موصى به لك

    الأقسام

    روايات تاريخية

    معارك ملحمية، مؤامرات، وأبطال منسيون

    ... ...

    روايات فانتازيا

    ممالك مفقودة وسيوف أسطورية، هنا تبدأ المغامرة

    ... ...

    روايات رومانسية

    لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير بتلك النظرة

    ... ...

    روايات رعب

    السحر والكتب يخفون أسراراً لا تريد معرفتها

    ... ...

    روايات خيال علمي

    سافر عبر الزمن بتكنولوجيا تتحدى الخيال

    ... ...

    روايات مافيا

    عالم الجريمة المنظمة حيث القوة هي القانون

    ... ...

    روايات كورية

    اجمل القصص الكوريه المترجمه والكيدراما

    ... ...

    روايات اجتماعية

    صراعات يومية تعكس حقيقة الحياة التي نعيشها

    ... ...

    الأفضل شهرياً

      روايه ابنة الغابة

      ابنة الغابة

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      كسر القواعد ودخل غابة خطر. هناك قابل بنت غامضة زي الشبح اسمها أراديا، أنقذت حياته بسحر غريب. بعد سنين بيشوفها تاني في هوجورتس، وهي لسه بنفس قوتها وغموضها. الرواية بتحكي عن إزاي "ابنة الغابة" دي دخلت حياة جيمس وعيلته. وازاي هو اكتشف إنه "متدبس" وواقع في حبها من قبل حتى ما يفهم هي مين.

      جيمس

      شاب مغامر وفضولي من صغره (وداه في داهية). معجب جداً بأراديا ومتلخبط بسببها، وواضح إنه "دايب" فيها. دمه خفيف ومحبوب بس هي الوحيدة اللي عارفة تسيطر عليه.

      أراديا

      البنت الغامضة اللي ظهرت من الغابة. قوية جداً وسحرها مختلف كأنه من الطبيعة (بتتكلم مع الشجر). "بريّة" وهادية ومبتمشيش على القواعد، ورغم كدا بتعرف تكسب أي حد بذكائها (زي أبو جيمس في الشطرنج).

      فليمونت

      كان قلقان من غموض أراديا في الأول، بس هي قدرت تبهره بذكائها وقوتها واقتنع إنها هتحافظ على ابنه.
      روايه ابنة الغابة
      صورة الكاتب

      جيمس بوتر كانوا دايماً بيحذروه.
      
      "إياك تعدي السور الجنوبي يا جيمس."
      "الغابة دي قديمة.. أقدم من عيلتنا نفسها."
      "مفيش حاجة جوه هناك عايزة حد يلاقيها."
      
      فطبعاً، وهو عنده تسع سنين، راح.
      
      مكنش تمرد على قد ما كان فضول.. الفضول اللي كان محسسه بزنّ تحت جلده. وقفت الأشجار زي الحراس، ضلمة وبتناديله، والرياح بتهسس بقصص مقدرش يلقطها. زق الجذور المعقدة والضباب اللي بيزحف، وصوابعه الصغيرة ماسكة عصاية سحرية أكبر من مقاسه كان سرقها من درج أبوه.
      
      كان الجو هادي.
      
      هادي زيادة عن اللزوم.
      
      لحد ما مبقاش هادي.
      
      "الهيبوجريف" هجم بسرعة لدرجة إنه ملحقش يصرخ.
      
      لحظة كان مبهور بجمال المخلوق.. ريشه بيلمع، وعيونه دهبي شرسة.. واللحظة اللي بعدها، اتنفض لورا بصرخة، ومخالبه مرفوعة. جيمس اتكعبل لورا، وقلبه بيدق في ودانه، مستعد خلاص يتاكل.
      
      وبعدين—
      ظهرت هي.
      
      شعر بني زي الحرير البري. رجلين حافية. عصاية سحرية معمولة من كرمة ملفوفة.
      متكلمتش. مزعقتش. هي بس اتحركت.. فردت دراعاتها، وعينيها نورت دهبي لجزء من الثانية. "الهيبوجريف" هدي تحت صوتها، ووطى راسه زي الكلب اللي اتوبخ.
      
      بصت لجيمس.
      
      هو بحلقلها.
      
      هي كمان بصتله.
      
      محدش فيهم اتكلم.
      
      وبعدين اختفت.. دابت وسط الشجر زي الدخان.
      
      مقالش لأي حد. ولا حتى لأبوه وأمه.
      
      ---
      
      بعد سنين: حفلة التصنيف
      
      جيمس بوتر كان لسه بيفكر في البنت بتاعة الغابة وهو داخل القاعة الكبرى لأول مرة.
      
      مشفهاش تاني، من سنتين.. من بعد ظهر اليوم دا في الصيف اللي كان وشه هيتخربش فيه. أوقات كان بيفتكر إنه حلم بيها. وأوقات تانية، كان متأكد إن دا محصلش. بس هو أكيد مكنش متوقع يشوفها تاني... هنا.
      
      ورغم كدا.. أهي كانت قدامه.
      
      عينيها جت في عينيه أول ما عملوا مجموعة صغيرة، مستنيين يتصنفوا، كأنها حست بيه. قلبه عمل "دقة" غريبة كدا.
      
      شكلها كان زي ما هو.. بل يمكن "بري" أكتر.. بشعرها البني الطويل نازل على ضهرها زي الكروم، وبشرتها واخدة لون شمس، وإيديها لسه خشنة كأنها مش بس لمست الغابة.. دي كانت تبعها.
      
      كان متنّح.
      
      رمشت مرة واحدة.
      
      وبعدين جه دورها.
      
      "أراديا كالاواي."
      
      صمت.
      
      حتى قبعة التصنيف وقفت مستغربة وهي بتتقدم، كل حركة دقيقة، وأنيقة، وقديمة بشكل غريب. القاعة الكبرى كأنها اتهزت حواليها. اسمها لوحده خلى كذا مدرس يتعدل في قعدته.
      
      اتحركت زي الريح وسط الشجر.. هادية وشرسة في نفس الوقت.. وقعدت على الكرسي من غير تردد.
      
      القبعة نزلت على راسها و... خدت وقتها.
      
      خمس دقايق.
      عشرة.
      خمستاشر.
      
      جيمس ميل لقدام، وساند دقنه على إيده، مبهور.
      
      بعد عشرين دقيقة، وأول ما الطلبة بدأوا يهمسوا، القبعة صرخت بصوت عالي وبثقة:
      
      "جريفندور!"
      
      الترابيزة انفجرت بالهتافات.. أعلى من أي حد تاني. بس جيمس مهتفش.
      
      هو بس فضل يتفرج عليها وهي ماشية ناحيته، بنفس رشاقتها ولا مبالاتها المعتادة.
      
      قعدت قدامه.
      
      فتح بوقه عشان يقول حاجة ذكية.
      
      "أهلاً"، قالها بغباء.
      
      ميلت راسها. "شكلك أحسن من غير دم الهيبوجريف على وشك."
      
      شرق في عصير اليقطين بتاعه.
      
      ابتسمت.. ابتسامة صغيرة وعارفة.. وبصت بعيد، وهي بتمد إيدها تاخد عيش.
      
      جيمس بوتر، وهو عنده حداشر سنة، كان مصيره اتحسم.
      
      
      
      
      
      
      
      طرف الغابة كان أهدى في الصيف.
      
      النور كان بيتسلل من بين الشجر زي الدهب السايل، وييجي على خصلات شعر أراديا البني الطويل وهي ماشية حافية على الطحالب والجدور. الهوا كان بيهمس باسمها، وبيشد فستانها الصيفي الأبيض الخفيف.. المرة دي مكنش منسوج من الغابة، لكنه كان كتان ناعم. هدية. من يوفيميا بوتر.
      
      هي كانت لسه زي ما هي، طبعاً.. جامحة زي القمر، نصها ضل ونصها نور شمس.. بس كان فيه حاجة أنعم دلوقتي. مقصودة أكتر. خيط من التحضر، زي ما افترضت، مع إنها كانت لابساه زي مجوهرات سلف. مش بتاعتها. لسه.
      
      النهاردة، كانت خارجة من وسط الشجر.
      
      عشان تشوف جيمس.
      
      —
      
      بيت عيلة بوتر كان دافي بكل شكل ممكن.. خشب قديم وبورتريهات بتضحك، برّادات شاي مسحورة وريحة قرفة خفيفة. بس أراديا عينيها كانت على الولد اللي في الجنينة وبس، عصايته محشورة ورا ودنه، وشعره هايش ومنكوش وهو بيحاول يسحر كومة من زهور "سناب دراجون" المتفجرة عشان "تتلم".
      
      لف في نفس الثانية اللي رجلها لمست فيها النجيلة.
      
      قال "راي"، وابتسم الابتسامة المعووجة بتاعته دي، اللي تخطف القلب.
      
      هزت راسها مرة واحدة. "شكلك كأنك خسرت خناقة مع حوض ورد."
      
      "هم كانوا حوضين ورد، بصراحة. اتفقوا عليا."
      
      ضحكت.. ضحكة بجد، قصيرة ومنورة، زي الأجراس في الهوا. جيمس بربش. هي طول عمرها حلوة طبعاً، بس المرة دي الموضوع مختلف. مبقتش مجرد شبح الغابة وخلاص. بقت حقيقية. بقى عندها نمش دلوقتي. وفيونكة في شعرها. وصوتها بيشرق وهي بتضحك.
      
      وكانت ماشية ناحيته.
      
      هو متحركش.
      
      —
      
      جوه، يوفيميا بوتر بصت بصة واحدة من الشباك وابتسمت كأن الشمس بنفسها جت تشرب معاهم شاي.
      
      همست لفليمونت وهي بتديله كوباية فوار يقطين من غير ما تبص: "آه، شكلها بقى جميل أوي، مش كدا؟"
      
      فليمونت، من ورا الجورنال بتاعه، بص من فوق طرفه وتمتم: "البنت دي روضت "نيفيلر" ببحلقة عين. دي نقرت مناخيره يا إيفي."
      
      "دي عسل."
      
      "دي بتتكلم مع الشجر."
      
      "دي بتسحر!"
      
      "دي بتتكلم مع الشجر."
      
      "وأنا بكلم فناجين الشاي. سيبها في حالها."
      
      —
      
      جيمس كان طول عمره عارف إن أراديا مختلفة.
      
      بس مكنش متوقع إنها تخليه *هو* يحس إنه مختلف.
      
      قعدوا تحت شجرة الكومترى القديمة.. اللي كانت بترمي فاكهة بنشان مخصوص كل ما جيمس يتنطط وهو صغير.. واتكلموا. عن ولا حاجة. وعن كل حاجة. عن إزاي هي راحت غابة دين لمدة أسبوعين ورجعت بتعويذة جديدة محدش عرف يحددها. وعن إزاي هو قفش سيريوس وهو بيحاول يسحر انعكاسه عشان يغمزله.
      
      قالتله إن النجوم في بيته وحشتها.
      
      قالها إنها وحشته، وندم في ساعتها.. خدوده مولعة، وصوته بيشرق شوية.
      
      مضِحكتش.
      
      هي بس بصتله.. بصة طويلة وبطيئة وجادة.
      
      قالت وهي زي ما تكون سرحانة: "انت مبقتش عيل صغير، مش كدا؟"
      
      جيمس حس إن قلبه اتلخبط. "أنا.. آه.. لأ؟ قصدي.. أظن لأ؟"
      
      ميلت راسها. "انت كنت بتتكركب في رجليك لما تشوفني."
      
      همس وهو بيقول: "لسه بعمل كدا."
      
      دا خلاها تضحك تاني، بس بنعومة أكتر المرة دي. صوابعها لمست النجيلة جنبه. مش لمسة أوي يعني.. لسه.. بس كفاية.
      
      الجو اتغير.
      
      اللحظة طولت.
      
      وفجأة قزم الجنينة نط من وسط الشجر، وهو بيصرخ بكلام خارج، وجيمس اتنطر على جنبه وهو بيزعق.
      
      أراديا بربشت، ولا هي هنا.
      
      جيمس أنّ وهو على التراب. "يا لغضب مرلين... انتي اللي دربتي القزم دا، مش كدا؟!"
      
      وقفت، حافية ورقيقة ومستفزة على الآخر. "أقول إيه بس؟" ابتسمت وهي بتبص عليه من فوق. "الجنينة بتحبني أكتر."
      
      وبعدين لفت ورجعت ناحية البيت، والهوا بيلعب في شعرها بطريقة معينة كدا.. وسابت جيمس بوتر نايم على ضهره، ومبتسم للسما زي الأهبل.
      
      
      
      
      
      شمس العصرية كانت غامرة أوضة القعدة في بيت بوتر، ورامية ضي دهبي كسلان على الأرض الخشب. صينية شاي كانت متعلقة في الهوا بين الكراسي، بتملى نفسها بنفسها من غير أي شخللة، ومزيكا كانت شغالة بصوت واطي في الخلفية.. حاجة بتاعة "عامة" وفيها جاز، ودا كله بسبب موجة الفضول الأخيرة بتاعة يوفيميا.
      
      فليمونت بوتر كان قاعد قدام أراديا كالاواي، مكشر ومربع إيديه، ومبرق لرقعة شطرنج سحري كانت لسه "واكلة" الطابية بتاعته بمزاج. تاني.
      
      تمتم وهو بيقول: "أنا مش فاهم"، وهو بيبص للقطع كأنهم خانوه هو شخصياً.
      
      أراديا قالت وهي ساندة دقنها على إيدها، وصوتها رايق زي هوا الصيف: "الموضوع كله إحساس. انت بتفكر بصوت عالي أوي. هم سامعينك."
      
      "المفروض يسمعوني، أنا القائد بتاعهم!"
      
      "هم بيفضلوا الغموض."
      
      جيمس ضحك بصوت مكتوم من على الكنبة، مطرح ما كان بيحاول يفشل فشل ذريع إنه يمثل إنه مش مبحلقلها. هي كانت مكوّرة نفسها في الكرسي كأنها عايشة فيه طول عمرها.. حافية طبعاً، ورجليها متنية تحتها، وجاكيت صوف من بتوع يوفيميا مرمي على كتافها كدا أي كلام، لإنها خرجت الصبح من غير ما تفتكر تجيب عباية.
      
