شعب السماء - روايه خيال علمي
شعب السماء
بقلم,
مغامرات
مجانا
محاربة شجاعة من "شعب الشجر"، حياتها الهادية بتتقلب لما جسم غريب بينزل من السما شايل ناس اسمهم "شعب السما". "چويلا" فضولها بيخليها تتسحب وتراقبهم لوحدها وتشوفهم ضعاف، عكس "آرين" زميلها المحارب اللي شايفهم خطر كبير ولازم يموتوا. الأحداث بتبدأ لما "آنيا" القائدة بتكلف "چويلا" و"آرين" يتعقبوهم. الصراع بيبدأ فعلاً لما "آرين" بيقتل واحد من "شعب السما" قدام عينها، وده بيحط "چويلا" في اختبار صعب بين ولائها لقومها وبين شكوكها.
چويلا
محاربة قوية وعنيدة، بس قلبها طيب. "آنيا" ربتها بعد ما أهلها اتقتلوا. عندها فضول ناحية "شعب السما" ومش شايفة إنهم أشرار.آنيا
قائدة "شعب الشجر". حازمة وقوية، وبتعتبر "چويلا" زي أختها الصغيرة بس بتعاملها بشدة عشان تحميها.آرين
محارب قوي ودمه بارد. بيكره "شعب السما" جدًا ومقتنع إنهم خطر ولازم يتقتلوا، خصوصًا بعد ما دمروا قرية.أنا اتخبيت ورا شجرة كبيرة عشان ميشوفنيش. بصيت من ورا الشجرة ولمحت الغزال الضخم اللي كنت ماشية وراه وهو بياكل. هو كان لسه مشفنيش ولا سمعني، فحضرت القوس والسهم بتوعي. بصيت تاني عشان أتأكد إنه لسه متحركش من مكانه. وإنا براقب الغزال، رفعت عيني لفوق شوية وسط الشجر اللي وراه، ولمحت واحد تاني من قبيلتي. بدل ما يكون معاه قوس زيي، كان ماسك بلطة. أنا عرفت فوراً الراجل ده مين. ده كان لينكولن. هو نَشِّن بالبلطة بتاعته على الغزال الضخم، بس قبل ما يحدفها، كنت أنا خلاص ضربت السهم بتاعي. السهم مضربش الغزال، بس خبط في الشجرة اللي وراه. الغزال جري. لينكولن نط من على الشجرة واتقابلنا إحنا الاتنين في نص الطريق. "إنت بتعمل إيه هنا؟ أنا افتكرت إني فهمتك إني الوحيدة اللي بصطاد في المنطقة دي." قلتها بنبرة صوت متغاظة. في الصيد بالذات، كنت بحب أكون لوحدي. لينكولن كان راسم ابتسامة خفيفة على وشه وهو بيبصلي. أنا ولينكولن نعرف بعض طول عمري، بس مبقيناش صحاب غير من كام سنة فاتوا. هو كان عارف إني مستحيل أزعل منه بجد. قرب مني خطوتين تلاتة وهو بيقول: "عارف. مكنتش متخيل إنك هتلاحظيني. إنتي شوفتيني قبل ما أنا أشوفك." ضحكت ضحكة خفيفة. أهو على الأقل حاول. "يلا بينا،" أنا قلت، "لازم نرجع تاني. ده كان أول حيوان كبير أشوفه من ساعة ما خرجت. جايز الصيادين التانيين قدروا يصطادوا حاجة." أنا لفيت وبدأت أمشي في اتجاه قبيلتنا. المكان كان على بُعد حوالي خمسة أميال من مطرح ما أنا ولينكولن كنا واقفين. مشينا وإحنا ساكتين شوية. دي كانت حاجة من الحاجات اللي بتعجبني في لينكولن. مكنش بيتكلم كتير، وأنا كمان مكنتش بحب الرغي. وإحنا ماشيين، سمعت صوت زي زلزلة عميقة. الصوت كان جاي من فوق. أنا عرفت إن لينكولن سمعه هو كمان، لإنه