موصى به لك

    الأقسام

    روايات تاريخية

    معارك ملحمية، مؤامرات، وأبطال منسيون

    ... ...

    روايات فانتازيا

    ممالك مفقودة وسيوف أسطورية، هنا تبدأ المغامرة

    ... ...

    روايات رومانسية

    لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير بتلك النظرة

    ... ...

    روايات رعب

    السحر والكتب يخفون أسراراً لا تريد معرفتها

    ... ...

    روايات خيال علمي

    سافر عبر الزمن بتكنولوجيا تتحدى الخيال

    ... ...

    روايات مافيا

    عالم الجريمة المنظمة حيث القوة هي القانون

    ... ...

    روايات كورية

    اجمل القصص الكوريه المترجمه والكيدراما

    ... ...

    روايات اجتماعية

    صراعات يومية تعكس حقيقة الحياة التي نعيشها

    ... ...

    الأفضل شهرياً

      رواية زمن السحرة

      زمن السحرة

      بقلم,

      تاريخيه

      مجانا

      في قرية "سالم" في زمن محاكمات السحرة، لما القسيس "باريس" كان مُصمم على إعدامهم. بس الحاكم بيقرر ينفي ٢٦ طفل متهم بالسحر بدل شنقهم عشان ينهي الأزمة. الرحلة دي كانت جحيم في برد قارس، ومات فيها كتير منهم، وفضل في الآخر ١٤ واحد بس. بيترموا في أرض خلاء ويعيشوا في ظروف مستحيلة لسنين. مع الوقت بيكتشفوا إنهم مبطلوش يكبروا في السن، وإن عندهم قوى خارقة زي السحر الحقيقي، ودي كانت بداية كل حاجة.

      القسيس صامويل

      قسيس القرية. هو اللي كان مُحرك الكراهية ضد المتهمين وكان عايز يولع فيهم.

      الحاكم ويليام

      الحاكم اللي حاول يلاقي حل وسط، فقرر ينفيهم بدل ما يعدمهم عشان يريح دماغه م الصداع.

      ليزي

      أكبر بنت في المجموعة. هي كمان شكلها متغيّرش، ومبقتش محتاجة تنام أبداً، وكانت زي الحارسة ليهم.
      رواية زمن السحرة
      صورة الكاتب

      قرية سالم
      ديسمبر ١٦٩٢
      
      النار ديماً كانت محيراهم. قوة من عند ربنا لا يمكن تخيلها، شكلها محدش يعرفه. مصدر ملوش نهاية للنور والدفا. وللدمار.
      
      القسيس صامويل باريس عمره ما فهم هما ليه محرقوش الساحرات، زي ما عملوا في أوروبا. كان كاره إنهم اتشنقوا كلهم — ما عدا چايلز كوري، اللي اتفعص لحد ما مات بالحجارة — على تل المشنقة. إعدام بشري بالمنظر ده كان شكله ناقص العدالة الشديدة اللي الهراطقة دول محتاجينها. السحر ملوش مكان في بلدته، ناهيك عن بيته. بنته الغلبانة، بيتي، كانت مسكونة لأكتر من سنة. قريبتهم، أبيجايل، كانت أول واحدة تتهم. والعبدة بتاعتهم، تيتوبا، أول واحدة تتُهم.
      
      كرهه للسحاحرات، وللهيستيريا، وللجنون اللي في كنيسته، كان بيزيد، وشكله بيتبلور. بالظبط زي ما الرطوبة في هوا صيف نيو إنجلاند ليها طريقة تتجمد في الشتا وتعمل تلج في الروايات، كُره القسيس للسحاحرات هو كمان عمل نوع من التلج بتاعه: صافي. حاد. مميت.
      
      النار كانت محيراهم، لكن السحر كان بيعذبهم. القسيس باريس كان رايح جاي في بيته المتواضع، وفريق من الفرسان مستنيين تعليماته.
      
      "لحد فين؟"
      
      قبطان الخيالة رد عليه بثقة. "بعيد كفاية لدرجة إنهم ميعرفوش يرجعوا سالم تاني أبداً. غالبًا مش هيعيشوا ويكملوا الرحلة دي أصلاً."
      
      باريس بص لحاكم ماساتشوستس، السير ويليام فيبس، اللي أمره يتقبل الحل الوسط الأهبل ده. "لو هما هيموتوا بإيد ربنا في الخلاء، ليه منحقش إحنا العدل بنفسنا؟"
      
      فيبس زمجر. "إحنا اتكلمنا في الموضوع ده كتير، يا قسيس." هو وباريس هما الاتنين كانوا عارفين إنه من الغباء نتجاهل الاتهامات دي بس من الفظيع إننا نحكم عليهم كلهم بالموت. بس برضه، باريس كان عنده ميل للدم أكتر — أو يمكن للحم وهو بيتحرق — أكتر من الحاكم. "كفاية لحد كده. أنا مش هشنق واحد تاني إلا لو جلالة الملك قال كده، وهو مقالش حاجة زي دي. إحنا أصلاً سمعتنا بقت في الأرض بسبب جرايمنا ضد التسعتاشر التانيين."
      
      القبطان وفرسانه استنوا في سكات. هما كانوا عارفين التعليمات اللي خدوها، بس كانوا عارفين برضه إنهم لازم يستنوا باريس وفيبس يوصلوا لنفس الاستنتاجات دي لوحدهم.
      
      "الرحلة هتاخد وقت قد إيه؟" باريس سأل.
      
      القبطان سكت شوية. "إحنا مش متأكدين. إحنا بس سمعنا إشاعات إننا نقدر نروح بعيد أوي ناحية الغرب. أنا متوقع إننا ممكن نرجع لما الشتا ده يخلص والربيع ييجي. في أسوأ الأحوال، يمكن نرجع مع شمس الصيف." بلع ريقه وهو متضايق من الكدبة دي، وضميره بيأنبه. محدش من الستة دول هيعيش ويكمل الرحلة اللي قدامهم.
      
      أخيراً، باريس وافق. وهو بيكلم القبطان، قال، "يبقى إحنا قررنا. خدوهم قبل ما الليل ده يعدي. لموا أي حاجة محتاجينها وامشوا حالاً."
      
      من غير ولا كلمة زيادة، القبطان وفرسانه سابوا بيت القسيس. في الشارع، كان فيه اتنين وتلاتين حصان مستنيين: واحد لكل واحد من الستة، وستة وعشرين حصان كمان، كل واحد مربوط فيه واحد من المتهمين وهو متكلبش.
      
      الفرسان كانوا مستعدين على قد ما يقدروا للرحلة اللي قدامهم. ندمهم الوحيد كان إنهم خدوا خيول كتير أوي من المجتمع الصغير ده وهما عارفين إنهم عمرهم ما هيرجعوا. بس هما متجرأوش يشككوا في هدفهم. كانوا خلاص متصالحين مع فكرة المجازفة بحياتهم. السحر ملوش مكان في سالم، ملوش أي حتة في دنيا ربنا كلها. بس الستة دول كانوا حراس صامتين، ومبقاش ينفع يفضلوا ساكتين ومتطمنين أكتر من كده. كانت مهمتهم يمنعوا بلدتهم، ودينهم، من إنهم يقتلوا ناس أكتر ما قتلوا بالفعل.
      
      ناس كتير في سالم مكنوش هيستحملوا يشوفوا المدبحة اللي كانت هتحصل لو العيال دي اتحاكموا، بس الستة رجالة دول مكنش دافعهم هو الإحسان وبس. بدال كده، كان بيحركهم هدف، كانوا بيتصرفوا كأن ربنا بنفسه هو اللي بعتلهم الأوامر عشان يشيلوا المتهمين دول من سالم ويودوهم مكان آمن.
      
      بس مكنش ربنا هو اللي أجبرهم.
      
      في الفصول اللي قبل الرحلة الليلية دي، تسعتاشر روح اتشنقت على مشانق سالم، اتهموهم وأدانوهم إنهم سحرة. وخمسة تانيين ماتوا في السجن. ودلوقتي، بعد شهور بسيطة من آخر إعدام، البلد كانت بتترنح من اتهام جماعي: ستة وعشرين طفل كانوا بيعتقدوا إنهم سحرة. الادعاء الخطير ده كان شكله حقيقي واتاخد بجدية تامة من ناس أكتر من مجرد القسيس المتحمس. ألكسندر رايفن، وده واحد من الناس اللي ليهم احترامهم في المجتمع، هو اللي قدم اتهامات يتاخد بيها ضد الستة وعشرين كلهم. بنته نفسها كانت من ضمن المتهمين.
      
      
      
      
      
      
      كنوع من العفو أو طول البال، السير ويليام فيبس قرر ينفي المتهمين بدل ما يشنقهم. كان فات أسبوع واحد بس على ما الستة وعشرين اتاخدوا من بيوتهم واتحبسوا. ودلوقتي، كل واحد فيهم قاعد متكلبش في حصان، بيترعش م الخوف والبرد القارس، ومتأكدين إن الفرسان سايقينهم بطريقة غريبة للموت.
      
      القسيس باريس والحاكم فيبس كانوا واقفين في الممر بيتفرجوا ع المتهمين والفرسان وهما بيختفوا في ضلمة الليل المتجمدة.
      
      من على عتبة بابه، رايفن كان بيتفرج عليهم وهما ماشيين. قفل الباب قبل حتى ما يختفوا عن عينه.
      
      مشيوا ناحية الغرب من غير أي خطة غير إنهم يفضلوا ماشيين لحد ما يبعدوا كفاية. الموضوع خد منهم فصل كامل عشان يوصلوا للنقطة اللي الرجالة قرروا يسيبوا فيها العيال دي، من غير أي حماية ضد الطبيعة وقسوتها.
      
      رحلتهم كانت خطرة جداً. الخيل بتاعتهم كانت بتعاني في الهوا السقعة وهما ماشيين في أرض مش متساوية، بيطلعوا بالراحة في ممرات جبلية، وبيعانوا في النزلات الجامدة. السما كانت لونها أبيض في رمادي فاقع، كأن فيه تلج مابيدوبش متعلق في الهوا وماسك في جلدهم. كل يوم كانوا بيمشوا ورا طريق غروب الشمس، بيسوقوا الخيل لحد ما حوافرها مبتقدرش تكمل. "السحرة" المتهمين كانوا ساكتين، مفيش غير أصوات صلا بهمس، ودموع.
      
      سبعة من الستة وعشرين ماتوا في السكة. بنت شعرها بني وعينيها زرقا ومنمشة كانت أول واحدة تموت، فضلت قاعدة على حصانها لحد ما قربوا من منحدر جامد وجسمها الناشف المتجمد وقع م الحصان. اتسحلت، وهي متعلقة في السرج، لمسافة خمسين متر قبل ما السلاسل تتقطع. ولد عنده خمستاشر سنة خدوده موردة، أبوه كان صاحب القسيس باريس، بدأ يترعش في ليلة متأخر، يتشنج ويعيط في الضلمة وهو بيحاول ياخد كل نَفَس، لحد ما بطل ياخد نفسه خالص. واحد من الفرسان مناخيره وصوابع إيديه ورجليه بدأت تحرقه بوجع فظيع في الهوا الساقع، واسودّت قبل ما يموت. فارس تاني رقد ع الأرض ليلة، بعيد أوي عن النار. مصحيش تاني أبداً.
      
      في الصبح البارد بتاع اليوم الأربعة وسبعين، وصلوا لمنطقة أرض فاضية متحاوطة بتلال واطية. مجاري مية متجمدة كانت مغطية الأرض الرمادي المتلجة. السما كانت بيضا م الصقيع. الأربع رجالة اللي فضلوا قرروا إنهم عملوا كل اللي يقدروا عليه.
      