      كان شكلها ناعم. ومستقرة. زي البيت.
      
      وبطريقة ما، في ظرف ساعة واحدة بس، كانت جردت أبوه وأمه من أي مقاومة.
      
      يوفيميا بصتلها بصة واحدة وابتسمت كأنها خلاص حفظت مقاساتها عشان الخياطة. فليمونت، على الناحية التانية، كان متحفظ أكتر.. مربع إيديه، وعينيه حادة، وبيرمي تعليقات زي: "انتي بتتكلمي مع التَعالب، صح؟" و "إيه بالظبط موقفك من آداب المبارزة؟"
      
      بس دلوقتي؟
      
      دلوقتي كان قاعد بيبرطم وهي بتمسح بيه الأرض في الشطرنج، وجيمس كان تقريباً شايف التروس بتلف في دماغ أبوه وهو بيفكر، *البنت دي هتحافظ على ابني عايش.*
      
      وبعدين، طبعاً، جت البومة.
      
      رفرفة عند الشباك.
      
      أراديا كانت أول واحدة رفعت عينها.
      
      وقفت، برقة ومن غير استعجال، وعدت الأوضة عشان تفتح المزلاج. البومة.. مخلوق شكله أنيق بس عصبي ونظرته فيها لَدعة معروفة.. دخلت زي النجمات المشاهير، ورمت جواب في حِجر جيمس، ورفرفت طارت تاني على طول وهي بتنفخ.
      
      أراديا بربشت وراها. "دمه خفيف أوي."
      
      جيمس، وهو متعمد ميبصلهاش خالص، تمتم: "أه، دي البومة بتاعة سيريوس. هو بيحب الدراما أوي."
      
      ميلت راسها على الظرف، وعرفت الخط في ساعتها.
      
      سيريوس بلاك.
      
      إيدها حكت في إيد جيمس وهي بتناولُه الجواب، وهو اتنفض كأنه اتضرب بتعويذة.
      
      همس: "شكراً"، وودانه قلبت بمبي.
      
      هي مخدتش بالها. أو يمكن خدت بالها ومفرقش معاها. هي كانت خلاص بترجع مكانها في الكرسي، وصوابعها بتلعب على خوذة "الفيل" بتاعها وهو بيضرب لها تعظيم سلام وهو مبسوط.
      
      فليمونت اتنهد مستسلم وهو شايف آخر عسكري عنده بيروح في داهية.
      
      قالها: "انتي بتوتري اللي قدامك"، بس من غير ما يكون قصده يضايقها.
      
      ردت وهي مبتسمة ابتسامة خفيفة: "بسمع الكلمة دي كتير."
      
      يوفيميا دخلت الأوضة في اللحظة دي زي الفراشة وهي شايلة طبق بسكوت بالجنزبيل وهي مش على بعضها خالص.
      
      "راي، حبيبتي، بتحبي فطيرة التفاح أكتر ولا التوت الأسود؟ محتاجة أعرف عشان المرة الجاية اللي هتباتي فيها هنا."
      
      جيمس أنّ وهو بيقول: "ماما."
      
      "إيه؟" يوفيميا شاورِتله بالبسكوتة. "دي زي العسل. أنا بعشقها. بص قعدتها عاملة إزاي.. دي مخلية أبوك نفسه يبان مبهدل جنبها."
      
      فليمونت حمحم.
      
      أراديا بربشت، وباين عليها ولا متأثرة بالدوشة دي. "بحب التوت الأسود. بينمو أسرع في الضلمة."
      
      جيمس تقريباً مسجلش إجابتها. هو كان لسه مبحلق للجواب، وهو مقفول في حِجره، كأنه ممكن يولع لوحده. هو كان عارف سيريوس كاتب عن إيه. الموضوع مكنش فيه تلميح. سيريوس عمره ما كان بتاع تلميحات.
      
      أراديا رفعت حاجبها. "مش هتقراه؟"
      
      قال بسرعة وهو بيحشره تحت مخدة: "بعدين. هو كتابته زي كلامه. صوتها عالي."
      
      "ممم." خطفت بسكوتة تانية. "وبيصرخ بخصوص إيه بقى المرة دي؟"
      
      جيمس تمتم: "أكيد عن البنات."
      
      عند دي بقى، أراديا ضحكت ضحكة جانبية.
      
      فليمونت ويوفيميا بصوا لبعض من فوق رقعة الشطرنج.. البصة اللي الأهالي المتجوزين من زمان بس هما اللي بيعرفوا يعملوها. بصة قالت كل حاجة.
      
      *إحنا حبيناها. دي عبقرية. دي ممكن تفتح بطنه زي السمكة لو احتاجت. هو خلاص دايب فيها. الموضوع دا هيبقى مسلي.*
      
      وبعدين أراديا مالت لقدام شوية، وعينيها العسلي متركزة على الرقعة.
      
      "دور تاني؟"
      
      فليمونت نفخ صدره. "استعدي للخسارة."
      
      جيمس كل اللي عمله إنه أنّ، ورمى نفسه على ضهره على الكنبة، وبحلق للسقف، إيد محطوطة على الجواب المستخبي، والإيد التانية على قلبه.
      
      مكنش عنده أي فرصة.
      
      

      سر المكتبة - روايه فانتازيا

      سر المكتبة

      بقلم,

      فانتازيا

      مجانا

      بنت بتموت في عالمها القديم مع أهلها المجرمين، وبتتمنى لو كانت عاشت حياتها صح. بتصحى تلاقي نفسها رجعت للحياة في جسم طفلة 6 سنين اسمها ڤيرونيكا في عالم تاني خالص فيه سحر. أهلها الجداد في العالم ده برضه مهملينها، لكنها بتلاقي عيلة حقيقية في الخدم اللي بيربوها. بتبدأ تستغل ذكاءها القديم وتتسحب للمكتبة عشان تدرس تاريخ العالم ده وتتعلم السحر. هي مصممة تنجح في حياتها الجديدة دي مهما كلفها الأمر، حتى لو اضطرت تكدب على الناس اللي بيحبوها.

      ڤيرونيكا

      كانت في حياتها اللي فاتت بنت شاطرة وناجحة لكن أهلها مجرمين. بعد ما ماتت، اتولدت من جديد في جسم "ڤيرونيكا" بنت الـ 6 سنين. هي ذكية جداً (عشان عقلها كبير) ومصممة تستغل حياتها الجديدة عشان تتعلم وتكون قوية.

      ماريا

      الخدامة الرئيسية اللي بترعى ڤيرونيكا. حنينة جداً وبتحبها زي بنتها، وكانت أكتر واحدة قلقانة عليها وقت السخونية.

      أهل ڤيرونيكا

      عايشين في الجناح الشرقي. كانوا عايزين ولد ولما جت بنت (ڤيرونيكا) أهملوها تماماً ومشفوهاش من يوم ما اتولدت.
      سر المكتبة - روايه فانتازيا
      صورة الكاتب

      يا للروعة، عملوها تاني. شاورِت لأبويا وأمي إن فيه حد واقف بره بابنا ومعاه سكينة. يا ترى أبويا وأمي هيأذوا ويخدعوا كام واحد تاني قبل ما يتعلموا الدرس؟ أهلي جابوا مضرب البيسبول والطبنجة بتاعتهم من الدولاب وراحوا يفتحوا الباب.
      
      "امشي من هنا فوراً، وإلا هتِشوف اللي هيحصلك،" أمي قالتها بقرف. "إحنا مش خايفين نبهدل إيدينا."
      
      الراجل ضحك بشكل هستيري. "ولا إحنا كمان."
      
      لحظة... هو قال "إحنا"؟ في نفس اللحظة دي بالظبط أربعة رجالة تانيين نطوا من وسط الشجر وضربوا أبويا وأمي بالنار.
      
      "ما تسيبوش ولا شاهد!" واحد منهم صرخ بس أنا مكنتش عارفة مين فيهم لأني كنت خلاص بجري بأقصى سرعة على الباب الخلفي بحاول أهرب. كان الأوان فات. صوت طلقة يصم الودان رن في وداني وأنا حاسة بضهري بيسقع ويسخن في نفس الوقت. الدم كان بينقط من ضهري وأنا بقع على الأرض وعينيا مليانة دموع. كان عندي حاجات كتير أوي أعيش عشانها! أنا اتقبلت في جامعة مرموقة وده كان إنجاز كبير أوي مقارنة بالخلفية اللي جيت منها. 
      
      كل مجهوداتي عشان أهرب من الحياة اللي أهلي بنوها... كله راح هدر. أنوار المطبخ فضلت ترعش وبعدها كل حاجة اسودّت.
      
      استخدمي هذه الحياة ومواهبنا بحكمة. صوت نادى من وسط العتمة.
      
      إيه اللي حصل... فكرت وأنا ببص حواليا. أنا فين؟ بصيت على أرفف الكتب اللي كانت مالية حيطة من الحيطان وتسريحة على حيطة تانية. بنت لابسة زي خدامة، مش من النوع اللي أمي كانت بتلبسه لأبويا دايمًا لما يكونوا بيعملوا حاجات مقرفة، دخلت الأوضة جري وهي شايلة صينية دوا.
      
      "يا إلهي إنتي صحيتي!" كلامها طلع بسرعة ومن غير نفس.
      
      بصيت لتحت على نفسي ولاحظت إن جسمي بقى أصغر بكتير. بعدين بصيت للخدامة النشيطة اللي بدأت تجهزلي شوية دوا.
      
      "إحنا افتكرنا السخونية دي عمرها ما هتروح!" هي ضحكت.
      
      هزيت راسي في صمت وأنا لسه مش فاهمة إيه اللي بيحصل ده. "امممم... أنا دماغي مشوشة شوية... ممكن تقوليلي أنا فين؟"
      
      "إنتي في أوضتك طبعاً! يا ليكي يا ڤيرونيكا!" هي ضحكت.
      
      في اللحظة دي بالظبط كل ذكريات ڤيرونيكا رجعتلي. الكم الهايل من المعلومات ده سببلي صداع خفيف ومسكت راسي من الألم.
      
      "ڤيرونيكا، إنتي كويسة؟" ماريا الخدامة سألت.
      
      "أه... كويسة. مجرد شوية آثار من السخونية." رديت وأنا برمش كذا مرة.
      
      "هسيبك ترتاحي." ماريا قالت وهي أهدى بكتير وهي بتخرج من الأوضة.
      
      يعني... أنا مُت ودلوقتي أنا هنا. أنا فاكرة بشكل غامض كتاب قريته كان شبه كده، بنت ماتت في حادثة عربية وصحيت لقت نفسها الشريرة في لعبة الأوتومي المفضلة عندها.
      
      بصيت لنفسي في المراية عشان أشوف لو هعرف نفسي من فيلم أو أي حاجة. معرفتش. واسم ڤيرونيكا مكنش مألوف برضه. ببص على وشي، كان رقيق أوي وجميل بالنسبة لـ... طفلة ٦ سنين؟ مكنتش متأكدة أوي عندي كام سنة بس كان شكلي حوالي ٦ سنين. خرجت من أوضتي وأنا بتطوح بقميص النوم بتاعي ورحت المكتبة. الذكريات من ماضي ڤيرونيكا ساعدتني ألاقيها بس برضه كان موضوع مُتعب لأنها مكنتش راحت هناك مرات كتير. 
      
      فتحت الببان البني الكبيرة عشان تكشف عن أوضة صغيرة مليانة كتب. الظاهر إن مفيش حد تقريباً كان بيستخدم المكتبة دي خالص بما إنها كانت متغطية بالتراب اللي مغطي ترابيزة بكرسيين وأرفف كتب كتير. كنت عارفة إني لازم أعمل بحث كأولوية أولى. ورغم إن كان عندي ذكريات ڤيرونيكا، هي كانت لسه طفلة ٦ سنين مش ذكية أوي ومن اللي قدرت أشوفه، كل اللي كانت بتعمله هو اللعب مع الخدم في الجنينة، حاجات زي الاستغماية أو التلييس. 
      
      بصيت في كل الأقسام عشان آخد فكرة كل قسم فيه إيه. دي كانت عادة عندي كل مرة بروح مكتبة جديدة في عالمي القديم. نصيحة مذاكرة رقم أربعة وعشرين: دايمًا خليك عارف مكتبتك المحلية أو أسهل مكتبة توصلها زي ضهر إيدك. بالطريقة دي مش هتضطر تستنى متدرب مكتبة بطيء وكسلان يخلص أكله لو عايز تلاقي حاجة. في الحالة دي مكنش فيه أمين مكتبة أصلاً فكنت هحتاج أحفظهم أكيد.
      
      بدأت الأول بالتاريخ بما إنه كان أهم معلومة محتاجاها. لقيت سلسلة كتب فيها التاريخ الكامل للمملكة اللي أنا عايشة فيها لحد من عقد فات.
      
      ممتاز! شديت السلسلة كلها من على الرف وكدستهم في دراعاتي الصغيرة. أوف! وقعت لقدام من مجرد تقل الكتب اللي كانت أتقل مني. في الآخر خدتهم للترابيزة واحد واحد وقريتهم ببطء. الموضوع خد الليل كله بس قدرت أخلصهم كلهم. في نهاية الموضوع كنت عرفت إن الأرض دي اسمها إريڤيا وإن اللي بيحكمها حالياً الملك داروين والملكة إليز. كان فيه كمان سحر، وجان، وحوريات، وحاجات خيالية تانية جامدة في العالم ده.
      
      جفوني بدأت تتقل وأنا بستوعب إنه رغم إن حالتي العقلية متعودة على السهر طول الليل، حالتي الجسدية مكنتش كده. رجعت أوضتي متعثرة، ومبسوطة من التقدم اللي عملته النهاردة.
      
      
      
      
      
      صحيت تاني يوم الصبح لقيت الخدامة بتاعة امبارح، بتحضر شوية شاي على الكومودينو اللي جنبي. اتثاوبت وهي خدت بالها إني صحيت.
      
      "صباح الخير يا ڤيرونيكا!" ماريا قالت بصوت سعيد ومبسوط. "عايزة تعملي إيه النهاردة؟ نلعب تلييس؟ ولا استغماية؟ أوه يمكن عايزة تلعبي عرايس وتلبيس!"
      
