوا محتاجين تضحيات. دي كانت حقيقة قاسية ريكي اتفرضت عليه من أول ما يفتكر. مد إيده يلمس إيدين أمه، صوابعه لفت حوالين صوابعها. نَفَس مرتعش خرج من بوقه، بعت قشعريرة في ضهره كله.
      
      داي هي مات.
      
      "لازم تشوفه آخر مرة،" إيلي قالت. "قبل ما يتدفن."
      
      ريكي هز راسه، هزة ناشفة.
      
      هو مكنش عايز، لو هنتكلم بصراحة، يشوف داي هي آخر مرة. كان عايز يحافظ على الذكرى اللي عنده للراجل ده ومش عايز آخر حاجة يشوفها ليه تكون وهو راقد على السرير، مبـ يتحركش وبارد لو اتلمس. أمه خدت خطوة لورا، وشالت إيديها من على وشه. شاورت بصباعها الإبهام ناحية مدخل الأوضة الطبية.
      
      
      
      
      
      
      
      
      "أنا هستناك بره."
      
      "ماشي يا ماما،" ريكي قال، وهو منزل عينيه على الأرض البيضا.
      
      مسح بإيده على وشه، ورفع راسه قبل ما يفرد كتافه. عينيه كانت بتحرقه من الدموع المحبوسة، اللي بتهدد إنها تنزل تاني على خدوده. مع كل خطوة تقيلة، كان بيقرب من السرير، ولمس الحديد بتاع السرير اللي كان مرفوع على الجنبين. اللمسة السقعانة سابت زي لسعة تحت جلده.
      
      عينين داي هي كانت مقفولة وجسمه كان مسترخي. كان شكله هادي بالرغم من الكدمة اللي على خده اليمين. ريكي مكنش عايز يعرف هو اتصاب فين بالظبط الإصابة اللي قتلته. كان أحسن إنه ميعرفش.
      
      مكنش حاسس إنه هيقدر يستحمل حتى لو عرف.
      
      "بابا راح،" الولد التوأم قال، وصوته كان عميق ومبحوح.
      
      "أنا عارف،" ريكي رد. "أنا عارف."
      
      "كل حاجة هتبقى كويسة، صح؟" البنت التوأم بعدت شوية عن حضن أخوها، وبصت في عينين ريكي مباشرة.
      
      شفايفها كانت مقشفة وعينيها غرقانة من كتر العياط. صوتها كان واطي وخايف، وكتافها كانت مضمومة على نفسها كأنها بتحاول تبين أصغر ما هي. قلبه وجعه وهو شايف إزاي موت حد غالي ممكن يأذي حد أوي كده.
      
      ريكي فتح بوقه عشان يطمنها، عشان يقولها إن الأمور فعلًا هتبقى كويسة. كل اللي كانوا محتاجينه هو شوية وقت.
      
      بس الوقت ده كان الحاجة الوحيدة اللي مكنش عندهم منها كتير. خصوصًا وفيه حرب شغالة بره. عشان كده، قفل بوقه وبص بعيد. بص بصة سريعة على داي هي، حفظ ملامح وشه لآخر مرة قبل ما ياخد خطوة ويبعد عن السرير.
      
      ساب التوأم، وخرج من الأوضة الطبية.
      
      ***
      
      الجو في المخبأ الصغير كان كئيب وحزين. ومع ذلك، الناس كانت لسه بتتحرك زي النحل، بيشتغلوا وبيجهزوا للمرحلة الجاية من الثورة. مكنش فيه وقت للوقوف والحزن زي ما المفروض على موت قائدهم المحبوب.
      
      ريكي قعد على حرف سريره. القاعة اللي هو فيها دلوقتي كانت فاضية. كان فيه حوالي عشر مراتب تانيين مرصوصين في صف واحد، ومفيش ولا واحدة مشغولة غير بتاعته. رقد على الملايات، وهو باصص للسقف وبيتنهد. التعب كان بيطفي روحه المعنوية عشان يكمل، والحزن كان بيهدد إنه يجيبله صداع نصفي.
      
      كان فاكر بوضوح الوقت اللي قضاه مع داي هي. قفل إيديه على شكل قبضة وهو حاططهم على صدره. الذكريات نورت في دماغه، وصوته العميق كان شغال معاها وهو بيفتكر اللي فات. كان لسه من كام يوم بس لما داي هي إداله في إيده مشروب كحولي مخصوص.
      
      "متقولش لحد بس أنا عملت دول لما كان عندي شوية وقت فاضي. معمولين من العسل." داي هي ابتسم ابتسامة عريضة زي العيل اللي اتقاله مسموحلك تاكل سكر قبل ما تنام.
      
      المشروب الكحولي اللي بالعسل ده مكنش طعمه وحش.
      
      ودلوقتي، مش هيقدر يتعلم إزاي اتعمل ولا يشوف العنين دي وهي بتلمع بشقاوة كل ما يحس إن ريكي محتاج يفك شوية. القائد السابق للانتفاضة كان بياخد شغله بجدية، بس لما كان بيريح وريكي جنبه، كان بيبقى راجل عنده أمل في مستقبل أحسن، وعيل صغير محبوس في جسم راجل كبير.
      
      "كان ممكن تكدب عليها وتقولها إن كل حاجة هتبقى كويسة." الصوت المألوف اللي بيمط في الكلام رن في الأوضة الفاضية، وخض ريكي.
      
      لف راسه على جنبه ولمح مين جاي.
      
      "أنا مبعرفش أكدب،" ريكي قالها بوضوح. "هي تستاهل الحقيقة."
      
      "أه، والحقيقة زعلتها أكتر، فـ شكرًا يعني،" الولد التوأم رد عليه وهو بيتحرك عشان يقعد جنب جسم ريكي الممدد.
      
      ريكي مردش على قلة ذوقه دي. بدلًا من كده، غمض عينيه وخد نَفَس عميق، مكنش عايز حاجة أكتر من إنه ينام عشان يهرب من الوجع اللي في صدره ده.
      
      "هيواحشني."
      
      ريكي فتح عينيه فجأة عشان يبص لمين جاي، قلبه اتقبض في صدره لما عينيه الزرقا قابلت العنين البني الشوكولاتة.
      
      "وأنا كمان يا جاي،" ريكي قال، وهو بيسند نفسه عشان يقعد. "كان راجل عظيم."
      
      "بس كان أب زي الزفت." مين جاي هز راسه، وهو بيعدي صوابعه في شعره الأسود. "بس هو عمل اللي عليه."
      
      ريكي ابتسم ابتسامة خفيفة، بالعافية كان حاسس بيها. "إنتو الاتنين مكنتوش أسهل عيال تتربى."
      
      الرد كان إنه لواله بوقه وقلب عينيه.
      
      الصمت فضل بينهم شوية قبل ما مين جاي يعدل جسمه عشان يبقى في وش ريكي. "وبعدين؟"
      
      "معرفش،" ريكي رد، وهو بيدعك كفوف إيديه في بعض وموطي لقدام. "إحنا محتاجين نختار قائد جديد وأنا بفترض إنه هيكون مايكل. هو كان الراجل التاني بعد داي هي."
      
      "إنت كمان ممكن تبقى قائد كويس يا ريكي،" مين جاي اتكلم، وشد انتباهه.
      
      ريكي هز راسه، وهو بيستخف بمجرد فكرة إنه يقود تمرد. "أنا مش مناسب للشغلانة دي."
      
      "إنت هنا من وإنت عندك كام؟ تلات سنين؟" مين جاي وضحله. "أنا عارف إن بابا كان بيدربك عشان تمسك التمرد."
      
      ريكي هز كتافه. "يمكن ده حقيقي بس ده مش معناه إني مناسب للشغلانة. أبوك كان واثق فيا زيادة عن اللزوم." بعد ثانية، كمل: "وبعدين، أنا هنا من وأنا عندي خمس سنين. عشان تبقى عارف بس."
      
