موصى به لك

    الأقسام

    روايات تاريخية

    معارك ملحمية، مؤامرات، وأبطال منسيون

    ... ...

    روايات فانتازيا

    ممالك مفقودة وسيوف أسطورية، هنا تبدأ المغامرة

    ... ...

    روايات رومانسية

    لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير بتلك النظرة

    ... ...

    روايات رعب

    السحر والكتب يخفون أسراراً لا تريد معرفتها

    ... ...

    روايات خيال علمي

    سافر عبر الزمن بتكنولوجيا تتحدى الخيال

    ... ...

    روايات مافيا

    عالم الجريمة المنظمة حيث القوة هي القانون

    ... ...

    روايات كورية

    اجمل القصص الكوريه المترجمه والكيدراما

    ... ...

    روايات اجتماعية

    صراعات يومية تعكس حقيقة الحياة التي نعيشها

    ... ...

    الأفضل شهرياً

      روايه سوق السبت

      سوق السبت

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      بنت بتزرع خضار وبتحب العزلة وعندها ماضي أليم لسه بيطاردها في كوابيسها. بتروح السوق عشان تودي طلبية لصاحبتها تريش وهناك بتقابل جود، بياع جديد طيب وجنتل مان بيساعدها. في نفس الوقت بتخبط في راجل تاني همجي ومتنمر بيهزأها وبيفكرها باللي فات. صاحبتها تريش بتحاول تدخلها في شغل جديد مع زباين مهمين وتقربها من جود، وجيس بتحاول توازن بين خوفها من الناس وبداية حياتها الجديدة.

      جيس

      بنت هادية وبتحب تعيش لوحدها في مزرعتها. بتخاف من الزحمة وعندها صدمة من علاقة سابقة مؤذية.

      تريش

      صاحبة جيس الانتيم. منفتحة واجتماعية، وهي اللي بتبيع المحصول في السوق. متجوزة ومخلفة وبتحاول تساعد جيس.

      جود

      البياع الجديد في السوق. شاب وسيم، طويل، وعنده عضلات، وطاقته هادية ومريحة. بيساعد جيس وشكله معجب بيها.
      روايه سوق السبت
      صورة الكاتب

      اتنفسي بس. خطوة قدام الخطوة التانية. إنتي تقدري تعملي ده.
      
      في العادي أنا مش باجي سوق السبت الصبح؛ صديقتي تريش هي اللي بتهتم بالبيع، أنا بس بازرع المحصول. لكن النهاردة، هي كلمتني عشان طلبية خاصة في آخر لحظة لزبون مهم جدًا.
      
      بكرر الكلمات دي جوايا للمرة المليون وأنا باركن عربيتي النص نقل في ساحة انتظار سوق المزارعين المزدحم. الجو ربيعي دافي وجميل والناس جاية بأعداد كبيرة. قلبي بدأ يدق بسرعة وأنا بامسح بعيني الزحمة الكبيرة.
      
      بآخر نفس عميق، وقفت العربية النقل ونزلت. فورًا صوت دوشة الزحمة غطى عليا؛ البياعين بيندهوا على بضاعتهم، الزباين بيسألوا بصوت عالي، والدوشة الخفيفة العادية اللي بتيجي مع أي زحمة.
      
      أنا أصلًا بدأت أحس بعدم ارتياح، فرتبت الصناديق فوق بعض، على أمل إني أقدر أشيلهم كلهم في نقلة واحدة وأمشي بسرعة. رميت ضفيرتي البنية الطويلة ورا كتفي ومسكت الإيدين المتهالكة للصندوق اللي تحت.
      
      الزحمة بلعتني وأنا باشق طريقي للناحية التانية مطرح ما أنا عارفة إن تريش واقفة. بطولي اللي هو يا دوب مية وستين سنتي، سهل جدًا أتوه وسط الناس، تقريبًا كل الناس أطول مني.
      
      قلبي بدأ يدق بسرعة مع كل المناظر، الروايح، والطاقة العامة اللي بدأت تسيطر عليا. حد خبطني من ضهري، خلى رصة الصناديق اللي فوق بعضها تفقد توازنها. زي العرض البطيء، شفت الصندوق اللي فوق بيقع. قلبي وقف، كنت خايفة من الأسوأ بس حد لحقه قبل ما يقع على الأرض.
      
      "أنا آسفة جدًا،" واحدة ست قالتها قبل ما تجري ترجع لأصحابها اللي مستنينها.
      
      مذهولة، لفيت تاني للراجل اللي مسك الصندوق اللي فوق. عينيه الزرقا زي الكريستال أسرتني قبل ما أكسر السحر ده وأنزّل عيني.
      
      "مـ-متشكرة،" أنا اتلعثمت. "ممكن تحطه تاني فوق وأنا هامشي على طول."
      
      "شكلك رايحة في نفس اتجاهي،" قالها بضحكة خفيفة. "هاساعدك."
      
      ابتسامته لطيفة وعنده طاقة ثابتة وهادية بتريح الأعصاب فورًا. لمحت الكارنيه بتاع البياعين المتعلق حوالين رقبته وأدركت إنه غالبًا واحد من الجداد.
      
      "شكرًا، أنا بس رايحة ناحية تريش،" غمغمت وحاولت أبدأ أمشي وسط الزحمة. محدش شايفني والمشي كان بطيء وأنا باحاول أعدي وسط الكتل دي. هو شاف بطئي ده وراح واخد هو السكة.
      
      بحر الناس بدأ يفتح له السكة بسرعة، وهو لأ ليه؟ طوله معدي المتر وثمانين بسهولة وفانلته البيضا العادية مش مخبية أبدًا جسمه المليان عضلات. مشيت وراه خطوة بخطوة وفي وقت قليل كان فتح لنا طريق لحد تريش.
      
      "آسف، لازم أمشي،" اعتذر، وهو بيرجع شعره الأشقر الداكن لورا عن جبهته. بهزة راس سريعة لتريش، مشي راح لفرشة على بعد كام خطوة.
      
      "الحمد لله إنك لحقتي تيجي في الوقت!" تريش قالتها، وهي بتحضني بعد ما نزلت الصناديق. خصلات شعرها الكستنائي المتمردة هربت من ديل الحصان بتاعها، كإنها بتقول قد إيه هي كانت مشغولة.
      
      طاقتها النهاردة كانت فوضى متحكم فيها بس بتغلي؛ هي عايشة للجو ده، بتتكلم وتضحك مع الغربا كإنهم أصحابها القدام. أنا، مش أوي. أنا بارتاح أكتر في الغابة أو الجنينة، وأعتقد إني بافهم الحيوانات أكتر من البني آدمين.
      
      "أنا عارفة إن ده مش جوك، بس ده ممكن يكون اللي إحنا محتاجينه عشان نقفل الصفقة." عينيها الخضرا المزرقة كانت بتلمع من الحماس وهي بتبص على اللي أنا جبته. بصت بسرعة على ساحة الانتظار وبدأت تعيد تنظيم صناديقها.
      