      الأربع رجالة اللي فضلوا سابوا كل واحد م المتهمين، واحد ورا التاني، ونزلوهم من على الخيل. سابوا أصغر واحدة الأول، هانا، اللي كان عندها يا دوبك اتناشر سنة. وقفت على الأرض وهي بتترعش وبدأت تمشي، شكلها عامل زي مُهر لسه مولود وهي بتحاول تفتكر إزاي تحرك رجليها. كل واحد م اللي نجوا حس بخليط من الخوف والراحة والقبطان بيشيل من عليهم الكلبشات. بصوا للأرض الميتة المتجمدة حواليهم برعب، متأكدين إن دي هتبقى نهايتهم.
      
      لما آخر واحد م المتهمين، چون سوري اللي عنده تسعتاشر سنة، نزل من على حصانه لقى نفسه حر، لف للقبطان واتكلم. "روح قول لباريس إن ضميره مش هيرتاح أكتر عشان بعتنا هنا بدل ما شنقنا ع المشانق. ده أكيد حكم بالموت." قالها، وشه كان متجرح م التلج اللي بيتكون عليه. چون سوري بص لباقي العيال المنفية. "لو ده مش الجحيم، أنا معرفش إيه هو."
      
      نظرة الغل اللي على وش الولد الكبير فضلت مع الفرسان لحد ما ماتوا، وهما بيسألوا نفسهم هما كلهم كانوا بيموتوا عشان إيه. والفرسان سايقين الخيل بتاعتهم راجعين ناحية الشرق، الشباب دول كانوا تايهين، عينيهم مبرقة على خط الأفق اللي كله فراغ ومفيش حاجة. فضلوا يتفرجوا ع الفرسان لحد ما اختفوا عن عينهم مع شروق الشمس. محدش فيهم رجع سالم.
      
      الشهور اللي جت بعد كده كانت ناشفة أوي. كان شتا أبرد حتى من الشتا في ماساتشوستس، بتلج أكتر وهوا متوحش بيخرم في الجلد زي الخناجر. الجحيم المتلج ده فضل مكمل لشهور المفروض إنها بتبقى ربيع في سالم.
      
      بعد تلاتة وستين يوم في الخلاء الكئيب ده من غير أكل ولا شرب، فضل منهم أربعتاشر واحد بس — تمن بنات وست ولاد. كانوا تايهين في البرية، يائسانين ومرعوبين. كل واحد فيهم كان بيدعي: شوية بيطلبوا من ربهم ينهي عذابهم، وشوية بيترجوه يعيشوا.
      
      بمعجزة محدش فيهم فهمها، الأربعتاشر دول عاشوا.
      
      فضلوا عايشين في الأرض الخربانة دي لسنتين كمان تقريبًا قبل ما يقرروا يسافروا ناحية الغرب أكتر يدوروا على أرض متكونش مكشوفة أوي. عاشوا في ظروف مستحيلة. درجات حرارة متجمدة وعواصف تلجية نشفتهم في الشتا. وفي الصيف، حرارة لهلوبة في السهول المفتوحة كانت بتسلخهم على الأرض المتدمرة زي اللحمة المدقوقة بالحجر. حركتهم ناحية الغرب كانت رحلة تدوير على الراحة. كانوا مأملين إن بيئة جبلية أكتر ومستخبية شوية ممكن تكون أرحم.
      
      فضلوا ماشيين في ربيع وصيف منورين وسط مناظر طبيعية مورقة، وغابات كثيفة، ومنحدرات صخرية قبل ما يوصلوا لسلسلة جبال خضرا أعلنوا إنها بيتهم. عمرهم ما سابوها.
      
      من ساعة ما اتسابوا، الأربعتاشر اللي نجوا دول قدروا يعيشوا من غير أكل أو مية لأسابيع ورا بعض. رغم إنهم خدوا شهور عشان يتعلموا إزاي يولعوا نار بخشب متغطي تلج أو يبنوا مأوى من غير أي أدوات، كل واحد فيهم فضل قوي. محدش فيهم عيي أو فقد أي طرف من أطرافه. عمره ما جه في بالهم ده إزاي كان شيء مستحيل. بدال كده، كانوا مستغربين إزاي ناس كتير منهم واتنين م الفرسان — وحتى ناس كتير من مجتمعهم في سالم — عيوا وماتوا في ظروف أخف بكتير م اللي هما استحملوها. كانوا بيفكروا بسطحية إزاي الأرواح دي كانت هشة أوي مقارنة بأرواحهم. كانوا منبهرين إزاي ربنا باركهم.
      
      كانوا بيعدوا وقتهم بالأيام، مش متأكدين كان يوم إيه لما سابوا سالم أو وصلوا بيتهم الجديد. في اليوم الـ ٦٧١ بعد ما اتسابوا، بنت كبيرة شوية، سارة، قالت حاجة كتير منهم كانوا ملاحظينها: هانا مكبرتش أو اتغيرت بأي شكل من ساعة ما وصلوا. هدومها كانت لسه مظبوطة عليها، على عكس كتير م الباقيين، اللي هدومهم وسعت عليهم لما خسوا، أو قصرت لما طولوا. بس جسمها الصغير فضل زي ما هو؛ مظهرتش عليها علامات بلوغ أكتر م اللي كانت عليه لما مشيوا، رغم إنها مولودة من أربعتاشر سنة. هي كمان بدأت تحكي حكايات خيالية عن حاجات بتحصل في أرض مش بعيدة عن أرضهم، عن حاجات شافتها هتحصل، توصف أحداث في الأرض المجهولة أو تقول حقايق عن إيه اللي هيحصل للأربعتاشر ناجي. بدأوا يتساءلوا إذا كان ده أكتر من مجرد خيال واسع.
      
      ولا حتى أكبر واحدة فيهم، ليزي، كبرت أو اتغيرت من وقت نفيهم. بس هي كانت مولودة سنة ١٦٧٠، فكان أصعب يتحدد إيه التغييرات اللي المفروض تحصل. ولما الـ ٦٧١ يوم دول بقوا تقريبًا ١٣٠٠، وهما استقروا في وطنهم الجديد الأخضر الجبلي، بدأوا يلاحظوا إن كتير م الولاد الصغيرين اللي جايين من سالم بقوا أكبر من أندرو في الحجم، وفي الطول. هو كان عنده سبعتاشر سنة لما سابوا سالم، بس الباقيين كانوا بيكبروا ويبقوا رجالة. وصلوا لاستنتاجات بسيطة عن الغرابة الجسدية دي: يمكن الظروف القاسية هي اللي خلت هانا وليزي وأندرو أصغر، وسوء التغذية هو اللي عطل نموهم. بس في الحقيقة، التلاتة كانوا أقويا، أقويا بشكل شبه مستحيل. هانا الصغيرة كانت بتقدر تشيل جذوع شجر أتخن منها. أندرو كان بيقدر يشد جذور الشجر م الأرض بإيديه الحافية. ليزي كانت ديماً صاحية لما الباقيين يناموا في الخلاء ولما يصحوا الصبح. هما افترضوا إن دي طبيعتها إنها تحميهم، بس الحقيقة إنها مكنتش بتنام أبداً.
      
      في ليلة في آخر الخريف، الأربعتاشر ناجي الهاديين كانوا راقدين بهدوء على سفح الجبل، بيسألوا ربنا ليه سابهم عايشين بس عشان يعيشوا في البؤس ده. في اللحظة دي، نسمة هوا باردة اتحولت بسرعة لريح سقعة. مطر نزل عليهم م السهول الغربية، وبعدين تلج بدأ يرقص في الهوا، وغطى الأرض حواليهم. الناجيين جريوا يدوروا على خشب ناشف يولعوه. النار مكنتش هتدفيهم، بس كانت بتقلل وجع الهوا. بس الليلة دي هما متصرفوش في الوقت المناسب. الخشب بتاعهم كان مبلول ومتغطي بالتلج. مينفعش يولع.
      
      قعدوا يلعنوا سما الليل، وبيصرخوا صرخات ألم في وش بعض. كل واحد فيهم كان هلكان، ومتعصب إنه هيقضي ليلة كمان في الضلمة والبرد القارس. هما كانوا بيقدروا يستحملوا البرد؛ بس مكنوش بيقدروا يعملوا ده من غير ألم.
      
      من كتر الإحباط اللي غلبه — من فشله إنه يولع النار، ومن وجوده كله — أندرو رفع إيديه للسما. في لحظة واحدة، الخشب اللي كانوا مكومينه على بعضه انفجر فجأة وطلع منه لهب عنيف.
      
      النار ديماً كانت محيراهم. قوة من عند ربنا لا يمكن تخيلها، شكلها محدش يعرفه. مصدر ملوش نهاية للنور والدفا. وللدمار.
      
      دي كانت البداية.
      
      

      لعبة الموت - رواية رعب

      لعبة الموت

      بقلم,

      رعب

      مجانا

      بنت محبوسة عند شخص مريض نفسيًا. الراجل ده بيصورها وبيجبرها تلعب معاه "لعبة" سادية. اللعبة عبارة عن "بلاك جاك"، بس اللي بيكسب بيجرح التاني بمطواة. آنا كسبت أول جولتين وجرحته، لكن في الجولة التالتة هي خسرت. ودلوقتي جه دوره يعاقبها، وهو متحمس يخلي العقاب "أحلى" وأكتر إثارة.

      آنا

      هي في حالة رعب شديدة، مجبرة على المشاركة في لعبة مميتة عشان تحافظ على حياتها. رغم خوفها، هي بتحاول تتماسك ونفذت عقابها في الخاطف لما كسبت.

      الخاطف

      خص سادي، بارد، وبيستمتع جدًا باللي بيعمله. بيتعامل مع التعذيب كأنه "عرض" أو "لعبة" بيصورها لـ "معجبين" مزعومين. هو متحكم في الموقف بالكامل وبيتلذذ بخوف "آنا".
      لعبة الموت - رواية رعب
      صورة الكاتب

      "خلاص هانت."
      
      خدت نفس هادي وعميق.
      
      "أعتقد إنها جاهزة."
      
      وبعدين كتمته.
      
      "متقلقش."
      
      قدرت أسمع خطوات رجلين بتبتدي تقرب من المكان اللي كنت راقدة فيه في الضلمة التامة.
      
      غمضت عنيا.
      
      جامد.
      
      فجأة، صوت زي الدربكة طلع قدام وشي، وبعدها شفت نور ساطع عدى على جسمي من ورا جفوني.
      
      حسيت بصوابع إيدين مسكت جلد كاحلي الاتنين وراحت شادة رجلي من تحت بقيت جسمي.
      
      هو سحب جسمي أقرب للنور.
      
      بعد لحظة قصيرة، سابني من قبضته.
      
      فضلت مغمضة عنيا.
      
      "وآهي هي."
      
      فضلت ثابتة، ممددة على الأرض.
      
      وبعدين، فجأة، صوت عالي زي الطرقعة طلع، جنب ودني على طول.
      
      اتنفضت.
      
      وعنيا اتفتحت فجأة.
      
      أطلق ضحكة.
      
      "جاهزة؟" سألني، وهو مايل فوقي.
      
      فضلت ساكتة.
      
      ابتسم ابتسامة جانبية، وبعدين بعد.
      
      فضلت ثابتة.
      
      "هي جاهزة."
      
      بالراحة، لفيت راسي ناحية اليمين، المكان اللي كان واقف فيه.
      
      "ده وقت الجولة الأولى،" قالها، وهو باصص مباشرة في عدسة كاميرا سودا صغيرة، كانت محطوطة على أعلى درجة في سلم خشبي، جنب الترابيزة بتاعته اللي مليانة كراكيب.
      