      "تلاتة، خمسة، أي حاجة، إنت هنا من وإنت عيل، هي دي النقطة،" مين جاي قال.
      
      "وإنت هنا من ساعة ما اتولدت،" ريكي رد عليه بسرعة. "طب ليه متتحدّاش إنت مايكل على المنصب؟ إنت ابنه في الأول والآخر."
      
      مين جاي كشر، والاستياء كان باين بوضوح على وشه كله. ريكي كان هيبتسم غصب عنه من منظر وشه ده. كان شبه داي هي أوي لما مكنش بيمشي كلامه. هز راسه والابتسامة اختفت، وحل مكانها الحزن.
      
      "بالنسبة لراجل عنده تلاتين سنة، إنت جبان أوي،" مين جاي قال.
      
      ريكي وقف حركة للحظة بسيطة. الوجع اللي حس بيه في عقله خلاه يكشر. نزل عينيه لإيديه وقطب حواجبه.
      
      "أنا عندي تمانية وعشرين، يا عيل،" ريكي قال، وصوته كان يا دوب مسموع. "لسه بالعافية موصلتش تلاتين."
      
      زق نفسه وقام من على السرير ووقف.
      
      "أنا عندي واحد وعشرين سنة! متقوليش يا عيل!" صوت مين جاي رن في حيطان القاعة. "رايح فين؟"
      
      ريكي متجاهلوش وهو ماشي بسرعة طالع من المكان، وحاطط إيديه في جيوب بنطلونه. حاول يبعد عن دماغه الوجع اللي حس بيه لما اتقاله جبان. اتنهد، وكتافه نزلت لتحت وهو موطي راسه شوية.
      
      مين جاي مكنش فاهمه وده كان عادي.
      
      لو ده معناه إن ريكي جبان، خلاص، يبقى هو كده فعلًا.
      
      

      شعب السماء - روايه خيال علمي

      شعب السماء

      بقلم,

      مغامرات

      مجانا

      محاربة شجاعة من "شعب الشجر"، حياتها الهادية بتتقلب لما جسم غريب بينزل من السما شايل ناس اسمهم "شعب السما". "چويلا" فضولها بيخليها تتسحب وتراقبهم لوحدها وتشوفهم ضعاف، عكس "آرين" زميلها المحارب اللي شايفهم خطر كبير ولازم يموتوا. الأحداث بتبدأ لما "آنيا" القائدة بتكلف "چويلا" و"آرين" يتعقبوهم. الصراع بيبدأ فعلاً لما "آرين" بيقتل واحد من "شعب السما" قدام عينها، وده بيحط "چويلا" في اختبار صعب بين ولائها لقومها وبين شكوكها.

      چويلا

      محاربة قوية وعنيدة، بس قلبها طيب. "آنيا" ربتها بعد ما أهلها اتقتلوا. عندها فضول ناحية "شعب السما" ومش شايفة إنهم أشرار.

      آنيا

      قائدة "شعب الشجر". حازمة وقوية، وبتعتبر "چويلا" زي أختها الصغيرة بس بتعاملها بشدة عشان تحميها.

      آرين

      محارب قوي ودمه بارد. بيكره "شعب السما" جدًا ومقتنع إنهم خطر ولازم يتقتلوا، خصوصًا بعد ما دمروا قرية.
      شعب السماء - روايه خيال علمي
      صورة الكاتب

      أنا اتخبيت ورا شجرة كبيرة عشان ميشوفنيش. بصيت من ورا الشجرة ولمحت الغزال الضخم اللي كنت ماشية وراه وهو بياكل. هو كان لسه مشفنيش ولا سمعني، فحضرت القوس والسهم بتوعي.
      
      بصيت تاني عشان أتأكد إنه لسه متحركش من مكانه. وإنا براقب الغزال، رفعت عيني لفوق شوية وسط الشجر اللي وراه، ولمحت واحد تاني من قبيلتي. بدل ما يكون معاه قوس زيي، كان ماسك بلطة. أنا عرفت فوراً الراجل ده مين. ده كان لينكولن.
      
      هو نَشِّن بالبلطة بتاعته على الغزال الضخم، بس قبل ما يحدفها، كنت أنا خلاص ضربت السهم بتاعي. السهم مضربش الغزال، بس خبط في الشجرة اللي وراه. الغزال جري. لينكولن نط من على الشجرة واتقابلنا إحنا الاتنين في نص الطريق.
      
      "إنت بتعمل إيه هنا؟ أنا افتكرت إني فهمتك إني الوحيدة اللي بصطاد في المنطقة دي." قلتها بنبرة صوت متغاظة.
      
      في الصيد بالذات، كنت بحب أكون لوحدي.
      
      لينكولن كان راسم ابتسامة خفيفة على وشه وهو بيبصلي. أنا ولينكولن نعرف بعض طول عمري، بس مبقيناش صحاب غير من كام سنة فاتوا. هو كان عارف إني مستحيل أزعل منه بجد. قرب مني خطوتين تلاتة وهو بيقول:
      
      "عارف. مكنتش متخيل إنك هتلاحظيني. إنتي شوفتيني قبل ما أنا أشوفك."
      
      ضحكت ضحكة خفيفة. أهو على الأقل حاول.
      
      "يلا بينا،" أنا قلت، "لازم نرجع تاني. ده كان أول حيوان كبير أشوفه من ساعة ما خرجت. جايز الصيادين التانيين قدروا يصطادوا حاجة."
      
      أنا لفيت وبدأت أمشي في اتجاه قبيلتنا. المكان كان على بُعد حوالي خمسة أميال من مطرح ما أنا ولينكولن كنا واقفين. مشينا وإحنا ساكتين شوية. دي كانت حاجة من الحاجات اللي بتعجبني في لينكولن. مكنش بيتكلم كتير، وأنا كمان مكنتش بحب الرغي.
      
      وإحنا ماشيين، سمعت صوت زي زلزلة عميقة. الصوت كان جاي من فوق. أنا عرفت إن لينكولن سمعه هو كمان، لإنه شد دراعي عشان يوقفني ومكملش مشي.
      
      إحنا الاتنين بصينا لفوق، وشوفنا جسم غريب شبه النجمة وهو بيقع من السما، وكان سايب وراه ديل من الدخان والنار. الجسم ده نزل على بُعد حوالي من أربعين لخمسين ميل مننا.
      
      أنا ولينكولن بصينا لبعض، وبعدها طلعنا نجري بأقصى سرعة في اتجاه قبيلتنا. في الوقت ده كنا خلاص قربنا، فاضل حوالي ميل واحد ونوصل.
      
      عقبال ما وصلنا عند القبيلة، كان نَفَسنا مقطوع وحاسين بتعب شديد. بصينا حوالينا ولقينا كل الناس واقفة بتتكلم عن الجسم الغريب اللي وقع من السما. محدش فينا عمره شاف حاجة زي دي قبل كده، وعشان كده أغلبهم كانوا مرعوبين.
      
      آنيا، واحدة من القادة بتوعنا، كانت عطت أوامر لأحسن كام محارب عندنا إنهم يروحوا يشوفوا إيه الجسم ده، ويتأكدوا إذا كان هيمثل تهديد على شعبنا، "شعب الشجر"، ولا لأ. المحاربين لموا أسلحتهم ومشيوا على طول.
      
      أنا كنت قلقانة. كنت عارفة إن فيه قرية صغيرة موجودة في نفس المكان اللي الجسم ده نزل فيه. كان نفسي ميحصلش أي حاجة وحشة للناس اللي عايشين هناك. هما كمان من "شعب الشجر" زينا. كان نفسي أطلع مع المحاربين. ما أنا برضه محاربة زيهم.
      
      بس أنا كنت عارفة إن آنيا مكنتش هتوافق إني أروح.
      
      آنيا كانت زي أختي الكبيرة بالظبط. أهالينا كانوا صحاب قُريبين. هي عارفاني من ساعة ما كنت لسه بيبي، زيها زي لينكولن. وعشان كده لما أبويا وأمي اتقتلوا على إيد "رجال الجبل" وإنا عندي سبع سنين، هي اللي خدتني وربتني عشان أكون محاربة وصيادة كويسة. عشان أكون جريئة ومبخافش من حاجة، زيها هي. والنتيجة النهائية كانت أنا. چويلا.
      