      "أنا هدفي أرضيكي." ابتسمت لها ابتسامة صغيرة واديتها المحصول بتاعي عشان أساعدها تجهز الطلبية قبل ما الزبون المهم بتاعها يوصل. "أنا مش قادرة أستوعب قد إيه السوق كبر."
      
      مسحت العرق من على جبهتها بضهر إيدها وهي بتجري عشان تخلي كل حاجة مظبوطة. "صح؟ حجمه تقريبًا اتضاعف، وبقى فيه بياعين جداد كتير." قعدت جنبي وخبطت كتفي بكتفها. "وبالمناسبة، شايفة إنك قابلتي جود خلاص،" قالتها وهي بترفعلي حواجبها.
      
      "تريش،" اتأففت، ولفيت عيني وإحساس بالكسوف بدأ يظهر على خدودي.
      
      "إيه يا جيس؟" بصتلي بصة مركزة ورفعت حاجبها. "ده في سنك، وجديد في المنطقة، ومش مرتبط، ويا خبر على جسمه!" الست دي متجوزة ومخلفة، بس أقسم إنها كانت هتموت عليه.
      
      "تريش!" زعقتلها. "إنتي عارفة موقفي من الارتباط. سيبي الموضوع ده في حاله، لو سمحتي." أنا عارفة إنها تقصد الخير، بس هي مش فاهمة.
      
      بعد سنتين، أنا أخيرًا بدأت أحس إني رجعت لنفسي تاني. الكدمات راحت من زمان - هي خفت بسرعة، بس الحاجات التانية؟ دي خدت وقت أطول بكتير.
      
      "خلاص، بلاش ارتباطات،" رضخت، "بس هو هيفضل هنا كل أسبوع فمش هيضرك تبقي ودودة معاه. مين عارف..." سكتت وهي بتبتسم بخبث.
      
      تابعت نظرتها ودرسته بعيني. مفيش شك إنه راجل جذاب، بس إحساسه هو اللي ملخبطني. إنت بتتوقع إن راجل بشكله ده يكون عنده إحساس معين، مغرور، أو متغطرس، أو حاجة كده. بس هو العكس تمامًا، متواضع، وهادي، وثابت.
      
      "ممكن أكون محتاجة حاجة أشويها للعشا،" فكرت بصوت عالي، كإني بقابلها في نص الطريق.
      
      "كويس! روحي، أنا مصرة. أنا كده كده خلصت شغل النهاردة. هاعدي عليكي بعدين أديكي حصتك ونتفق على طلبية الأسبوع الجاي." ابتسمتلي ابتسامة متحمسة وهي بتشاورلي بإيدها ناحية جود.
      
      بالراحة بدأت أمشي ناحية الفرشة بتاعته، وقفت عشان أشتري كام حاجة في السكة. كان مشغول مع زبونة تانية وأنا بقرب، وده اداني فرصة أبص عليه أحسن. تريش مكنتش بتهزر، عينيه الزرقا الكريستالية، وبشرته الفاتحة، وشعره الأشقر الداكن بيدوله الشكل الوسيم الكلاسيكي ده والراجل ده مبني. شكله في أواخر العشرينيات، يمكن أصغر مني بحاجة بسيطة.
      
      "أوه أهلاً،" رحب بيا، وهو بيحول انتباهه ليا. "كنت آمل إنك تعدي عليا." ابتسامته نورت وشه ووصلت لحد عينيه. اتكسفت ونزلت عيني، ابتسمتله بس أنا مش من هواة التواصل البصري.
      
      "كنت بس عايزة أقولك شكرًا على المساعدة، وأشوف لو ممكن آخد حاجة للشوي..." سكت، وأنا نفسي أحول انتباهه بعيد عني.
      
      "الحق حق،" قالها وهو بيهزر، وبيشاور على صندوق على البنك بتاعه مليان خضار. "لما عديت من جنبك الصبح، ريحتهم كانت تجنن. مقدرتش أقاوم!"
      
      "أوه،" قولتها فجأة، ومعاها ضحكة متوترة.
      
      'تصدقي إنك لبقة.'
      
      
      
      
      
      هو بيستعرض الاختيارات وأنا باختار أول حاجة عرضها عليا، باين إنها ستيك. في ثواني، كان لفها وادهاني، وهو مبتسم. هو متحمس، عامل زي الجرو الصغير. بآخر تلويحة وشكرًا، لفيت ورجعت ناحية ساحة الانتظار.
      
      فيه حاجة مقلقة جدًا ناحيته، بس معنديش أي فكرة إيه هي بالظبط. بصة كمان من فوق كتفي عليه وتلويحة لتريش، وأنا في طريقي لعربيتي.
      
      "أوف،" اتأوهت وأنا باتخبط في صدر حد ناشف، ووقعت على قفايا من غير أي مراسم. قلبي بيدق بسرعة وراجل كئيب واقف فوقي، بيبحلقلي.
      
      'يا سلام، كانت وقعة رشيقة أوي.' اسكتي إنتي، يا صوتي الداخلي.
      
      "فتحي وإنتي ماشية، يا (...)\!" الراجل الفظ زَعق. لو جود عنده إحساس صحي تمامًا، فالراجل ده عكسه بالكامل. يا له من (...) كبير وضخم بعضلات وشعره بني غامق قصير وعينيه بني. بينقط غطرسة، وإحساس عام بالنرفزة مع تكشيرة دايمة. فكه كان مشدود وعينيه شكلها بتغمق كل ثانية وهو بيبحلق فيا.
      
      "آسفة. أنا-أنا مكنش قصدي. أنا بس مشفتكش،" اتلعثمت، باحاول أهدي الموقف من غير أي فايدة.
      
      "المرة الجاية، ابقي فتحي (...) عينيكي."
      
      مقدرتش أعمل حاجة غير إني أبص في الأرض وأهز راسي عند النقطة دي، مش واثقة في صوتي وهو بيستخف بيا ويمشي.
      
      "يا له من (...)\! إنتي كويسة؟" نظرة قلق كانت على وش جود وهو بيجري جاي من الفرشة بتاعته.
      
      "أيوة، أنا حتى مش عارفة إيه اللي حصل ده." بدأت ألم حاجتي اللي وقعت، وأنا باحاول أهدي قلبي اللي بيدق. جود وطى بسرعة عشان يساعدني ألم حاجتي، بعدين مد إيده عشان يساعدني أقوم. "متشكرة يا راجل، مقدرة جدًا." اديته ابتسامة صغيرة، وهو ردهالي بعشر أضعاف.
      
      قبل ما أي حاجة تانية تحصل، وصلت بسرعة لعربيتي عشان أروح البيت. ويا دوب نطيت في كرسي السواق، ست كبيرة قصيرة بشعر رمادي طويل نزلت من عربية دفع رباعي ومعاها شاب صغير بشعر بني دهبي هايش وعينين رمادي. عينيها اتقابلت مع عيني للحظة قبل ما أحس بنظرته هو. عينيه العاصفة لمعت بخبث وابتسامة سخرية اترسمت على شفايفه، خلتني اتكسف فورًا. اتلخبطت في المفاتيح، دورت العربية وطلعت.
      
      ليه كل الناس شكلهم متنشنين أوي النهاردة\!؟ أيام السوق بقى، أه...
      