شد دراعي عشان يوقفني ومكملش مشي. إحنا الاتنين بصينا لفوق، وشوفنا جسم غريب شبه النجمة وهو بيقع من السما، وكان سايب وراه ديل من الدخان والنار. الجسم ده نزل على بُعد حوالي من أربعين لخمسين ميل مننا. أنا ولينكولن بصينا لبعض، وبعدها طلعنا نجري بأقصى سرعة في اتجاه قبيلتنا. في الوقت ده كنا خلاص قربنا، فاضل حوالي ميل واحد ونوصل. عقبال ما وصلنا عند القبيلة، كان نَفَسنا مقطوع وحاسين بتعب شديد. بصينا حوالينا ولقينا كل الناس واقفة بتتكلم عن الجسم الغريب اللي وقع من السما. محدش فينا عمره شاف حاجة زي دي قبل كده، وعشان كده أغلبهم كانوا مرعوبين. آنيا، واحدة من القادة بتوعنا، كانت عطت أوامر لأحسن كام محارب عندنا إنهم يروحوا يشوفوا إيه الجسم ده، ويتأكدوا إذا كان هيمثل تهديد على شعبنا، "شعب الشجر"، ولا لأ. المحاربين لموا أسلحتهم ومشيوا على طول. أنا كنت قلقانة. كنت عارفة إن فيه قرية صغيرة موجودة في نفس المكان اللي الجسم ده نزل فيه. كان نفسي ميحصلش أي حاجة وحشة للناس اللي عايشين هناك. هما كمان من "شعب الشجر" زينا. كان نفسي أطلع مع المحاربين. ما أنا برضه محاربة زيهم. بس أنا كنت عارفة إن آنيا مكنتش هتوافق إني أروح. آنيا كانت زي أختي الكبيرة بالظبط. أهالينا كانوا صحاب قُريبين. هي عارفاني من ساعة ما كنت لسه بيبي، زيها زي لينكولن. وعشان كده لما أبويا وأمي اتقتلوا على إيد "رجال الجبل" وإنا عندي سبع سنين، هي اللي خدتني وربتني عشان أكون محاربة وصيادة كويسة. عشان أكون جريئة ومبخافش من حاجة، زيها هي. والنتيجة النهائية كانت أنا. چويلا. كان لازم على الأقل أحاول. مشيت ناحية آنيا. كانت بتتكلم مع مساعدتها، ليكسا. آنيا كانت زي مُعلمة ليها. كانت بتدرب ليكسا على القيادة. لما آنيا شافتني ماشية ناحيتها، بان على وشها نظرة كأنها عارفة بالظبط أنا رايحة أطلب إيه. وأعتقد هي فعلاً كانت عارفة، لإني أول ما وقفت قدامها، قالت "لأ". "ليه لأ؟" أنا سألت. "ما أنا كمان محاربة." "مش هتروحي." آنيا قالتها بحسم. "إحنا منعرفش ده إيه بالظبط." اتنهدت وبصيت في الأرض وهي كملت كلامها وادتني مُحاضرة عن قد إيه الجسم ده ممكن يكون خطير، وإنه بعيد قوي، وإنها مش عايزاني أروح عشان هي محتاجاني هنا. في اللحظة دي أنا فصلت خالص ومبقتش مركزة معاها. "إنتي أصلاً سامعاني؟" آنيا سألتني. فوقت من سرحاني وهزيت راسي. آنيا لفت ومشيت، وليكسا ماشية وراها على طول. المفروض آنيا تكون عارفاني أكتر من كده. أنا شخصية عنيدة. أنا كمان كام شهر هتم عشرين سنة. مش محتاجة إذن من آنيا في كل حاجة، وخصوصاً في دي. عشان كده خدت قرار إني همشي بالليل، بعد ما المحاربين يرجعوا. عقبال ما المحاربين رجعوا، كانت الشمس بتغرب. كل الناس اتلمت حواليهم وعمالين يزعقوا ويسألوا. آنيا قربت منهم وطلبت إنهم ييجوا وراها على كوخ صغير بيستخدموه للاجتماعات المهمة. أول ما دخلوا، أنا مشيت بالراحة وبهدوء ناحية الكوخ، زي ما بعمل بالظبط وإنا بصطاد. لما وصلت عنده أخيراً، مسمعتش غير كام كلمة. كانوا بيتكلموا بصوت واطي. سمعت كلمات زي "خريطة"، "مية على الأقل"، "القرية اتدمرت"، "صغيرين"، و"شعب السما". هما طلعوا ناس؟ شعب السما؟ إزاي ده ممكن يحصل أصلاً؟ في اللحظة دي عرفت إن لازم أروح. فضولي غلبني. مشيت من عندهم وروحت على بيتي. سبت القبيلة في وقت متأخر من الليل. سمعت صوت رعد خفيف من بعيد. شكلها كانت هتمطر قريب. جريت بسرعة مريحة لحد ما وصلت للمكان اللي الجسم وقع فيه. قبل ما أقرب أكتر، اتسلقت شجرة عشان محدش يشوفني. المحاربين كان عندهم حق. هما فعلاً ناس. كان باين إن فيه اتنين منهم بيتخانقوا بصوت عالي والباقيين متلمين حواليهم. واحد منهم كان طويل، وبشرته سمرة. التاني كان أقصر شوية وبشرته واخدة لون. أكيد فاتني جزء كبير من خناقتهم لإنها كانت باينة إنها بتخلص. "أي حاجة إحنا عاوزينها!" كلهم قعدوا يهتفوا. في اللحظة دي بالظبط، صوت رعد قوي قطع كلامهم والدنيا بدأت تمطر جامد. كان شكلهم كلهم مبسوطين بالمطر. يمكن لسه ملقوش مية. فيه بحيرة على بُعد كام ميل بس لو كلفوا نفسهم ودوروا. رجعت ركزت تاني مع الشاب اللي بشرته واخدة لون. مكنش متشاف أوي بسبب ارتفاع الشجرة اللي أنا عليها والمطر اللي نازل جامد. كان بيتفرج على الشاب الأسمر وهو بيبعد. قلت في نفسي: "أكيد رايح يجمع مية المطر". هما بصراحة كانوا مثيرين للاهتمام، وكان صعب عليا أمشي وأسيبهم. لبسهم كان مختلف عن "شعب الشجر" والقبائل التانية. رد فعلهم على حاجات معينة كان مختلف تماماً عننا. ومعظمهم مكنش على جسمهم أي ندوب أو جروح قديمة. إن يكون عندك ندوب ده معناه إنك محارب. أنا دراعاتي مليانة منها. ده خلاني أفترض إنهم مش محاربين. إحنا مفيش حاجة نخاف منها من "شعب السما" دول. دول حتى مش عارفين يلاقوا مية. مية المطر مش هتكفيهم كتير، وهما كمان مش هيعيشوا كتير. نطيت من على الشجرة وبدأت طريقي للبيت. الكلام المايل = رجوع بالذاكرة أنا تقريباً منمتش خالص الليلة اللي فاتت. مكنتش قادرة أبطل تفكير في "شعب السما" وعمالة أسأل نفسي هما هنا ليه. لحسن حظي، آنيا مخدتش بالها إني مكنتش موجودة امبارح بالليل. هي غالباً كانت مشغولة أوي بتشرح كل حاجة لباقي أفراد قبيلتنا، لإني لما صحيت الصبح، حسيت كأن الجو العام في المعسكر اتغير. كأن كل الناس اتغيرت. أنا كنت لسه محتارة أقول للينكولن إني اتسحبت وخرجت امبارح بالليل ولا لأ. كنت عارفة إنه هيزعل، بس أكيد مش هيزعل زي ما آنيا هتزعل. أنا بثق في لينكولن في كل حاجة، فعشان كده، في الآخر، قررت إني هقوله. لينكولن