      
      
      
      
      
      
      
      كان لازم على الأقل أحاول.
      
      مشيت ناحية آنيا. كانت بتتكلم مع مساعدتها، ليكسا. آنيا كانت زي مُعلمة ليها. كانت بتدرب ليكسا على القيادة.
      
      لما آنيا شافتني ماشية ناحيتها، بان على وشها نظرة كأنها عارفة بالظبط أنا رايحة أطلب إيه. وأعتقد هي فعلاً كانت عارفة، لإني أول ما وقفت قدامها، قالت "لأ".
      
      "ليه لأ؟" أنا سألت. "ما أنا كمان محاربة."
      
      "مش هتروحي." آنيا قالتها بحسم. "إحنا منعرفش ده إيه بالظبط."
      
      اتنهدت وبصيت في الأرض وهي كملت كلامها وادتني مُحاضرة عن قد إيه الجسم ده ممكن يكون خطير، وإنه بعيد قوي، وإنها مش عايزاني أروح عشان هي محتاجاني هنا. في اللحظة دي أنا فصلت خالص ومبقتش مركزة معاها.
      
      "إنتي أصلاً سامعاني؟" آنيا سألتني.
      
      فوقت من سرحاني وهزيت راسي. آنيا لفت ومشيت، وليكسا ماشية وراها على طول.
      
      المفروض آنيا تكون عارفاني أكتر من كده. أنا شخصية عنيدة.
      
      أنا كمان كام شهر هتم عشرين سنة. مش محتاجة إذن من آنيا في كل حاجة، وخصوصاً في دي. عشان كده خدت قرار إني همشي بالليل، بعد ما المحاربين يرجعوا.
      
      عقبال ما المحاربين رجعوا، كانت الشمس بتغرب. كل الناس اتلمت حواليهم وعمالين يزعقوا ويسألوا. آنيا قربت منهم وطلبت إنهم ييجوا وراها على كوخ صغير بيستخدموه للاجتماعات المهمة.
      
      أول ما دخلوا، أنا مشيت بالراحة وبهدوء ناحية الكوخ، زي ما بعمل بالظبط وإنا بصطاد. لما وصلت عنده أخيراً، مسمعتش غير كام كلمة. كانوا بيتكلموا بصوت واطي. سمعت كلمات زي "خريطة"، "مية على الأقل"، "القرية اتدمرت"، "صغيرين"، و"شعب السما".
      
      هما طلعوا ناس؟ شعب السما؟ إزاي ده ممكن يحصل أصلاً؟
      
      في اللحظة دي عرفت إن لازم أروح. فضولي غلبني. مشيت من عندهم وروحت على بيتي.
      
      سبت القبيلة في وقت متأخر من الليل. سمعت صوت رعد خفيف من بعيد. شكلها كانت هتمطر قريب. جريت بسرعة مريحة لحد ما وصلت للمكان اللي الجسم وقع فيه. قبل ما أقرب أكتر، اتسلقت شجرة عشان محدش يشوفني. المحاربين كان عندهم حق. هما فعلاً ناس.
      
      كان باين إن فيه اتنين منهم بيتخانقوا بصوت عالي والباقيين متلمين حواليهم. واحد منهم كان طويل، وبشرته سمرة. التاني كان أقصر شوية وبشرته واخدة لون. أكيد فاتني جزء كبير من خناقتهم لإنها كانت باينة إنها بتخلص.
      
      "أي حاجة إحنا عاوزينها!" كلهم قعدوا يهتفوا. في اللحظة دي بالظبط، صوت رعد قوي قطع كلامهم والدنيا بدأت تمطر جامد. كان شكلهم كلهم مبسوطين بالمطر. يمكن لسه ملقوش مية. فيه بحيرة على بُعد كام ميل بس لو كلفوا نفسهم ودوروا.
      
      رجعت ركزت تاني مع الشاب اللي بشرته واخدة لون. مكنش متشاف أوي بسبب ارتفاع الشجرة اللي أنا عليها والمطر اللي نازل جامد. كان بيتفرج على الشاب الأسمر وهو بيبعد.
      
      قلت في نفسي: "أكيد رايح يجمع مية المطر".
      
      هما بصراحة كانوا مثيرين للاهتمام، وكان صعب عليا أمشي وأسيبهم. لبسهم كان مختلف عن "شعب الشجر" والقبائل التانية. رد فعلهم على حاجات معينة كان مختلف تماماً عننا. ومعظمهم مكنش على جسمهم أي ندوب أو جروح قديمة.
      
      إن يكون عندك ندوب ده معناه إنك محارب. أنا دراعاتي مليانة منها. ده خلاني أفترض إنهم مش محاربين.
      
      إحنا مفيش حاجة نخاف منها من "شعب السما" دول. دول حتى مش عارفين يلاقوا مية. مية المطر مش هتكفيهم كتير، وهما كمان مش هيعيشوا كتير. نطيت من على الشجرة وبدأت طريقي للبيت.
      
      
      
      
      
      
      الكلام المايل = رجوع بالذاكرة
      
      أنا تقريباً منمتش خالص الليلة اللي فاتت. مكنتش قادرة أبطل تفكير في "شعب السما" وعمالة أسأل نفسي هما هنا ليه.
      
      لحسن حظي، آنيا مخدتش بالها إني مكنتش موجودة امبارح بالليل. هي غالباً كانت مشغولة أوي بتشرح كل حاجة لباقي أفراد قبيلتنا، لإني لما صحيت الصبح، حسيت كأن الجو العام في المعسكر اتغير.
      
      كأن كل الناس اتغيرت.
      
      أنا كنت لسه محتارة أقول للينكولن إني اتسحبت وخرجت امبارح بالليل ولا لأ. كنت عارفة إنه هيزعل، بس أكيد مش هيزعل زي ما آنيا هتزعل. أنا بثق في لينكولن في كل حاجة، فعشان كده، في الآخر، قررت إني هقوله.
      
      لينكولن كان بيرسم حاجة في الكتاب الجلد الصغير اللي دايمًا شايله معاه. عمري ما عرفت هو بيرسم إيه جواه.
      
      أنا كنت عارفة إنها حاجة شخصية أوي، لإن من كام شهر، لما حاولت أفتحه، مرضيش يخليني واتصرف بغرابة أوي بخصوص الموضوع ده.
      
      "لينكولن." ناديت عليه. هو بصلي، فشاورتله براسي إنه ييجي ورايا.
      
      مشيت بعيد عن المعسكر لحد ما اتأكدت إن مفيش حد هيسمعنا. آخر حاجة كنت محتاجاها إن آنيا تحبسني في المعسكر.
      
      وقفت قدام شجرة كبيرة، ولينكولن ماشي ورايا علطول. أول ما بقى جنبي، خدت نَفَس مهزوز ورجعت تاني أفكر أقوله ولا لأ.
      
      أنا بثق فيه أكتر من أي حد.
      
      "أنا اتسحبت وخرجت امبارح بالليل." قلتها له بهمس. هو بصلي وهو مستغرب، كأنه بيسأل إيه المشكلة الكبيرة في كده.
      
      "أنا روحت لمكان ما وقعوا." وضحتله.
      
      عينيه وسعت شوية وفضل يبص في وشي عشان يتأكد إني مش بكدب. اتنهد وفرك عينيه زي ما أي أب متضايق بيعمل.
      
      "ليه عملتي كده؟ كان ممكن تتأذي." هو قالي.
      
      "بس متأذتش. أنا كويسة." رديت عليه. هو بيقلق زيادة عن اللزوم.
      
      "عمومًا، مش دي النقطة،" أنا كملت، "إنت مش هتصدق أنا شفت إيه."
      
      هو بصلي، مستني بصبر. بلعت ريقي بصوت عالي، فجأة اتوترت.
      