      
      
      
      البيت عبارة عن مزرعة متواضعة في أرض مقطوعة. فيه مدينة في الجنوب وبلاد صغيرة في الغرب والشرق. الشمال كله غابات ونوع من المحميات الخاصة أو حاجة كده؛ محدش مسموح له يطلع هناك. الجو هادي هنا وأنا بحب ده.
      
      أنا في البيت، باشتغل في الجنينة، لما سمعت صوت عربية بتركن. "أهلاً يا تريش، أنا هنا ورا." وقفت من عند صف الأعشاب، نفضت إيدي في البنطلون الجينز واتمددت. الجو كان مثالي، من النوع اللي باحب أكون برة فيه.
      
      "إنتي كسبتينا نقط كتير أوي النهاردة يا بت\! 'الجدة' كانت مبسوطة جدًا بطلبيتها وضاعفت خلاص طلبيتها للأسبوع الجاي، ده مفيش مشكلة صح؟" سألت، وهي بتبصلي بعينين الجرو.
      
      "لأ، كله تمام، كل حاجة طالعة كويس دلوقتي،" رديت وهي بدأت تتمشى حوالين الجنينة، بتشوف إيه اللي مزروع. "شايفة إنك نسيتي واقي الشمس تاني،" لومتها. في حين إن بشرتي ليها لون طبيعي واخد من الشمس، بشرتها هي الباهتة المنمشة بتتحرق من الشمس حتى وهي في الضل. النهاردة بقى، هي منورة أكتر من الطماطم بتاعتي - مناخيرها ممكن تنافس رودولف.
      
      "راحت من بالي،" قالتها وهي بتهز كتفها. تريش العادية.
      
      "ماشي،" رديت بملل، ونقلت انتباهي للصف اللي بعده. "جربي دي،" قولتلها، واديتها شوية طماطم كرزية، لسه من على الشجرة.
      
      "أنا مش عارفة إنتي بتعملي ده إزاي. أنا مش بعرف أزرع أي حاجة حتى لو هتنقذ حياتي وإنتي عندك جنة عدن الخاصة بيكي هنا،" قالت وهي بتحط واحدة طماطم في بقها. "المهم إيه اللي كان مع (...) ده وإنتي مروحة؟"
      
      "معرفش،" رديت. "في ثانية كنت باشاورلك باي والثانية اللي بعدها كنت على قفايا وباتزعقلي. قصدي، مكنش فيه حد تاني حواليا. كان ممكن يتفاداني."
      
      "مكنش إنتي بس. هو كان (...) طول الوقت اللي كان فيه هنا. طلب ياخد شوية من طلبية 'الجدة' ولما قولتله لأ، بقى (...) أوي\!" كشرتي زادت وهي بتكمل بحماس، "على أي حال، مدام جلاس كانت هناك بعدها بدقيقتين. كنت فاكرة إنه هو وجيس هيتخانقوا في ساعتها\!"
      
      "استني، مين جيس؟ و'الجدة'؟" أعتقد إنها خلتني أتوه في حتة... مش غريب في أوقات حكايات تريش.
      
      "صح\! جيس جه مع مدام جلاس، اللي واضح إنها بتفضل إن الناس تقولها 'الجدة'. لو هي حبتك، متجادليهاش. هي عنيدة\! جيس كمان مز أوي على فكرة... المفروض تحاولي تبقي موجودة الأسبوع الجاي، هي قالت إنها حابة تقابلك عشان تناقشوا حاجات." خبطت صوابعها في بعض قبل ما تحطهم على شفايفها وتركز نظرتها عليا.
      
      "أوف،" اتأففت بإحباط. كل الهدف من شريك منفتح اجتماعيًا هو إني متطرش أتعامل مع الناس أصلًا. "مش ممكن تعمليها إنتي بس؟ أنا أكتر بتاعت الشغل اللي ورا الكواليس."
      
      "لأ\!" قالتها، وهي بتضغط على 'لأ' عشان تأثير زيادة. "هي كانت مصممة إنها تعرف الناس اللي بتشتغل معاهم. أعتقد إنها بتشتري للمجتمع بتاعهم وده ممكن يكون كويس جدًا لينا... أرجوكي\!"
      
      'بتترجى... يا إلهي، خليها تبطل.'
      
      "خلاص."
      
      تريش جريت قبل ما ألاقي طريقة أهرب من الموضوع، وسابتني أنضف قبل ما آخر شعاع شمس يختفي. حتى اليوم الهادي في الجنينة مقدرش يمسح التوتر بالكامل من احتكاكي بالهمجي ده بدري. اتنهدت وقررت إنه كفاية كده النهاردة، ودعيت إن الأسبوع الجاي يعدي أهدى.
      
      
      
      
      
      *طخ*
      
      راسي اترزعت لورا بقوة كفاية تخليني أشوف نجوم وأنا باقع على الأرضية الباردة الناشفة. اتقلبت، وسندت بكف إيدي على بلاط المطبخ وأنا باحاول أستوعب أنا فين.
      
      "مين اللي عمال يتصل بيكي ده؟" السم في صوته قالي إنها هتكون ليلة صعبة. صوابعه اتكعبلت في شعري وشدت وشي لفوق ناحيته. "سألتك سؤال،" زمجر.
      
      "دي بس تريش،" اتنهدت بصوت واطي.
      
      "بتتصل بيكي ليه؟\!" قلم تاني رماني على الأرض تاني. "قولتيلها إيه؟" هو كان واقف فوقي دلوقتي، مفيش أي حاجة أقدر أقولها أو أعملها عشان أوقف ده دلوقتي.
      
      "ولا حاجة\! أقسم لك\!" شديت نفسي لفوق عشان أركع عند رجليه.
      
      ابتسامة قاسية صغيرة اترسمت على وشه خلت رعشة تمشي في جسمي.
      
      نطيت من السرير مرة واحدة، قلبي بيدق بسرعة وأنا بادور على مخرج.
      
      أنا في البيت.
      هو مش هنا.
      ده مش حقيقي.
      
      كررت كلماتي عشان أثبت نفسي. ده كان مجرد حلم تاني.
      
      اتأوهت وأنا باقعد تاني على سريري. البطاطين كانت مرمية، شفت الساعة في تليفوني لقيتها أربعة الفجر. مش هاعرف أنام تاني النهاردة، فشديت نفسي وقومت ورحت أوضة المعيشة عشان أشم شوية هوا نضيف. لسه فاضل كام ساعة قبل ما النور يطلع برة، فقعدت جنب الشباك أسمع صوت الهوا. عدى سنتين من ساعة ما كسرت سيطرته، بس عقلي بيفكرني دايمًا.
      