      بعدين اتحرك لجنب المكتب الطويل ومسك حاجة من عليه، كانت محطوطة جنب شاشة كمبيوتر كبيرة، اللي كانت صورة الأوضة كلها معروضة على شاشتها.
      
      وانا كنت راقدة في نصها.
      
      لف تاني عشان يبصلي، وفي إيده اليمين مطواة صغيرة مقفولة.
      
      بالراحة، زحفت إيديا لفوق لجنبي، قرب أعلى ضهري، وزقيت نفسي بحذر عشان أقعد.
      
      ابتدى يقرب مني.
      
      فضلت مركزة في الابتسامة اللي بتترسم بين خدوده، وعنيا واسعة.
      
      خد خطوة ثابتة تانية في اتجاهي وهو بيفتح النصل الفضي من مقبض المطواة.
      
      "جاهزة؟" سألني، وصوته واطي.
      
      عضلاتي اتشنجت وانا ببصله.
      
      وبعدين، فجأة، اندفع ناحيتي.
      
      صرخت.
      
      "شش!" زعق فيا وانا بقوم أقف مرة واحدة.
      
      لفيت وصرخت، تاني.
      
      مسك ضهر دراعي الشمال.
      
      "لأ!" صرخت وهو بيشدني لورا.
      
      بعدين لففني تاني وشد دراعي أكتر، بيجبر جسمي يدخل لجوه وناحيته.
      
      خدت نفس متقطع وبصيت لفوق، لاحظت إن عينيه كانت على بعد بوصات قليلة من عنيا.
      
      "أوه،" همهم، تقريبًا بيحول صوته لعياط. "متلعبيش ألعاب غبية."
      
      ابتسم تاني، وبعد ثانية أو اتنين، ابتديت أحس بإحساس بارد بيلمس دراعي اللي فوق، اللي كان ماسكه.
      
      بصيت لتحت على منطقة الإحساس في نفس اللحظة اللي هو مرر فيها نصل المطواة الحاد على جلدي.
      
      صرخت من الألم واتنيت لورا بعيد عن مسكته.
      
      بعدها على طول، سابني، وده خلاني أترنح لورا شوية. بعدين، رجع تاني ناحية منطقة ترابيزة الشغل بتاعته وزق كرسي معدن بيقفل صدئ لغاية نص الأوضة.
      
      حطيت إيد على الجرح العميق اللي بينزف وهو بيلف تاني ناحيتي.
      
      "اقعدي،" أمرني.
      
      بصيت في وشه لثانية، وبعدين نفذت كلامه بإن اتحركت لقدام وقعدت على الكرسي البارد والناشف.
      
      "دلوقتي،" ابتدى كلامه، وهو بيلف ويقرب من جنب الكاميرا السودة المحطوطة قدام المكان اللي كنت قاعدة فيه حالًا. "المعجبين بتوعك عايزين يعرفوا اسمك."
      
      خدت نفس عميق وغطيت الجرح بتاعي تاني.
      
      "معجبين... مين؟" سألته بصوت واطي.
      
      لف تاني وبص في ملامحي لثانية.
      
      "قوليلهم اسمك،" زعق.
      
      بصيت بينه وبين عدسة الكاميرا.
      
      "آنا،" رديت.
      
      "شكرًا،" رد بسرعة، وهو بيشبك إيديه قدامه. "دلوقتي يا آنا، احكيلنا شوية عن نفسك."
      
      فضلت بصاله.
      
      "زي... أمم... إيه؟" استفسرت.
      
      عض على شفته قبل ما يرد.
      
      "مش عايز أكرر كلامي، يا آنا."
      
      إحساس بارد سرى في صدري.
      
      "أ- أنا..." وقفت لحظة عشان أفكر. "أنا... أنا بحب أطبخ."
      
      "أوه، بجد؟ وأنا كمان،" كمل كلامه، وهو بيدخل إيديه في الجيوب الجانبية لبنطلونه الجينز الأزرق الواسع والمقطع. "إيه تاني؟"
      
      خدت لحظة تانية عشان أرد.
      
      "أنا... ساعات، بتطوع في ملجأ الحيوانات."
      
      "أوه،" اتأوه. "شايفة يا آنا، هو ده اللي إحنا مختلفين فيه. إنتي بتحبي الحيوانات، مش كده؟"
      
      "أيوة..."
      
      "مم، أيوة،" كمل. "ده اللي فكرت فيه."
      
      ابتدى يتمشى ناحيتي.
      
      "شايفة،" كمل. "أنا مش بهتم أوي... بالحاجات... المقرفة... دي."
      
      ابتدى يلف حوالين ضهري، بعيد عن نظري.
      
      
      
      
      
      
      
      وبعدين خطواته وقفت.
      
      ساد صمت بارد حولي.
      
      "بقولك إيه يا آنا،" اتكلم أخيرًا. "إيه رأيك نلعب لعبة؟"
      
      خطواته رجعت تخبط بالراحة تاني وسرعان ما ظهر من جنبي التاني.
      
      "أنا بحب الألعاب..." قال وهو بيتحرك ناحية مكتبه اللي في أول الأوضة.
      
      اتفرجت عليه بهدوء وهو بيدعبس وسط زحمة الحاجات المختلفة اللي على الترابيزة.
      
      "إيه رأيك... في الروليت الروسي؟" اقترح.
      
      مردتش.
      
      فضل مديلي ضهره.
      
      "لأ، دي سهلة أوي..." غمغم.
      
      إيده اليمين ثبتت فوق حاجة معينة.
      
      "عارف..." قال، وهو بيبتدي يلفلي تاني.
      
      ابتسم ورفع علبة كوتشينة حمرا وسودا.
      
      "بلاك جاك."
      
      خد خطوة ناحيتي.
      
      "بس إحنا هنلعب بالطريقة بتاعتي،" شرح. "يعني، كل مرة تكسبي فيها إيد..."
      
      طلع مطواته تاني، من جيبه بإيده الفاضية. "هتعاقبيني."
      
      خد خطوة كمان في اتجاهي.
      
      "لكن، كل مرة أنا أكسب فيها..." وقف لحظة عشان يفتح نصل المطواة. "أنا هعمل فيكي نفس الشيء."
      
      خد خطوة أخيرة، وبقى واقف تقريبًا فوق راسي.
      
      "اتفاق عادل؟" سأل.
      
      بصيت ببطء من المطواة اللي في إيده لغاية ملامح وشه.
      
      هزيت راسي بحذر.
      
      "كويس،" هلل، وهو بيقفل المطواة ويحطها تاني في جيبه.
      
      لف من ورا ضهري واختفى للحظة.
      
      بصيت على شاشة الكمبيوتر من مكاني، في الأول شفت شكلي، وبعدين شكله، وهو محني في ركن الشاشة.
      
      فجأة، طلع صوت خبطة جامدة، خلاني اتنفضت في مكاني. عنيا بصت لتحت في نفس اللحظة، بس بعد ما الصوت هدي، رجعت بصيت لفوق تاني، شفته ماسك أطراف قرصة ترابيزة مدورة صغيرة، وراجع في اتجاهي، وهو رافعها عشان رجولها الأربعة متحتكش في الأرض.
      
      صوت خبطة تانية طلع لما ساب الترابيزة الصغيرة تقع على الأرض جنبي اليمين.
      
      "هتوزعي ولا لاعبة؟" سأل، وهو مايل فوق الترابيزة.
      
      بصيت عليه لفوق.
      
      "هسيبك تختاري،" كمل.
      
      سكتت لحظة، وبعدين رديت بهدوء. "لاعبة، لو سمحت."
      
      "ماشي،" وافق، وهو بيتحرك ناحية مكتبه تاني.
      
      شال كرسي معدن تاني بيتقفل زي بتاعي كان مسنود بطرفه على الترابيزة، نقله بسرعة للناحية التانية من الترابيزة اللي جنبي، وبعدين رماه على الأرض وفتحه في نفس اللحظة.
      
      رمى علبة الكوتشينة اللي كانت لسه في إيده على الترابيزة وهو بيقعد. بعدين، بصمت، مد إيده لقدام، وطلع الكروت من العلبة، وابتدى يفنطها ببطء.
      
      بعد كام ثانية، رزق الكروت على الترابيزة، ووشها لتحت.
      
      سحب أول ورقتين.
      
      خد نفس عميق وهو بيقلب ورقة واحدة بس منهم قدامه.
      
      بسرعة ظهر الشايب البستوني.
      
      بصيت على ملامحه وهو بيبص للكارت نظرة رضا. بعد كده، حط الورقتين هما الاتنين على الترابيزة وبصلي.
      
      بصيت بعيد على طول.
      
      "دورك يا آنا،" غمغم، وهو بيمد إيده ياخد الورقتين اللي بعدهم من الرصة.
      
      قلبهم بحذر وزقهم ناحيتي من الترابيزة.
      
      بصيت لتحت.
      
      تسعة حمرا وآس أسود ظهروا.
      
      "أوو،" قالها بصوت ناعم. "هتسحبي ولا هتثبتي؟"
      
      فضلت بصة للكروت لثانية.
      
      "هثبت،" رديت.
      
      سحب دراعه من على الترابيزة، وبعدين قلب ورقته الباقية.
      
      السبعة الكومي.
      
      "طيب،" بدأ كلامه. "شكلك كسبتي."
      
      مد إيده في جيبه، من تحت الترابيزة، وبعدين رمى مطواته الفضية المقفولة على الترابيزة قدام ورقي.
      
      بصتلها للحظة، وبعدين بصيتله لفوق.
      
      "يلا، مستنية إيه،" شجعني.
      
      بصيت من عليه ورجعت بصيت تاني للمطواة.
      
      مديت إيدي بحذر ناحيتها، وبعدين لفيت صوابعي ببطء حوالين مقبضها البارد.
      
      ابتديت أسحبها ناحيتي.
      
      في نفس الوقت، رمى دراعاته الاتنين على الترابيزة، ورسغه لفوق.
      
      "ممكن نبدأ بحاجة بسيطة،" قال.
      
      دوست على زرار مدور صغير في جنب المطواة، فخليت النصل يطلع.
      
      رفعت عنيا بصيتله تاني.
      
      "عايزني... أعمل إيه؟" سألته فجأة.
      
      ابتسم ابتسامة جانبية.
      
      "أي حاجة إنتي عايزاها،" رد. "يا آنا."
      
      بصيت بالتدريج لتحت على كفوفه وخدت نفس عميق.
      
      حركت المطواة اللي في الهوا أقرب لدراعه الشمال ونزلتها شوية.
      
      بعدين، ببطء، ضغطت النصل الفضي جامد على جلد رسغه.
      
      شفت نقطة دم حمرا فاتحة صغيرة بتبتدي تظهر، وبعدين سحبت النصل كله لتحت وللجنب.
      
      عضيت على شفتي ورميت المطواة على الترابيزة.
      
      خط رفيع لونه نبيتي كان بيبتدي يظهر مكان الجرح السريع اللي عملته.
      
      "شغل نضيف،" مدحني.
      
      سحبت إيدي وهو بيمد إيده عشان يلم الكروت اللي وشها لفوق على الترابيزة. رتبهم كلهم في كومة، جنب الكومة التانية، وبعدين خد ورقتين جداد من الرصة الأطول من الاتنين.
      
      زي المرة اللي فاتت، حطهم قدامه وقلب ورقة واحدة بس.
      
      كانت الخمسة البستوني.
      
      بصيتله لفوق وهو بيكمل وياخد ورقتين كمان.
      
      قلبهم وحطهم قدامي في نفس الثانية.
      
      كانوا الآس الكومي والبنت الكارو.
      
      "يا سلام،" لاحظ.
      
