رواية الجميلة والفرعون الذي يقع في حب بشرية في زمن مختلف

الجميلة والفرعون

بقلم,

خيال علمي

مجانا

بنت عمتها عالمة مصريات كانت شايفة إن الفرعون أخناتون كان قاسي. أخناتون ده كان فعلاً فرعون ظالم أمه حاولت تحذره، بس هو مسمعش الكلام. بسبب قسوته، ظهرله راجل غامض ولعنه ونقله لزمن تاني خالص عقاباً ليه. المفاجأة إن الفرعون الملعون ده بيلاقي نفسه في الزمن الحالي مع البنت اللي بتحكي القصة. الرواية نوعها فانتازيا وسفر عبر الزمن، وممكن نسميها "لعنة أخناتون" أو "الجميلة والفرعون".

انتي

بنت عايشة في الزمن الحالي. عمتها كانت عالمة مصريات. هي شخصية عندها رحمة وشايفة إن القسوة ضعف. هي اللي بتقابل أخناتون بعد ما اتنقل لزمنها، وبتبدأ تشوف فيه جانب مختلف (حزين وضعيف) غير اللي التاريخ بيقوله، وبتشبه قصته بـ "الجميلة والوحش".

أخناتون

في الماضي (مصر القديمة)، كان ملك قاسي جداً، ومغرور، ومبيسمعش نصيحة حد حتى أمه. بيشوف الرحمة ضعف.

الرجل الغامض

راجل أصلع وعينيه بتنور أحمر. ده اللي بعتته الآلهة عشان يعاقب أخناتون. هو اللي ألقى عليه لعنة السفر عبر الزمن ووصفله العذاب اللي هيعيشه في المستقبل.
رواية الجميلة والفرعون الذي يقع في حب بشرية في زمن مختلف
صورة الكاتب

القسوة واحدة من أكبر نقط الضعف.

دي الحاجة الوحيدة اللي اتعلمتها من عمتي وهفضل فكراها طول عمري.

هي قالتلي إن الناس بتبقى قاسية عشان معندهاش القدرة إنها تظهر رحمة. هما ميعرفوش إزاي يحبوا وعشان كده مبيقدروس يظهروه.

سهل أوي تبقى قاسي. سهلة زي شرب المية، كانت دايماً تقول كده.

لكن إنك تكون رحيم ده محتاج مجهود. ومجهود كبير كمان. والأسوأ من كل ده، إنه كان معناه إنك تتحمل خطر إن قلبك يتكسر والفشل والحزن. كان صعب إنك تكون رحيم.

مع ذلك، في رأيها، القدرة على إظهار الرحمة دي واحدة من أعظم نقط القوة.

هي اللي علمتني إني دايماً أكون لطيفة. وإني أحاول أشوف الأمور من وجهة نظر الناس التانية وإني أبداً مجرحش حد من غير سبب.

أنا متأكدة مية في المية إن طريقة تفكيرها دي هي اللي خلتها تدرس آخر فراعنة مصر، الفرعون أخناتون.

بعد ما خدت الدكتوراه في علم المصريات وعلم الآثار، هي كانت عارفة بالظبط هي هتعمل إيه. طارت على مصر عشان تدور على مقبرة أخناتون الفاضية.

الفرعون الشرير اللي اختفى، زي ما الحكاية بتقول.

اللي عمتي كانت مصدقاه إن أتباعه هما اللي قتلوه عشان كان قاسي جداً وشعبه مقدرش يستحمله أكتر من كده.

وبعدها مصر وقعت عشان مكنش فيه حد ياخد مكانه.

أنا دلوقتي عرفت إن عمتي كانت غلطانة.

أخناتون متقتلش.

طُرُقه القاسية جابتله لعنة.

ولسبب غريب، غريب، غريب جداً، هو لقى طريقه ليا.

الدنيا بتمشي بطرق غامضة.

بس وأنا ببص عليه من فوق كتابي، وشايفاه بيلعب على الأرض مع نفركيتي الغالية بتاعتي، عقلي كان هيطير من فكرة إن الراجل ده كان في يوم من الأيام قاسي.

كان فيه نظرة على وشه مخلية شكله... حزين شوية. ويمكن حتى... يثير الشفقة؟

يا إلهي ده كان هيتجنن لو سمعني بقول عليه "يثير الشفقة" بصوت عالي.

بس ده خلاني أتساءل...