      "أنا شفت شعب السما." اعترفت أخيراً. عينيه وسعت تاني وبص حوالينا عشان يتأكد إن محدش بيسمع كلامنا.
      
      "إنتي بتقولي إيه؟" هو همس بصوت عالي.
      
      "شفتهم. هما غريبين أوي. ومش أذكيا خالص كمان. كان عندهم مشكلة يلاقوا مية مع إن فيه بحيرة صغيرة على بُعد كام ميل منهم."
      
      لينكولن كان على وشه نظرة واحد مش مصدق. كنت لسه هشرحله أكتر، بس سمعت صوت فرع شجرة بيتكسر. زقيت لينكولن ورا الشجرة اللي كنا واقفين عندها علطول، وحطيت صباعي على شفايفي، بشاورله إنه يسكت.
      
      "سمعتي عن الموضوع؟" واحدة ست سألت.
      
      "عن القرية؟ أه." واحد رد. أصواتهم كانت شبه أصوات تونيا وآرين.
      
      تونيا وآرين كانوا أخوات. شعرهم كان أسود وعينيهم بني غامق. الناس دايمًا كانت بتتلخبط وتفتكرهم توأم بس هما مكنوش كده. إحنا تقريبًا في نفس السن، عشان كده أهلي كانوا دايمًا بيجبروني ألعب معاهم وإنا صغيرة. أنا وتونيا بقينا صحاب كويسين، بس أنا وآرين...
      
      مش أوي.
      
      آرين وتونيا عكس بعض تماماً. تونيا طيبة، وبتحب المغامرة، وساذجة شوية، في حين إن آرين جريء، وحذر، وعنده خبرة. هو شخص يخوّف. حاجة من الحاجات القليلة أوي اللي مشتركين فيها هي شكلهم الحلو.
      
      بعد موت أهلي، مبقتش أشوف تونيا كتير زي زمان. إحنا لسه صحاب، بس مش قريبين زي الأول.
      
      "تفتكر آنيا هتعمل إيه؟" تونيا سألت أخوها.
      
      "هي غالبًا هتبعت أحسن محاربين عندنا وراهم. الأحسن نقتلهم كلهم بدل ما نستنى هما اللي يقتلونا." آرين رد بصوت هادي بشكل يخوّف.
      
      
      
      
      
      
      
      
      "أنا مفتكرش إنهم كانوا قاصدين يدمروا القرية دي يا آرين." تونيا قالت وهي بتدافع عنهم.
      
      "ده ميهمّش يا تونيا." آرين رد عليها بعصبية. "هما قتلوهم. قتلوا ناس من شعب الشجر. شعبنا."
      
      سمعتهم بيبعدوا عننا شوية. فضلوا يتكلموا عن القرية ويناقشوا نظرياتهم عن آنيا هتعمل إيه بخصوص الموضوع ده. بعدها بشوية، مشيوا.
      
      "هنتكلم في ده بعدين." قلت للينكولن. أنا كنت فعلًا عايزة أتكلم مع آنيا. هي كانت ناوية تعمل إيه؟
      
      لما رجعت المعسكر، شفت آنيا واقفة جنب حفرة النار بتتكلم مع آرين. أنا محسيتش بارتياح للمنظر ده.
      
      قربت منهم عادي وقعدت على جزع شجرة قريب منهم.
      
      "چويلا." آنيا ندهت. بصيت لها.
      
      "آرين هيروح يتعقب شعب السما. تحبي تروحي معاه؟" هي سألت. بصيت ناحية آرين. كان باين على وشه تعبير ملل. هزيت راسي بالموافقة من غير ما أحس. مدركتش إني وافقت غير لما آنيا وآرين كانوا مشيوا خلاص.
      
      ------------------------------------------------------
      
      أنا وآرين اتحركنا قبل الضهر بشوية. آرين مُتعقب آثار مدهش. في نص الطريق تقريبًا لمكان الحادثة، هو لمح آثار أقدام ماشية في الاتجاه العكسي.
      
      هو خمّن إنهم حوالي أربعة أو خمسة أشخاص ماشيين مع بعض. بعد ما فضلنا ماشيين ورا الآثار دي شوية، وصلنا لنتيجة إنهم رايحين ناحية "جبل ويذر".
      
      أنا وآرين كنا ساكتين معظم الوقت. المرة الوحيدة اللي اتكلم فيها معايا كانت عشان يقولي هما رايحين فين أو لو كنت بعمل دوشة زيادة عن اللزوم. أنا وآرين عمرنا ما كنا صحاب، بس عشان كنت بقضي وقت كتير مع تونيا، بقينا مجرد معارف.
      
      أنا كنت عارفة إن آرين فيه جانب كويس. شفته مرة واحدة بس قبل كده. كانت الليلة اللي أهلي ماتوا فيها.
      
      -------رجوع بالذاكرة-------
      
      كنت قاعدة ساندة على شجرة وإنا بعيط. بقالي ساعات بعيط، بس مكنتش قادرة أوقف. مكنتش مصدقة...
      
      هما راحوا.
      
      "رجال الجبل" خدوهم بعيد. بعيد عني. أنا بقيت لوحدي دلوقتي.
      
      كنت مغمضة عيني لما سمعت صوت خطوات خفيفة بتقرب مني. مكلفتش نفسي حتى أبص فوق.
      
      مبقاش فارق معايا خلاص.
      
      حسيت بحد بيقعد جنبي وبياخدني بالراحة في حضنه من الجنب، وإيده بتطبطب على دراعي من فوق بحنية. بصيت له بفضول، مستغربة مين ده.
      
      ده كان آرين.
      
      هو كان أكبر مني بكام سنة بس، بس شكله كان خلاص بقى شاب. عينيه كانت مقفولة وكان ساند راسه على الشجرة اللي كنا قاعدين جنبها، كأنه هينام. درت وشي عنه، وغمضت عيني أنا كمان. وقبل ما أحس، الدنيا ضلمت.
      
      لما صحيت، مكنش موجود.
      
      -------نهاية الرجوع بالذاكرة-------
      
      دي كانت المرة الأولى والوحيدة اللي آرين كان طيب معايا فيها. هو مكنش وحش معايا أو حاجة، هو بس كان بيتصرف كأني مش موجودة معظم الوقت.
      
      كان نفسي يكون طيب أكتر من كده، مش معايا بس، مع الناس التانية كمان. هو عنده برود خارجي خلاني أقتنع إن ده مش حقيقته من جوه.
      
      أنا معرفش إيه اللي حصله. ليه اتغير.
      
      وإنا ماشية، آرين مسك دراعي جامد. شدني ناحية شجرة. ضهري اتخبط فيها ومناخيره كانت تقريبًا هتلمس مناخيري.
      
      هو غطى بوقي بإيده ورفع صباعه لشفايفه بالراحة. بعدين رفع نفس الصباع عند ودنه، وخبط عليها بالراحة، بيقولي اسمعي.
      
      ركزت في السمع وسمعت ناس بتتكلم. مسكت إيد آرين من عند رقب إيده وشيلت إيده من على بوقي بالراحة، بحاول معملش أي صوت.
      
      بصيت بالراحة من ورا الشجرة وشفت مجموعة ناس. كانوا تلات ولاد وبنتين. كانوا بيشجعوا واحد من الولاد اللي كان شكله هيتنطط بالمرجيحة للناحية التانية من البحيرة. لفيت تاني، كنت متوقعة أشوف آرين، بس مكنش موجود.
      
      بصيت فوق في الشجر. كنت عارفة إنه لازم يكون موجود في حتة قريبة. وقتها لمحتُه على شجرة تانية بعيد عني شوية. كان ماسك رمح في إيده وكان بينشّن عليهم. مكنتش عارفة أعمل إيه. أحاول أوقفه، ولا أساعده؟
      
      رجعت بصيت تاني على "شعب السما" لما سمعت صوت تهليل. الولد اللي كانوا بيشجعوه من شوية قدر يعدي البحيرة بنجاح.
      