      رجع بضهره لورا شوية، فخلى الكرسي بتاعه يزيق تحته.
      
      "كسبتي، تاني."
      
      بصيت للكروت لحظة، وبعدين بصيت لفوق.
      
      رفع زاوية بقه، ورجع دراعاته على الترابيزة تاني، وبص لتحت على المطواة اللي كانت في نفس المكان اللي رميتها فيه.
      
      مشيت ورا نظرته، وبعدين ثبتت للحظة.
      
      "إنتي كسبتي يا آنا،" كرر.
      
      مديت إيدي ببطء عشان أمسك المطواة من مقبضها المعدن الناشف.
      
      "إنتي كسبتي،" همس وانا رافعة السلاح فوق دراعه الشمال تاني.
      
      خدت نفس، وبعدين ضغطت السن الحامي بتاع المطواة في جلده، فوق الجرح اللي فات على طول.
      
      مطلعش أي صوت وانا بدخل النصل أعمق وأبعد على رسغه أكتر من الأول. بعدين، زي المرة اللي فاتت بالظبط، سحبت المطواة للجنب وسبتها تقع جامد على الترابيزة تحت إيدي.
      
      رجعت إيديا في حجري وانا بتفرج على نقط الدم وهي بتبتدي تنقط من جرحه وتتلطخ في البقع الناشفة اللي جنبها.
      
      خد نفس عميق ملحوظ وشال دراعه الشمال خالص من على الترابيزة. بعد كده، مد إيده عشان يبعد الكروت اللي اتلعبت وجمع مجموعتين جداد من الرصة الطويلة. تاني، قلب ورقة واحدة من ناحيته هو والورقتين من ناحيتي.
      
      كان معاه الشايب الكومي.
      
      أنا كان معايا سبعة سودا وتمانية حمرا.
      
      "هتسحبي ولا هتثبتي؟" سأل.
      
      سكتت شوية قبل ما أرد.
      
      "هسحب، لو سمحت."
      
      بصيتله لفوق وهو بياخد كارت تاني من الرصة اللي باقية.
      
      قلبه وزقه جنب ورقي التاني.
      
      السبعة البستوني.
      
      "أوو،" كشر. "حظك مش حلو المرة دي، مش كده؟"
      
      فضلت باصة للكروت اللي قدامي وهو بيمد إيده عشان يخطف المطواة من على الترابيزة.
      
      "خلينا نخلي الموضوع ده أحلى شوية،" قال. ......
      
      يتبع
      
      

      رواية مملكة الحرير

      مملكة الحرير

      بقلم,

      تاريخية

      مجانا

      حياتها بتتقلب جحيم لما الملك جيمس بيهجم على قريتها. بيقتل أمها قدام عنيها وبيخطفها للقصر بتاعه في مملكة نوڤاك. الملك بيجبرها تكون خادمته الشخصية، وهي بتعيش في رعب منه. بتسمع حكايات عن وحشيته وإنه قتل الخادمة اللي قبلها لما حاولت تهرب. أليس بتبقى محبوسة وبلا أمل، وكل تفكيرها إزاي تهرب من الملك الوحش ده.

      أليس

      قريتها بتتحرق وأمها بتتقتل، والملك بيخطفها عشان تبقى خادمته. هي مرعوبة وضعيفة بس بتحلم بالهروب.

      الملك جيمس

      وسيم جدًا لكن قلبه ميت، قتل أبوه وأمه عشان يوصل للعرش. هو اللي خطف أليس ومعروف بقسوته.

      الست العجوزة

      كبيرة الخدم في المطبخ. ست طيبة بتحاول تساعد أليس تفهم شغلها الجديد، بس في نفس الوقت خايفة جدًا من الملك. هي اللي حكت لأليس قصة الخادمة اللي ماتت.
      رواية مملكة الحرير
      صورة الكاتب

      أليس
      كنت أرتعش من الخوف وأنا مستخبية في ركن الحظيرة. أنا جيت هنا أتأكد إن الخيول عندها ميه، ووقتها شفت فرسان الملك بيهجموا على خيولهم عبر الحقل وجايين مباشرة على قريتي!
      
      كنت بتفرج من خرم صغير في الحيطة والفرسان بيقتلوا وبيدوسوا على القرويين اللي حاولوا يهربوا من قدامهم، في حين إن فيه كام واحد قدروا يهربوا واستخبوا في بيوتهم.
      
      واحد من الفرسان كان لابس درع أسود كامل وراكب على حصان أسود ضخم. كان مميز عن كل اللي حواليه.
      
      "يا مولاي الملك، ما هي أوامرك؟" واحد من الفرسان سأل الراجل اللي على الحصان الأسود الكبير.
      
      شهقت وأنا بستوعب إن الفارس اللي لابس أسود ده هو الملك جيمس اللي اتسبب في كل الموت ده. ده قتل أبوه وأمه عشان بس يبقى هو الملك!
      
      "احرقوا البيوت. واتأكدوا إن مفيش ولا واحد من الناس يهرب." هو أمرهم.
      
      كنت ببص برعب وأنا شايفة الفرسان بيبدأوا يولعوا مشاعل ويرموها على البيوت، والسقوف المصنوعة من القش ولعت! رجعت لورا فخبطت في مقشة، وده خض واحد من الأحصنة في الحظيرة، وخلاه ينط لورا ويوقع حامل السرج اللي وقع وعمل دوشة عالية. عمل صوت عالي قوي. بصيت بسرعة تاني من الخرم اللي في الحيطة وشفت الملك دلوقتي بيبص على الحظيرة! نزل من على حصانه وبدأ يمشي ناحية الحظيرة. أنا بسرعة استخبيت ورا كومة قش في نفس اللحظة اللي أبواب الحظيرة الكبيرة اتفتحت فيها على مصراعيها.
      
      الملك دخل ببطء وهو بيبص حواليه. فتح على التلات أحصنة المحبوسة، وسابهم يجروا بحرية بره الحظيرة. بعدها كل حاجة بقت هادية، ومبقتش قادرة أشوفه من مكاني.
      
      "يمكن يكون مشي" فكرت مع نفسي بارتياح، لحد ما كومة القش الصغيرة اللي كنت مستخبية وراها اتشالت فجأة، وده خلاني أصرخ من الرعب والملك واقف قدامي لابس خوذة فارس سودة عشان مقدرش أشوف وشه. فضل واقف باصصلي من فوق وأنا مكورة على نفسي في الركن.
      
      بالراحة، قلع خوذته وشفت إنه كان وسيم جدًا، شعر أسود تقيل نازل على كتفه، وعنيه بنية مع ملامح وش حادة. بس أنا كنت لسه عارفة إنه وحش معندوش قلب. سمعت حاجات مرعبة كتير قوي عن الراجل ده وكنت بتمنى إني عمري ما أقابله وش لوش! نزل على ركبة واحدة عشان يبص في عنيا. مكنش فيه أي مشاعر على وشه وهو بيبحلق فيا، وأنا بدأت أعيط. إيده اترفعت ومسكت خدي، وإبهامه فضل يمسح تحت عيني بالظبط.
      
      عمل كده لكام ثانية وهو بيدرس وشي قبل ما يسحب إيده فجأة ويلبس خوذته تاني. بقسوة مسك دراعي اليمين وشدني وقفني وطلعني بره الحظيرة.
      
      كنت بقاوم عشان أهرب منه، والدموع نازلة على خدودي وأنا بترجاه يسيبني لكنه تجاهلني. استخدم حبل من شنطة السرج بتاعته وربط ايديا جامد ببعض. ركب حصانه وشدني لفوق لحد ما قعدت على السرج قدامه بالعرض، ولف دراعه حواليا بطريقة تمنعني من إني أقع.
      
      "العودة إلى القصر!" زعق لفرسانه اللي جروا على خيولهم عشان يتبعوا ملكهم.
      
      فضلت أعيط والملك ماسكني جامد. كنا خلاص هانمشي لحد ما أمي طلعت تجري من ورا بيتنا اللي بيتحرق دلوقتي.
      
      "لأ، مش بنتي!" صرخت وهي بتحاول توصللي، لكن واحد من الفرسان خبطها بحصانه، ووقعها على الأرض في التراب.
      
      "ماما!" صرخت وحاولت أنزل من على الحصان عشان أجري عليها بس الملك مسابنيش.
      
      "أرجوك يا مولاي الملك سيب بنتي تمشي، أرجوك!" أمي صرخت وهي راكعة على ركبتها في التراب قدام حصان الملك.
      
      قبضة الملك اشتدت عليا.
      
      "لأ." قالها ببرود. "اقتلها." أمر واحد من رجالته. الفارس نزل من على حصانه، وطلع سيفه وحطه على رقبة أمي.
      
      "لأ أرجوك يا مولاي الملك أرجوك سيب أمي... أرجوك!" اترجيته وأنا ببصله. هو بصلي للحظة وبعدين عمل صوت غاضب وهو بيلف حصانه الناحية التانية بقسوة.
      
      "اقتلوا الست دي!" زعق وهو بيخلي الحصان يبدأ يهرول ويبعدنا عن مشهد موت أمي
      
      "لأ!" صرخت وأنا بقاوم عشان أتحرر من دراعه بس مفيش فايدة.
      
      بصيت من فوق كتفه وشفت الفارس اللي معاه السيف بيدبح رقبة أمي! كل الفرسان مشيوا ورانا على خيولهم. سايبين وراهم القرية اللي بتتحرق اللي كانت بيتي.
      
      فضلنا راكبين لوقت طويل، والدنيا كانت هادية. محدش اتكلم ولا كلمة، الملك كان بيبصلي لتحت لكام لحظة قبل ما يرجع انتباهه للي قدامنا. دموع صامتة نزلت من عنيا وأنا بفكر في أمي، هي راحت للأبد خلاص. عمري ما هشوفها تاني. عيطت في صمت، وأنا بتمنى إن كل ده يطلع مجرد كابوس وحش.
      
      أخيرًا وصلنا لعاصمة المملكة. مملكة نوڤاك. في وسط المدينة كان فيه قلعة فخمة، وعلى جانب واحد من المدينة بره الأسوار الحجرية كان فيه أراضي زراعية كتير، والجانب التاني محيط ضخم موجود على شطه التاني مملكة نيزلوك. المنظر كان جميل جدًا، أنا عمري ما جيت الجزء ده من المملكة لإن أمي دايمًا كانت بتقولي أتجنب المدينة الرئيسية بسبب الملك وجيشه اللي معندوش قلب.
      
      عدينا من خلال الأراضي الزراعية ووصلنا للبوابة الرئيسية للمدينة. وإحنا ماشيين في الشوارع الناس كانت بتركع أول ما تشوف الملك، بس كانوا كمان بيبصوا عليا بسرعة بفضول وارتباك. أنا مش بلومهم، على حد علمي أنا الوحيدة اللي اتاخدت حية من قريتي.
      
      وصلنا القلعة. الملك نزل من على حصانه وشدني نزلت معاه، وبسرعة شخطني من أقرب باب ودخلني القلعة. مشينا في ممر قصير ووصلنا لباب خشب، الملك زق الباب ودخلني قدامه.
      
      بسرعة بصيت حواليا أستوعب المكان. ده شكله مطبخ، وكبير قوي. عمري ما شفت كل عدد الدواليب ومعدات المطبخ دي في حياتي. كل الحيطان كانت من الحجر الرمادي، وترابيزة خشب طويلة في نص الأوضة، ومدفأة مطبخ ضخمة تقريبًا واخدة الحيطة كلها في أقصى الشمال. وقدور كتير من الحديد الزهر وحاجات تانية أكتر. ست عجوزة بشعر رمادي قامت بسرعة من على كرسي عند الترابيزة الطويلة وركعت قدام الملك.
      