      كل اللي أنا عايزاه هو السلام، الحرية من ده كله، هو ده طلب كتير أوي؟
      
      
      
      ```
      
      ملحوظة 
      
      كده إحنا شايفين إن الزحمة بتوتر جيس وإن حاجة وحشة حصلتلها، إيه اللي بيوتركم؟
      ```
      

      رواية الجميلة والفرعون الذي يقع في حب بشرية في زمن مختلف

      الجميلة والفرعون

      بقلم,

      خيال علمي

      مجانا

      بنت عمتها عالمة مصريات كانت شايفة إن الفرعون أخناتون كان قاسي. أخناتون ده كان فعلاً فرعون ظالم أمه حاولت تحذره، بس هو مسمعش الكلام. بسبب قسوته، ظهرله راجل غامض ولعنه ونقله لزمن تاني خالص عقاباً ليه. المفاجأة إن الفرعون الملعون ده بيلاقي نفسه في الزمن الحالي مع البنت اللي بتحكي القصة. الرواية نوعها فانتازيا وسفر عبر الزمن، وممكن نسميها "لعنة أخناتون" أو "الجميلة والفرعون".

      انتي

      بنت عايشة في الزمن الحالي. عمتها كانت عالمة مصريات. هي شخصية عندها رحمة وشايفة إن القسوة ضعف. هي اللي بتقابل أخناتون بعد ما اتنقل لزمنها، وبتبدأ تشوف فيه جانب مختلف (حزين وضعيف) غير اللي التاريخ بيقوله، وبتشبه قصته بـ "الجميلة والوحش".

      أخناتون

      في الماضي (مصر القديمة)، كان ملك قاسي جداً، ومغرور، ومبيسمعش نصيحة حد حتى أمه. بيشوف الرحمة ضعف.

      الرجل الغامض

      راجل أصلع وعينيه بتنور أحمر. ده اللي بعتته الآلهة عشان يعاقب أخناتون. هو اللي ألقى عليه لعنة السفر عبر الزمن ووصفله العذاب اللي هيعيشه في المستقبل.
      رواية الجميلة والفرعون الذي يقع في حب بشرية في زمن مختلف
      صورة الكاتب

      القسوة واحدة من أكبر نقط الضعف.
      
      دي الحاجة الوحيدة اللي اتعلمتها من عمتي وهفضل فكراها طول عمري.
      
      هي قالتلي إن الناس بتبقى قاسية عشان معندهاش القدرة إنها تظهر رحمة. هما ميعرفوش إزاي يحبوا وعشان كده مبيقدروس يظهروه.
      
      سهل أوي تبقى قاسي. سهلة زي شرب المية، كانت دايماً تقول كده.
      
      لكن إنك تكون رحيم ده محتاج مجهود. ومجهود كبير كمان. والأسوأ من كل ده، إنه كان معناه إنك تتحمل خطر إن قلبك يتكسر والفشل والحزن. كان صعب إنك تكون رحيم.
      
      مع ذلك، في رأيها، القدرة على إظهار الرحمة دي واحدة من أعظم نقط القوة.
      
      هي اللي علمتني إني دايماً أكون لطيفة. وإني أحاول أشوف الأمور من وجهة نظر الناس التانية وإني أبداً مجرحش حد من غير سبب.
      
      أنا متأكدة مية في المية إن طريقة تفكيرها دي هي اللي خلتها تدرس آخر فراعنة مصر، الفرعون أخناتون.
      
      بعد ما خدت الدكتوراه في علم المصريات وعلم الآثار، هي كانت عارفة بالظبط هي هتعمل إيه. طارت على مصر عشان تدور على مقبرة أخناتون الفاضية.
      
      الفرعون الشرير اللي اختفى، زي ما الحكاية بتقول.
      
      اللي عمتي كانت مصدقاه إن أتباعه هما اللي قتلوه عشان كان قاسي جداً وشعبه مقدرش يستحمله أكتر من كده.
      
      وبعدها مصر وقعت عشان مكنش فيه حد ياخد مكانه.
      
      أنا دلوقتي عرفت إن عمتي كانت غلطانة.
      
      أخناتون متقتلش.
      
      طُرُقه القاسية جابتله لعنة.
      
      ولسبب غريب، غريب، غريب جداً، هو لقى طريقه ليا.
      
      الدنيا بتمشي بطرق غامضة.
      
      بس وأنا ببص عليه من فوق كتابي، وشايفاه بيلعب على الأرض مع نفركيتي الغالية بتاعتي، عقلي كان هيطير من فكرة إن الراجل ده كان في يوم من الأيام قاسي.
      
      كان فيه نظرة على وشه مخلية شكله... حزين شوية. ويمكن حتى... يثير الشفقة؟
      
      يا إلهي ده كان هيتجنن لو سمعني بقول عليه "يثير الشفقة" بصوت عالي.
      
      بس ده خلاني أتساءل...
      
      طب إيه لو مكنش قاسي، بالمعنى الحرفي؟
      
      إيه لو كان بس... متلخبط؟
      
      "الجميلة والوحش" كانت حكايتي الخيالية المفضلة... ويمكن أخناتون كان عامل زي الوحش. ماشي غلط، ومتلخبط، ووحيد ومحتاج حد يحطه على الطريق الصح.
      
      بس من ناحية تانية، لو هو الوحش...
      
      يبقى أنا كده هكون "بيل".
      
      ومفيش أي احتمال إني أكون "بيل". لأ طبعاً.
      
      مستحيل.
      
      
            
            
            
      بارد، ومتماسك، وهادي. هو ده كان حاله دايماً، هو ده اللي كل الناس كانت شايفاه عليه. كان شكله مهيب وهو قاعد على عرشه الدهبي. كان يبان كإن مفيش حاجة في الدنيا دي ممكن تأذيه. حتى الآلهة نفسها.
      
      كان وسيم كمان، بقامته الطويلة وجسمه المظبوط. بشرته كانت زي النحاس بس عينيه كانت غامقة ودايماً بتبص بحدة.
      
      البعض بيقول إنه عمره ما رمش، عشان حتى الرمش كان علامة ضعف.
      
      الفرعون العظيم أخناتون بتاع مصر مكنش عنده نقط ضعف.
      
      على الأقل كل الناس كانت فاكرة إنه معندوش، لإن محدش كان مدرك إن القسوة نفسها واحدة من أكبر نقط الضعف.
      
      "اقتلوه،" الفرعون قال، وصوته العميق رن في القاعات. "معنديش وقت للكلام الفارغ ده."
      
      "من غير محاكمة..." واحد من أعضاء بلاطه بدأ يسأل. صوته اتقطع لما الفرعون رماله نظرة متضايقة. فراح موطي راسه. "زي ما تأمر."
      
      الحراس مسكوا الراجل اللي بيصرخ وجروه لبره فوراً. "أنا بريء!" هو صرخ. "أرجوك! يا فرعوني، أرجوك!"
      
      الملك أخناتون متهزش من صريخه. لكن أمه، اللي كانت واقفة جنبه، دورت وشها بعيد في حزن.
      
      الفرعون وقف. "ده كل اللي هستحمله النهاردة. أنا رايح أوضتي، محدش يزعجني."
      
      الكل انحنى ومتحركش من مكانه شبر واحد لحد ما الملك ساب الأوضة.
      
      هو مشي في الممر ونظرته الحادة المعتادة على وشه. محدش كان بيحط عينه في عينه، أبداً، بسبب النظرة دي بالذات. محدش غير أمه، طبعاً، لإنها كانت الوحيدة اللي مبتخافش منه. "يا فرعوني!" هي ندهت وهي بتجري وراه.
      