طب إيه لو مكنش قاسي، بالمعنى الحرفي؟

إيه لو كان بس... متلخبط؟

"الجميلة والوحش" كانت حكايتي الخيالية المفضلة... ويمكن أخناتون كان عامل زي الوحش. ماشي غلط، ومتلخبط، ووحيد ومحتاج حد يحطه على الطريق الصح.

بس من ناحية تانية، لو هو الوحش...

يبقى أنا كده هكون "بيل".

ومفيش أي احتمال إني أكون "بيل". لأ طبعاً.

مستحيل.


      
      
      
بارد، ومتماسك، وهادي. هو ده كان حاله دايماً، هو ده اللي كل الناس كانت شايفاه عليه. كان شكله مهيب وهو قاعد على عرشه الدهبي. كان يبان كإن مفيش حاجة في الدنيا دي ممكن تأذيه. حتى الآلهة نفسها.

كان وسيم كمان، بقامته الطويلة وجسمه المظبوط. بشرته كانت زي النحاس بس عينيه كانت غامقة ودايماً بتبص بحدة.

البعض بيقول إنه عمره ما رمش، عشان حتى الرمش كان علامة ضعف.

الفرعون العظيم أخناتون بتاع مصر مكنش عنده نقط ضعف.

على الأقل كل الناس كانت فاكرة إنه معندوش، لإن محدش كان مدرك إن القسوة نفسها واحدة من أكبر نقط الضعف.

"اقتلوه،" الفرعون قال، وصوته العميق رن في القاعات. "معنديش وقت للكلام الفارغ ده."

"من غير محاكمة..." واحد من أعضاء بلاطه بدأ يسأل. صوته اتقطع لما الفرعون رماله نظرة متضايقة. فراح موطي راسه. "زي ما تأمر."

الحراس مسكوا الراجل اللي بيصرخ وجروه لبره فوراً. "أنا بريء!" هو صرخ. "أرجوك! يا فرعوني، أرجوك!"

الملك أخناتون متهزش من صريخه. لكن أمه، اللي كانت واقفة جنبه، دورت وشها بعيد في حزن.

الفرعون وقف. "ده كل اللي هستحمله النهاردة. أنا رايح أوضتي، محدش يزعجني."

الكل انحنى ومتحركش من مكانه شبر واحد لحد ما الملك ساب الأوضة.

هو مشي في الممر ونظرته الحادة المعتادة على وشه. محدش كان بيحط عينه في عينه، أبداً، بسبب النظرة دي بالذات. محدش غير أمه، طبعاً، لإنها كانت الوحيدة اللي مبتخافش منه. "يا فرعوني!" هي ندهت وهي بتجري وراه.

الفرعون موقفش مشي. هو اختار يتجاهلها لحد ما هي وقفت قدامه.

"أرجوك، اسمعني، يا ابني،" هي اترجته وهي بتمسك إيده بإيديها. "الموضوع ده بقى خارج عن السيطرة. إنت مينفعش تقتل كده–"

هو شد إيده منها ومشي من جنبها. "أنا تعبان، يا أمي."

"تعبان من إيه؟" أمه فجأة صرخت. "من القسوة؟"

هو وقف مشي ولف عشان يبصلها.

"كام واحد بريء سجنتهم، يا أخناتون." هي سألته، والدموع في عينيها. "ودلوقتي إعدام؟ الآلهة هتعاقبك عقاب شديد لو كملت على كده. ده مش عدل من فرعون... ولا من أي حد!"

"هما مكنوش أبرياء. وأنا بس بحاول أخليهم عبرة."

"إنت بتضحك على مين، يا ابني؟" هي سألته. "ليه بقيت متعطش للدم كده؟"

"أنا معنديش وقت للكلام ده،" هو قال وهو بيلف تاني. هي كانت بتعمل كده تقريباً كل ليلة.

"الآلهة هتعاقبك، يا ابني!" هي صرخت وراه. "أرجوك... وقف ده قبل ما ياخدوا فرصتهم."

الفرعون شاور بإيده لأمه بلامبالاة قبل ما يدخل أوضته. هو اتنهد، وحس إن دماغه بدأت تصدع. أمه دايماً كانت بتجيبله الصداع.

هو فرد جسمه قبل ما يمشي ناحية الترابيزة الكبيرة اللي عليها علب مجوهراته، وبمجرد ما مد إيده لودنه عشان يقلع حلق، هو اتجمد مكانه. هو حس بوجود حد في الأوضة. وجود غريب ومقلق.

الفرعون لف بسرعة، وإيده على مقبض سيفه اللي كان معاه طول الوقت عشان الحماية. عينيه مسحت الأوضة الضلمة، اللي كانت منورة بس بشعاع خفيف من ضوء القمر اللي قدر يتسلل للأوضة الكبيرة من البلكونة.