      ماريا كانت دايمًا زي أم لڤيرونيكا بس أنا مكنتش ڤيرونيكا بالظبط دلوقتي، وبالتالي أنا مبقتش عايزة أعمل الحاجات دي. بس برضه، لو قلت فجأة إني عايزة أذاكر ومش ألعب، أكيد هيفتكروا إن فيه حاجة غلط عندي. جاتلي فكرة، أنا ممكن أقول إني عايزة ألعب استغماية بره وبدل كده أتسلل للمكتبة عشان أذاكر عن السحر النهاردة. الخطة دي المفروض تنجح! هما عمرهم ما هيتوقعوا إن طفلة صغيرة تكون عايزة تروح أي مكان قريب من مكتبة. خصوصاً واحدة المفروض إنها متعرفش تقرا. كنت حاسة بعينيها المتحمسة عليا. للحظة نسيت إن كل الخدم شايفيني مجرد طفلة صغيرة عندها ٦ سنين وشوية منهم بيعتبروني زي بنتهم، خصوصاً ماريا.
      
      "أنا عايزة ألعب استغماية!" رديت وأنا بحاول أخلي صوتي شبه صوت ڤيرونيكا على قد ما أقدر.
      
      "ماشي! هروح أقول لسوزان وأنابيل." هي قالت وهي مبسوطة أوي.
      
      ————————
      
      اتجمعنا في الساحة بتاعة الجناح الغربي اللي كنت عايشة فيه. أهلي كانوا عايزين ولد فلما اتولدت أهملوني وطنشوني. بدل كده، أنا اتربيت على إيد ماريا وباقي الخدم اللي سابوهم ياخدوا بالهم مني وهما عايشين في الجناح الشرقي. بالنسبة للي يعرفوه، أنا كان ممكن أكون ميتة لأنهم مشافونيش من يوم ما اتولدت. افتكرت جملة من برنامج أطفال كنت بتفرج عليه عن ولدين صغيرين بيحبوا يبنوا حاجات في جنينة بيتهم الخلفية. كان فيه مشهد علق معايا أوي، الشرير بيقول حاجة عن إن أبوه وأمه الاتنين مجوش ولادته. فاكرة إني ضحكت على الحتة دي لإن على الأقل الأم كان لازم تكون موجودة عشان تولده بس برضه حسيت بشعور بسيط من الحزن لإني كنت مرتبطة بيه بطريقة ما. في الحياة دي وحياتي اللي فاتت أهلي البيولوجيين عمرهم ما اهتموا بيا.
      
      "ڤيرونيكا؟" سوزان، واحدة من الخدم، ندهت. "أنابيل هي اللي هتدور، قدامك ٦٠ ثانية عشان تستخبي!"
      
      "ماشي!" ضحكت، وأنا بفوء من أفكاري الكئيبة.
      
      أول ما كل الباقيين طلعوا يجروا عشان يلاقوا مكان يستخبوا فيه، أنا جريت رجعت للجناح الغربي على المكتبة. أنا مش بس كنت حافظة تصنيفات الكتب في المكتبة، أنا كمان كنت حافظة الطريق، ودي كانت نصيحة مذاكرة تانية، رقم ٢٣ دايمًا احفظ أماكن المكتبات المحلية وأسرع الطرق ليها. زقيت الببان البني الكبيرة عشان أكشف عن المكتبة اللي لسه متربة. دي كانت حاجة تانية... أنا كنت محتاجة بجد أنضف المكان ده. بما إن كل الخدم،
      
      اللي هما عبارة عن ماريا وسوزان وأنابيل وواحدة اسمها هايلي، اللي كانت في السوق النهاردة، مكنوش في الجناح الغربي، كان من الأمان إني أروح أوضة التخزين وأجيب جردل فيه مية ومقشة وشرشوبة. يمكن معنديش مكنسة كهربا بس كنت بعرف أستخدم المقشة لإن أهلي كانوا بالعافية قادرين يجيبوا مكنسة لحد ما بقى عندي حوالي ١٤ سنة في حياتي اللي فاتت.
      
      بعد ما جبت مقشة وشرشوبة وجردل مية، بدأت عملية التنضيف. الموضوع خد مني حوالي ٣٠ دقيقة بس لإن المكتبة كانت صغيرة أوي. كان لسه عندي وقت كتير عشان أبدأ أتعلم عن السحر. فقعدت على الترابيزة ومعايا كومة كتب كبيرة عن كل حاجة ليها علاقة بالسحر.
      
      ————————
      
      أخيراً خلصت كل الكتب! ده خد وقت طويل أوي! الظاهر إن الناس ممكن تظهر عندهم قدرات سحرية معينة. كان فيه شفاء، وقوة خارقة، وتواصل مع الحيوانات، وسرعة خارقة،
      
      وحتى تخفي. للأسف كان لازم تكتسب القدرات دي بطريقة ما. محدش كان يعرف الطريقة بالظبط. الطريقة الوحيدة اللي ده بيحصل بيها هي إنك في يوم تصحى من النوم وفجأة تلاقي عندك وشم مرتبط بقدرتك. السحر اللي الناس ممكن تتولد بيه بقى هو سحر العناصر. وده بيشمل المية، والنار، والأرض، والهوا.
      
      معظم أفراد العيلة المالكة أو الناس من الطبقات العليا بيتولدوا بعنصر. الطريقة عشان تفتح العنصر اللي عندك هي عن طريق ترديد تعويذة سحرية. ممكن متنفعش من أول مرة لو كنت صغير أوي لإن مخزون المانا بتاعك بيكون عادة صغير أوي وممكن التعويذة متقدرش تكتشفه. القدرات السحرية كانت مختلفة لأنها مبتستخدمش مانا. أنا قررت إني هجرب التعويذة عشان أشوف لو هتشتغل. كان من المستبعد أوي إنها تشتغل.
      
      "أرازابا..." جربت الكلمات على لساني عشان أشوف صوتها عامل إزاي. "أرازابا ليڤو تي أوڤرير!"
      
      استنيت. محصلش حاجة. أنا مش عارفة كنت متوقعة إيه وأنا مجرد طفلة ٦ سنين. بصيت من الشباك شفت الشمس بتغرب. يا نهار أبيض... هما زمانهم قلقانين أوي. قفلت آخر كتاب بسرعة وطلعت أجري من الباب. نزلت جري على السلالم اللي بتودي للساحة وراقبت عشان أشوف لو فيه حد هناك. استخبيت جنب الحيطة وأنا سامعة أصوات مرعوبة جاية من عند الزاوية.
      
      "يا إلهي!" صوت واطي قال بلهفة. "أنا مش قادرة ألاقيها في أي حتة!"
      
      صوت تاني كان بيعيط وأنا أدركت إن دول كانوا الخدم.
      
      "يارب تكون كـ-كويسة *شهقة* أنا هموت من القلق!"
      
      مشيت من عند الزاوية وأنا عاملة نفسي دايخة وكأني مخدتش بالي إنهم هناك.
      
      "ڤيرونيكا!؟" أنابيل ندهت وهي بتجري ناحيتي وشالتني في حضن كبير. "كنا قلقانين عليكي أوي! كنتي فين!"
      
      مقدرتش أقولهم إني كنت في المكتبة فبدل كده رديت: "أنا استخبيت في شجيرة وفضلت مستنية كتير أوي إن حد يلاقيني! في الآخر فضلت أمشي أدور عليكوا بس ملقيتكوش في أي حتة."
      
      ياه. الإحساس بالذنب عشان بكدب في وشهم كان فظيع أوي.
      
      "أوعي تخضينا عليكي كده تاني أبداً! إحنا بنحبك أوي!" سوزان عيطت.
      
      الدموع بدأت تنزل على خدودي البيضا زي البورسلين. محدش عمره قالي حاجة زي كده... في حياتي اللي فاتت حتى أهلي مكنش فارق معاهم أموت ولا لأ. دلوقتي بقى عندي ناس بيحبوني. في اللحظة دي كنا كلنا قاعدين وراكعين في دايرة بنعيط. المنظر غالباً كان شكله شيطاني جداً.
      
      أخيراً أنابيل فاقت وقالت: "يلا كلنا نروح ناكل العشا، إحنا غالباً منفعلين زيادة عشان محدش فينا اتغدى."
      
      بطني قرقرت في الرد وده خلى كل الناس تضحك. مشينا للمطبخ وهناك هايلي كانت بدأت تجهز العشا.
      
      "أنا شايفة إنكوا لقيتوها." هايلي قالت بشعور لا يذكر.
      
      هايلي مكنتش تعرفني كويس أوي لأنها كانت لسه جديدة في رعايتي. أنابيل نزلتني على الأرض وأنا اتمشيت بطَقْطَقَة لحد كرسي عشان أقعد عليه وأنا مستنياهم يخلصوا طبخ العشا. لما خلصوا أخيراً حطوا طبق فيه طين سخن بيطلع بخار. أنا كنت نسيت إن ده اللي المفروض أكون متعودة عليه بدل الهمبرجر والبطاطس المقلية. ياه هما غالباً ميعرفوش أصلاً إيه دول. حاولت أبلع الأكل من غير ما أخليه يلمس لساني وابتسمت.
      
      "شكراً ليكوا كلكوا عشان إنتوا أحسن عيلة في الدنيا." أنا قلت بأكبر ابتسامة.
      
      كلهم اتأثروا، بما فيهم هايلي. أكلنا وحكينا نكت وضحكنا لحد ما كلنا شبعنا وجه وقت نومي.
      
      سوزان حطتني على سريري وباستني من قورتي وهي بتقفل الباب. تصبحي على خير يا عيلتي الجديدة، قلت لنفسي.
      

      ساحرة الفولتوري - رواية فانتازيا

      ساحرة الفولتوري

      بقلم,

      فانتازيا

      مجانا

      بتخطفها فيكتوريا عشان تنتقم من أختها. شارلوت بتتعرض لتعذيب وحشي في سجن سري لحد ما بتبقى على حافة الموت. بالصدفة، حرس الفولتوري (جين وأليك) بيلاقوها وهما بينضفوا مكان المولودين الجدد. بيكتشفوا إن عندها قوة نادرة جداً بتقدر تعكس قواهم الخاصة عليهم. الفولتوري بيقرروا ياخدوها لـ "آرو" في فولتيرا عشان يضموها ليهم، وبيكدبوا على الكولينز ويقولولهم إنها ماتت.

      شارلوت

      خت بيلا التوأم. اتخطفت واتعذبت جسدياً ونفسياً لحد ما فقدت الأمل. بتكتشف إنها بتمتلك قوة "درع" نفسية بتعكس هجمات مصاصين الدماء (زي قوة جين وأليك).

      جين

      عضوة سادية في حرس الفولتوري. قوتها هي إيهام الألم. هي اللي اكتشفت شارلوت وقررت تاخدها للسادة.

      أليك

      أخو جين التوأم وعضو في الحرس. قوته هي حجب الحواس. قوته اتعكست عليه لما حاول يستخدمها ضد شارلوت.
      ساحرة الفولتوري - رواية
      صورة الكاتب

      عندما كنت فتاة صغيرة، أتذكر أن أبي كان يروي لي قصصاً عن فارس شجاع يهزم عدواً يبدو من المستحيل هزيمته لينقذ الأميرة.
      
      "بالراحة. متنساش الأوامر. البني آدمة دي لازم تفضل عايشة"
      
      كنت أسرح في أحلام اليقظة لساعات حول مقابلة الفارس الذي سيخطفني من على قدمي، وكيف سنقع في الحب ونحظى بنهاية سعيدة.
      
      "يا خراب بيتي! مكنتش أقصد أكسر رجلها! أنا نسيت قد إيه البني آدمين ضعاف"
      
      لم أحسد أختي التوأم عندما وقعت في الحب. كنت سعيدة جداً من أجلها... حتى لو كان الشاب الذي تواعده يثير اشمئزازي. عندما تركها وأصبحت مجرد قشرة من نفسها، بدأت أخشى قوة الحب.
      
      "ريحتها تجنن! أنت متأكد إننا مينفعش ندوق حتة؟ حتة صغيرة بس!"
      
      كرهت رؤيتها هكذا. سحبتها معي للخروج مع أصدقائي. ببطء، ببطء شديد، بدأت تعود لطبيعتها مرة أخرى.
      
      "إيه يا رايلي! فيكتوريا عمرها ما هتعرف!"
      
      ثم، واحداً تلو الآخر، أُصيب كل صديق من أصدقائي بالحمى. كنت قلقة جداً على كل واحد منهم ولكن اتضح أن مخاوفي لم تكن تعني لهم شيئاً. بعد أن تعافوا، لم يعودوا يجيبون على مكالماتي... لم يعودوا حتى ينظرون إلي.
      
      "خلاص! مش هنشرب دمها"
      
      رفضت أن أنهار بسبب خسارة صداقاتي. رفضت أن أكتئب مثل أختي التوأم. كنت أقوى من ذلك.
      
      "جسمها بقى، دا موضوع تاني"
      
      لفترة قصيرة جداً، كنت بخير... أو على الأقل هذا ما قلته لنفسي. لا يهم أن تلك القوة لم تعد مهمة الآن.
      
      "طول ما أنتوا مش هتقتلوها، اعملوا اللي أنتوا عايزينه"
      
      كنت في الجحيم. الشياطين كانوا ملائكة بعيون حمراء متعطشة للدماء.
      
      "شكرًا يا رايلي! إنتِ أحسن واحدة!"
      
      أردت فقط أن أموت.
      
      ━━━━━━»»•••««━━━━━━
      
      فتحت عيني المتورمتين ببطء ولكن قوبلت بالظلام. يبدو أنني قد أغمي علي مرة أخرى من جولة أخرى من الضرب و... لم أستطع حتى تحمل التفكير في البقية. جسدي كله كان يؤلمني وما زلت في هذا السجن اللعين الذي لا نوافذ له. بطريقة غريبة، كنت ممتنة تقريباً لهذا الظلام الدامس. لم أكن أستطيع سوى تخيل حالة جسدي. لم أكن أريد أن أرى الدليل الفعلي على ما حدث. رفضت ساقاي إطاعة أوامري، ولم تكن لدي القوة لرفع ذراعي ورأسي يتدلى بعجز لأن حتى رفعه يتطلب قوة لم أمتلكها. كان نظامي الغذائي اليومي يتكون من قطعتي خبز، غالباً ما تكونان قديمتين، وكوب من الماء إذا توفر. لم يُسمح لي أبداً بمغادرة سجني الصغير. لا للاستحمام، ولا للذهاب إلى الحمام. الرائحة التي تحملتها كانت نتنة. كان هذا انتصاري الوحيد ضد خاطفي. بينما لم أستطع تحمل الرائحة، كانت أسوأ على أنوفهم الحساسة.
      