      الفرعون موقفش مشي. هو اختار يتجاهلها لحد ما هي وقفت قدامه.
      
      "أرجوك، اسمعني، يا ابني،" هي اترجته وهي بتمسك إيده بإيديها. "الموضوع ده بقى خارج عن السيطرة. إنت مينفعش تقتل كده–"
      
      هو شد إيده منها ومشي من جنبها. "أنا تعبان، يا أمي."
      
      "تعبان من إيه؟" أمه فجأة صرخت. "من القسوة؟"
      
      هو وقف مشي ولف عشان يبصلها.
      
      "كام واحد بريء سجنتهم، يا أخناتون." هي سألته، والدموع في عينيها. "ودلوقتي إعدام؟ الآلهة هتعاقبك عقاب شديد لو كملت على كده. ده مش عدل من فرعون... ولا من أي حد!"
      
      "هما مكنوش أبرياء. وأنا بس بحاول أخليهم عبرة."
      
      "إنت بتضحك على مين، يا ابني؟" هي سألته. "ليه بقيت متعطش للدم كده؟"
      
      "أنا معنديش وقت للكلام ده،" هو قال وهو بيلف تاني. هي كانت بتعمل كده تقريباً كل ليلة.
      
      "الآلهة هتعاقبك، يا ابني!" هي صرخت وراه. "أرجوك... وقف ده قبل ما ياخدوا فرصتهم."
      
      الفرعون شاور بإيده لأمه بلامبالاة قبل ما يدخل أوضته. هو اتنهد، وحس إن دماغه بدأت تصدع. أمه دايماً كانت بتجيبله الصداع.
      
      هو فرد جسمه قبل ما يمشي ناحية الترابيزة الكبيرة اللي عليها علب مجوهراته، وبمجرد ما مد إيده لودنه عشان يقلع حلق، هو اتجمد مكانه. هو حس بوجود حد في الأوضة. وجود غريب ومقلق.
      
      الفرعون لف بسرعة، وإيده على مقبض سيفه اللي كان معاه طول الوقت عشان الحماية. عينيه مسحت الأوضة الضلمة، اللي كانت منورة بس بشعاع خفيف من ضوء القمر اللي قدر يتسلل للأوضة الكبيرة من البلكونة.
      
      مكنش فيه حد.
      
      
      
      
      
      هو خرَّج النَفَس اللي كان حابسه وحرك إيديه تاني ناحية ودانه وهو بيلف تاني لعلبة مجوهراته.
      
      وبعدها شافه.
      
      كان واقف قدامه بالظبط، وده خلاه ينط لورا بأقصى سرعة ممكنة. هو سحب سيفه ووجهه ناحية الراجل المقنع اللي كان واقف قدامه. "إزاي تتجرأ تدخل الأوضة دي! إنت مين؟"
      
      الراجل مردش.
      
      الفرعون مكنش عنده صبر. هو اندفع لقدام، ولو كان ده أي راجل تاني، هجومه كان أكيد هيصيبه، بس الراجل المقنع ده اختفى من قدام عينين الفرعون.
      
      الفرعون فضل باصص بصدمة للحظة، بس بعدها لف بسرعة، وهو حاسس بوجود الراجل وراه. "مين..." الفرعون بدأ يتكلم.
      
      الراجل بعدها قلع غطا راسه والفرعون نَفَسه وقف. هو فضل متنح للراجل الأصلع، اللي عينيه كانت متشالة ومحطوط مكانها وهج أحمر بلون الدم. "أنا هنا عشان أديلك اللي تستحقه،" الراجل قال. بوقه متحركش وهو بيقولها.
      
      الملك أخناتون ديّق عينيه.
      
      "الآلهة رافضة تستحمل أي قسوة زيادة منك وبعتوني عشان أعاقبك على ده."
      
      "إنت فاكرني أهبل؟"
      
      "ده بالظبط اللي أنا شايفك عليه،" هو قال، وشفايفه اترسمت عليها ابتسامة سخرية. "إنت أهبل ميعرفش إزاي يحكم بلد. وإنت متستحقش تستغل مكانتك أكتر من كده."
      
      الفرعون ضحك ضحكة شريرة. "أنا هقطع لسانك ده من بوقك."
      
      الراجل فرد إيديه، ومن الهوا ظهرت عصاية، في آخرها حجر كبير بينور بنفس لون عينيه. "الآلهة طلبت مني أعاقبك. وأنا هعاقبك."
      
      الفرعون كشر وهو ماسك سيفه قدامه. هو كان محارب ممتاز وكان متأكد إنه يقدر يتغلب على الراجل ده بسهولة.
      
      "بلدك هتتدمر. تاريخها العظيم هيتملي بالعار لما الأجانب يغزوها ويحولوا نهر النيل العظيم لنهر من الدم. وكل ده هيكون بسببك،" هو قال. "رجالتك وجنودك هيتدبحوا، ونساؤكم هيتخطفوا وعيالكم هيتاخدوا عبيد. وكل ده هيكون بسببك."
      
      الملك أخناتون جز على سنانه، وهو بينزل سيفه.
      
      "إزاي ده هيحصل؟" الراجل سأل نفسه. "إنت هتختفي، وهتسيب الأمة دي لا ليها ملك ولا وريث."
      
      "إنت فاكر إنك تقدر تقتلني؟"
      
      "لأ،" الراجل ضحك بهدوء. "أنا مش عايز أقتلك. أنا عايز أعمل حاجة أسوأ من كده."
      
      الملك مقدرش يمنع القشعريرة اللي سرت في ضهره.
      
      "أنا هبعتك بعيد،" الراجل قال، وهو بيقرب خطوة. "هبعتك لزمن العيلة فيه ملهاش معنى. لزمن الصداقة الحقيقية فيه كنز نادر. لزمن مفيش فيه سلام والمواطنين عايشين حياة كلها كدب، وغيرة، وكره وجهل تام. لزمن الثقة فيه مستحيلة والطيبة الحقيقية مش معروفة."
      
      الفرعون رفع حواجبه.
      
      "ولزمن الحب الحقيقي ملهوش وجود فيه."
      
      فجأة، عصاية الراجل بدأت تنور جامد وهو بيلوح بيها قدامه. الفرعون نط عشان يهجم بس كل حاجة اسودت قبل ما يقدر يوصل للمتسلل.
      
      "وعشان أخلي الموضوع أسوأ..." هو سمع الراجل بيقول. "إنت هتعيش زي ما الناس اللي إنت بتحكمهم عايشين. جاهل، ومفيش أمل، وفقير وفي حالة قلق دايمة."
      
      لأول مرة من سنين، الفرعون حس بالخوف.
      
      "مفيش حاجة... مفيش أي حاجة خالص تقدر تعملها عشان تساعد نفسك، يا مولاي الملك. دي لعنتك."
      