كان بيرسم حاجة في الكتاب الجلد الصغير اللي دايمًا شايله معاه. عمري ما عرفت هو بيرسم إيه جواه. أنا كنت عارفة إنها حاجة شخصية أوي، لإن من كام شهر، لما حاولت أفتحه، مرضيش يخليني واتصرف بغرابة أوي بخصوص الموضوع ده. "لينكولن." ناديت عليه. هو بصلي، فشاورتله براسي إنه ييجي ورايا. مشيت بعيد عن المعسكر لحد ما اتأكدت إن مفيش حد هيسمعنا. آخر حاجة كنت محتاجاها إن آنيا تحبسني في المعسكر. وقفت قدام شجرة كبيرة، ولينكولن ماشي ورايا علطول. أول ما بقى جنبي، خدت نَفَس مهزوز ورجعت تاني أفكر أقوله ولا لأ. أنا بثق فيه أكتر من أي حد. "أنا اتسحبت وخرجت امبارح بالليل." قلتها له بهمس. هو بصلي وهو مستغرب، كأنه بيسأل إيه المشكلة الكبيرة في كده. "أنا روحت لمكان ما وقعوا." وضحتله. عينيه وسعت شوية وفضل يبص في وشي عشان يتأكد إني مش بكدب. اتنهد وفرك عينيه زي ما أي أب متضايق بيعمل. "ليه عملتي كده؟ كان ممكن تتأذي." هو قالي. "بس متأذتش. أنا كويسة." رديت عليه. هو بيقلق زيادة عن اللزوم. "عمومًا، مش دي النقطة،" أنا كملت، "إنت مش هتصدق أنا شفت إيه." هو بصلي، مستني بصبر. بلعت ريقي بصوت عالي، فجأة اتوترت. "أنا شفت شعب السما." اعترفت أخيراً. عينيه وسعت تاني وبص حوالينا عشان يتأكد إن محدش بيسمع كلامنا. "إنتي بتقولي إيه؟" هو همس بصوت عالي. "شفتهم. هما غريبين أوي. ومش أذكيا خالص كمان. كان عندهم مشكلة يلاقوا مية مع إن فيه بحيرة صغيرة على بُعد كام ميل منهم." لينكولن كان على وشه نظرة واحد مش مصدق. كنت لسه هشرحله أكتر، بس سمعت صوت فرع شجرة بيتكسر. زقيت لينكولن ورا الشجرة اللي كنا واقفين عندها علطول، وحطيت صباعي على شفايفي، بشاورله إنه يسكت. "سمعتي عن الموضوع؟" واحدة ست سألت. "عن القرية؟ أه." واحد رد. أصواتهم كانت شبه أصوات تونيا وآرين. تونيا وآرين كانوا أخوات. شعرهم كان أسود وعينيهم بني غامق. الناس دايمًا كانت بتتلخبط وتفتكرهم توأم بس هما مكنوش كده. إحنا تقريبًا في نفس السن، عشان كده أهلي كانوا دايمًا بيجبروني ألعب معاهم وإنا صغيرة. أنا وتونيا بقينا صحاب كويسين، بس أنا وآرين... مش أوي. آرين وتونيا عكس بعض تماماً. تونيا طيبة، وبتحب المغامرة، وساذجة شوية، في حين إن آرين جريء، وحذر، وعنده خبرة. هو شخص يخوّف. حاجة من الحاجات القليلة أوي اللي مشتركين فيها هي شكلهم الحلو. بعد موت أهلي، مبقتش أشوف تونيا كتير زي زمان. إحنا لسه صحاب، بس مش قريبين زي الأول. "تفتكر آنيا هتعمل إيه؟" تونيا سألت أخوها. "هي غالبًا هتبعت أحسن محاربين عندنا وراهم. الأحسن نقتلهم كلهم بدل ما نستنى هما اللي يقتلونا." آرين رد بصوت هادي بشكل يخوّف. "أنا مفتكرش إنهم كانوا قاصدين يدمروا القرية دي يا آرين." تونيا قالت وهي بتدافع عنهم. "ده ميهمّش يا تونيا." آرين رد عليها بعصبية. "هما قتلوهم. قتلوا ناس من شعب الشجر. شعبنا." سمعتهم بيبعدوا عننا شوية. فضلوا يتكلموا عن القرية ويناقشوا نظرياتهم عن آنيا هتعمل إيه بخصوص الموضوع ده. بعدها بشوية، مشيوا. "هنتكلم في ده بعدين." قلت للينكولن. أنا كنت فعلًا عايزة أتكلم مع آنيا. هي كانت ناوية تعمل إيه؟ لما رجعت المعسكر، شفت آنيا واقفة جنب حفرة النار بتتكلم مع آرين. أنا محسيتش بارتياح للمنظر ده. قربت منهم عادي وقعدت على جزع شجرة قريب منهم. "چويلا." آنيا ندهت. بصيت لها. "آرين هيروح يتعقب شعب السما. تحبي تروحي معاه؟" هي سألت. بصيت ناحية آرين. كان باين على وشه تعبير ملل. هزيت راسي بالموافقة من غير ما أحس. مدركتش إني وافقت غير لما آنيا وآرين كانوا مشيوا خلاص. ------------------------------------------------------ أنا وآرين اتحركنا قبل الضهر بشوية. آرين مُتعقب آثار مدهش. في نص الطريق تقريبًا لمكان الحادثة، هو لمح آثار أقدام ماشية في الاتجاه العكسي. هو خمّن إنهم حوالي أربعة أو خمسة أشخاص ماشيين مع بعض. بعد ما فضلنا ماشيين ورا الآثار دي شوية، وصلنا لنتيجة إنهم رايحين ناحية "جبل ويذر". أنا وآرين كنا ساكتين معظم الوقت. المرة الوحيدة اللي اتكلم فيها معايا كانت عشان يقولي هما رايحين فين أو لو كنت بعمل دوشة زيادة عن اللزوم. أنا وآرين عمرنا ما كنا صحاب، بس عشان كنت بقضي وقت كتير مع تونيا، بقينا مجرد معارف. أنا كنت عارفة إن آرين فيه جانب كويس. شفته مرة واحدة بس قبل كده. كانت الليلة اللي أهلي ماتوا فيها. -------رجوع بالذاكرة------- كنت قاعدة ساندة على شجرة وإنا بعيط. بقالي ساعات بعيط، بس مكنتش قادرة أوقف. مكنتش مصدقة... هما راحوا. "رجال الجبل" خدوهم بعيد. بعيد عني. أنا بقيت لوحدي دلوقتي. كنت مغمضة عيني لما سمعت صوت خطوات خفيفة بتقرب مني. مكلفتش نفسي حتى أبص فوق. مبقاش فارق معايا خلاص. حسيت بحد بيقعد جنبي وبياخدني بالراحة في حضنه من الجنب، وإيده بتطبطب على دراعي من فوق بحنية. بصيت له بفضول، مستغربة مين ده. ده كان آرين. هو كان أكبر مني بكام سنة بس، بس شكله كان خلاص بقى شاب. عينيه كانت مقفولة وكان ساند راسه على الشجرة اللي كنا قاعدين جنبها، كأنه هينام. درت وشي عنه، وغمضت عيني أنا كمان. وقبل ما أحس، الدنيا ضلمت. لما صحيت، مكنش موجود. -------نهاية الرجوع بالذاكرة------- دي كانت المرة الأولى والوحيدة اللي آرين كان طيب معايا فيها. هو مكنش وحش معايا أو حاجة، هو بس كان بيتصرف كأني مش موجودة معظم الوقت. كان نفسي يكون طيب أكتر من كده، مش معايا بس، مع الناس التانية كمان. هو عنده برود خارجي خلاني أقتنع إن ده مش حقيقته من جوه. أنا معرفش إيه اللي حصله. ليه اتغير. وإنا ماشية، آرين مسك دراعي