      وهو على الناحية التانية من البحيرة، لقى يافطة. كان شكلها قديمة ومتهالكة. على قد ما قدرت أقرا، كان مكتوب عليها "جبل ويذر".
      
      في اللحظة دي أنا بدأت أتوتر. "رجال الجبل". الولد اللي لقى اليافطة رفعها في الهوا.
      
      في اللحظة دي بالظبط، رمح آرين اخترق صدره.
      
      ------------------------------------------------------
      
      أنا وآرين اتفرجنا من وسط الشجر على الباقيين وهما بيجروا بعيد عن اللي كانوا بينادوله چاسبر. كانوا خايفين من اللي ضربه بالرمح وإذا كان فيه غيره ولا لأ.
      
      لما مشيوا، آرين نط من على الشجرة اللي كان عليها وعمل صوت شبه صوت العصافير. اتفرجت على واحد تاني من قبيلتنا بينط من على شجرة في الناحية التانية من البحيرة.
      
      "چويلا." آرين نده عليا، "يلا نمشي."
      
      مسك دراعي وجرني معاه.
      
      مشينا تاني وإحنا ساكتين. أنا كنت حاسة بشعور غريب. حاسة بالذنب، لو عايزين تسموه كده.
      
      هو كان المفروض أوقف آرين قبل ما يضرب چاسبر بالرمح؟
      
      أفكاري اتقطعت لما سمعت صوت صرخة. وقفت ولفيت راسي ناحية الصوت. غالبًا ده كان چاسبر. أكيد "الأرضي" التاني كان بيحركه.
      
      "يلا." آرين قالي بصوت مستعجل. هو كان سابقني بكام خطوة فجريت شوية عشان ألحقه.
      
      عقبال ما المعسكر بتاعنا بان، كانت الشمس خلاص بتغرب. معظم أفراد قبيلتنا كانوا جوه بيوتهم. كام واحد بس كانوا قاعدين جنب حفرة النار بيحكوا حكايات للصغيرين. ابتسمت للمنظر.
      
      كمان كام سنة من دلوقتي، الحكايات دي هتتاخد منهم وهيتعطالهم سلاح بدالها.
      
      حاجة جميلة. براءة الأطفال دي.
      
      آرين مقاليش أي حاجة وهو ماشي بعيد.
      
      ده كان يوم طويل. كل اللي كنت عايزاه إني أروح أنام. مشيت على البيت اللي عايشة فيه مع آنيا، روحت على الناحية بتاعتي، وغمضت عيني.
      
      مخدتش وقت طويل قبل ما أروح في النوم.
      
      

      رواية الجميلة والفرعون الذي يقع في حب بشرية في زمن مختلف

      الجميلة والفرعون

      بقلم,

      خيال علمي

      مجانا

      بنت عمتها عالمة مصريات كانت شايفة إن الفرعون أخناتون كان قاسي. أخناتون ده كان فعلاً فرعون ظالم أمه حاولت تحذره، بس هو مسمعش الكلام. بسبب قسوته، ظهرله راجل غامض ولعنه ونقله لزمن تاني خالص عقاباً ليه. المفاجأة إن الفرعون الملعون ده بيلاقي نفسه في الزمن الحالي مع البنت اللي بتحكي القصة. الرواية نوعها فانتازيا وسفر عبر الزمن، وممكن نسميها "لعنة أخناتون" أو "الجميلة والفرعون".

      انتي

      بنت عايشة في الزمن الحالي. عمتها كانت عالمة مصريات. هي شخصية عندها رحمة وشايفة إن القسوة ضعف. هي اللي بتقابل أخناتون بعد ما اتنقل لزمنها، وبتبدأ تشوف فيه جانب مختلف (حزين وضعيف) غير اللي التاريخ بيقوله، وبتشبه قصته بـ "الجميلة والوحش".

      أخناتون

      في الماضي (مصر القديمة)، كان ملك قاسي جداً، ومغرور، ومبيسمعش نصيحة حد حتى أمه. بيشوف الرحمة ضعف.

      الرجل الغامض

      راجل أصلع وعينيه بتنور أحمر. ده اللي بعتته الآلهة عشان يعاقب أخناتون. هو اللي ألقى عليه لعنة السفر عبر الزمن ووصفله العذاب اللي هيعيشه في المستقبل.
      رواية الجميلة والفرعون الذي يقع في حب بشرية في زمن مختلف
      صورة الكاتب

      القسوة واحدة من أكبر نقط الضعف.
      
      دي الحاجة الوحيدة اللي اتعلمتها من عمتي وهفضل فكراها طول عمري.
      
      هي قالتلي إن الناس بتبقى قاسية عشان معندهاش القدرة إنها تظهر رحمة. هما ميعرفوش إزاي يحبوا وعشان كده مبيقدروس يظهروه.
      
      سهل أوي تبقى قاسي. سهلة زي شرب المية، كانت دايماً تقول كده.
      
      لكن إنك تكون رحيم ده محتاج مجهود. ومجهود كبير كمان. والأسوأ من كل ده، إنه كان معناه إنك تتحمل خطر إن قلبك يتكسر والفشل والحزن. كان صعب إنك تكون رحيم.
      
      مع ذلك، في رأيها، القدرة على إظهار الرحمة دي واحدة من أعظم نقط القوة.
      
      هي اللي علمتني إني دايماً أكون لطيفة. وإني أحاول أشوف الأمور من وجهة نظر الناس التانية وإني أبداً مجرحش حد من غير سبب.
      
      أنا متأكدة مية في المية إن طريقة تفكيرها دي هي اللي خلتها تدرس آخر فراعنة مصر، الفرعون أخناتون.
      
      بعد ما خدت الدكتوراه في علم المصريات وعلم الآثار، هي كانت عارفة بالظبط هي هتعمل إيه. طارت على مصر عشان تدور على مقبرة أخناتون الفاضية.
      
      الفرعون الشرير اللي اختفى، زي ما الحكاية بتقول.
      
      اللي عمتي كانت مصدقاه إن أتباعه هما اللي قتلوه عشان كان قاسي جداً وشعبه مقدرش يستحمله أكتر من كده.
      
      وبعدها مصر وقعت عشان مكنش فيه حد ياخد مكانه.
      
      أنا دلوقتي عرفت إن عمتي كانت غلطانة.
      
      أخناتون متقتلش.
      
      طُرُقه القاسية جابتله لعنة.
      
      ولسبب غريب، غريب، غريب جداً، هو لقى طريقه ليا.
      
      الدنيا بتمشي بطرق غامضة.
      
      بس وأنا ببص عليه من فوق كتابي، وشايفاه بيلعب على الأرض مع نفركيتي الغالية بتاعتي، عقلي كان هيطير من فكرة إن الراجل ده كان في يوم من الأيام قاسي.
      
      كان فيه نظرة على وشه مخلية شكله... حزين شوية. ويمكن حتى... يثير الشفقة؟
      
      يا إلهي ده كان هيتجنن لو سمعني بقول عليه "يثير الشفقة" بصوت عالي.
      
      بس ده خلاني أتساءل...
      
      طب إيه لو مكنش قاسي، بالمعنى الحرفي؟
      
      إيه لو كان بس... متلخبط؟
      
      "الجميلة والوحش" كانت حكايتي الخيالية المفضلة... ويمكن أخناتون كان عامل زي الوحش. ماشي غلط، ومتلخبط، ووحيد ومحتاج حد يحطه على الطريق الصح.
      
      بس من ناحية تانية، لو هو الوحش...
      
      يبقى أنا كده هكون "بيل".
      
      ومفيش أي احتمال إني أكون "بيل". لأ طبعاً.
      
      مستحيل.
      
      
            
            
            
      بارد، ومتماسك، وهادي. هو ده كان حاله دايماً، هو ده اللي كل الناس كانت شايفاه عليه. كان شكله مهيب وهو قاعد على عرشه الدهبي. كان يبان كإن مفيش حاجة في الدنيا دي ممكن تأذيه. حتى الآلهة نفسها.
      