      'لازم أفضل عايشة. هما هيلاقوني'، هكذا فكرت في البداية عندما تم اختطافي. ومع ذلك، مع مرور الوقت، أصبحت طاقتي مركزة فقط على الاستيقاظ بعد كل جولة ضرب. أمل العثور علي كان يتلاشى في كل مرة يزورني فيها الوحوش ذوو العيون الحمراء. الآن؟ أملي الوحيد هو أن أستطيع الحفاظ على سلامة عقلي. كان الأمر صعباً رغم ذلك. كان المكان هادئاً. كان هادئاً دائماً. لقد منحني هذا الكثير من الوقت للتفكير في الحياة قبل كل هذا. المرة الوحيدة التي سمعت فيها ضجيجاً كانت إما صرخاتي أو سخرية حراس السجن عندما يزورونني.
      
      أغمضت عيني مرة أخرى وحاولت تذكر الأوقات السعيدة. أختي التوأم وأنا نشرب الشاي ونحن نقرأ في صمت مريح. مهارات أبي المريعة في الطبخ. وجهة نظر أمي الفريدة في الأمور ومحاولاتها المستمرة لترتيب مواعيد غرامية لأختي التوأم. أصدقائي وأنا نأكل البيتزا بينما نشاهد أفلام رعب مبتذلة. بضع دقائق داخل رأسي من الأفكار السعيدة كانت شريان حياة إذا أردت أن أبقى عاقلة. فجأة، سمعت أصواتاً مكتومة في الخارج.
      
      "في حاجة غلط! لازم نمشي! طز في البني آدمة دي، يلا نخلع من هنا!" همس صوت.
      
      كانت هناك خبطة على الباب المعدني لسجني، "رايلي قالت نحرس البني آدمة دي. دي احتفال النصر لفيكتوريا بعد ما يقطعوا الأوباش اللي بيحبوا الحيوانات دول".
      
      "بس إنت مش حاسس يا عم؟ أنا حاسس إن في حد بيراقبنا!" قال الصوت الأول بذعر أكبر، "في حاجة برة!".
      
      "امسك نفسك! إحنا مصاصين دماء! إحنا أسياد المفترسين!" سخر الصوت الثاني.
      
      حتى الآن... حسناً، طوال المدة التي قضيتها في هذا الجحيم، اكتشفت أن مصاصي الدماء حقيقيون جداً. من المرأة ذات الشعر البرتقالي التي صدمتها شاحنتي والتي أوصلتني إلى هذا الموقف إلى التعذيب الذي تحملته، مصاصو الدماء حقيقيون جداً ويجب الخوف منهم جداً.
      
      "إنت مين؟" صرخ صوت. فجأة، لم يكن هناك سوى الصراخ.
      
      انفتح باب سجني بقوة وركض شيء ضبابي نحوي، "أنا معايا رهينة!".
      
      سمعت ضحكة تشبه ضحكة طفل، "وإيه يعني".
      
      شعرت برأسي يُشد للخلف بزاوية غير مريحة، "أنا سمعت عنك من ريبلي! إنتِ-إنتِ زي البوليس! أنا-أنا معايا رهينة بشرية! دي ت-ت-توأم البنت اللي اسمها سوان اللي فيكتوريا كانت مهووسة بيها! ف-ف-ممكن تاخدي دمها وك-كل حاجة بس سيبيني أمشي! أنا مش عايز أموت!". بدا أن مصاص الدماء الذي كان يسبب لي عدم الراحة يعاني من انهيار كامل. تحولت من رهينة إلى ورقة مساومة. فتحت عيني ببطء مرة أخرى وارتجفت قليلاً عندما قوبلت بالإضاءة العلوية القاسية ولكن أبقيتهما مفتوحتين.
      
      كانت تقف عند المدخل، فتاة شابة شقراء الشعر بعيون حمراء. بدا أنها ترتدي معطفاً أسود بغطاء للرأس ولكن مع مدى تورم عيني، كان من الممكن أن تكون الفتاة ترتدي معطفاً برتقالياً فاقعاً وربما لم أكن لأستطيع تمييزه. ومع ذلك، تلك العيون الحمراء الزاهية، التي تكاد تكون متوهجة، كانت شيئاً يمكنني تمييزه بوضوح شديد.
      
      "ألم"، ابتسمت الفتاة. فجأة تراجع مصاص الدماء بجواري وأطلق صرخة تمزق الدم وهو يطلق شعري.
      
      "وقفي! أرجوكي وقفي!" توسل بعجز. بكل ما أوتيت من قوة، أدرت رأسي لأنظر إلى حارسي. بقدر ما يبدو هذا سادياً، كانت صرخاته أجمل صوت سمعته في حياتي. أحد الأوغاد الذين جعلوا حياتي جحيماً كان يتلقى أخيراً جزاءه. استمر هذا لعدة دقائق قبل أن يتوقف مصاص الدماء بجواري عن الصراخ ويسقط على الأرض. أبعدت نظري عن جسده الذي لا يتحرك ونظرت إلى الدخيلة.
      
      جعدت الفتاة أنفها باشمئزاز عند رؤيتي، "ألم".
      
      استعددت قدر استطاعتي، علمت أن هذا لن يكون جميلاً. مصاص الدماء الذي بدا أنه لا يُقهر بجواري تحول إلى فوضى عارمة لذا كنت أخشى حقاً ما سيحدث بعد ذلك. بعد بضع ثوانٍ، تراجعت وصرخت. ظهر مصاص دماء آخر بجانبها. كلاهما درساني لما بدا وكأنه الأبد.
      
      كنت أبذل قصارى جهدي لأبقى مستيقظة. بينما لم يهاجمني مصاصا الدماء أمامي بعد، كنت أشعر بالخوف الشديد من الطريقة التي كانا يدرسانني بها. أعتقد أنني بدأت أفهم كيف يكون شعور أن تكون حشرة تُفحص تحت المجهر. ظهر مصاص دماء آخر ذو بشرة زيتونية قليلاً عند المدخل وسار نحوي. ارتجفت من مفاجأة ظهوره وأغمضت عيني. لقد أعددت نفسي عقلياً لفترة طويلة أن هذه الحفرة الجحيمية هي المكان الذي سأموت فيه. صليت بصمت أن تجد عائلتي جثتي على الأقل لمنحهم بعض السلوان. أختي التوأم، أمي، أبي، أصدقائي. على الأقل سيكون لديهم بعض الخاتمة.
      
      شعرت بضربات قلبي تصل إلى مليون ميل في الساعة وأنا أسمع مصاص الدماء يقترب مني. أبقيت عيني مغمضتين وأصبح تنفسي ضحلاً أكثر فأكثر حيث بدأت أشعر بالدوار. شعرت بوعيي يبتعد ببطء. على الأقل هذا الجحيم سينتهي أخيراً.
      
      ━━━━━━»»•••««━━━━━━
      
      ركض أليك إلى جانب أخته عندما سمع صراخها.
      
      "أأنتِ بخير؟" سأل بصدمة طفيفة. لقد مر وقت طويل جداً منذ أن جرح أي شخص جين بما يكفي ليؤذيها. لم تجب جين لكنه لاحظ أن نظرتها كانت مثبتة على شيء ما. أدار رأسه ببطء ليرى ما الذي أسر اهتمامها وجعد أنفه باشمئزاز عندما رأى بشرية شبه واعية. من الواضح أن ساقيها قد كُسرتا في عدة أماكن مختلفة، ولم تكن ذراعاها أفضل حالاً وكانت بشرتها التي كانت شاحبة يوماً ما مغطاة بالتراب والقذارة والعديد من الكدمات والجروح. كان من أعباء كونك مصاص دماء هو حاسة الشم المعززة. بدا أنه قد سُمح للبشرية بالتعفن في فضلاتها بين أمور أخرى. كان بالكاد يستطيع تمييز ملامح وجهها لأنها تعرضت للضرب المبرح وكانت عملياً هيكلاً عظمياً حياً لمدى نحافتها. بالكاد كانت تبدو بشرية إذا كان صادقاً.
      
      "أليك، جرب قوتك عليها"، أمرت جين، وعيناها لم تترك البشرية. أطاع أليك أخته وركز على البشرية. بدلاً من أن تفقد البشرية حواسها، أدرك أليك برعب متزايد أنه هو الذي يفقد حواسه. بدأ سمعه يضعف، وبدأت رؤيته تفقد وضوحها ببطء. توقف بسرعة عن استخدام قواه وعادت جميع حواسه إلى طبيعتها. سمع فيليكس وديميتري ينضمان إليهم.
      
      
      
      
      
      "جين،" همس حتى لا يسمعه أحد سواها، "إيه اللي بيحصل؟".
      
      ابتسمت أخته ابتسامة طفيفة جداً، "يبدو إنه هيكون معانا حمولة زيادة في رحلة رجوعنا للبيت".
      
      فيليكس، الذي سمع تعليق جين، رفع حاجبه، "هل السادة هيوافقوا؟". قاومت جين الرغبة في أن تدير عينيها. كانت تكره التعامل مع الأغبياء. السادة يثقون في حكمها.
      
      "ديميتري، خد البشرية نضفها وبعدين روح البيت بالطيارة. أنا مش هخلي قذارتها تبهدل الطيارة. مصيرها يرجع للسادة،" أمرت جين، "لو مصادرنا صح، المعركة في فوركس قربت تخلص. فيليكس وأليك وأنا هنروح هناك دلوقتي ونصلح فوضى تانية عملها محبين الحيوانات دول. بعدها هنسافر لفولتيرا وننبه السادة بنفسنا. أنا عارفة إنهم هيبقوا عايزين يشوفوها". أومأ ديميتري برأسه ومشى من جنب التوأم ودخل الأوضة الصغيرة اللي راقدة فيها البشرية المكسورة.
      
      "يا له من اكتشاف مثير للاهتمام"، علق ديميتري قبل أن يختفي.
      
      ━━━━━━»»•••««━━━━━━
      
      منذ وقت غير معلوم
      
      "أهلاً بعودتكم جميعاً إلى راديو مائة واثنين إف إم! الأغنية التالية في قايمة العد التنازلي بتاعتنا هي 'خاسراً ديني' لفرقة آر. إي. إم."، زقزق المذيع في الراديو بينما بدأت دندنة الجيتار المميزة. كنت أمسح دموعي بقوة وأنا أقود عائدة من لا بوش إلى المنزل.
      
      أنا عملت إيه وحش أوي كدة عشان الولاد، أعز أصحابي، يرفضوا يكلموني. لما بيلا وأنا نقلنا نعيش مع بابا تاني، أنا وجيك اتصاحبنا على طول. كان عندنا نفس حس الفكاهة، واهتمام بالعربيات واهتمامات مراهقين تانية دلوقتي تبدو كلها ملهاش معنى. بعدها اتعرفت على إمبري وكويل. بقينا الرباعي العجيب، لازقين في بعض زي ضل بعض. بيلا وأنا كنا اتهدينا عربية حمرا، وبكل أنانية، كنت بستخدمها باستمرار عشان أزور الولاد بعد المدرسة وفي أجازات آخر الأسبوع. حسيت بذنب أقل شوية لما بيلا شجعتني. بعد ما بدأت تواعد إدوارد، كان دايمًا بياخدها في عربيته. ضغطت على نفسي وخرجت برة منطقة راحتي، ورغم إني كونت شوية أصحاب في المدرسة، مكنوش هما الناس اللي ممكن أخرج معاهم برة المدرسة أبداً. عشان كدة كنت بعتز بالولاد أوي. كانوا أعز أصحابي والناس اللي يعرفوني أكتر حاجة.
      
      لما إدوارد ساب بيلا وبيلا دخلت في اكتئاب عميق، شجعت (أجبرت) بيلا إنها تخرج معانا أنا والولاد. الموضوع كان بطيء بس بالتدريج، بيلا كانت بترجع لطبيعتها تاني. وبعدين فجأة في يوم، إمبري جتله حمى وحشة. هو خف بس رفض يخرج معانا. بعدها جيك جتله الحمى وبعدها هو كمان بطل يخرج معانا. وأخيراً، كويل كمان جتله الحمى و... بصراحة، عمري ما عرفت قد إيه أنا كنت بعتمد على الولاد غير لما راحوا. أكتر حاجة ضايقتني إن بيلا كانت لسه على تواصل معاهم. كانوا لسه بيكلموها. لما واجهتها، أختي التوأم رفضت تقولي السبب.
      
      "ده مش سري عشان أحكيه،" هي قالت. ورغم إني احترمتها عشان كدة، جزء عميق جوايا كان برضه مستاء منها جداً. هي مخصرتش أقرب أصحابها. التلاتة كانوا الإخوات اللي عمرهم ما كانوا عندي. إحنا كنا عيلة! ورغم إنهم يمكن اتخلوا عني، أنا مكنتش هتخلى عنهم. أنا كنت رحت هناك أواجههم تاني، ولو قلت إن الموضوع مشي وحش يبقى بوصفه بأقل من حقيقته.
      
      نقدم الزمن لحد دلوقتي، وأنا بحاول مابكيش بهستيريا وأنا سايقة راجعة البيت. مسحت جولة جديدة من الدموع مرة تانية وفجأة ظهرت ست بشعر برتقاني على الطريق قدامي.
      
      "يا خراب بيتي،" شتمت وأنا بلف عجلة القيادة عشان أتجنب إني أخبطها. العربية الحمرا انحرفت عن الطريق ودخلت الغابة وفقدت الوعي.
      
      فتحت عيني ببطء وانيت بصوت واطي ودماغي بتخبط. إزاز العربية الأمامي كان مشروخ، وجزء من العربية كان ملفوف حوالين شجرة. رفعت إيدي على جبهتي وحسيت بسائل لزج. مديت إيدي على الكرسي اللي جنبي وطلعت تليفوني من شنطتي. دورت على نمرة بيلا واتصلت بيها.
      