مكنش فيه حد.





هو خرَّج النَفَس اللي كان حابسه وحرك إيديه تاني ناحية ودانه وهو بيلف تاني لعلبة مجوهراته.

وبعدها شافه.

كان واقف قدامه بالظبط، وده خلاه ينط لورا بأقصى سرعة ممكنة. هو سحب سيفه ووجهه ناحية الراجل المقنع اللي كان واقف قدامه. "إزاي تتجرأ تدخل الأوضة دي! إنت مين؟"

الراجل مردش.

الفرعون مكنش عنده صبر. هو اندفع لقدام، ولو كان ده أي راجل تاني، هجومه كان أكيد هيصيبه، بس الراجل المقنع ده اختفى من قدام عينين الفرعون.

الفرعون فضل باصص بصدمة للحظة، بس بعدها لف بسرعة، وهو حاسس بوجود الراجل وراه. "مين..." الفرعون بدأ يتكلم.

الراجل بعدها قلع غطا راسه والفرعون نَفَسه وقف. هو فضل متنح للراجل الأصلع، اللي عينيه كانت متشالة ومحطوط مكانها وهج أحمر بلون الدم. "أنا هنا عشان أديلك اللي تستحقه،" الراجل قال. بوقه متحركش وهو بيقولها.

الملك أخناتون ديّق عينيه.

"الآلهة رافضة تستحمل أي قسوة زيادة منك وبعتوني عشان أعاقبك على ده."

"إنت فاكرني أهبل؟"

"ده بالظبط اللي أنا شايفك عليه،" هو قال، وشفايفه اترسمت عليها ابتسامة سخرية. "إنت أهبل ميعرفش إزاي يحكم بلد. وإنت متستحقش تستغل مكانتك أكتر من كده."

الفرعون ضحك ضحكة شريرة. "أنا هقطع لسانك ده من بوقك."

الراجل فرد إيديه، ومن الهوا ظهرت عصاية، في آخرها حجر كبير بينور بنفس لون عينيه. "الآلهة طلبت مني أعاقبك. وأنا هعاقبك."

الفرعون كشر وهو ماسك سيفه قدامه. هو كان محارب ممتاز وكان متأكد إنه يقدر يتغلب على الراجل ده بسهولة.

"بلدك هتتدمر. تاريخها العظيم هيتملي بالعار لما الأجانب يغزوها ويحولوا نهر النيل العظيم لنهر من الدم. وكل ده هيكون بسببك،" هو قال. "رجالتك وجنودك هيتدبحوا، ونساؤكم هيتخطفوا وعيالكم هيتاخدوا عبيد. وكل ده هيكون بسببك."

الملك أخناتون جز على سنانه، وهو بينزل سيفه.

"إزاي ده هيحصل؟" الراجل سأل نفسه. "إنت هتختفي، وهتسيب الأمة دي لا ليها ملك ولا وريث."

"إنت فاكر إنك تقدر تقتلني؟"

"لأ،" الراجل ضحك بهدوء. "أنا مش عايز أقتلك. أنا عايز أعمل حاجة أسوأ من كده."

الملك مقدرش يمنع القشعريرة اللي سرت في ضهره.

"أنا هبعتك بعيد،" الراجل قال، وهو بيقرب خطوة. "هبعتك لزمن العيلة فيه ملهاش معنى. لزمن الصداقة الحقيقية فيه كنز نادر. لزمن مفيش فيه سلام والمواطنين عايشين حياة كلها كدب، وغيرة، وكره وجهل تام. لزمن الثقة فيه مستحيلة والطيبة الحقيقية مش معروفة."

الفرعون رفع حواجبه.

"ولزمن الحب الحقيقي ملهوش وجود فيه."

فجأة، عصاية الراجل بدأت تنور جامد وهو بيلوح بيها قدامه. الفرعون نط عشان يهجم بس كل حاجة اسودت قبل ما يقدر يوصل للمتسلل.

"وعشان أخلي الموضوع أسوأ..." هو سمع الراجل بيقول. "إنت هتعيش زي ما الناس اللي إنت بتحكمهم عايشين. جاهل، ومفيش أمل، وفقير وفي حالة قلق دايمة."

لأول مرة من سنين، الفرعون حس بالخوف.

"مفيش حاجة... مفيش أي حاجة خالص تقدر تعملها عشان تساعد نفسك، يا مولاي الملك. دي لعنتك."

تعليقات