      كان وسيم كمان، بقامته الطويلة وجسمه المظبوط. بشرته كانت زي النحاس بس عينيه كانت غامقة ودايماً بتبص بحدة.
      
      البعض بيقول إنه عمره ما رمش، عشان حتى الرمش كان علامة ضعف.
      
      الفرعون العظيم أخناتون بتاع مصر مكنش عنده نقط ضعف.
      
      على الأقل كل الناس كانت فاكرة إنه معندوش، لإن محدش كان مدرك إن القسوة نفسها واحدة من أكبر نقط الضعف.
      
      "اقتلوه،" الفرعون قال، وصوته العميق رن في القاعات. "معنديش وقت للكلام الفارغ ده."
      
      "من غير محاكمة..." واحد من أعضاء بلاطه بدأ يسأل. صوته اتقطع لما الفرعون رماله نظرة متضايقة. فراح موطي راسه. "زي ما تأمر."
      
      الحراس مسكوا الراجل اللي بيصرخ وجروه لبره فوراً. "أنا بريء!" هو صرخ. "أرجوك! يا فرعوني، أرجوك!"
      
      الملك أخناتون متهزش من صريخه. لكن أمه، اللي كانت واقفة جنبه، دورت وشها بعيد في حزن.
      
      الفرعون وقف. "ده كل اللي هستحمله النهاردة. أنا رايح أوضتي، محدش يزعجني."
      
      الكل انحنى ومتحركش من مكانه شبر واحد لحد ما الملك ساب الأوضة.
      
      هو مشي في الممر ونظرته الحادة المعتادة على وشه. محدش كان بيحط عينه في عينه، أبداً، بسبب النظرة دي بالذات. محدش غير أمه، طبعاً، لإنها كانت الوحيدة اللي مبتخافش منه. "يا فرعوني!" هي ندهت وهي بتجري وراه.
      
      الفرعون موقفش مشي. هو اختار يتجاهلها لحد ما هي وقفت قدامه.
      
      "أرجوك، اسمعني، يا ابني،" هي اترجته وهي بتمسك إيده بإيديها. "الموضوع ده بقى خارج عن السيطرة. إنت مينفعش تقتل كده–"
      
      هو شد إيده منها ومشي من جنبها. "أنا تعبان، يا أمي."
      
      "تعبان من إيه؟" أمه فجأة صرخت. "من القسوة؟"
      
      هو وقف مشي ولف عشان يبصلها.
      
      "كام واحد بريء سجنتهم، يا أخناتون." هي سألته، والدموع في عينيها. "ودلوقتي إعدام؟ الآلهة هتعاقبك عقاب شديد لو كملت على كده. ده مش عدل من فرعون... ولا من أي حد!"
      
      "هما مكنوش أبرياء. وأنا بس بحاول أخليهم عبرة."
      
      "إنت بتضحك على مين، يا ابني؟" هي سألته. "ليه بقيت متعطش للدم كده؟"
      
      "أنا معنديش وقت للكلام ده،" هو قال وهو بيلف تاني. هي كانت بتعمل كده تقريباً كل ليلة.
      
      "الآلهة هتعاقبك، يا ابني!" هي صرخت وراه. "أرجوك... وقف ده قبل ما ياخدوا فرصتهم."
      
      الفرعون شاور بإيده لأمه بلامبالاة قبل ما يدخل أوضته. هو اتنهد، وحس إن دماغه بدأت تصدع. أمه دايماً كانت بتجيبله الصداع.
      
      هو فرد جسمه قبل ما يمشي ناحية الترابيزة الكبيرة اللي عليها علب مجوهراته، وبمجرد ما مد إيده لودنه عشان يقلع حلق، هو اتجمد مكانه. هو حس بوجود حد في الأوضة. وجود غريب ومقلق.
      
      الفرعون لف بسرعة، وإيده على مقبض سيفه اللي كان معاه طول الوقت عشان الحماية. عينيه مسحت الأوضة الضلمة، اللي كانت منورة بس بشعاع خفيف من ضوء القمر اللي قدر يتسلل للأوضة الكبيرة من البلكونة.
      
      مكنش فيه حد.
      
      
      
      
      
      هو خرَّج النَفَس اللي كان حابسه وحرك إيديه تاني ناحية ودانه وهو بيلف تاني لعلبة مجوهراته.
      
      وبعدها شافه.
      
      كان واقف قدامه بالظبط، وده خلاه ينط لورا بأقصى سرعة ممكنة. هو سحب سيفه ووجهه ناحية الراجل المقنع اللي كان واقف قدامه. "إزاي تتجرأ تدخل الأوضة دي! إنت مين؟"
      
      الراجل مردش.
      
      الفرعون مكنش عنده صبر. هو اندفع لقدام، ولو كان ده أي راجل تاني، هجومه كان أكيد هيصيبه، بس الراجل المقنع ده اختفى من قدام عينين الفرعون.
      
      الفرعون فضل باصص بصدمة للحظة، بس بعدها لف بسرعة، وهو حاسس بوجود الراجل وراه. "مين..." الفرعون بدأ يتكلم.
      
      الراجل بعدها قلع غطا راسه والفرعون نَفَسه وقف. هو فضل متنح للراجل الأصلع، اللي عينيه كانت متشالة ومحطوط مكانها وهج أحمر بلون الدم. "أنا هنا عشان أديلك اللي تستحقه،" الراجل قال. بوقه متحركش وهو بيقولها.
      
      الملك أخناتون ديّق عينيه.
      
      "الآلهة رافضة تستحمل أي قسوة زيادة منك وبعتوني عشان أعاقبك على ده."
      
      "إنت فاكرني أهبل؟"
      
      "ده بالظبط اللي أنا شايفك عليه،" هو قال، وشفايفه اترسمت عليها ابتسامة سخرية. "إنت أهبل ميعرفش إزاي يحكم بلد. وإنت متستحقش تستغل مكانتك أكتر من كده."
      
      الفرعون ضحك ضحكة شريرة. "أنا هقطع لسانك ده من بوقك."
      
      الراجل فرد إيديه، ومن الهوا ظهرت عصاية، في آخرها حجر كبير بينور بنفس لون عينيه. "الآلهة طلبت مني أعاقبك. وأنا هعاقبك."
      
      الفرعون كشر وهو ماسك سيفه قدامه. هو كان محارب ممتاز وكان متأكد إنه يقدر يتغلب على الراجل ده بسهولة.
      
      "بلدك هتتدمر. تاريخها العظيم هيتملي بالعار لما الأجانب يغزوها ويحولوا نهر النيل العظيم لنهر من الدم. وكل ده هيكون بسببك،" هو قال. "رجالتك وجنودك هيتدبحوا، ونساؤكم هيتخطفوا وعيالكم هيتاخدوا عبيد. وكل ده هيكون بسببك."
      
      الملك أخناتون جز على سنانه، وهو بينزل سيفه.
      
      "إزاي ده هيحصل؟" الراجل سأل نفسه. "إنت هتختفي، وهتسيب الأمة دي لا ليها ملك ولا وريث."
      
      "إنت فاكر إنك تقدر تقتلني؟"
      
      "لأ،" الراجل ضحك بهدوء. "أنا مش عايز أقتلك. أنا عايز أعمل حاجة أسوأ من كده."
      
      الملك مقدرش يمنع القشعريرة اللي سرت في ضهره.
      
      "أنا هبعتك بعيد،" الراجل قال، وهو بيقرب خطوة. "هبعتك لزمن العيلة فيه ملهاش معنى. لزمن الصداقة الحقيقية فيه كنز نادر. لزمن مفيش فيه سلام والمواطنين عايشين حياة كلها كدب، وغيرة، وكره وجهل تام. لزمن الثقة فيه مستحيلة والطيبة الحقيقية مش معروفة."
      
      الفرعون رفع حواجبه.
      
      "ولزمن الحب الحقيقي ملهوش وجود فيه."
      