      رنة
      رنة
      رنة
      
      'أهلاً. هنا بيلا. سيب رسالة'
      
      اتنهدت. طبعاً، هي اختارت متردش على تليفونها دلوقتي بالذات.
      
      "أهلاً بيلا. كلميني أول ما تشوفي الرسالة دي. أنا عملت حادثة عربية و...،" سكت وأنا فجأة بشوف الست اللي شعرها برتقاني من خلال الإزاز المشروخ، "إنتِ كويسة؟ بيلا بس كلميني لما تشوفي دي". في اللحظة دي بس لاحظت شاب واقف جنب الست اللي شعرها برتقاني و... هما الاتنين كان عندهم عيون حمرا فاقعة. جسمي كله اتشنج، كأن جسمي أدرك الخطر اللي أنا فيه قبل عقلي بكتير. هي دي اللي الناس بتقول عليها غريزة الهجوم أو الهروب؟
      
      مشلتش عيني من عليهم وأنا بطلب نمرة تانية تلقائياً على تليفوني.
      
      رنة
      رنة
      رنة
      
      'لقد وصلت للبريد الصوتي لقائد شرطة فوركس تشارلي سوان. من فضلك اترك رسالة'
      
      قفلت المكالمة بسرعة وجربت نمرة تانية.
      
      رنة
      رنة
      رنة
      
      'أهلاً! جيكوب بلاك هنا! إنت عارف هتعمل إيه!'
      
      الشخصين اللي عيونهم حمرا ابتسمولي بسخرية. إيدي بدأت تترعش وأنا بطلب نمرة تانية، وعيني مش بتتشال من عليهم.
      
      رنة
      رنة
      رنة
      
      'إيه الأخبار يا جماعة؟ سيبوا رسالة لصاحبكم إمبري!'
      
      الراجل ضرب لكمة في الإزاز الأمامي خلاه يتكسر بالكامل. صرخت من الرعب وغطيت نفسي من شظايا الإزاز. فكيت حزام الأمان بسرعة وقدرت أخرج متعثرة من الحطام اللي كان عربيتي قبل ما أترنح وأرجع للطريق. حاولت مرة تانية.
      
      رنة
      رنة
      رنة
      
      'هنا كويل. سيب رسالة'
      
      فجأة ظهر قدامي شاب وسيم جداً بشعر أشقر لامع وعيون حمرا زاهية.
      
      "هي دي اللي بندور عليها يا فيكتوريا؟" سأل. يا إلهي حتى صوته كان مدهش. إيد مرت على ضهر شعري والست اللي شعرها برتقاني ظهرت جنب الراجل.
      
      "مش هي اللي بطاردها بس قريبتها،" فيكتوريا قالت. نفسي اتقطع. الناس دي بتدور على بيلا؟
      
      أجبرت نفسي أكون شجاعة رغم إن جسمي بيصرخ عشان أهرب، "إ-إنتوا عايزين إيه من أختي؟". الست اللي اسمها فيكتوريا ابتسمت. رفعت إيدها وحسيت بيها بتمسح دم من على جبهتي. قربت إيدها اللي عليها دم دلوقتي من بقها وشوفتها برعب مكتوم وهي بتلحس الدم من على صوابعها.
      
      "شبه بعض أوي وبرضه مختلفين أوي،" همست، كأنها في غيبوبة. بيلا وأنا مكنّاش توأم متطابق بس كنا شبه بعض أوي في الشكل. وشوشنا كانت مختلفة شوية وعنيا وشعري كانوا أغمق شوية من أختي التوأم.
      
      "قوليلي،" فيكتوريا فجأة خرجتني من أفكاري، "إنتِ بتؤمني بمصاصين الدماء؟".
      
      رمشت كذا مرة. أكيد أنا سمعتها غلط؟
      
      "م-مصا-" سألت وأنا مش مصدقة.
      
      الراجل قاطعني، "فيكتوريا، الهجناء بيقربوا".
      
      فيكتوريا هزت راسها وبعدين ظهرت ابتسامة قاسية جداً على وشها، "افتكرى ده دايمًا، كل ده غلطة أختك".
      
      الدنيا اسودت.
      
      لما صحيت المرة اللي بعدها، كنت في أوضة صغيرة من غير شبابيك وضلمة كحل... ومن هنا بدأ جحيمي.
      
      ━━━━━━»»•••««━━━━━━
      
      "اخفوا أفكاركم عن البشرية دي،" جين أمرت أليك وفيليكس وهما بيقربوا من ساحة المعركة، "نظراً لشبهها ببشرية معينة، هيكون من الحكمة إنهم ميعرفوش حاجة".
      
      أليك وجين وفيليكس دخلوا المكان الفاضي وسط الغابة واستمتعوا بالخوف اللي ظهر على وشوش عيلة كولين. مهما حاولوا يخفوه، أي حد هيكون غبي لو مخافش من الفولتوري. التلاتة قربوا أكتر من العيلة وفيليكس بص على حفرة النار بملل. وقفوا على بعد كذا متر من الحشرات اللي بتحب الحيوانات دي وشالوا أغطية راسهم.
      
      
      ---- انتظروا الفصل الثاني ----
      
      

      روايه الكوخ الأبدي

      الكوخ الأبدي

      بقلم,

      مغامرات

      مجانا

      بنت كفيفة عايشة في كوخ مع عيلتها، ومكانها المفضل هو المرج. في يوم بتعرف إن الأمير بتاعهم "وحش" بسبب لعنة من ساحرة، وإن الملك قرر يجمع كل البنات عشان الأمير يختار منهم أميرته. عيلتها بتحاول تخبيها هي وأخواتها، ووالدتها قلقانة عليها أكتر عشان شايفاها "عاجزة". في نهاية الفصل، بيتهم بيتعرض لهجوم مفاجئ، ومامتها بتصرخ إنهم بيتهجم عليهم.

      أرليت

      كفيفة وعندها شعر أحمر ناري. بتحب الطبيعة وعندها موهبة تحس بمشاعر الناس. حاسة إن عيلتها بتقلل منها.

      كيد

      خت أرليت التانية، شعرها بني مجعد وعينيها زرقا، مرحة وسعيدة.

      الأمير

      ملعون ومتحول لـ "وحش" (قاسي، بلا قلب، وشكله مشوه) وبيدور على أميرة تكسر اللعنة.
      روايه الكوخ الأبدي
      صورة الكاتب

      الفصل الأول
      
      أرليت أخذت نفساً عميقاً. كالعادة، كانت مسحورة بالرائحة التي تفوح من الزهور المتفتحة حولها. رقصت قليلاً. هي دائماً تحب هذا المكان. كان هادئاً ومسالماً. كانت تستطيع سماع زقزقة العصافير الصغيرة بهدوء حولها، والرياح تلاعب شعرها الأحمر الناري وهي تدور. وهي تفعل ذلك، كانت تشعر بالإحساس الرقيق والوخز الخفيف للزهور بجانب قدميها، مما جعلها تبتسم. كانت تستطيع سماع ضحك الأطفال من بعيد، وهم يجرون ويصرخون.
      
      كان المرج مكانها المفضل. كان دائماً يمنحها الشعور الرائع بأنها يمكن أن تكون على اتصال بالطبيعة ومع كل شيء آخر. ألقت رأسها للخلف، تاركة الشمس الغاربة تضرب وجهها وتقبل بشرتها. كانت تشعر بحرارتها، وهذا بالتأكيد يشير إلى أن الجو كان حاراً جداً اليوم. ثم، أخيراً، انهارت، ظهرها يلامس الأرض، ووجهها مواجهاً للسماء.
      
      "يا أرليت، العشاء جاهز!" صاحت جدتها من الكوخ.
      
      تنهيدة ثقيلة خرجت من شفاه أرليت، حيث اختفت فرصة الحصول على وقت فراغ في لحظة، ثم وقفت مرة أخرى، تبحث في جيب فستانها وتمسك بعصاها. لم تكن بحاجة إليها، كانت تعرف طريق عودتها، ولكن فقط حتى لا تصاب جدتها بالذعر، كانت تستخدمها بكل سرور. كانت قد حصلت على العصا من العالم "الخارجي"، حيث يعيش البشر، عندما كانت أصغر سناً. تذكرت عندما لم يتمكن أي ساحر أو معالج من إيجاد شيء لها يمكن أن يرشدها. هذا، حتى قرر عمها أنه سيخرج خارج الأراضي، حيث كان العلاج أكثر تقدماً.
      
      العيش بدون عصا لم يكن صعباً جداً على أرليت. عندما كانت أصغر سناً، كانت تستطيع تمييز كل شيء تقريباً حولها دون أي إزعاج. كانت تستطيع المشي في كوخها دون أن تتعثر، والمشي عبر الحقول دون أن تضيع... لكن والدتها، كالعادة، أرادت الأفضل لها ولأخواتها.
      
      كان هناك بعض الجدل، بالطبع؛ لم يكن من المفترض أن يحصلوا على أي شيء من العالم الخارجي، لكنها كانت بحاجة ماسة إليه، كما قالت والدتها، ولم يكن هناك خيار آخر.
      
      مشت نحو كوخ عائلتها، مستمتعة بالألفة فيه. لقد عاشت هنا طوال حياتها، ولم تكن لترغب في تغييره بأي شيء، هذا المكان كان مثالياً. كان المكان الذي كبرت فيه هي وأخواتها. كان المكان الذي عرفت فيه معنى العائلة. كانت تستطيع تذكر كل الذكريات. الضحك، والبكاء، والأحضان...
      
      كتمت أرليت ضحكة؛ في ذلك الوقت، كانت أخواتها رائعات، دائماً يقلقن بشأنها، ودائماً يحمونها من الأطفال الوقحين والجهلة—كيف كان الأطفال الآخرون يتجهمون ويبكون لأن أخواتها قد أعطينهم درساً جيداً. كانت تلك أوقاتاً جيدة، وذكريات جيدة. لكن الأمر تغير– كل شيء تغير. لأنه عندما بدأ الرجال يضعون أعينهم على أخواتها بمجرد أن يكبرن، كانت أرليت تُدفع ببطء إلى الخلف.
      
      في البداية، لم تستطع أن تفهم ما كان يحدث، ولكن عندما شرحت لها أخواتها، أصبح الأمر كله واضحاً تماماً.
      
      عند دخولها الكوخ، وإغلاق الباب خلفها، قوبلت بروائح قوية. كرمشت أنفها من الرائحة. قوية جداً. ماذا كانت جدتها تطبخ؟ شقت طريقها بحذر إلى المطبخ. أصبحت الروائح أقوى قليلاً كلما اقتربت. كان الجميع في المطبخ بالفعل؛ كانت تستطيع سماعهم—أخواتها يتحدثن بحماس، ووالدتها تتحدث إلى والدها عن كيف يجب أن يذهب إلى مكان ما لعلاج سعاله المستمر، وجدتها تبحث في الأدراج تفعل الله أعلم ماذا.
      
      "أوه، أرليت، أخيراً، أنتِ هنا. كنا ننتظرك،" سمعت والدتها تقول بحنان وهي تأخذ مقعداً في أحد الكراسي. أغلقت عصاها، ووضعتها مرة أخرى في جيب فستانها.
      
      أومأت برأسها صامتة، متتبعة المكان الذي سمعت فيه صوت والدتها.
      
      بعد دقيقتين، كان الجميع يأكلون ويتحدثون بلا هدف، لم تكن أرليت تولي اهتماماً كبيراً لأي من المحادثة التي كانت تدور. ومع ذلك، ذكرت إحدى أخواتها شيئاً جعل رأسها يتبع ببطء صوتها الدرامي.
      
      "هل سمعتِ؟ الملك قلق من أن ابنه، الأمير، لن يجد أميرته." كانت هذه إمبر تتحدث، أختها الكبرى. كانت إمبر تتمتع بشعر أشقر باهت طويل جداً يصل إلى خصرها، وكانت طويلة بعيون خضراء. جميلة جداً. على الأقل، هكذا وصفتها والدتها.
      
      قبل أن تتمكن أختها الأخرى من الرد على ذلك، تنهدت والدة أرليت، كان بإمكانها سماعها وهي تضع شوكتها، "أنا متأكدة من أننا جميعاً نعرف السبب يا إمبر، ليست هناك حاجة للحديث عن ذلك."
      
      لكن أرليت لم تكن تعرف، لذلك على الرغم من تحذير والدتها بإنهاء المحادثة، أدارت رأسها إلى حيث سمعت إمبر تتحدث، وسألت: "لماذا؟"
      
      "أرليت..." حذرها والدها، وهو يسعل، من الواضح أنه لا يريد التحدث عن ابن الملك.
      
      "لأن الأمير وحش يا عزيزتي أرليت،" أجابت إمبر بشكل درامي، دون أن تستمع إلى أي من والديها.
      
      "يكفي هذا يا إمبر!" صرخت جدتها، وهي تصفع الطاولة وهي تنهض، غاضبة.
      
      كيف لم تعرف أرليت بهذا بينما من الواضح أن كل شخص آخر في العائلة يعرف؟ وبدا تحديداً أنه موضوع حساس. شعرت مرة أخرى بأنها آخر من يعلم بكل شيء. حتى لو كان أصغر شيء، كانت دائماً آخر من يعلم به، وهذا جعل دمها يغلي.
      
      بعد ذلك، أنهى الجميع تناول الطعام في صمت ثقيل ومحرج بشكل غبي. كانت أرليت لا تزال تفكر في الأمير وكيف وصفته إمبر بأنه وحش. ماذا كانت تقصد؟ هل كان يتصرف كوحش؟ بلا قلب وقاسٍ؟ أم أنه كان وحشاً—مشوهاً وقبيحاً؟ أم كان كلاهما؟ كل هذه الأسئلة كانت تدور في ذهنها، مما جعلها تتساءل.
      
      كسرت والدة أرليت الصمت، "لا نريدكن يا فتيات أن تتحدثن عن ابن الملك في هذا المنزل، كلنا نعرف أنه موضوع حساس—"
      
      
      
      
      
      
      "يا ماما، كل اللي في القرية بيتكلموا عنه،" قاطعتها كيد، أختها التانية، وأرليت كانت ممكن تحلف إنها قلبت عينيها. كيد، زي ما مامتها وصفتها، كانت برضه طويلة، بس بخصلات شعر بنية مجعدة وعيون زرقا.
      