      "قومي." الملك قال باستهتار وهو بيقرب منها.
      
      وشوشها بحاجة في ودنها قبل ما يلف ويرجع للباب الخشب، وقف وبصلي للحظة قبل ما يخرج تمامًا من الباب، ورزعه وراه. وده خلاني أتنفض.
      
      لفيت عشان أواجه الست العجوزة اللي اديتني ابتسامة حزينة.
      
      "تعالي يا حبيبتي، لازم نخليكي تستقري ونجهزك لحياتك الجديدة كخادمة شخصية للملك."
      
      
      
      
      
      
      (أليس)
      
      عيطت في صمت وأنا دلوقتي فاهمة ليه الملك جابني هنا.
      
      "ششش، كل حاجة هتبقى كويسة." الست العجوزة قالت وهي بتقرب وتحضني. "تعالي معايا هوريكي أوضتك، وأخليكي تلبسي لبس مناسب. الملك عايزك تبدأي شغل حالًا."
      
      بعدت عن الحضن وبدأت تمشي ناحية باب تاني في الجنب التاني من المطبخ. مكنتش لاقية صوتي عشان أتكلم فمشيت وراها ببطء. فتحت الباب عشان نمشي في ممر كان فيه بيبان على كل جانب لحد آخره.
      
      "كل واحد بياخد أوضة لوحده، الولاد على الشمال والبنات على اليمين. متوقع منك تصحي وتجهزي للشغل لما أجراس الصباح الأولى ترن. هتجيبي للملك فطاره كل يوم الصبح ولما تعملي كده... متتكلميش إلا لو اتوجهلك كلام، ومتعمليش تواصل بصري معاه إلا لو هو بيكلمك." قالت بصوت جاد، وأنا هزيت راسي ببطء. "هتعملي أي حاجة يقولك عليها من غير نقاش، تغسلي هدومه، تحافظي على نضافة أوضة نومه، تجيبي وجباته في معادها و..." اتنهدت وبصتلي بوش حزين. "هو عمل ده مرة واحدة بس من زمان قوي بس،" اترددت شوية "ممكن يطلب منك تلبي احتياجاته."
      
      شهقت وهزيت راسي بسرعة.
      
      "لازم، دي شغلتك إنك تخليه مبسوط ولو هو عايزك تعملي كده يبقى ده اللي لازم تعمليه."
      
      "لـ-لأ أنا مقدرش، أرجوكي أنا مش عايزة أكون هنا، أنا عايزة أرجع بيتي!" عيطت.
      
      "إياكِ تقولي كده تاني وخصوصًا قدام الملك. متعيطيش، هو بيكره العياط. دي حياتك دلوقتي، مفيش خروج، صدقيني محدش بيخرج ولو حتى عملوها الحراس هيطاردوهم ويقتلوهم. ده اللي حصل لآخر خادمة شخصية للملك."
      
      "قصدك إيه؟" سألت وأنا برتعش من الخوف.
      
      "كان من حوالي تلات سنين، البنت اللي كانت بتخدم الملك كانت بتنضف أوضته قبل ما الملك يرجع من اجتماعات كانت عنده. هو رجع أوضته بدري، كان عايز ينام مع البنت بس هي خافت ورفضته. ده خلاه غضبان جدًا، ربطها عشان متقدرش تقاوم وبعدين استخدمها لاحتياجاته. معرفش إزاي بس هي فكت نفسها من الحبال، وكانت غبية كفاية إنها تهاجمه وتحاول تهرب. أنا صحيت لما سمعت صراخها وطلعت أجري من أوضتي عشان أساعدها بس لما شفت إنها بتهرب من الملك رجعت أوضتي. مكنش بإيدي أساعدها. كانت خلاص هتسيب القلعة بس هو جه من وراها ودبح رقبتها بخنجره." الست العجوزة كان في عنيها دموع. "في الوقت ده كل الخدم كانوا بره أوضهم بيتفرجوا. الملك لف ووشه كله دم بس مكنش باين عليه إنه مهتم.
      
      'ده اللي بيحصل للي مش بيتبع الأوامر أو بيحاول يهرب من القلعة!' زعق قبل ما يمشي بعصبية ويسيبنا إحنا ننضف الدم والجثة."
      
      الدموع فضلت تنزل من عنيا. أنا مش عايزة أكون الخادمة بتاعته وبالتأكيد مش عايزة أنام معاه هو كمان! أنا شفت قبل كده راجل من غير هدوم بيبقى شكله إزاي بس كل ده كان بالصدفة. كنت بساعد المزارعين يفكوا اللجام بتاع حصان الجر الكبير بعد حرت الحقول. كنت مرجعة الحصان للحظيرة ولما فتحت الباب شفت ولد وبنت من غير هدوم خالص، الولد كان فوق البنت، وكانوا بيأنوا وبيتقلبوا في القش لحد ما البنت شافتني. زقت الولد من عليها. أنا شفت بالظبط إيه اللي كان بيحصل بأجسامهم والمنظر كان باين عليه مؤلم للبنت! هما الاتنين مسكوا هدومهم وجريوا من الباب الخلفي للحظيرة وسابوني واقفة في صدمة كاملة وقرف. مستحيل هسيب الملك يعمل فيا كده!
      
      "أرجوكي أكيد فيه طريقة للهروب. أرجوكي ساعديني." اترجيتها بس الست العجوزة مسحت دموعها وفتحت باب على الجانب اليمين من الممر.
      
      "دي أوضتك، بسرعة البسي فستان من الفساتين اللي في الدولاب. الملك مستنيكي تجيبي عشاه كمان كام دقيقة فياريت تسرعي. مش كويس أبدًا إنك تضايقيه." قالت وزقتني جوه الأوضة قبل ما تقفل الباب.
      
      بصيت حوالين الأوضة الصغيرة. كان فيه سرير صغير، ودولاب وكرسي في الركن مع ترابيزة صغيرة عليها شمعة كانت مصدر النور الوحيد في الأوضة. الأوضة مكنش فيها شبابيك. مشيت ناحية الدولاب وفتحته، كان فيه كذا فستان خدامة طويل لونهم بني أو رمادي بأكمام طويلة. كل واحد كان معاه مريلة.
      
      اخترت واحد بني، ولبسته بسرعة. كان ضيق شوية ومبين تفاصيل جسمي. ده خلاني أحس بعدم ارتياح شديد.
      
      جريت على المطبخ، وهناك الست العجوزة كانت مستنياني.
      
      "محتاجة تلمي شعرك لفوق كمان." قالت وهي بتمشي ورايا ورفعت شعري البني الطويل على شكل كعكة مشدودة.
      
      "أنا هوريكي الطريق لأوضة الملك، هو بيفضل ياكل وجباته هناك عشان يقدر يكمل شغله في الورق وهو بياكل. إنتي هتجيبي عشاه في الوقت ده كل يوم."
      
      ادتني صينية فضة عليها أطباق شكلها غالي قوي فيها فراخ، وبطاطس، وخضار. الست العجوزة ودتني لنفس الممر اللي الملك جرني فيه بدري لحد ما وصلنا لباب كبير. فتحت الباب على أوضة ضخمة بسجادة حمرا كبيرة وحيطان بيضا. في الجانب التاني من الأوضة كان فيه عرش ووراه سِلّم فخم. قاعة العرش الملكية.
      
      بعد ما عدينا العرش كملنا على السلالم قبل ما نوصل لممر طويل فيه لوحات لملوك، وملكات، وأفراد عيلة مالكة تانيين متعلقة على الحيطان. وقفنا قدام بابين كبار لونهم أبيض.
      
      "خبطي على الباب." الست قالت، وأنا خبطت بالراحة.
      
      "ادخل." صوت الملك قال من الناحية التانية.
      
      "لما تدخلي حطي الصينية على الترابيزة اللي هو قاعد عليها." الست وشوشتني بسرعة.
      
      هزيت راسي، وفتحت الباب ودخلت أجمل أوضة شفتها في حياتي.
      
      الأوضة كانت لونها أحمر دموي وفيها مدفأة بيضا فخمة، وسرير ضخم وشباك كبير بيطل على المحيط. الملك كان قاعد ورا ترابيزة خشب بلوط مزخرفة بيدرس شوية ورق. كان لابس بنطلون أسود وقميص أسود متغطي بروب أسود بتطريز دهبي وياقوت أحمر عند الياقة. نظرته الحادة فجأة خلتني أحس إني تعبانة أكتر ما أنا أصلًا حاسة. أنا بقدم العشا للراجل اللي أمر بقتل أمي من ساعات بس.
      
      متجنبة التواصل البصري مشيت ببطء ناحية الترابيزة وحطيت صينية الأكل بالراحة قبل ما ألف عشان أخرج من الأوضة. "استني." صوته القوي قال وخلاني أقف في مكاني فورًا.
      
      لفيت ببطء عشان أواجهه وعنيا في الأرض. وقف ومشي حوالين الترابيزة لحد ما وقف قدامي. جسمي بدأ يترعش، حاولت بيأس أهدي نفسي بس فشلت.
      
      "قوليلي اسمك؟"
      
      اترددت قبل ما أتكلم. "أليس، يا سيدي." جاوبت، ودمعة واحدة نزلت على خدي. لأ! أوه لأ! 'هو بيكره العياط.' صوت الست العجوزة رن في دماغي.
      
      الملك رفع إيده ومسح دمعتي بالراحة بصباعه الكبير.
      
      "إنتي مش مضطرة تخافي يا أليس." همس.
      
      هزيت راسي وعنيا لسه في الأرض بحاول مانهارش في العياط وأنا برتعش من الخوف. هو كان واقف قريب مني قوي، كنت عايزة أبعد بس أعمل إيه لو ده ضايقه؟ هيعاقبني، أو يأذيني بأي شكل، أو يمكن يقتلني؟ هو فضل باصصلي ومفيش أي مشاعر على وشه.
      
      "تقدري تمشي.... يا أليس." قال وهو بيلف ببطء عشان يرجع لوجبته. لفيت بسرعة وخرجت من الأوضة وقفلت الباب ورايا، وطلعت تنهيدة ارتياح من شفايفي مع قفلة الباب.
      
      الست العجوزة كانت لسه مستنية مطرح ما سبتها ووشها التعبان عليه ابتسامة بتقول أحسنتِ. "عملتي كويس، بكرة الصبح هتجيبي فطاره وتوضبي سريره." بصيت لتحت وهزيت راسي.
      
      رجعتني المطبخ وهناك ادوني حتة فرخة صغيرة مع لقمة عيش كبيرة قبل ما يبعتوني أوضتي عشان أنام.
      
      أول ما بقيت في أوضتي مقدرتش أتمالك مشاعري أكتر من كده. وقعت على ركبي وأنا بنشغ، لحد ما مبقاش عندي دموع أعيطها. في الآخر قمت، ولبست هدوم النوم اللي ادوهالي، وطلعت على السرير الصغير الناشف بفكرة واحدة بس في دماغي. إزاي ههرب من الجحيم ده في يوم من الأيام؟
      
      

      شعب السماء - روايه خيال علمي

      شعب السماء

      بقلم,

      مغامرات

      مجانا

      محاربة شجاعة من "شعب الشجر"، حياتها الهادية بتتقلب لما جسم غريب بينزل من السما شايل ناس اسمهم "شعب السما". "چويلا" فضولها بيخليها تتسحب وتراقبهم لوحدها وتشوفهم ضعاف، عكس "آرين" زميلها المحارب اللي شايفهم خطر كبير ولازم يموتوا. الأحداث بتبدأ لما "آنيا" القائدة بتكلف "چويلا" و"آرين" يتعقبوهم. الصراع بيبدأ فعلاً لما "آرين" بيقتل واحد من "شعب السما" قدام عينها، وده بيحط "چويلا" في اختبار صعب بين ولائها لقومها وبين شكوكها.