جامد. شدني ناحية شجرة. ضهري اتخبط فيها ومناخيره كانت تقريبًا هتلمس مناخيري. هو غطى بوقي بإيده ورفع صباعه لشفايفه بالراحة. بعدين رفع نفس الصباع عند ودنه، وخبط عليها بالراحة، بيقولي اسمعي. ركزت في السمع وسمعت ناس بتتكلم. مسكت إيد آرين من عند رقب إيده وشيلت إيده من على بوقي بالراحة، بحاول معملش أي صوت. بصيت بالراحة من ورا الشجرة وشفت مجموعة ناس. كانوا تلات ولاد وبنتين. كانوا بيشجعوا واحد من الولاد اللي كان شكله هيتنطط بالمرجيحة للناحية التانية من البحيرة. لفيت تاني، كنت متوقعة أشوف آرين، بس مكنش موجود. بصيت فوق في الشجر. كنت عارفة إنه لازم يكون موجود في حتة قريبة. وقتها لمحتُه على شجرة تانية بعيد عني شوية. كان ماسك رمح في إيده وكان بينشّن عليهم. مكنتش عارفة أعمل إيه. أحاول أوقفه، ولا أساعده؟ رجعت بصيت تاني على "شعب السما" لما سمعت صوت تهليل. الولد اللي كانوا بيشجعوه من شوية قدر يعدي البحيرة بنجاح. وهو على الناحية التانية من البحيرة، لقى يافطة. كان شكلها قديمة ومتهالكة. على قد ما قدرت أقرا، كان مكتوب عليها "جبل ويذر". في اللحظة دي أنا بدأت أتوتر. "رجال الجبل". الولد اللي لقى اليافطة رفعها في الهوا. في اللحظة دي بالظبط، رمح آرين اخترق صدره. ------------------------------------------------------ أنا وآرين اتفرجنا من وسط الشجر على الباقيين وهما بيجروا بعيد عن اللي كانوا بينادوله چاسبر. كانوا خايفين من اللي ضربه بالرمح وإذا كان فيه غيره ولا لأ. لما مشيوا، آرين نط من على الشجرة اللي كان عليها وعمل صوت شبه صوت العصافير. اتفرجت على واحد تاني من قبيلتنا بينط من على شجرة في الناحية التانية من البحيرة. "چويلا." آرين نده عليا، "يلا نمشي." مسك دراعي وجرني معاه. مشينا تاني وإحنا ساكتين. أنا كنت حاسة بشعور غريب. حاسة بالذنب، لو عايزين تسموه كده. هو كان المفروض أوقف آرين قبل ما يضرب چاسبر بالرمح؟ أفكاري اتقطعت لما سمعت صوت صرخة. وقفت ولفيت راسي ناحية الصوت. غالبًا ده كان چاسبر. أكيد "الأرضي" التاني كان بيحركه. "يلا." آرين قالي بصوت مستعجل. هو كان سابقني بكام خطوة فجريت شوية عشان ألحقه. عقبال ما المعسكر بتاعنا بان، كانت الشمس خلاص بتغرب. معظم أفراد قبيلتنا كانوا جوه بيوتهم. كام واحد بس كانوا قاعدين جنب حفرة النار بيحكوا حكايات للصغيرين. ابتسمت للمنظر. كمان كام سنة من دلوقتي، الحكايات دي هتتاخد منهم وهيتعطالهم سلاح بدالها. حاجة جميلة. براءة الأطفال دي. آرين مقاليش أي حاجة وهو ماشي بعيد. ده كان يوم طويل. كل اللي كنت عايزاه إني أروح أنام. مشيت على البيت اللي عايشة فيه مع آنيا، روحت على الناحية بتاعتي، وغمضت عيني. مخدتش وقت طويل قبل ما أروح في النوم.
                
تعليقات
إرسال تعليق