      هما التلاتة كانوا مختلفين. خصوصاً أرليت. أرليت كان شعرها أحمر ناري بينزل على وسطها في موجات تقيلة. كان عندها عيون عسلي لامعة، ووش رقيق على شكل قلب. مامتها قالتلها إنها مش طويلة زي أخواتها، لكن طولها متوسط. مامتها قالت إنها برضه جميلة جداً، بس أرليت استنتجت إنها مش بجمال أخواتها.
      
      "إحنا مدركين ده كويس يا كيد. لكن الملك حذرنا كلنا في رسايل، وإحنا المفروض نتبع رغباته،" مامتها قالت بهدوء، وهي بتزق الكرسي، وده بيبين إنها وقفت.
      
      أرليت كمان استأذنت عشان تروح تنام، والغريب إن مامتها قررت توصلها، وشبكت دراعها في دراعها.
      
      "يا ماما، أنا عارفة طريقي."
      
      "أنا عارفة يا حبيبتي. أنا بس عايزة أتكلم معاكي."
      
      وهي بتقفل الباب وراها، أرليت فكت دراعها من مامتها، وراحت ناحية سريرها، قلعت جزمتها، وقعدت براحة. هي كانت بتحب ريحة أوضتها. كانت ريحتها زي الزهور والخوخ، حاجة هي دايماً بتحبها.
      
      هي كانت غضبانة بحذر من مامتها—ومن كل حد في عيلتها في النقطة دي. ومامتها كانت عارفة ده.
      
      "أرليت، أنا آسفة إني مقولتلكيش بدري عن الجواب—" مامتها بدأت تقول، لكن أرليت قاطعتها.
      
      "مش وكأنك كان عندك أي نية تقوليلي يا ماما. بس قوليلي، ليه لازم أكون آخر واحدة تعرف كل حاجة؟" أرليت كانت غضبانة جداً، لكنها اتكلمت بهدوء مع مامتها، ودي كانت حاجة فاجأتها هي نفسها بشكل لا يصدق. كانت سامعة مامتها وهي بتقعد على الكرسي الجلد اللي جنب سرير أرليت، وهي بتهمهم بحاجة لنفسها.
      
      اتنهدت. "إحنا بس مش عايزين أي واحدة فيكم يا بنات تكون في خطر،" وقبل ما أرليت تسأل هما ليه أصلاً هيكونوا في خطر، مامتها كملت، "أنا هحكيلك حكاية يا أرليت، وعايزاكي تسمعي كويس،"
      
      أرليت هزت راسها في صمت، وهي دلوقتي محتارة أكتر من أي وقت فات. كانت سامعة الجدية في صوت مامتها، وده رعبها. هي كانت عارفة إن باباها صديق كويس للملك، بس أكيد مفيش حاجة حصلت بينهم؟
      
      "طول السنين دي، كان فيه إشاعة إن حد قريب للملك اتلعن من ساحرة شريرة وسادية. أنا متأكدة إنك سمعتي عنها؟" مامتها سكتت لحظة، وأرليت هزت راسها. "طيب، زي ما هو متوقع، ده ابنه—هو اتلعن. محدش يعرف السبب الحقيقي، بس زي دايماً، الإشاعات بتتكلم عن ده." مامتها سكتت.
      
      أرليت كانت عارفة إن فيه نسبة قليلة جداً من الساحرات الشريرات في أراضي الجنيات؛ هما في العادة كانوا كويسين، بيهتموا بشؤونهم بهدوء. هما غالباً كانوا ضد الشر، وبيساعدوا أي حد محتاجهم. بس كان فيه برضه ساحرات شريرات جداً جداً بيستخدموا قواهم العظيمة لمصلحتهم، وبيسببوا ضرر كبير وحاجات زي كده.
      
      "إيه هي الإشاعات؟" أرليت سألت، وهي بتبلع ريقها اللي ساد حلقها. هي كانت بتكره الأنواع دي من الحكايات.
      
      "من زمان أوي، الأمير الوسيم وقع في حب سيدة شابة وجميلة. هي كانت ست حياته، على حد قوله. كان هيتجوزها. كانوا بيبانوا كأنهم الكوبل المثالي. القدر كان في صفهم. بس السيدة الشابة دي كانت غريبة شوية..." هي سكتت. "اتضح إن في يوم، لما الأمير كان طالع السلالم لأوضته، لقاها بتبوس واحد من الحراس. هو كان ممزق وغضبان وقرر ينهي علاقتهم. بس البنت اترجته واتوسلتله إنه يسامحها، وقالت إن القدر عايزهم مع بعض؛ بس الأمير مكنش متقبل ده."
      
      "جه دورها هي عشان تغضب وقتها. البنت طلعت ساحرة وفي يأسها، لعنته على غلطته الصغيرة دي—خلته قاسي وبلا قلب ووحيد، وشوهت وشه لدرجة إنه بقى شبه الوحش."
      
      أرليت شهقت، بس مامتها كملت، "النقطة هي، يا أرليت، إنه خطير جداً وباباكي، وجدتك وأنا مش عايزينك إنتي وأخواتك تتكلموا عنه. صحيح، هو محتاج أميرة بعد كل سنين الوحدة دي، بس محكوم عليه إنه يكون لوحده. باباه مش فاهم ده بقى. هو مصمم يدور على سيدة شابة ترافق ابنه على العرش—"
      
      "يا ماما، ادخلي في الموضوع،" أرليت استعجلتها، وهي حاسة إن مامتها بتاخد وقت طويل أوي.
      
      "هو قريب هيبعت حراس ياخدوا كل أنثى ويجبوها القصر، ويخلوا الأمير يقرر مين اللي هو عايزها تكون أميرته." هي خلصت أخيراً.
      
      أرليت حست كأنها بتتخنق من الهوا، عينيها وسعت ومعدتها اتقبضت وكلام مامتها بيغوص عميق جوه راسها.
      
      مامتها جات جنبها في لحظة، ومسكت إيدين أرليت المرتعشة في إيديها. أرليت كانت قادرة تحس بخوف مامتها وهو بينمل في إيديها، دي كانت موهبة عندها—إنها تحس بمشاعر وعواطف الناس. "يا حبيبتي، عشان كده إحنا بنحاول نخبيكي إنتي وأخواتك منه، بس الموضوع صعب جداً لما الملك عارف أصلاً إن أنا وباباكي عندنا تلات بنات."
      
      
      
      
      
      
      
      فضلت أرليت صاحية طول الليل—بتفكر وتفكر في الكلام اللي والدتها قالتهولها—إزاي هي ووالدها بيحموها هي وأخواتها. وخصوصاً هي. هما كانوا قلقانين على أرليت أكتر بكتير من إمبر وكيد، هما يقدروا يعتنوا بنفسهم، أرليت "متعرفش"، زي ما والدتها عبرت عن ده. أرليت ووالدتها كانوا بيتجادلوا بحيوية بخصوص ده الليلة اللي فاتت. هي، بأي شكل من الأشكال، مكنتش عايزة تحس إنها... عديمة الحيلة كده.
      
      والدتها قالت إنها تحت حماية والديها، وإن مفيش أي حاجة هتحصلها أبداً.
      
      هي سألت عن أخواتها، إيه اللي هيحصلهم لو واحدة منهم تم اختيارها. والدتها اتنهدت بس وقالت إنهم هيتجاوزوا ده، هما يقدروا يعتنوا بنفسهم؛ هما كبار، في النهاية، وعشان كده أرليت مش المفروض تقلق زيادة عن اللزوم على أخواتها أو أي حد تاني، غير نفسها هي.
      
      أرليت فكرت إن والدتها أنانية إلى حد ما، إن لم تكن مُتحيزة. تقلق عليها هي ومش على أخواتها؟ هي كشرت بسبب ده.
      
      وهي خارجة من أوضتها، مررت إيديها على فستانها الطويل التقيل. أرليت كانت بتشده خفيف لإنه كان ضيق شوية عن ما هي حابة، بس هي قدرت إنه هيقضي الغرض. والدتها كانت اختارتهولها، وهي مكنتش مستعدة تدخل في جدال عن قد إيه الفستان ضيق مع والدتها. والدتها كانت... معقدة. مخلوق غير مفهوم فعلاً.
      
      وهي بتدخل المطبخ زي كل صباح، استقبلتها مامتها وجدتها.
      
      "بابا فين؟" أرليت سألت، بفضول، وهي بتقعد. هي مكنتش قادرة تحس بوجوده هنا، ولا حتى ريحته الرجولية.
      
      "أوه، والدتك بعتته لمعالج، يا عزيزتي. حالته ساءت." جدتها ردت، وهي بتسحب كرسي وبتقعد. صوتها كان بيبدو عليه الإرهاق.
      
      حقيقة إن والد أرليت حالته ساءت كانت حاجة قلقاها بعمق. هو عمره ما كان مريض بالشكل ده، حتى لما الطاعون المبكر هاجم المكان اللي كان بيروحه من كام سنة. دي مكنتش علامة كويسة. في الواقع، دي كانت علامة سيئة جداً جداً، ولو المعالج مقدرش يشفيه، هتحصل شوية مشاكل خطيرة.
      
      "هو معالج خبير جداً..." هي سمعت والدتها بتتكلم وسط ضباب أفكارها الدوامة. والدتها كانت عايزة تقنع نفسها، دي كانت حاجة أرليت متأكدة منها. نأمل إن قدراته الشفائية تكون قوية وجبارة كفاية عشان تشفيه... بس مكنش فارق فعلاً إذا كان معالج خبير أو لأ. لما القدر يقول لأ، مبيفرقش إذا كانت لسعة نحلة، هي لأ، وده كان أكتر حاجة بتخوف أرليت.
      
      إمبر دخلت المطبخ، وجودها كان تقيل ومش مريح. سلمت على والدتها بعدين جدتها، وفي الآخر، أرليت. هي أكيد كانت منزعجة من حاجة—صوتها المتخشب وحركاتها كشفوا ده تلقائياً. هي سحبت كرسي، واتهدت عليه.
      
      "معرفتش أنام،" إمبر وضحت أخيراً، وهي بتتنهد. "كان فيه 'نينيز' طايرين في كل حتة في أوضتي... مكنوش عايزين يسيبوني في حالي،"
      
      "شباكك كان مفتوح؟" جدتها سألت. هما التلاتة كانوا قاعدين في المطبخ، بيخلصوا فطار. الوحيدة اللي كانت ناقصة هي كيد—هي دايماً بتصحى متأخر.
      
      إمبر اتنهدت. "أيوة. افتكرت إني قفلته..."
      
      الـ'نينيز' كانوا جنيات صغيرة مزعجين بشكل لا يصدق. هما كانوا صغيرين وهشين زي بتلات الورد، بس زنهم المستمر وسذاجتهم في "اللعب" كانت أكتر من مزعجة. هما مكنوش بيعملوا حاجة فعلاً غير إنهم يطلعوا بالليل و"يلعبوا"، وده كان معناه في الواقع إنهم بيدوروا على أي كائن حي يضايقوه. أرليت مقدرتش تلوم إمبر في النقطة دي. هما كانوا فعلاً موترين.
      
      كيد جات أخيراً، حضورها كان رشيق وسعيد زي عادته. أرليت كشرت من تصرفها. أكيد حاجة قرصتها في نومها، أرليت فكرت، وهي بتسلم على كيد هي كمان. على ما كيد بدأت تاكل فطارها، أرليت استأذنت عشان تروح مكانها المفضل— المرج.
      
      "البسي العباية بتاعتك يا أرليت." والدتها أمرتها وهي قايمة.
      
      أرليت كشرت، ولفيت ناحية المكان اللي حست فيه بوجود مامتها. "أنا مش هخرج بره المرج يا ماما. من إمتى وأنا لازم ألبس عباية وأنا بره شوارع القرية؟" هي سألت، وهي متضايقة خفيف. ده كان غير معتاد من والدتها.
      
      "من دلوقتي يا أرليت." هي ردت بحزم. "دلوقتي، البسي دي،" هي دفعت عباية أرليت في إيديها.
      
      أرليت اتأففت، ويئست، وببطء، وبإحباط، لبست عبايتها الكبيرة الغامقة مع تنهيدة. أول ما لبستها، اتجهت بأسرع ما يمكن ناحية الباب الأمامي، بس صوت والدتها وقفها.
      
      "غطي شعرك!"
      
      هي طلعت نفس متضايق، ومسكت غطاء راس العباية وحطته بنعومة على راسها.
      
      "مبسوطة؟" أرليت سألت، صوتها مليان ضيق.
      
      "أيوة، جداً. تقدري تمشي دلوقتي."
      
      "يا آلهي..." أرليت همهمت وهي بتفتح الباب الأمامي. والدتها ممكن تكون صعبة أوي أوقات.
      
      وهي بتخطو في المرج، هي عرفت فوراً إن فيه نسبة قليلة جداً إنها هتستمتع بوقتها بالعباية دي، فبدل من ده، هي بس انهارت وسط زهور الأقحوان المزقزقة، ووشها للسما.
      
      كان المفروض يلبسوا عبايات لما يكونوا بره بيتهم وفي أعما اق القرية المحيرة، مش على أرض عيلتهم.
      
      الإناث بس هما اللي كان مطلوب منهم يلبسوا عبايات لما يكونوا بره أكواخهم. ده كان بيظهر حاجة عن احترام النفس والكرامة، حاجة كل الإناث المفروض تكون عندهم.
      
      الشمس قبلت وش أرليت بقوة، وشوية وخلت قطرات عرق تنزل على جبينها.
      
      هي سندت نفسها لوضع الجلوس، وشالت غطاء راس العباية عشان يدخلها شوية هوا نضيف على رقبتها وشعرها العرقانين. يمكن من الأفضل تدخل جوه الكوخ، حيث الشمس مكنتش قاتلة أوي كده.
      