      

      روايه الماضي الأليم

      الماضي الأليم

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      اتنين شايلين وجع كبير من الماضي ومخبيينه عن الدنيا. هو بقى راجل قاسي وبارد بيهرب من وجعه في الشغل ومقاطعة الستات تماماً. هي بقت بتهرب من حياتها بالنوم وعايشة من غير هدف بعد صدمة أليمة. عيلته بتضغط عليه يتجوز لدرجة والدته بتهدده بالموت لو موافقش. وعيلتها بتهددها بالجواز لو ملقيتش شغل، وصاحبتها بتجرها لمقابلة في شركة أخوها (آبي).

      أبهيمانيو

      راجل أعمال قاسي جداً، بارد، ومدمن شغل. بيخبي وراه ماضي مؤلم من أربع سنين خلاه يكره فكرة الجواز ويبعد عن أي ست، لدرجة إن عيلته افتكروه "شاذ".

      سيتارا

      بنت ذكية جداً خريجة معهد كبير، لكنها بتهرب من ماضيها الفظيع بالنوم والإحساس بالضياع، وبتسجل عياطها في جهاز تسجيل. عيلتها بتعاملها بقسوة وبتجبرها على الجواز.

      آريا

      أخت "آبي" وأعز صاحبة لـ "سيتو". شخصيتها قوية جداً وهي اللي بتحاول ترجع سيتو للحياة، وهي اللي خدتها المقابلة غصب عنها بالكلابشات.
      روايه الماضي الأليم
      صورة الكاتب

      كان صباح جميل تاني لكل الناس ماعدا أبهيمانيو (آبي) وسيتارا (سيتو). هو صحي بدري عشان يشغل نفسه في الشغل وينسى ماضيه المؤلم، بينما هي كانت لسه نايمة عشان تهرب من مواجهة قدرها القاسي وماضيها الفظيع. هو كان بيطلع وجعه في الناس اللي حواليه، وهي كانت بتخبي وجعها بابتسامة جميلة مرسومة على شفايفها.
      
      (وجهة نظر آبي):
      
      زي العادة، صحيت بدري الصبح، وروحت أجري حوالي ساعة. رجعت القصر بتاعي وروحت صالة الألعاب. فضلت أضرب في كيس الملاكمة ورا بعض وأنا بفتكر الماضي بتاعي. مفاصل إيدي بدأت تنزف دم.
      
      "أبيه!" صرخ إخواتي نامان ودروف. "إيدك بتنزف يا أبيه، كفاية!" صرخ دروف. أنا ولا بصتلهم ولا رديت عليهم.
      
      نامان شدني لورا، ودروف راح يجيب شنطة الإسعافات الأولية.
      
      "إنت اتجننت يا أبيه؟ مش حاسس بوجع وإنت بتضربه كل يوم لحد ما مفاصلك تنزف؟" سألني نامان وهو بيربطلي الجرح. ضحكت ضحكة مالهاش طعم. قولت "الوجع اللي أنا مستحمله ولا حاجة جنب ده".
      
      "بدل ما تطلع إحباطك ووجعك في كيس الملاكمة وتأذي نفسك، ليه متتكلمش معانا؟" سأل نامان.
      
      قولتله "وجعي مش هيقل لو اتكلمت يا نامان".
      
      "إحنا عارفين إن اللي حصل من أربع سنين كان ظلم كبير، بس ده ماضي يا أبيه. كمل حياتك. أبهيمانيو ده مش هو اللي إحنا عارفينه. إنت حولت نفسك لراجل قاسي، وشرس، وبارد. التغيير بتاعك ده مش هيصلح أي حاجة. إحنا عايزين آبي أبيه بتاع زمان يرجع." قال دروف. اتنهدت بصوت مسموع ومشيت من هناك.
      
      روحت أستحمى. وقفت تحت الدش وعيطت. ده المكان والوقت الوحيد اللي بعيط فيه عشان مبشوفش دموعي وهي نازلة. مش عايز نفسي تعرف إني ضعيف وبعيط على الماضي. خدت دش وروحت أوضة الهدوم. اخترت بدلة لونها رمادي وثبتُّ شعري.
      
      بصيت في المراية وحاولت أبتسم بس شكل عضلاتي استسلمت. اتنهدت ونزلت تحت عشان أفطر. الكل كان موجود في أوضة السفرة.
      
      "صباح الخير يا آبي/يا أبيه" عيلتي صبحوا عليا. هزيتلهم راسي.
      
      "يا أبيه ده مش مكتبك ولا إحنا موظفينك عشان تهزلنا راسك بس لما نصطبح عليك" قالت آريا، أختي. بصتلها ببرود.
      
      "صباح الخير يا جماعة" قولتها بنبرة باردة. كلهم ابتسموا بس الابتسامة موصلتش لعينيهم، وأنا عارف إني السبب.
      
      "يا إلهي يا أبيه، كان أحسن تهزلنا راسك بدل ما تصطبح علينا بالنبرة الباردة دي اللي بتخوفنا" قالت ديشا، بنت عمي.
      
      "ديشا، اقفلي بوقك وكلي فطارك" قالت أنجالي عمتي.
      
      "هي آستا (بنت عمي، ومتجوزة أعز صاحب ليا) مجتش البيت؟" سألت وأمي وعمتي بيقدمولنا الأكل.
      
      "وهي هتيجي هنا ليه؟" سألت جدتي.
      
      "أنيش مسافر نيويورك وعيلته رايحين فرح قرايبهم. وبما إن صحة آستا مش كويسة وكمان محتاجة تاخد بالها من إيشيثا، هو بلغني إنه هيوصلهم الصبح." أنا وضحت.
      
      "ماشي، بس البنت دي حتى مكلفتش خاطرها تبلغنا" غمغمت عمتي.
      
      "آبي" نده أبويا، أمان. بصتله باستفهام.
      
      "إحنا لقينا عروسة..." "أنا مش مهتم" قولت وقطعت كلامه في النص.
      
      "ليه مش مهتم؟" سأل جدي.
      
      "أعتقد مش محتاج أجاوب" رديت بغرور. أبويا وأمي بصّولي بغل كأنهم جاهزين يقتلوني.
      
      "لا لازم تجاوب يا آبي، هتفضل عازب لحد إمتى؟" صرخت أمي، ساكشي.
      
      "بتحب حد يا آبي؟" سأل عمي، سومان. غمضت عيني بضيق وهزيت راسي بـ 'لأ'.
      
      "أمال إيه المشكلة يا آبي؟ بالصدفة كده، إنت مش شاذ جنسياً صح؟" سأل جدي، فيجاي، خَلاني أشرَق في الأكل. إخواتي وولاد عمي ضحكوا. بَصتلهم بغضب.
      
      "إزاي تفكر فيا كده؟ عموماً، أنا مش شاذ جنسياً." قولت.
      
      "مش إحنا بس يا آبي، الدنيا كلها فكراك شاذ جنسياً. في الأول، الكل كان فاكر إنك في علاقة مع ريشي (صاحبي الانتيم التاني). بس الموضوع ده اتوضح لما اتجوز من سنتين وعنده بنت عمرها ١١ شهر دلوقتي. الموظفين اللي حواليك، حتى مساعدك الشخصي، رجالة. لو أي ست مضطرة تيجي عشان صفقة، يا إما بتبعت نامان أو أي مسؤول كبير تحتك. ولو وجودك ضروري، إنت حتى مابتبصش للستات دي." قال أبويا وهو بيهز كتافه.
      