      چويلا

      محاربة قوية وعنيدة، بس قلبها طيب. "آنيا" ربتها بعد ما أهلها اتقتلوا. عندها فضول ناحية "شعب السما" ومش شايفة إنهم أشرار.

      آنيا

      قائدة "شعب الشجر". حازمة وقوية، وبتعتبر "چويلا" زي أختها الصغيرة بس بتعاملها بشدة عشان تحميها.

      آرين

      محارب قوي ودمه بارد. بيكره "شعب السما" جدًا ومقتنع إنهم خطر ولازم يتقتلوا، خصوصًا بعد ما دمروا قرية.
      شعب السماء - روايه خيال علمي
      صورة الكاتب

      أنا اتخبيت ورا شجرة كبيرة عشان ميشوفنيش. بصيت من ورا الشجرة ولمحت الغزال الضخم اللي كنت ماشية وراه وهو بياكل. هو كان لسه مشفنيش ولا سمعني، فحضرت القوس والسهم بتوعي.
      
      بصيت تاني عشان أتأكد إنه لسه متحركش من مكانه. وإنا براقب الغزال، رفعت عيني لفوق شوية وسط الشجر اللي وراه، ولمحت واحد تاني من قبيلتي. بدل ما يكون معاه قوس زيي، كان ماسك بلطة. أنا عرفت فوراً الراجل ده مين. ده كان لينكولن.
      
      هو نَشِّن بالبلطة بتاعته على الغزال الضخم، بس قبل ما يحدفها، كنت أنا خلاص ضربت السهم بتاعي. السهم مضربش الغزال، بس خبط في الشجرة اللي وراه. الغزال جري. لينكولن نط من على الشجرة واتقابلنا إحنا الاتنين في نص الطريق.
      
      "إنت بتعمل إيه هنا؟ أنا افتكرت إني فهمتك إني الوحيدة اللي بصطاد في المنطقة دي." قلتها بنبرة صوت متغاظة.
      
      في الصيد بالذات، كنت بحب أكون لوحدي.
      
      لينكولن كان راسم ابتسامة خفيفة على وشه وهو بيبصلي. أنا ولينكولن نعرف بعض طول عمري، بس مبقيناش صحاب غير من كام سنة فاتوا. هو كان عارف إني مستحيل أزعل منه بجد. قرب مني خطوتين تلاتة وهو بيقول:
      
      "عارف. مكنتش متخيل إنك هتلاحظيني. إنتي شوفتيني قبل ما أنا أشوفك."
      
      ضحكت ضحكة خفيفة. أهو على الأقل حاول.
      
      "يلا بينا،" أنا قلت، "لازم نرجع تاني. ده كان أول حيوان كبير أشوفه من ساعة ما خرجت. جايز الصيادين التانيين قدروا يصطادوا حاجة."
      
      أنا لفيت وبدأت أمشي في اتجاه قبيلتنا. المكان كان على بُعد حوالي خمسة أميال من مطرح ما أنا ولينكولن كنا واقفين. مشينا وإحنا ساكتين شوية. دي كانت حاجة من الحاجات اللي بتعجبني في لينكولن. مكنش بيتكلم كتير، وأنا كمان مكنتش بحب الرغي.
      
      وإحنا ماشيين، سمعت صوت زي زلزلة عميقة. الصوت كان جاي من فوق. أنا عرفت إن لينكولن سمعه هو كمان، لإنه شد دراعي عشان يوقفني ومكملش مشي.
      
      إحنا الاتنين بصينا لفوق، وشوفنا جسم غريب شبه النجمة وهو بيقع من السما، وكان سايب وراه ديل من الدخان والنار. الجسم ده نزل على بُعد حوالي من أربعين لخمسين ميل مننا.
      
      أنا ولينكولن بصينا لبعض، وبعدها طلعنا نجري بأقصى سرعة في اتجاه قبيلتنا. في الوقت ده كنا خلاص قربنا، فاضل حوالي ميل واحد ونوصل.
      
      عقبال ما وصلنا عند القبيلة، كان نَفَسنا مقطوع وحاسين بتعب شديد. بصينا حوالينا ولقينا كل الناس واقفة بتتكلم عن الجسم الغريب اللي وقع من السما. محدش فينا عمره شاف حاجة زي دي قبل كده، وعشان كده أغلبهم كانوا مرعوبين.
      
      آنيا، واحدة من القادة بتوعنا، كانت عطت أوامر لأحسن كام محارب عندنا إنهم يروحوا يشوفوا إيه الجسم ده، ويتأكدوا إذا كان هيمثل تهديد على شعبنا، "شعب الشجر"، ولا لأ. المحاربين لموا أسلحتهم ومشيوا على طول.
      
      أنا كنت قلقانة. كنت عارفة إن فيه قرية صغيرة موجودة في نفس المكان اللي الجسم ده نزل فيه. كان نفسي ميحصلش أي حاجة وحشة للناس اللي عايشين هناك. هما كمان من "شعب الشجر" زينا. كان نفسي أطلع مع المحاربين. ما أنا برضه محاربة زيهم.
      
      بس أنا كنت عارفة إن آنيا مكنتش هتوافق إني أروح.
      
      آنيا كانت زي أختي الكبيرة بالظبط. أهالينا كانوا صحاب قُريبين. هي عارفاني من ساعة ما كنت لسه بيبي، زيها زي لينكولن. وعشان كده لما أبويا وأمي اتقتلوا على إيد "رجال الجبل" وإنا عندي سبع سنين، هي اللي خدتني وربتني عشان أكون محاربة وصيادة كويسة. عشان أكون جريئة ومبخافش من حاجة، زيها هي. والنتيجة النهائية كانت أنا. چويلا.
      
      
      
      
      
      
      
      
      كان لازم على الأقل أحاول.
      
      مشيت ناحية آنيا. كانت بتتكلم مع مساعدتها، ليكسا. آنيا كانت زي مُعلمة ليها. كانت بتدرب ليكسا على القيادة.
      
      لما آنيا شافتني ماشية ناحيتها، بان على وشها نظرة كأنها عارفة بالظبط أنا رايحة أطلب إيه. وأعتقد هي فعلاً كانت عارفة، لإني أول ما وقفت قدامها، قالت "لأ".
      
      "ليه لأ؟" أنا سألت. "ما أنا كمان محاربة."
      
      "مش هتروحي." آنيا قالتها بحسم. "إحنا منعرفش ده إيه بالظبط."
      
      اتنهدت وبصيت في الأرض وهي كملت كلامها وادتني مُحاضرة عن قد إيه الجسم ده ممكن يكون خطير، وإنه بعيد قوي، وإنها مش عايزاني أروح عشان هي محتاجاني هنا. في اللحظة دي أنا فصلت خالص ومبقتش مركزة معاها.
      
      "إنتي أصلاً سامعاني؟" آنيا سألتني.
      
      فوقت من سرحاني وهزيت راسي. آنيا لفت ومشيت، وليكسا ماشية وراها على طول.
      
      المفروض آنيا تكون عارفاني أكتر من كده. أنا شخصية عنيدة.
      
      أنا كمان كام شهر هتم عشرين سنة. مش محتاجة إذن من آنيا في كل حاجة، وخصوصاً في دي. عشان كده خدت قرار إني همشي بالليل، بعد ما المحاربين يرجعوا.
      
      عقبال ما المحاربين رجعوا، كانت الشمس بتغرب. كل الناس اتلمت حواليهم وعمالين يزعقوا ويسألوا. آنيا قربت منهم وطلبت إنهم ييجوا وراها على كوخ صغير بيستخدموه للاجتماعات المهمة.
      
      أول ما دخلوا، أنا مشيت بالراحة وبهدوء ناحية الكوخ، زي ما بعمل بالظبط وإنا بصطاد. لما وصلت عنده أخيراً، مسمعتش غير كام كلمة. كانوا بيتكلموا بصوت واطي. سمعت كلمات زي "خريطة"، "مية على الأقل"، "القرية اتدمرت"، "صغيرين"، و"شعب السما".
      
      هما طلعوا ناس؟ شعب السما؟ إزاي ده ممكن يحصل أصلاً؟
      
      في اللحظة دي عرفت إن لازم أروح. فضولي غلبني. مشيت من عندهم وروحت على بيتي.
      
      سبت القبيلة في وقت متأخر من الليل. سمعت صوت رعد خفيف من بعيد. شكلها كانت هتمطر قريب. جريت بسرعة مريحة لحد ما وصلت للمكان اللي الجسم وقع فيه. قبل ما أقرب أكتر، اتسلقت شجرة عشان محدش يشوفني. المحاربين كان عندهم حق. هما فعلاً ناس.
      
      كان باين إن فيه اتنين منهم بيتخانقوا بصوت عالي والباقيين متلمين حواليهم. واحد منهم كان طويل، وبشرته سمرة. التاني كان أقصر شوية وبشرته واخدة لون. أكيد فاتني جزء كبير من خناقتهم لإنها كانت باينة إنها بتخلص.
      
      "أي حاجة إحنا عاوزينها!" كلهم قعدوا يهتفوا. في اللحظة دي بالظبط، صوت رعد قوي قطع كلامهم والدنيا بدأت تمطر جامد. كان شكلهم كلهم مبسوطين بالمطر. يمكن لسه ملقوش مية. فيه بحيرة على بُعد كام ميل بس لو كلفوا نفسهم ودوروا.
      
      رجعت ركزت تاني مع الشاب اللي بشرته واخدة لون. مكنش متشاف أوي بسبب ارتفاع الشجرة اللي أنا عليها والمطر اللي نازل جامد. كان بيتفرج على الشاب الأسمر وهو بيبعد.
      
      قلت في نفسي: "أكيد رايح يجمع مية المطر".
      
      هما بصراحة كانوا مثيرين للاهتمام، وكان صعب عليا أمشي وأسيبهم. لبسهم كان مختلف عن "شعب الشجر" والقبائل التانية. رد فعلهم على حاجات معينة كان مختلف تماماً عننا. ومعظمهم مكنش على جسمهم أي ندوب أو جروح قديمة.
      
      إن يكون عندك ندوب ده معناه إنك محارب. أنا دراعاتي مليانة منها. ده خلاني أفترض إنهم مش محاربين.
      
      إحنا مفيش حاجة نخاف منها من "شعب السما" دول. دول حتى مش عارفين يلاقوا مية. مية المطر مش هتكفيهم كتير، وهما كمان مش هيعيشوا كتير. نطيت من على الشجرة وبدأت طريقي للبيت.
      
      
      
      
      
      
      الكلام المايل = رجوع بالذاكرة
      
      أنا تقريباً منمتش خالص الليلة اللي فاتت. مكنتش قادرة أبطل تفكير في "شعب السما" وعمالة أسأل نفسي هما هنا ليه.
      
      لحسن حظي، آنيا مخدتش بالها إني مكنتش موجودة امبارح بالليل. هي غالباً كانت مشغولة أوي بتشرح كل حاجة لباقي أفراد قبيلتنا، لإني لما صحيت الصبح، حسيت كأن الجو العام في المعسكر اتغير.
      
      كأن كل الناس اتغيرت.
      
      أنا كنت لسه محتارة أقول للينكولن إني اتسحبت وخرجت امبارح بالليل ولا لأ. كنت عارفة إنه هيزعل، بس أكيد مش هيزعل زي ما آنيا هتزعل. أنا بثق في لينكولن في كل حاجة، فعشان كده، في الآخر، قررت إني هقوله.
      