      الهوا فجأة زاد، وطير شعر أرليت من على وشها. هي اتنهدت بسعادة، وغمضت عينيها واستنشقت الروايح المختلفة الكتير اللي الهوا جابها. العشب المبلول، ريحة الدخان اللي طالع من أكواخ الناس، اللي بيبين إنهم بيطبخوا، الريحة المهدئة للزهور... دي كانت الحاجات الصغيرة اللي بتخلي أرليت مبسوطة، وللحظة قصيرة، خلتها عايزة تشوف إيه اللي حواليها—هيكون عامل إزاي إنها تشوف الألوان بجد - إنها تشوف وشوش عيلتها بجد... هي هزت راسها، وهي بتقول لنفسها إنها أبداً متحبش ولا تتمنى أي حاجة من الحاجات دي؛ هي كانت عارفة إنها عمرها ما هتحصل عليهم.
      
      وبعدين، من لا شيء، الهوا جاب ريحة كاملة ومروعة، خلت أرليت تغطي مناخيرها وبقها بإيدها بيأس. إيه الريحة الكريهة دي؟ هي وقفت، وفجأة الهوا بقى أقوى ومبقتش قادرة تحس بحرارة الشمس، بس سامعة رعد مشؤوم وصدام من بعيد، وبيقرب بسرعة.
      
      خوف لا يُحتمل زحف على عمود أرليت الفقري وهي بتمشي بسرعة ترجع ناحية الكوخ. هي تقريباً جريت، مش مهتمة إذا استخدمت عصايتها أو لأ. ولما حست إنها قدام الباب بالظبط، هي فتحت الباب بعنف عشان تسمع بشكل مفزع مامتها بتصرخ بيأس.
      
      "بيتهجم علينا!"
      
      

      رواية مملكة الحرير

      مملكة الحرير

      بقلم,

      تاريخية

      مجانا

      حياتها بتتقلب جحيم لما الملك جيمس بيهجم على قريتها. بيقتل أمها قدام عنيها وبيخطفها للقصر بتاعه في مملكة نوڤاك. الملك بيجبرها تكون خادمته الشخصية، وهي بتعيش في رعب منه. بتسمع حكايات عن وحشيته وإنه قتل الخادمة اللي قبلها لما حاولت تهرب. أليس بتبقى محبوسة وبلا أمل، وكل تفكيرها إزاي تهرب من الملك الوحش ده.

      أليس

      قريتها بتتحرق وأمها بتتقتل، والملك بيخطفها عشان تبقى خادمته. هي مرعوبة وضعيفة بس بتحلم بالهروب.

      الملك جيمس

      وسيم جدًا لكن قلبه ميت، قتل أبوه وأمه عشان يوصل للعرش. هو اللي خطف أليس ومعروف بقسوته.

      الست العجوزة

      كبيرة الخدم في المطبخ. ست طيبة بتحاول تساعد أليس تفهم شغلها الجديد، بس في نفس الوقت خايفة جدًا من الملك. هي اللي حكت لأليس قصة الخادمة اللي ماتت.
      رواية مملكة الحرير
      صورة الكاتب

      أليس
      كنت أرتعش من الخوف وأنا مستخبية في ركن الحظيرة. أنا جيت هنا أتأكد إن الخيول عندها ميه، ووقتها شفت فرسان الملك بيهجموا على خيولهم عبر الحقل وجايين مباشرة على قريتي!
      
      كنت بتفرج من خرم صغير في الحيطة والفرسان بيقتلوا وبيدوسوا على القرويين اللي حاولوا يهربوا من قدامهم، في حين إن فيه كام واحد قدروا يهربوا واستخبوا في بيوتهم.
      
      واحد من الفرسان كان لابس درع أسود كامل وراكب على حصان أسود ضخم. كان مميز عن كل اللي حواليه.
      
      "يا مولاي الملك، ما هي أوامرك؟" واحد من الفرسان سأل الراجل اللي على الحصان الأسود الكبير.
      
      شهقت وأنا بستوعب إن الفارس اللي لابس أسود ده هو الملك جيمس اللي اتسبب في كل الموت ده. ده قتل أبوه وأمه عشان بس يبقى هو الملك!
      
      "احرقوا البيوت. واتأكدوا إن مفيش ولا واحد من الناس يهرب." هو أمرهم.
      
      كنت ببص برعب وأنا شايفة الفرسان بيبدأوا يولعوا مشاعل ويرموها على البيوت، والسقوف المصنوعة من القش ولعت! رجعت لورا فخبطت في مقشة، وده خض واحد من الأحصنة في الحظيرة، وخلاه ينط لورا ويوقع حامل السرج اللي وقع وعمل دوشة عالية. عمل صوت عالي قوي. بصيت بسرعة تاني من الخرم اللي في الحيطة وشفت الملك دلوقتي بيبص على الحظيرة! نزل من على حصانه وبدأ يمشي ناحية الحظيرة. أنا بسرعة استخبيت ورا كومة قش في نفس اللحظة اللي أبواب الحظيرة الكبيرة اتفتحت فيها على مصراعيها.
      
      الملك دخل ببطء وهو بيبص حواليه. فتح على التلات أحصنة المحبوسة، وسابهم يجروا بحرية بره الحظيرة. بعدها كل حاجة بقت هادية، ومبقتش قادرة أشوفه من مكاني.
      
      "يمكن يكون مشي" فكرت مع نفسي بارتياح، لحد ما كومة القش الصغيرة اللي كنت مستخبية وراها اتشالت فجأة، وده خلاني أصرخ من الرعب والملك واقف قدامي لابس خوذة فارس سودة عشان مقدرش أشوف وشه. فضل واقف باصصلي من فوق وأنا مكورة على نفسي في الركن.
      
      بالراحة، قلع خوذته وشفت إنه كان وسيم جدًا، شعر أسود تقيل نازل على كتفه، وعنيه بنية مع ملامح وش حادة. بس أنا كنت لسه عارفة إنه وحش معندوش قلب. سمعت حاجات مرعبة كتير قوي عن الراجل ده وكنت بتمنى إني عمري ما أقابله وش لوش! نزل على ركبة واحدة عشان يبص في عنيا. مكنش فيه أي مشاعر على وشه وهو بيبحلق فيا، وأنا بدأت أعيط. إيده اترفعت ومسكت خدي، وإبهامه فضل يمسح تحت عيني بالظبط.
      
      عمل كده لكام ثانية وهو بيدرس وشي قبل ما يسحب إيده فجأة ويلبس خوذته تاني. بقسوة مسك دراعي اليمين وشدني وقفني وطلعني بره الحظيرة.
      
      كنت بقاوم عشان أهرب منه، والدموع نازلة على خدودي وأنا بترجاه يسيبني لكنه تجاهلني. استخدم حبل من شنطة السرج بتاعته وربط ايديا جامد ببعض. ركب حصانه وشدني لفوق لحد ما قعدت على السرج قدامه بالعرض، ولف دراعه حواليا بطريقة تمنعني من إني أقع.
      
      "العودة إلى القصر!" زعق لفرسانه اللي جروا على خيولهم عشان يتبعوا ملكهم.
      
      فضلت أعيط والملك ماسكني جامد. كنا خلاص هانمشي لحد ما أمي طلعت تجري من ورا بيتنا اللي بيتحرق دلوقتي.
      
      "لأ، مش بنتي!" صرخت وهي بتحاول توصللي، لكن واحد من الفرسان خبطها بحصانه، ووقعها على الأرض في التراب.
      
      "ماما!" صرخت وحاولت أنزل من على الحصان عشان أجري عليها بس الملك مسابنيش.
      
      "أرجوك يا مولاي الملك سيب بنتي تمشي، أرجوك!" أمي صرخت وهي راكعة على ركبتها في التراب قدام حصان الملك.
      
      قبضة الملك اشتدت عليا.
      
      "لأ." قالها ببرود. "اقتلها." أمر واحد من رجالته. الفارس نزل من على حصانه، وطلع سيفه وحطه على رقبة أمي.
      
      "لأ أرجوك يا مولاي الملك أرجوك سيب أمي... أرجوك!" اترجيته وأنا ببصله. هو بصلي للحظة وبعدين عمل صوت غاضب وهو بيلف حصانه الناحية التانية بقسوة.
      
      "اقتلوا الست دي!" زعق وهو بيخلي الحصان يبدأ يهرول ويبعدنا عن مشهد موت أمي
      
      "لأ!" صرخت وأنا بقاوم عشان أتحرر من دراعه بس مفيش فايدة.
      
      بصيت من فوق كتفه وشفت الفارس اللي معاه السيف بيدبح رقبة أمي! كل الفرسان مشيوا ورانا على خيولهم. سايبين وراهم القرية اللي بتتحرق اللي كانت بيتي.
      
      فضلنا راكبين لوقت طويل، والدنيا كانت هادية. محدش اتكلم ولا كلمة، الملك كان بيبصلي لتحت لكام لحظة قبل ما يرجع انتباهه للي قدامنا. دموع صامتة نزلت من عنيا وأنا بفكر في أمي، هي راحت للأبد خلاص. عمري ما هشوفها تاني. عيطت في صمت، وأنا بتمنى إن كل ده يطلع مجرد كابوس وحش.
      
      أخيرًا وصلنا لعاصمة المملكة. مملكة نوڤاك. في وسط المدينة كان فيه قلعة فخمة، وعلى جانب واحد من المدينة بره الأسوار الحجرية كان فيه أراضي زراعية كتير، والجانب التاني محيط ضخم موجود على شطه التاني مملكة نيزلوك. المنظر كان جميل جدًا، أنا عمري ما جيت الجزء ده من المملكة لإن أمي دايمًا كانت بتقولي أتجنب المدينة الرئيسية بسبب الملك وجيشه اللي معندوش قلب.
      
      عدينا من خلال الأراضي الزراعية ووصلنا للبوابة الرئيسية للمدينة. وإحنا ماشيين في الشوارع الناس كانت بتركع أول ما تشوف الملك، بس كانوا كمان بيبصوا عليا بسرعة بفضول وارتباك. أنا مش بلومهم، على حد علمي أنا الوحيدة اللي اتاخدت حية من قريتي.
      
      وصلنا القلعة. الملك نزل من على حصانه وشدني نزلت معاه، وبسرعة شخطني من أقرب باب ودخلني القلعة. مشينا في ممر قصير ووصلنا لباب خشب، الملك زق الباب ودخلني قدامه.
      
      بسرعة بصيت حواليا أستوعب المكان. ده شكله مطبخ، وكبير قوي. عمري ما شفت كل عدد الدواليب ومعدات المطبخ دي في حياتي. كل الحيطان كانت من الحجر الرمادي، وترابيزة خشب طويلة في نص الأوضة، ومدفأة مطبخ ضخمة تقريبًا واخدة الحيطة كلها في أقصى الشمال. وقدور كتير من الحديد الزهر وحاجات تانية أكتر. ست عجوزة بشعر رمادي قامت بسرعة من على كرسي عند الترابيزة الطويلة وركعت قدام الملك.
      
      "قومي." الملك قال باستهتار وهو بيقرب منها.
      
      وشوشها بحاجة في ودنها قبل ما يلف ويرجع للباب الخشب، وقف وبصلي للحظة قبل ما يخرج تمامًا من الباب، ورزعه وراه. وده خلاني أتنفض.
      
      لفيت عشان أواجه الست العجوزة اللي اديتني ابتسامة حزينة.
      
      "تعالي يا حبيبتي، لازم نخليكي تستقري ونجهزك لحياتك الجديدة كخادمة شخصية للملك."
      
      
      
      
      
      
      (أليس)
      
      عيطت في صمت وأنا دلوقتي فاهمة ليه الملك جابني هنا.
      
      "ششش، كل حاجة هتبقى كويسة." الست العجوزة قالت وهي بتقرب وتحضني. "تعالي معايا هوريكي أوضتك، وأخليكي تلبسي لبس مناسب. الملك عايزك تبدأي شغل حالًا."
      
      بعدت عن الحضن وبدأت تمشي ناحية باب تاني في الجنب التاني من المطبخ. مكنتش لاقية صوتي عشان أتكلم فمشيت وراها ببطء. فتحت الباب عشان نمشي في ممر كان فيه بيبان على كل جانب لحد آخره.
      
      "كل واحد بياخد أوضة لوحده، الولاد على الشمال والبنات على اليمين. متوقع منك تصحي وتجهزي للشغل لما أجراس الصباح الأولى ترن. هتجيبي للملك فطاره كل يوم الصبح ولما تعملي كده... متتكلميش إلا لو اتوجهلك كلام، ومتعمليش تواصل بصري معاه إلا لو هو بيكلمك." قالت بصوت جاد، وأنا هزيت راسي ببطء. "هتعملي أي حاجة يقولك عليها من غير نقاش، تغسلي هدومه، تحافظي على نضافة أوضة نومه، تجيبي وجباته في معادها و..." اتنهدت وبصتلي بوش حزين. "هو عمل ده مرة واحدة بس من زمان قوي بس،" اترددت شوية "ممكن يطلب منك تلبي احتياجاته."
      
      شهقت وهزيت راسي بسرعة.
      
      "لازم، دي شغلتك إنك تخليه مبسوط ولو هو عايزك تعملي كده يبقى ده اللي لازم تعمليه."
      
      "لـ-لأ أنا مقدرش، أرجوكي أنا مش عايزة أكون هنا، أنا عايزة أرجع بيتي!" عيطت.
      
      "إياكِ تقولي كده تاني وخصوصًا قدام الملك. متعيطيش، هو بيكره العياط. دي حياتك دلوقتي، مفيش خروج، صدقيني محدش بيخرج ولو حتى عملوها الحراس هيطاردوهم ويقتلوهم. ده اللي حصل لآخر خادمة شخصية للملك."
      
      "قصدك إيه؟" سألت وأنا برتعش من الخوف.
      
      "كان من حوالي تلات سنين، البنت اللي كانت بتخدم الملك كانت بتنضف أوضته قبل ما الملك يرجع من اجتماعات كانت عنده. هو رجع أوضته بدري، كان عايز ينام مع البنت بس هي خافت ورفضته. ده خلاه غضبان جدًا، ربطها عشان متقدرش تقاوم وبعدين استخدمها لاحتياجاته. معرفش إزاي بس هي فكت نفسها من الحبال، وكانت غبية كفاية إنها تهاجمه وتحاول تهرب. أنا صحيت لما سمعت صراخها وطلعت أجري من أوضتي عشان أساعدها بس لما شفت إنها بتهرب من الملك رجعت أوضتي. مكنش بإيدي أساعدها. كانت خلاص هتسيب القلعة بس هو جه من وراها ودبح رقبتها بخنجره." الست العجوزة كان في عنيها دموع. "في الوقت ده كل الخدم كانوا بره أوضهم بيتفرجوا. الملك لف ووشه كله دم بس مكنش باين عليه إنه مهتم.
      