      "دلوقتي كفاية كلام في الموضوع ده. أنا مش شاذ جنسياً، ومش هتجوز، ومفيش حد في دماغي." قولت بنبرة باردة.
      
      "ليه مش مهتم بالجواز يا آبي؟ أعز أصحابك ريشي اتجوز، وأنيش اتجوز، وحتى خلفوا. وإنت لسه عازب. عشان إنت الكبير إحنا مش عارفين نجوز نامان مع إنه وصل ٢٦ سنة وإنت أقل واحد مهتم. متبقاش أناني، فكر في الناس اللي حواليك. كل صحباتي وقرايبي دايماً بيتكلموا عن أحفادهم، أنا كمان عايزة حفيد." صرخت أمي.
      
      "أولاً، متوربطيش موضوع جوازي بإخواتي. ثانياً، أنا ميهمنيش صحباتك وقرايبنا بيقولوا إيه. ثالثاً، لو إنتي مُصرّة على حفيد فعندك إيشيثا، بنت آستا، وممكن كمان يجيلك من إخواتي وولاد عمي. ولو لسه مش راضية، أنا هتبنى واحد. فياريت متفتحيش موضوع الجواز والأحفاد ده تاني أبداً." قولت بهدوء بس بتهديد.
      
      
      
      
      
      
      "خلاص، لو إنت مُصمم على قرارك، فأنا كمان هاخد قرار. لو متجوزتش البنت اللي جبناهالك، استعد تشوفني ميتة قدامك." صرخت أمي.
      
      قومت من مكاني وخرجت من القصر وأنا هايج. روحت على مكتبي على طول. تجاهلت تحية كل الناس ومشيت لحد مكتبي.
      
      "فيناي!" ندهت على المساعد الشخصي بتاعي. دخل عندي فوراً.
      
      "أ.. أيوه يا فندم" قال وهو بيتهته.
      
      "ماتتهتهش وإنت بتكلمني!" زعقت فيه.
      
      "حاضر يا فندم" قالها بوضوح.
      
      "جدول المواعيد؟" سألته. شرحلي جدولي ومشي.
      
      فيناي ميهرا هو المساعد الشخصي بتاعي، وزي إيدي اليمين. هو الوحيد اللي بيقدر يستحملني. هو أنقذني من هجوم بلطجية من سنتين لما روحت مومباي. عرفت إنه بيدور على شغل وإنه من عيلة متوسطة بس كبيرة، فعينته مساعد شخصي ليا.
      
      الساعة ١٠ عندي اجتماع مع وفود أجنبية. ريشي كمان موجود في المشروع ده كشريك ليا عشان ده مشروع مشترك، ونامان بيعمل مقابلات مع شوية موظفين للجولة الأولى، وأنا هعمل المقابلات للجولة التانية بنفسي. ... ... ... (وجهة نظر سيتو):
      
      زي العادة، صحيت متأخر عشان أهرب من قدري القاسي. أمي كانت بتزعقلي، أو بمعنى أصح عيلتي كلها، عشان بصحى متأخر. أنا مبقتش بحس بأي وجع من زعيقهم لإنه ولا حاجة جنب الوجع اللي أنا عايشة فيه دلوقتي. اتنهدت، وخدت دش، ولبست تي-شيرت واسع وبنطلون رياضي. نزلت تحت على أوضة السفرة عشان ألاقي نظرات باردة في استقبالي. ده قانون العيلة عندنا إننا لازم ناكل كل الوجبات مع بعض. هما كانوا ميتين من الجوع بقالهم ٤٥ دقيقة عشان أنا اتأخرت.
      
      "صباح الخير، وشكراً إنكم استنيتوني" قولت وأنا بقعد على الكرسي. أمي وعماتي بدأوا يقدموا الأكل.
      
      "سيسيرا، جالك عريس. لو كل حاجة مشيت تمام، هتتجوزي خلال شهر" قال جدي. في عيلتنا، هما عمرهم ما بيسألوا رأينا، هما بيفرضوا قراراتهم علينا.
      
      أختي سيسيرا هزت راسها. "بس أنا عندي طلب" قالت. الكل بصلها عشان تكمل. "قولوا لعيلة العريس من الأول إني مبهتمش بأي حد أو أي ظروف لو المرضى بتوعي محتاجيني. غير كده، معنديش أي اعتراضات." قالت. جدي هز راسه بتردد بعد ما فكر شوية.
      
      "وإنتي، يا آنسة سيتارا ديف شيتي، هتفضلي قاعدة كده لحد إمتى؟" سألني جدي بسخرية. فضلت ساكتة عشان معنديش رد.
      
      "السكوت!! السكوت هو الطريقة الوحيدة اللي بتلاقيها عشان تهربي من السؤال. عدى ٦ شهور من ساعة ما خلصتي الماجستير بتاعك. لا بتشتغلي في شركتنا ولا في شركات تانية. دايماً بتلفي في الشوارع من غير هدف. بتروحي مكان محدش يعرفه. وأوقات بتختفي بالأسبوع. إنتي عايشة حياة من غير هدف وبتضيعي شهادتك." عايرني. عملت نفسي مش سامعة كلامه لإنه بقى عادي بالنسبالي.
      
      "لو ملاقتيش شغل خلال ١٠ أيام، هجوزك فوراً بعد سيسيرا" قال جدي بتهديد.
      
      "أنا مش هتجوز. أنا عايزة أعيش لوحدي بقية حياتي." أعلنت.
      
      "سيتو، كفاية عناد بقى. بقولك أهه، سواء لقيتي شغل أو لأ، أنا هجوزك لواحد كويس. جهزي نفسك للجواز بعد سيسيرا" قال سيد أخويا بغضب.
      
      "مش هتجوز، أنا مش عايزة..."
      
      "اخرسي، اخرسي خالص. أنا مش بديكي اختيار، ده أمري كأخوكي الكبير." زعق. ضحكت زي المجنونة.
      
      "التحدي مقبول يا أستاذ سيدهانت تشودري. أنا مش هتجوز، لا بعد سيسيرا ولا حتى بعد ابنك." قولت وطلعت أوضتي.
      
      وقفت في البلكونة ساندة على السور وفي إيدي جهاز تسجيل صغير وبفكر فيه. الدموع بدأت تنزل من عيني.
      
      ليه؟ ليه سبتني؟ إنت كسرت وعودنا، حطمت أحلامنا، ودمرت حياتنا السعيدة. قعدت أعيط. كل حزني وعياطي، أنا بحفظهم في جهاز التسجيل ده.
      
      تليفوني بدأ يرن، واسم أعز صاحبة عندي "آريا" منور على الشاشة. قفلت السكة. فضلت ترن تاني وتاني. في الآخر، رديت.
      
      "هكون عندك خلال ١٥ دقيقة. اجهزي لمقابلة الشغل. لو فكرتي تضيعي الفرصة الدهبية دي أنا هقتلك." زعقت وقفلت السكة حتى من غير ما تديني فرصة أقول كلمة واحدة. اتنهدت.
      