      فجأة، عصاية الراجل بدأت تنور جامد وهو بيلوح بيها قدامه. الفرعون نط عشان يهجم بس كل حاجة اسودت قبل ما يقدر يوصل للمتسلل.
      
      "وعشان أخلي الموضوع أسوأ..." هو سمع الراجل بيقول. "إنت هتعيش زي ما الناس اللي إنت بتحكمهم عايشين. جاهل، ومفيش أمل، وفقير وفي حالة قلق دايمة."
      
      لأول مرة من سنين، الفرعون حس بالخوف.
      
      "مفيش حاجة... مفيش أي حاجة خالص تقدر تعملها عشان تساعد نفسك، يا مولاي الملك. دي لعنتك."
      
      

      روايه غزو من أجل البقاء

      غزو من أجل البقاء

      بقلم,

      خيال علمي

      مجانا

      فضائيين اسمهم "الزيريون" وصلوا الأرض وقائدهم الجنرال "جينكس" بيحاول يتفاوض مع الرئيس "جودهارت" عشان شعبهم بينقرض ومحتاجين ستات من البشر يتطوعوا للجواز والخلفة، بس الحكومة كانت فاهمة إنهم أشرار وخُضر وده طلع غلط. "زاندر" نائب القائد بيشرح إن الاختيار هيتم باستمارات توافق مش بالعافية، بس النائب التاني "ترينت" شايف البشر أقل منهم، في حين الرئيس "جودهارت" ونائبه "ديريك" بيفكروا يوافقوا عشان الفضائيين يحموهم من جنس تاني خطر اسمه "الجريودز". القصة كلها بتدور حوالين سوء الفهم ده وإن الخطف اللي حصل مكنش هو الخطة الأصلية، و

      الرئيس جودهارت

      رئيس البشر. راجل عملي وخايف على شعبه، بيحاول يتفاوض مع الفضائيين عشان ياخد أحسن صفقة، ومتردد يطلب من الستات يتطوعوا.

      الجنرال جينكس

      هو القائد الدبلوماسي والهادي، بيحاول يلاقي حل سلمي لمشكلة انقراض شعبه وموت نساؤهم.

      زاندر

      النائب التاني للجنرال جينكس. هو العقل المدبر لـ "برنامج التطوع"، وهو اللي خطط لموضوع الاستمارات والتوافق. بيبان إنه محترم ومتحمس وهيشارك بنفسه في البرنامج.
      روايه حب مجنون
      صورة الكاتب

      فضائيين صغيرين وخُضر وصلوا الأرض. بيقولوا إنهم جايين في سلام، بس إحنا عارفين الحقيقة.
      هما متقدمين جدًا في التكنولوجيا والحكومة بتاعتنا خايفة أوي تقف قصادهم.
      المخلوقات الخضرا الصغيرة دي طلبت حاجة، حاجة الحكومة خبتها عننا؛ حتة أرض.
      إدناهالهم. عملنا كل اللي طلبوه وعملناه بذوق.
      دلوقتي نساؤهم بيموتوا ومحتاجين مساعدتنا؛ تاني. طلبوا ستات من الحكومة، بس الحكومة قالت لأ.
      دلوقتي هما غضبانين وبدأوا يخطفونا.
      فيه حاجة واحدة بس الحكومة نسيت تقولها في البوسترات بتاعتهم عن المخلوقات دي؛ هما مش أشرار.
      وهما ولا خُضر ولا صغيرين.
      
      -------------
      
      الجو في الأوضة كان متوتر. الطرفين كانوا قاعدين قصاد بعض وهما مش مرتاحين، بيحاولوا يلتزموا بقواعد معاهدة السلام، والصمت كان ابتدا يبقى مزعج أوي.
      
      قائد الزيريون كان بيخبط بصباعه على طرف المكتب وهو مستني الرئيس ينطق باللي بيدور في دماغه بجد. هما كانوا بيتقابلوا بس مرتين تلاتة في الشهر بسبب العدائية اللي البشر بيظهروها، واللي سببها خوفهم.
      
      جينكس، قائد الزيريون، مكنش متضايق من محاولات الرئيس جودهارت إنه يخوفه. في الحقيقة، الموضوع كان مضايقه جدًا، بس هو مكنش هيسمح للضيق ده إنه يبان عليه. كانت مفاجأة إنهم (البشر) ما أعلنوش الحرب أول ما هما (الزيريون) طلبوا أرض يعيشوا فيها، بس الخوف اللي كان بيلمع في عينيهم كل ما الزيريون يبقوا موجودين كان غالبًا هو السبب اللي خلاهم يمضوا معاهدة السلام.
      
      الرئيس مكنش بس مضطر يسلمهم حتة أرض ضخمة، ده كان كمان لازم يتأكد إن الزيريون مش هيخلفوا الجزء بتاعهم من الاتفاق. الأمم المتحدة أصلًا كانت قلقانة بسبب وجود كائنات فضائية على كوكبهم، وخلوا الأمريكان هما المسؤولين عن الفضائيين دول.
      
      ترينت، واحد من نواب القائد جينكس، كان صبره ابتدا ينفد. مال بجسمه ناحية الترابيزة، وحط كفوفه على الخشب بملامح جامدة وهمس بهدوء: "شعبك محظوظ إن الجريودز مش هما اللي ساكنين أرضك التافهة دي."
      
      الرئيس جودهارت رفع حاجب، والاهتمام والارتباك بانوا بوضوح على وشه. "الـ إيه؟"
      
      "الجريودز،" الجنرال جينكس كرر كلامه، وهو بيبص لـ ترينت بغضب عشان جاب سيرة واحد من أخطر الأجناس في مجرتهم. اتنهد، وسند ضهره على الكرسي بتاعه ووضح: "زي ما أكيد استنتجت، إحنا مش المجموعة الوحيدة اللي جاية من مجرة تانية. فيه أجناس تانية،" كشر ب اشمئزاز، "مش متحضرة ومسالمة زينا."
      
      "فيه منكم كمان،" الرئيس ضحك، مع إن الموضوع مكنش بيضحك خالص. "أكيد فيه،" قالها بسخرية واضحة.
      
      الجنرال جينكس اتنهد، وزق كرسيه قرب من الترابيزة المدورة الكبيرة اللي كانت بتفصل بينهم، وقال: "إحنا عارفين إنه طلب صعب جدًا نطلبه من شعبك. إحنا مكنّاش هنتجرأ حتى نطلبه، لو مكنّاش في أشد الاحتياج ليه."
      
      "إنت بتطلب مني أجبر مواطناتي على التناسل مع فضائيين، نفس الفضائيين اللي هما فاكرين إن شكلهم كور خضرا صغيرة."
      
      "شعبك خياله ضيق،" ترينت تمتم بنشوفية، وهو بيتجاهل نظرات جينكس التحذيرية.
      
      "إنت مش هتجبرهم،" زاندر، النائب التاني، اتكلم، "إحنا مش عايزين شعبك يحس بتهديد من ناحيتنا أكتر ما هما حاسين أصلًا. إحنا مجرد بنطلب منك تطلب منهم يتطوعوا."
      
      الرئيس ضيق عينيه، ومتعبش نفسه يبص لنائب الرئيس الجديد بتاعه لإنه كان عارف بالظبط الراجل هيقول إيه. وافق ع الصفقة في مقابل الحماية. ده كان الحل المنطقي الوحيد، بس مكنش فيه أمل إن الستات الأمريكيات يتطوعوا عشان يبقوا مكن تفريخ؛ خصوصًا في الزمن ده اللي كان فيه تمكين المرأة والأفكار الغريبة للي المفروض كانت تبقى الحركة النسوية مسيطرة.
      
      "اسمع يا جنرال جينكس،" الرئيس اتنهد، "الستات الأمريكيات مش عايزين حد ياخدهم البيت عشان يخلفوا أطفال. الجيل ده؟ هما عايزين يتشافوا بنفس الطريقة اللي الراجل بيتشاف بيها."
      