      لينكولن كان بيرسم حاجة في الكتاب الجلد الصغير اللي دايمًا شايله معاه. عمري ما عرفت هو بيرسم إيه جواه.
      
      أنا كنت عارفة إنها حاجة شخصية أوي، لإن من كام شهر، لما حاولت أفتحه، مرضيش يخليني واتصرف بغرابة أوي بخصوص الموضوع ده.
      
      "لينكولن." ناديت عليه. هو بصلي، فشاورتله براسي إنه ييجي ورايا.
      
      مشيت بعيد عن المعسكر لحد ما اتأكدت إن مفيش حد هيسمعنا. آخر حاجة كنت محتاجاها إن آنيا تحبسني في المعسكر.
      
      وقفت قدام شجرة كبيرة، ولينكولن ماشي ورايا علطول. أول ما بقى جنبي، خدت نَفَس مهزوز ورجعت تاني أفكر أقوله ولا لأ.
      
      أنا بثق فيه أكتر من أي حد.
      
      "أنا اتسحبت وخرجت امبارح بالليل." قلتها له بهمس. هو بصلي وهو مستغرب، كأنه بيسأل إيه المشكلة الكبيرة في كده.
      
      "أنا روحت لمكان ما وقعوا." وضحتله.
      
      عينيه وسعت شوية وفضل يبص في وشي عشان يتأكد إني مش بكدب. اتنهد وفرك عينيه زي ما أي أب متضايق بيعمل.
      
      "ليه عملتي كده؟ كان ممكن تتأذي." هو قالي.
      
      "بس متأذتش. أنا كويسة." رديت عليه. هو بيقلق زيادة عن اللزوم.
      
      "عمومًا، مش دي النقطة،" أنا كملت، "إنت مش هتصدق أنا شفت إيه."
      
      هو بصلي، مستني بصبر. بلعت ريقي بصوت عالي، فجأة اتوترت.
      
      "أنا شفت شعب السما." اعترفت أخيراً. عينيه وسعت تاني وبص حوالينا عشان يتأكد إن محدش بيسمع كلامنا.
      
      "إنتي بتقولي إيه؟" هو همس بصوت عالي.
      
      "شفتهم. هما غريبين أوي. ومش أذكيا خالص كمان. كان عندهم مشكلة يلاقوا مية مع إن فيه بحيرة صغيرة على بُعد كام ميل منهم."
      
      لينكولن كان على وشه نظرة واحد مش مصدق. كنت لسه هشرحله أكتر، بس سمعت صوت فرع شجرة بيتكسر. زقيت لينكولن ورا الشجرة اللي كنا واقفين عندها علطول، وحطيت صباعي على شفايفي، بشاورله إنه يسكت.
      
      "سمعتي عن الموضوع؟" واحدة ست سألت.
      
      "عن القرية؟ أه." واحد رد. أصواتهم كانت شبه أصوات تونيا وآرين.
      
      تونيا وآرين كانوا أخوات. شعرهم كان أسود وعينيهم بني غامق. الناس دايمًا كانت بتتلخبط وتفتكرهم توأم بس هما مكنوش كده. إحنا تقريبًا في نفس السن، عشان كده أهلي كانوا دايمًا بيجبروني ألعب معاهم وإنا صغيرة. أنا وتونيا بقينا صحاب كويسين، بس أنا وآرين...
      
      مش أوي.
      
      آرين وتونيا عكس بعض تماماً. تونيا طيبة، وبتحب المغامرة، وساذجة شوية، في حين إن آرين جريء، وحذر، وعنده خبرة. هو شخص يخوّف. حاجة من الحاجات القليلة أوي اللي مشتركين فيها هي شكلهم الحلو.
      
      بعد موت أهلي، مبقتش أشوف تونيا كتير زي زمان. إحنا لسه صحاب، بس مش قريبين زي الأول.
      
      "تفتكر آنيا هتعمل إيه؟" تونيا سألت أخوها.
      
      "هي غالبًا هتبعت أحسن محاربين عندنا وراهم. الأحسن نقتلهم كلهم بدل ما نستنى هما اللي يقتلونا." آرين رد بصوت هادي بشكل يخوّف.
      
      
      
      
      
      
      
      
      "أنا مفتكرش إنهم كانوا قاصدين يدمروا القرية دي يا آرين." تونيا قالت وهي بتدافع عنهم.
      
      "ده ميهمّش يا تونيا." آرين رد عليها بعصبية. "هما قتلوهم. قتلوا ناس من شعب الشجر. شعبنا."
      
      سمعتهم بيبعدوا عننا شوية. فضلوا يتكلموا عن القرية ويناقشوا نظرياتهم عن آنيا هتعمل إيه بخصوص الموضوع ده. بعدها بشوية، مشيوا.
      
      "هنتكلم في ده بعدين." قلت للينكولن. أنا كنت فعلًا عايزة أتكلم مع آنيا. هي كانت ناوية تعمل إيه؟
      
      لما رجعت المعسكر، شفت آنيا واقفة جنب حفرة النار بتتكلم مع آرين. أنا محسيتش بارتياح للمنظر ده.
      
      قربت منهم عادي وقعدت على جزع شجرة قريب منهم.
      
      "چويلا." آنيا ندهت. بصيت لها.
      
      "آرين هيروح يتعقب شعب السما. تحبي تروحي معاه؟" هي سألت. بصيت ناحية آرين. كان باين على وشه تعبير ملل. هزيت راسي بالموافقة من غير ما أحس. مدركتش إني وافقت غير لما آنيا وآرين كانوا مشيوا خلاص.
      
      ------------------------------------------------------
      
      أنا وآرين اتحركنا قبل الضهر بشوية. آرين مُتعقب آثار مدهش. في نص الطريق تقريبًا لمكان الحادثة، هو لمح آثار أقدام ماشية في الاتجاه العكسي.
      
      هو خمّن إنهم حوالي أربعة أو خمسة أشخاص ماشيين مع بعض. بعد ما فضلنا ماشيين ورا الآثار دي شوية، وصلنا لنتيجة إنهم رايحين ناحية "جبل ويذر".
      
      أنا وآرين كنا ساكتين معظم الوقت. المرة الوحيدة اللي اتكلم فيها معايا كانت عشان يقولي هما رايحين فين أو لو كنت بعمل دوشة زيادة عن اللزوم. أنا وآرين عمرنا ما كنا صحاب، بس عشان كنت بقضي وقت كتير مع تونيا، بقينا مجرد معارف.
      
      أنا كنت عارفة إن آرين فيه جانب كويس. شفته مرة واحدة بس قبل كده. كانت الليلة اللي أهلي ماتوا فيها.
      
      -------رجوع بالذاكرة-------
      
      كنت قاعدة ساندة على شجرة وإنا بعيط. بقالي ساعات بعيط، بس مكنتش قادرة أوقف. مكنتش مصدقة...
      
      هما راحوا.
      
      "رجال الجبل" خدوهم بعيد. بعيد عني. أنا بقيت لوحدي دلوقتي.
      
      كنت مغمضة عيني لما سمعت صوت خطوات خفيفة بتقرب مني. مكلفتش نفسي حتى أبص فوق.
      
      مبقاش فارق معايا خلاص.
      
      حسيت بحد بيقعد جنبي وبياخدني بالراحة في حضنه من الجنب، وإيده بتطبطب على دراعي من فوق بحنية. بصيت له بفضول، مستغربة مين ده.
      
      ده كان آرين.
      
      هو كان أكبر مني بكام سنة بس، بس شكله كان خلاص بقى شاب. عينيه كانت مقفولة وكان ساند راسه على الشجرة اللي كنا قاعدين جنبها، كأنه هينام. درت وشي عنه، وغمضت عيني أنا كمان. وقبل ما أحس، الدنيا ضلمت.
      
      لما صحيت، مكنش موجود.
      
      -------نهاية الرجوع بالذاكرة-------
      
      دي كانت المرة الأولى والوحيدة اللي آرين كان طيب معايا فيها. هو مكنش وحش معايا أو حاجة، هو بس كان بيتصرف كأني مش موجودة معظم الوقت.
      
      كان نفسي يكون طيب أكتر من كده، مش معايا بس، مع الناس التانية كمان. هو عنده برود خارجي خلاني أقتنع إن ده مش حقيقته من جوه.
      
      أنا معرفش إيه اللي حصله. ليه اتغير.
      
      وإنا ماشية، آرين مسك دراعي جامد. شدني ناحية شجرة. ضهري اتخبط فيها ومناخيره كانت تقريبًا هتلمس مناخيري.
      
      هو غطى بوقي بإيده ورفع صباعه لشفايفه بالراحة. بعدين رفع نفس الصباع عند ودنه، وخبط عليها بالراحة، بيقولي اسمعي.
      
      ركزت في السمع وسمعت ناس بتتكلم. مسكت إيد آرين من عند رقب إيده وشيلت إيده من على بوقي بالراحة، بحاول معملش أي صوت.
      
      بصيت بالراحة من ورا الشجرة وشفت مجموعة ناس. كانوا تلات ولاد وبنتين. كانوا بيشجعوا واحد من الولاد اللي كان شكله هيتنطط بالمرجيحة للناحية التانية من البحيرة. لفيت تاني، كنت متوقعة أشوف آرين، بس مكنش موجود.
      
      بصيت فوق في الشجر. كنت عارفة إنه لازم يكون موجود في حتة قريبة. وقتها لمحتُه على شجرة تانية بعيد عني شوية. كان ماسك رمح في إيده وكان بينشّن عليهم. مكنتش عارفة أعمل إيه. أحاول أوقفه، ولا أساعده؟
      
      رجعت بصيت تاني على "شعب السما" لما سمعت صوت تهليل. الولد اللي كانوا بيشجعوه من شوية قدر يعدي البحيرة بنجاح.
      
      وهو على الناحية التانية من البحيرة، لقى يافطة. كان شكلها قديمة ومتهالكة. على قد ما قدرت أقرا، كان مكتوب عليها "جبل ويذر".
      
      في اللحظة دي أنا بدأت أتوتر. "رجال الجبل". الولد اللي لقى اليافطة رفعها في الهوا.
      
      في اللحظة دي بالظبط، رمح آرين اخترق صدره.
      
      ------------------------------------------------------
      
      أنا وآرين اتفرجنا من وسط الشجر على الباقيين وهما بيجروا بعيد عن اللي كانوا بينادوله چاسبر. كانوا خايفين من اللي ضربه بالرمح وإذا كان فيه غيره ولا لأ.
      
      لما مشيوا، آرين نط من على الشجرة اللي كان عليها وعمل صوت شبه صوت العصافير. اتفرجت على واحد تاني من قبيلتنا بينط من على شجرة في الناحية التانية من البحيرة.
      
      "چويلا." آرين نده عليا، "يلا نمشي."
      
      مسك دراعي وجرني معاه.
      
      مشينا تاني وإحنا ساكتين. أنا كنت حاسة بشعور غريب. حاسة بالذنب، لو عايزين تسموه كده.
      
      هو كان المفروض أوقف آرين قبل ما يضرب چاسبر بالرمح؟
      
      أفكاري اتقطعت لما سمعت صوت صرخة. وقفت ولفيت راسي ناحية الصوت. غالبًا ده كان چاسبر. أكيد "الأرضي" التاني كان بيحركه.
      
      "يلا." آرين قالي بصوت مستعجل. هو كان سابقني بكام خطوة فجريت شوية عشان ألحقه.
      
      عقبال ما المعسكر بتاعنا بان، كانت الشمس خلاص بتغرب. معظم أفراد قبيلتنا كانوا جوه بيوتهم. كام واحد بس كانوا قاعدين جنب حفرة النار بيحكوا حكايات للصغيرين. ابتسمت للمنظر.
      