      واحدة من أكبر شركات المقاولات في الهند، وهي شركة أخوها، عرضت عليا شغل في أعلى منصب وبمرتب مجزي جداً. هي قدمتلي بالنيابة عني من غير علمي، وهما وافقوا فوراً عشان أنا من أوائل المتفوقين في دفعتي من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا". كنت لسه بفكر إزاي أزوغ من المقابلة لما سمعت كلاكس عربية. جريت على الحمام عشان أستخبى، وآريا، صاحبتي الانتيم، اقتحمت أوضتي ومعاها أكياس مشتريات.
      
      "مش هتقدري تستخبي أكتر من كده يا سيتو. اطلعي من الحمام حالاً يا إما هكسره ومش هيفرق معايا." هددتني. خرجت فوراً. شدتني ولبستني قميص أبيض بفتحة رقبة واسعة وجاكيت رسمي أبيض فوقيه مع بنطلون أسود.
      
      
      
      
      
      
      
      هي لمّت شعري الطويل الواصل لحد وسطي وعملته ديل حصان، وحطتلي بس مُلمع شفايف عشان أنا مبحبش أحط أي مساحيق تجميل. شالت الملفات بتاعتي، وبدأت تشدني لبره.
      
      "يا طنط! يا عمو! هي عندها مقابلة شغل النهاردة، ادعولها!" صرخت آريا. وش عيلتي نوّر وكانوا لسه هيقربوا مني، بس أنا اندفعت لبره وأنا لابسة كعبي العالي الرفيع. قعدت في عربيتنا، وآريا جت ورايا.
      
      "إيه اللي عملتيه ده؟" سألتني. طنشتها. فضلت تسأل، تاني وتاني، أكتر من عشر مرات، وأنا اخترت أفضل ساكتة وأعمل نفسي نايمة. في الآخر، زهقت واستسلمت.
      
      مش عايزة أديهم أمل على الفاضي. كده كده، أنا مش هاخد الشغل ده. هعمل كل اللي في وسعي عشان أهرب من المقابلة، عشان كده مخدتش بركتهم (دعوتهم). قعدت أفكر في كده وروحت في النوم.
      
      فتحت عيني لما حسيت بحد بيهزني. "وصلنا" قالت آريا. هزيت راسي. كنت لسه بحاول أنزل من العربية بس معرفتش لإني حسيت بشدّة في مِعصمي. لفيت وبصيت على إيدي، بس عشان ألاقيها متربطة بـ "كلابشات" في إيد آريا. برقتلها.
      
      "ماتبرقيليش كده. مقدرش أجازف وأثق فيكي. عشان كده كلبشتك لإني مسبتيليش أي اختيار تاني." قالت وهي بتضحك بانتصار.
      
      "آريا، فكي الكلابش." قولت ببرود.
      
      "لأ." قالت وهي بتغمزلي. باست خدي وزقتني بره العربية، وهي كمان نزلت من الناحية بتاعتي.
      
      وقفت قدام مبنى الشركة. كان فعلاً ناطحة سحاب. آريا بدأت تجرجرني.
      
      "آرو، كفاية! كل الناس بتبص علينا." صرخت بصوت واطي. هي طنشتني. راحت لمكتب الاستقبال.
      
      "صباح الخير يا ديفيا، إحنا هنا بخصوص مقابلات الشغل. ممكن تقليلنا نطلع الدور الكام؟" سألت آريا.
      
      "يا فندم..."
      
      "اسمي آريا، ناديني آريا. أنا جاية هنا عشان المقابلة يا ديفيا، مش بصفتي أخت مديرك." قالت آريا وقاطعتها. ديفيا ابتسمتلنا وإحنا ردينا الابتسامة.
      
      "الدور التالت والعشرين، يا فندم... آسفة، يا آريا. هي دي (سيتو) صاحبتك؟" سألت ديفيا.
      
      "أيوة، دي أعز صاحبة عندي. هي كمان هنا عشان المقابلة." قالت آريا. أنا ابتسمتلها.
      
      "هي جميلة أوي وابتسامتها تخطف القلب." قالت ديفيا.
      
      "شكراً" قولت وأنا وشي بيحمر.
      
      "يعني أنا مش حلوة ولا إيه؟" سألت آريا بغضب مزيف.
      
      "إنتي أجمل بنت قابلتها في حياتي يا حبيبتي." قال صوت واحد من ورانا قبل ما أنا أو ديفيا نرد.
      
      لفينا وبصينا على الشخص التاني. كان أرجون، صاحبنا القريب وبرضه حبيب آريا.
      
      "جوون!" صرخت آريا وجريت على حضنه، ونسيت إننا متكلبشين في بعض. كنت خلاص هقع، بس فيكرام، صاحبنا القريب التاني، مسكني.
      
      "يا غبية! لو فيكرام مكنش هنا كان زمان سناني اتكسرت." زعقت في آريا.
      
      "أنا آسفة، أنا بس اتخضيت من الفرحة لما شوفت جوون." قالت وهي مبتسمة بتساهل.
      
      "بنت مجنونة." غمغمت.
      
      "شكراً يا فيكرام" قولتله. هو حضني، وبعده آريا وأرجون.
      
      "إيه اللي جابكم إنتو الاتنين هنا؟" سألت.
      
      "أنا اللي قولت لهم يجوا." قالت آريا.
      
      "ليه؟" سألت.
      
      "حراسة!! عشان متقدريش تهربي زي المرة اللي فاتت." قال فيكرام.
      
      "إنتو مجانين. إنتو الاتنين الرؤساء التنفيذيين لشركاتكم، بس جيتوا هنا وزوغتوا من اجتماعاتكم. بتتكلموا جد؟" قولت وأنا متدايقة.
      
      "أي حاجة عشانك يا سيتو." قالوا هما الاتنين. قلبت عينيا بملل.
      
      طلعنا الدور التالت والعشرين وقعدنا في أماكنا. كل اللي كانوا موجودين وقفوا أول ما عرفوا آريا. هي شاورتلهم بإيدها إنهم يقعدوا.
      
      محدش يعرف عني حاجة، مع إني بنت لواحد من أصحاب المليارات اللي شغله مالي الدنيا كلها في عالم الأعمال. أنا مبحبش أكون مركز الاهتمام، عشان كده عمري ما ظهرت قدام العالم ده باسمي الحقيقي "سيتارا ديف شيتي". حتى كل صوري سرية للغاية.
      
      بصيت في ساعة إيدي. المقابلة بتاعتي هتبدأ الساعة عشرة بالظبط. والساعة دلوقتي عشرة إلا ربع. أنا لازم أهرب. جتلي فكرة.
      
      ها يا جماعة، إيه رأيكم في ماضيهم؟ تفتكروا إيه السبب ورا عدم رغبة سيتو إنها تشتغل؟ ومين هو "هو" ده؟
      
      إعلان للي جاي:- أول مقابلة بينهم، وقرار آبي.
      
      باي :)
      
      جاري تحميل الفصل...
      جاري تحميل قائمة الفصول...

      Pages