      جينكس كشر. "الجيل ده؟ هو مكنش كده قبل كده؟"
      
      زاندر هز راسه، وده فاجئ القائد البشري، وهو بيقول: "على مر تاريخ الأرض، الستات كان بيتبصلهم على إنهم اللي بيخلفوا. مكنش المفروض يسيبوا بيوتهم عشان يشتغلوا ويكسبوا فلوس، لكن عشان يتأكدوا إن البيت متنظم."
      
      "أوه،" تكشيرته زادت، "ده أكيد مختلف عن عاداتنا، يا رئيس جودهارت."
      
      "ولكن،" زاندر بص للرئيس، "نيتنا مش بس لغرض التناسل. هما الجنس الوحيد اللي يقدر يشيل طفل؛ إحنا مش بنطلب منهم يعملوا المستحيل. أجسامهم مثالية جينيًا للغرض ده؛ إحنا مش هنتعامل معاهم للسبب ده بس. دور الستات في ثقافتنا كان بيتحترم جدًا. رأيهم في أي موضوع كان له قيمة، وكانوا بيخدموا كمحاربات عظيمات."
      
      الرئيس جودهارت ضحك بصوت مكتوم، وهز راسه وقال: "إنت بتقول إنكم مش بتطلبوا منهم المستحيل، وفي نفس الوقت بتطلبوا منهم يروحوا مع ناس غرب تمامًا ويخلفوا أطفال. ده بصراحة يبانلي ضرب من الخيال."
      
      زاندر اتنهد، وابتدا يتنرفز من سوء فهم القائد البشري لكلامه. "لما قولت مش بنطلب المستحيل، كان قصدي إنه بس الإناث هما اللي ممكن يخلفوا."
      
      "عمومًا،" شاور بإيده بلا مبالاة، "الموضوع ده هيمشي إزاي؟ خلينا نقول، افتراضيًا، إني وافقت أطلب من المواطنين الأمريكان يتطوعوا وهما وافقوا؛ إيه اللي هيحصل بعد كده؟ إيه هي العملية؟" هو مكنش بيبص لـ زاندر، كان حاسس إن رتبته مش عالية كفاية إنه يعرف المعلومات دي.
      
      لكن، الجنرال جينكس شاور ناحية زاندر وقال: "زاندر ممكن يشرح أحسن مني، بما إنه هو اللي خطط لكل ده."
      
      
      
      
      
      
      
      زاندر حمحم، فـ لفت انتباه الرئيس، وقال: "حسنًا، لو شعبك وافق يساعدنا، هيبقى عندنا شوية شروط. الستات اللي هيتأهلوا إنهم يكونوا شركاء لينا لازم يكونوا... أذكياء. مش بالضرورة متعلمين، بس أخلاقهم المفروض متكونش مختلفة عن أخلاقنا أوي." ولما شاف ملامح الرئيس المرتبكة، زاندر حمحم تاني وقال: "خليني أوضح، إحنا مش عايزين الست دي تبقى مجرد عايزة أطفال ومتهتمش بيهم في مقابل المزايا اللي هتاخدها في الآخر."
      
      "ماشي،" رد ببطء.
      
      "ثانيًا، لازم يكونوا بيخلفوا، بما إننا بنطلب منهم يشيلوا أطفالنا. وثالثًا، لازم يكونوا مش مرتبطين. إحنا مش عايزين أي واحدة من المتطوعات تكون مرتبطة بحد تاني؛ ده بيعتبر عدم احترام كبير في ثقافتنا ونعتقد إنه نفس الكلام عندكم."
      
      الرئيس جودهارت هز راسه بالموافقة، وهو بيخبط بالقلم على المكتب. "كل ده يبان رائع،" تمتم، "بس إزاي هتحددوا كل ده؟"
      
      "عن طريق استمارات أسئلة. بمجرد ما الستات اللي اتطوعوا يساعدوا يتـعرفوا، هياخدوا استمارات أسئلة، اللي مش بس هتساعدنا نحدد إذا كانوا مناسبين للشروط، لكن كمان هتساعدنا نوفقهم على حسب التوافق مع رجالتنا. بعد ما نستلم الاستمارات اللي اتملت، هندخلها في قاعدة بيانات اللي هتلاقي المتوافقين المناسبين وبعدها هنبعتلهم جوابات، نبلغهم بميعاد سفرهم عشان يجوا يعيشوا معانا. بالطريقة دي، هيبقى عندنا ميعاد محدد وهما هيقدروا يودعوا عائلاتهم، ويبلغوا شغلهم، وهكذا."
      
      الرئيس ميل راسه على جنب، وهو بيبص على نائبه، ديريك، وقال: "إيه رأيك؟"
      
      ديريك هز كتفه، وملامح وشه مبينة عدم ارتياحه من كل ده وقال: "أنا شايف إننا ممكن نسأل الناس إذا كانوا حابين يتطوعوا في مقابل الحماية ضد الناس اللي إنت ذكرتهم قبل كده."
      
      "الجريودز؟" الجنرال جينكس اتكلم، وهو رافع حاجب واحد برفعة ممتازة.
      
      هز راسه. "أيوة، زي ما ذكرت قبل كده في اجتماعاتنا اللي فاتت، إحنا مش جاهزين تكنولوجيًا لحرب مع شعبك. لو إنت بتقول إن الجريودز خطرين، يبقى إحنا متحَميين ضدهم أحسن بمساعدتكم."
      
      الجنرال جينكس هز راسه بالموافقة، ووقف زي ما الرئيس عمل وقال: "إحنا أكيد نقدر نحمي كوكبكم ضد الجريودز. شكرًا ليك على ده، يا رئيس جودهارت."
      
      "متشكرنيش لسه،" رد بمرارة، "إحنا لازم نشوف إذا كانت الستات عايزين يعملوا ده."
      
      زاندر هز راسه باحترام وقال: "إحنا هنبعتلكم مُستندات فيها معلومات مفصلة أكتر، زي المزايا اللي هياخدوها مقابل المشاركة في البرنامج."
      
      الرئيس لف يبص لـ ترينت، مستغرب إنه فضل ساكت طول الوقت ده وقال: "إنت مشارك في ده؟"
      
      "لأ،" قالها باستهزاء، "أشك إن ستاتكم يقدروا يستحملوا اللي شعبنا بيحبه."
      
      رفع حاجب بفضول، بس مسألوش. "وإنت؟" لف لـ زاندر.
      
      هز راسه مرة واحدة، وهو بيبتسم. "أنا هشارك في البرنامج."
      
      الرئيس جودهارت ضحك ضحكة مكتومة. "متبانش مبسوط أوي كده، إنت متعرفش إنت داخل على إيه." وقف جنب ديريك، وشاور بإيده مرة كإنه بيصرفهم وقال: "بس حظ سعيد."
      
      ~*~
      
      حظ سعيد، فعلًا، يا زاندر. حظ سعيد فعلًا، هاها. ها، إيه رأيكم يا جماعة في ده؟ هل ده بيوضح أكتر شوية الارتباك اللي كان عند بعضكم بخصوص الخطف؟ هي دي الطريقة اللي "الاختيار" كان المفروض يحصل بيها، مش عن طريق الخطف.
      
      وبرضو، في أخبار مُرة أكتر، جهازي المحمول مسح برنامج الكتابة بتاع ألفين وعشرة مع تحديث نظام التشغيل العاشر الجديد (بتاع نوفمبر ألفين وخمستاشر) وأنا مكنتش اشتريته (لإنه جه مع الجهاز المحمول) ودلوقتي مش عارف أكتب. أنا هتجنن لإني مش عارف أكتب على برنامج المستندات (مبحبهوش) وأيوة بقى. فـ لحد دلوقتي، أنا هضطر أبطل كتابة لحد ما ألاقي نسخة ببلاش من برنامج الكتابة لإني فقير أوي، هاها ومش بعرف أكتب على أي حاجة تانية غير برنامج الكتابة ده، لإني اتعودت أوي على التنسيق بتاعه. أوف.
      

      Pages