      كمان كام سنة من دلوقتي، الحكايات دي هتتاخد منهم وهيتعطالهم سلاح بدالها.
      
      حاجة جميلة. براءة الأطفال دي.
      
      آرين مقاليش أي حاجة وهو ماشي بعيد.
      
      ده كان يوم طويل. كل اللي كنت عايزاه إني أروح أنام. مشيت على البيت اللي عايشة فيه مع آنيا، روحت على الناحية بتاعتي، وغمضت عيني.
      
      مخدتش وقت طويل قبل ما أروح في النوم.
      
      

      روايه حب مجنون

      حب مجنون

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      السالفة عن ولد بارد ومهووس ببنت حنونة زي الملاك، بس القصة تبدأ لما بنت ثانية مغرورة اسمها (راي) تحاول تلعب عليه. (راي) هذي شايفة نفسها وملكة جمال الجامعة، وقررت تخليه خاتم في إصبعها. بس هو كان أذكى منها، وطلع مجرم ودمه بارد. سايرها لين لقى فرصة وذبحها بدم بارد، ورتب الجريمة كأنها انتحار. وفي النهاية، بعد ما تخلص منها، صار فاضي ومركز على البنت الأولى اللي يحبها، وهو متحمس يسمع صراخها.

      غرايسون

      بارد وميت قلبه. ذكي مرة ويخطط، وهو القاتل اللي ذبح (راي) عشان يتفرغ للبنت اللي هو مهووس فيها.

      راي

      بنت حلوة ومشهورة بس مرررة شايفة نفسها وقاسية. كانت تظن إنها ذكية وتقدر تلعب على (غرايسون)، بس هي اللي راحت فيها.
      روايه حب مجنون
      صورة الكاتب

        بنت وولد.
      
      البنت هذي كانت مرررة حنونة، وقلبها دافي، وتحس باللي حولها، ورقيقة ونعومة كأنها غزالة صغيرة تمشي بشويش على العشب اللي توه مترطب بندى الصباح. كانت تموت في نُور الشمس لما يجي على وجهها، تحسه يبوس خشمها وخدودها، ويخلي عيونها تبرق وتلمع كأنها نجوم بالسما.
      
      أما الولد، كان العكس تماماً. بارد، وثقيل، وحريص بزيادة، لدرجة إنه ما كان يحس بمشاعره هو أصلاً، كأن قلبه ميت. هو كان يحب الجو لما يظلم وتصير الدنيا ليل وينزل المطر بقوة من السما، ويعجبه صوت المطر وهو يطق في الشارع.
      
      الولد كان يحب البنت هذي حب مجنون، حب قوي لدرجة إنه يخوّف. كانت مررة تعجبه ضحكتها كيف ترسم على وجهها، وكيف إنها كانت طيوبة وقلبها أبيض مع كل الناس، حتى لو الدنيا كانت قاسية وشريرة معها. ما كان مستوعب كيف فيه أحد زي كذا، كأنها ملاك نازل من السما، بس الصدق، ما كان يهمه يفهم ليش.
      
      كل اللي كان يعرفه ومقتنع فيه، إنه يبغاها له وبس.
      
      
      --------
      
      وهو يناظر المنظر الشنيع اللي قدامه، ابتسم على عمايله.
      
      حس بدوخة. حس إنه انفك. حس إنه يبي يضحك، وفعلاً ضحك. قعد يضحك ضحك مجانين، صوته عبّى سكون الليل.
      
      الدم ملى وجهه، وبلوزته، وأصابيعه، بس ولا همه.
      
      وما حس ولا نتفة تأنيب ضمير. كل اللي حسه إنه ارتاح.
      
      ~
      
      كانت (راي) قاعدة مكانها، طفشانة لأبعد حد، والمحاضر قاعد يشرح ويتكلم عن تشريح الإنسان. هي أصلاً ما ذاقت النوم لا الليلة اللي فاتت ولا اللي قبلها، كانت مشغولة تكلكل مع صحباتها بالجوال يخططون لحفلة التنكر حقتهم. باين إن الحفلة بتكون فلة وكسرت الدنيا – بس هي كانت منتهية. الحياة طبعاً ما همها، ومشت الأمور عادي. هي شافت إن هذا ظلم. يعني على الأقل الحياة كان لازم تعاملها معاملة خاصة.
      
      طلعت جوالها من الشنطة، وأرسلت رسالة عالسريع لـ (جين). هي مو رسالة عادية، كثر ما هي تهديد صريح إنها بتخليها كأنها جدار لو كررتها وحطت نفس رسمة عينها بيوم ثاني. هي أصلاً قبل شوي خلتها تمسحه غصب عنها في الحمام، وشلتها حولها، ولا فرقت معها دموع البنت وهي تشاهق، بس هي حست إن تهديد مرتب زي هذا بيخلي الفكرة توصل راسها زين.
      
      رجعت الجوال مكانها بعد ما أرسلت، وقعدت تفكر إذا (جين) ذي تستاهل أصلاً تبقى من ضمن شلتها الخاصة أو لا. أصلاً هي ما دخلتها معهم إلا رحمة فيها، لأنها (راي) إنسانة قلبها طيب. هي تدري إنها طيبة، لأنها دايم تقول لنفسها كذا. وهي دايم صح، حتى لو كانت غلطانة.
      
      لمحت انعكاسها في القزاز، وقعدت تناظر نفسها دقيقتين كاملة، تضبط كيرلي شعرها وتفكر قد إيش هي حلوة. صح إنها شايفة نفسها مرة، بس كانت تقول لو أي أحد ثاني كان زيها، أكيد بيشوف نفسه.
      
      لمحت كمان انعكاس الولد اللي جالس وراها، كان مرررة منتبه ومركز مع الدكتور اللي قدام. هي قررت بنفس اللحظة إنه وسيم ويخقق. شعره أسود غامق وحوسة نازل على عيونه الخضرا الحلوة، وعنده عظمة خد بارزة بوجهه المحدد، معطيته شكل فخم كأنه أمير. هو كان نحيف، بس باين إنه معضل – كانت تشوف تقسيم جسمه من تحت اللبس. هي تحب الشباب كذا – نحيف بس قوي.
      
      اسمه (غرايسون). هو ما كان مشهور يعني، بس الكل يعرفه، مع إنه أبداً مو من النوع اللي هي متعودة عليه، اللي دايم يكونون عيال عيونهم زرقا ويلعبون رياضة وشاطرين فيها. بس ذا كله ما يهم، أهم شي إنه وسيم كفاية بنظرها. وبعدين، هي أصلاً ما كانت تدور علاقة جدية، أبوها بيخليها تقابل ولد ناس غني وكويس لما تخلص ثانوي وتدخل الجامعة، ويتزوجون ويجيبون عيال حلوين شعرهم كيرلي ولونه كستنائي زي شعرها.
      
      (غرايسون) ذا بيكون بس تسلية وقت. واحد يلحقها، وتلعب عليه ألعابها، وبعدين تسحب عليه أول ما تطفش منه.
      
      بس هي ما كانت تدري، إن (غرايسون) فنان بلعبة المطاردة ذي، مع إنه يشوفها شي ممل ومتعب.
      
      هو كان يفضل الألعاب اللي نهايتها انتقام وتشفي غليل.
      
      ~
      
      "أهلاً،" قالت (راي) لـ (غرايسون) بعد المحاضرة.
      
      لف بوجهه لها، ونظراته باردة على وجهه الوسيم. قال: "نعم؟"
      
      شوي شوي (راي) وقفت وهي تلعب بشعرها، انصدمت من كمية الجاذبية اللي في ذي الكلمة الصغيرة. تقريباً لجمها، ما عرفت وش تقول.
      
      كل الناس تدرى إن (راي جاكسون) مستحيل تسكت. دايم عندها رد، وغالباً يكون ردها قاسي بس ذكي، كأنه سم معسل.
      
      "أنا راي،" ردت (راي) بعد ما سكتت ثانية.
      
      
      
      
      
      هي كانت شايفة إن مالها داعي تعرف بنفسها، أصلاً مين ما يعرفها. بس يعني من باب الذوق والأصول، وما كانت تبي إشاعات بطالة تخرب صورتها، عشان كذا سوتها.
      
      "أدري."
      
      (راي) كشرت، وبسرعة رجعت رسمت ابتسامة على وجهها (ما كانت تبي تجاعيد بدري، والتكشير يجيبها عالسريع). بحياتها ما فيه ولد طنشها أو سفهها. "أنا قررت إنك مررة وسيم، وأبيك تاخذ رقمي. بتدق علي الليلة، صح؟"
      
      هو ناظر الورقة اللي حشرتها بيده، شكله عادي ما انبهر، بعدين رفع راسه يناظرها. هي حست كأنها لمحت كره بعيونه للحظة، بس بسرعة غطى الموضوع بابتسامة تخقق.
      
      "أكيد. إيش رايك الساعة ثمانية؟"
      
      "إمم... ممتاز،" قالتها وهي تسحب على مكالمتها مع (ماري) اللي كانت بنفس الوقت.
      
      أكيد (ماري) بتتفهم، ولو ما تفهمت، (راي) بتعرف كيف تخليها تتفهم.
      
      وهو يمشي ويبعد عنها، هي نست للحظة إنها هي اللي المفروض تلعب عليه، وتنهدت وهي مبسوطة.
      
      بيصير كل شي ممتاز، زي ما قالت.
      
      ~
      
      "سمعتي عن (راي جاكسون)؟"
      
      "ومين ما سمع عن ذي البنت الملعونة؟ دايم مسوية لها سالفة."
      
      "يقولون لقوها في قاع بحيرة."
      
      "ميتة؟"
      
      "أكيد يعني ميتة. سمعت إنها بسكين – مسكينة والله، ميتة شنيعة."
      
      "ومين شاكين فيه إنه سواها؟"
      
      "شاكين إنها انتحرت. بس بالله ليش تنتحر؟ كان عندها كل شي تبيه."
      
      "يمكن التاج والدلع ثقل على راسها الصغير."
      
      "أكيد والله."
      
      (غرايسون) كان يسمع البنات اللي قدامه يسولفون، هو ما كان مهتم مرة، بس شاف إن السالفة مهمة. ما كان باين عليهن إنهن زعلانات، مو كأنه أصلاً توقع أحد يزعل عليها، إلا شلة العقارب اللي كانت (راي) تمشي وتستعرض فيهم، اللي قاعدين يصيحون ويسوون دراما ودموعهم دموع تماسيح. بس سالفة اختفائها كانت صدمة للطلاب كلهم، وعشان كذا صارت السالفة الأولى للمراهقين اللي يموتون في الحش والسواليف.
      
      طبعاً، اختفاؤها ما كان مفاجأة له. أصلاً، هو اللي ذبحها.
      
      هو اللي رتبها كأنها انتحار، شرّط يدينها بشكل خفيف بعدين عبى جيوب جاكيتها حجارة وغطس جسمها في البحيرة. الموضوع كان سهل – هو ذاكر السالفة زين، وقرا كل شي عن كيف المحققين حقين الجرايم يفحصون الجثث، وضبط أموره وقفل كل شي تمام. (راي) ساعدته بطريقتها – كان سهل مرة يقنعها، وجت معه بدون ما تسأل ولا سؤال.
      
      بس هي خلاص ما عاد تهم، إذا كان لها أهمية أصلاً غير إنها شي يكرهه. الحين وهي راحت، يقدر أخيراً يركز على الشي اللي جد يهمه.
      
      هي.
      
      الصراخ بيكون شي ممتع.
        
      جاري تحميل الفصل...
      جاري تحميل قائمة الفصول...

      Pages