      'ده اللي بيحصل للي مش بيتبع الأوامر أو بيحاول يهرب من القلعة!' زعق قبل ما يمشي بعصبية ويسيبنا إحنا ننضف الدم والجثة."
      
      الدموع فضلت تنزل من عنيا. أنا مش عايزة أكون الخادمة بتاعته وبالتأكيد مش عايزة أنام معاه هو كمان! أنا شفت قبل كده راجل من غير هدوم بيبقى شكله إزاي بس كل ده كان بالصدفة. كنت بساعد المزارعين يفكوا اللجام بتاع حصان الجر الكبير بعد حرت الحقول. كنت مرجعة الحصان للحظيرة ولما فتحت الباب شفت ولد وبنت من غير هدوم خالص، الولد كان فوق البنت، وكانوا بيأنوا وبيتقلبوا في القش لحد ما البنت شافتني. زقت الولد من عليها. أنا شفت بالظبط إيه اللي كان بيحصل بأجسامهم والمنظر كان باين عليه مؤلم للبنت! هما الاتنين مسكوا هدومهم وجريوا من الباب الخلفي للحظيرة وسابوني واقفة في صدمة كاملة وقرف. مستحيل هسيب الملك يعمل فيا كده!
      
      "أرجوكي أكيد فيه طريقة للهروب. أرجوكي ساعديني." اترجيتها بس الست العجوزة مسحت دموعها وفتحت باب على الجانب اليمين من الممر.
      
      "دي أوضتك، بسرعة البسي فستان من الفساتين اللي في الدولاب. الملك مستنيكي تجيبي عشاه كمان كام دقيقة فياريت تسرعي. مش كويس أبدًا إنك تضايقيه." قالت وزقتني جوه الأوضة قبل ما تقفل الباب.
      
      بصيت حوالين الأوضة الصغيرة. كان فيه سرير صغير، ودولاب وكرسي في الركن مع ترابيزة صغيرة عليها شمعة كانت مصدر النور الوحيد في الأوضة. الأوضة مكنش فيها شبابيك. مشيت ناحية الدولاب وفتحته، كان فيه كذا فستان خدامة طويل لونهم بني أو رمادي بأكمام طويلة. كل واحد كان معاه مريلة.
      
      اخترت واحد بني، ولبسته بسرعة. كان ضيق شوية ومبين تفاصيل جسمي. ده خلاني أحس بعدم ارتياح شديد.
      
      جريت على المطبخ، وهناك الست العجوزة كانت مستنياني.
      
      "محتاجة تلمي شعرك لفوق كمان." قالت وهي بتمشي ورايا ورفعت شعري البني الطويل على شكل كعكة مشدودة.
      
      "أنا هوريكي الطريق لأوضة الملك، هو بيفضل ياكل وجباته هناك عشان يقدر يكمل شغله في الورق وهو بياكل. إنتي هتجيبي عشاه في الوقت ده كل يوم."
      
      ادتني صينية فضة عليها أطباق شكلها غالي قوي فيها فراخ، وبطاطس، وخضار. الست العجوزة ودتني لنفس الممر اللي الملك جرني فيه بدري لحد ما وصلنا لباب كبير. فتحت الباب على أوضة ضخمة بسجادة حمرا كبيرة وحيطان بيضا. في الجانب التاني من الأوضة كان فيه عرش ووراه سِلّم فخم. قاعة العرش الملكية.
      
      بعد ما عدينا العرش كملنا على السلالم قبل ما نوصل لممر طويل فيه لوحات لملوك، وملكات، وأفراد عيلة مالكة تانيين متعلقة على الحيطان. وقفنا قدام بابين كبار لونهم أبيض.
      
      "خبطي على الباب." الست قالت، وأنا خبطت بالراحة.
      
      "ادخل." صوت الملك قال من الناحية التانية.
      
      "لما تدخلي حطي الصينية على الترابيزة اللي هو قاعد عليها." الست وشوشتني بسرعة.
      
      هزيت راسي، وفتحت الباب ودخلت أجمل أوضة شفتها في حياتي.
      
      الأوضة كانت لونها أحمر دموي وفيها مدفأة بيضا فخمة، وسرير ضخم وشباك كبير بيطل على المحيط. الملك كان قاعد ورا ترابيزة خشب بلوط مزخرفة بيدرس شوية ورق. كان لابس بنطلون أسود وقميص أسود متغطي بروب أسود بتطريز دهبي وياقوت أحمر عند الياقة. نظرته الحادة فجأة خلتني أحس إني تعبانة أكتر ما أنا أصلًا حاسة. أنا بقدم العشا للراجل اللي أمر بقتل أمي من ساعات بس.
      
      متجنبة التواصل البصري مشيت ببطء ناحية الترابيزة وحطيت صينية الأكل بالراحة قبل ما ألف عشان أخرج من الأوضة. "استني." صوته القوي قال وخلاني أقف في مكاني فورًا.
      
      لفيت ببطء عشان أواجهه وعنيا في الأرض. وقف ومشي حوالين الترابيزة لحد ما وقف قدامي. جسمي بدأ يترعش، حاولت بيأس أهدي نفسي بس فشلت.
      
      "قوليلي اسمك؟"
      
      اترددت قبل ما أتكلم. "أليس، يا سيدي." جاوبت، ودمعة واحدة نزلت على خدي. لأ! أوه لأ! 'هو بيكره العياط.' صوت الست العجوزة رن في دماغي.
      
      الملك رفع إيده ومسح دمعتي بالراحة بصباعه الكبير.
      
      "إنتي مش مضطرة تخافي يا أليس." همس.
      
      هزيت راسي وعنيا لسه في الأرض بحاول مانهارش في العياط وأنا برتعش من الخوف. هو كان واقف قريب مني قوي، كنت عايزة أبعد بس أعمل إيه لو ده ضايقه؟ هيعاقبني، أو يأذيني بأي شكل، أو يمكن يقتلني؟ هو فضل باصصلي ومفيش أي مشاعر على وشه.
      
      "تقدري تمشي.... يا أليس." قال وهو بيلف ببطء عشان يرجع لوجبته. لفيت بسرعة وخرجت من الأوضة وقفلت الباب ورايا، وطلعت تنهيدة ارتياح من شفايفي مع قفلة الباب.
      
      الست العجوزة كانت لسه مستنية مطرح ما سبتها ووشها التعبان عليه ابتسامة بتقول أحسنتِ. "عملتي كويس، بكرة الصبح هتجيبي فطاره وتوضبي سريره." بصيت لتحت وهزيت راسي.
      
      رجعتني المطبخ وهناك ادوني حتة فرخة صغيرة مع لقمة عيش كبيرة قبل ما يبعتوني أوضتي عشان أنام.
      
      أول ما بقيت في أوضتي مقدرتش أتمالك مشاعري أكتر من كده. وقعت على ركبي وأنا بنشغ، لحد ما مبقاش عندي دموع أعيطها. في الآخر قمت، ولبست هدوم النوم اللي ادوهالي، وطلعت على السرير الصغير الناشف بفكرة واحدة بس في دماغي. إزاي ههرب من الجحيم ده في يوم من الأيام؟
      
      

      أمير طروادة - روايه فانتازيا

      أمير طروادة

      بقلم,

      فانتازيا

      مجانا

      بيشوف مدينته بتتحرق وعيلته بتتقتل على إيد الإغريق. وسط الدمار، كائن غامض بيحوله لوحش خالد (مصاص دماء) وبيوعده بالانتقام. كالياس بيفوق بجوع رهيب مبيسيطرش عليه، والغريب بيجبره يقتل ويشرب دم بنت كان يعرفها. دي بتكون أول خطوة ليه في عالمه الجديد كوحش مسكون بذكريات الماضي ورغبة في الانتقام، ومفيش رجوع عن المصير ده.

      كالياس

      كان أمير طروادة وابن هيكتور. اتحول لمصاص دماء بعد سقوط مدينته وموت عيلته. بقى خالد، قوي، لكن مسكون بالماضي وعنده عطش دموي ورغبة جبارة في الانتقام.

      هيكتور

      أبو كالياس. أقوى محارب في طروادة، اتقتل واتسحل على إيد أخيل. موته كان بداية تحطيم عالم كالياس

      ضحية كالياس

      بنت من طروادة كانت تعرف كالياس كأمير. الغريب قدمها لكالياس عشان تكون أول وجبة ليه وتثبتله حقيقته الجديدة كوحش.
      أمير طروادة - روايه فانتازيا
      صورة الكاتب

      كالياس كولين
      °°°°°°
      
      "النار خدت بيتي. الإغريق خدوا عيلتي. الآلهة خدت إنسانيتي."
      
      تاريخ الميلاد: 1202 قبل الميلاد 
      تاريخ التحول: 1183 قبل الميلاد 
      العمر وقت التحول: 19
      اللقب: كال
      الأصل: ابن الأمير هيكتور وأندروماكي 
      مكان الميلاد: طروادة
      
      ⧼~⧽
      
      
      كالياس اتولد في العصر الذهبي لطروادة، ابن أقوى محارب فيها، الأمير هيكتور. طفولته كانت المفروض تكون مليانة امتيازات، لكن الحرب جت قبل ما البراءة تلحق تتزرع جواه. عند سن تسع سنين، كالياس شاف أبوه بيحارب، شافه بينزف عشان بيتهم. وبعدها، عند سن تسعة عشر، شافه بيموت.
      
      الصورة محفورة جوه روحه—جسم هيكتور المتكسر، إيدين أخيل اللي مابترحمش، القسوة الملتوية في المشهد كله. أبوه، اللي كان في يوم فخر طروادة، بيتسحل زي غنيمة، زي تحذير، زي نكتة. صريخ أمه كان بيرن في ودانه، لكن كالياس معيطش. متحركش. هو بس فضل يتفرج وهو عالمه بيتحطم.
      
      وبعدين جت النار.
      
      الإغريق مكنش عندهم رحمة، شقوا طريقهم في طروادة زي آلهة الحرب. النيران بلعت المدينة كلها، وكال، رغم تدريبه على القتال بس عددهم كان أكتر منه بكتير، شق طريقه وسط الفوضى عشان يوصل لعيلته. كان متأخر أوي.
      
      أندروماكي—أمه، حاميته—كانت مرمية ميتة في بركة من دمها. في حضنها، متشال كأنه نايم، كان أستياناكس. أخوه الصغير، اللي راح قبل ما ياخد فرصة يعيش بجد.
      
      لأول مرة، كالياس صرخ.
      
      الوحش اللي في الضلال
      
      الإغريق كانوا هيقتلوه، بس القدر كان ليه خطط تانية.
      
      وهو راكع وسط دمار عيلته، الهوا بقى تقيل بحاجة مش طبيعية. خيال ضخم ظهر وراه، لا هو إغريقي ولا إله، لكن حاجة أسوأ بكتير. مخلوق قديم وجعان، اتجذب للموت، لليأس، للغضب.
      
      كالياس مش فاكر لحظة التحول. فاكر بس الألم. ألم كان بيحرق أسوأ من النار اللي بلعت طروادة. وعطش فرّغه من جواه، حوله لحاجة مبقتش بشرية.
      
      لما فاق، الولد اللي كان عليه، اختفى. آخر أمير لطروادة كان مات جنب عيلته. اللي اتبقى كان حاجة تانية خالص.
      
      كالياس اتولد من جديد—خالد، ومبيستسلمش، ومسكون بالماضي للأبد.
      
      دلوقتي، بعد آلاف السنين، أصداء طروادة لسه بتهمسله. هو بيمشي وسط البشر زي الخيال، زي الشبح، زي الكابوس. لكن في حاجة واحدة عمرها ما اتغيرت.
      
      هو فاكر.
      
      وعمره ما هيسامح.
      
      
      
      
      
      
      
      1183 قبل الميلاد، طروادة.
      
      آخر حاجة كالياس كان فاكرها هي السما وهي بتحترق. مدينة طروادة العظيمة، بيته، كانت بتنهار تحت وزن الخيانة وسفك الدم. هو حارب لحد ما جسمه مبقاش قادر يقف، سيفه كان غرقان في دم أعداءه وحلفاءه على حد سواء. لكنه كان متأخر أوي، مقدرش ينقذهم. وبعدين—ضلمة.
      
      لما فاق، ريحة الملح والحجر ملت رئتيه. صوابعه لمست صخر بارد ومندي تحته، وصدى بعيد لمية بتنقط على الحجر كان بيرن في الكهف. للحظة خاطفة، الأمل دب جواه. يمكن ده كان كابوس، حلم حمى سببه الإرهاق. يمكن طروادة لسه واقفة، وعيلته لسه عايشين. لكن الأمل الهش ده اتكسر لما خيال ظهر من الضلمة.
      
      كالياس اتحرك عشان يقوم—بسرعة أوي. أسرع ما كان المفروض. كان هيفقد توازنه، لكن جسمه ظبط نفسه بدقة مش طبيعية. هو ثبت في مكانه، مذهول من السلاسة المفاجئة لحركته. وبعدها بص بجد على الراجل اللي قدامه.
      
      لا—مش راجل.
      
      الكائن ده كان واقف طويل وثابت بشكل غريب، بشرته شاحبة زي الرخام المصقول، كأن إيدين إلهية هي اللي نحتته. ملامحه كانت حادة، شبه لا إنسانية في كمالها، وعينيه—حمرا بلون الدم وغويطة—كانت بتبص جوه كالياس بتركيز عارف كل حاجة. إله، أو يمكن شيطان. كان فيه حاجة قديمة في طريقته، حاجة غلط.
      
      كالياس فتح بوقه عشان يتكلم، عشان يطلب إجابات، لكن في اللحظة اللي عمل فيها كده، نار لا تطاق انفجرت في حلقه. مكنش ألم زي أي ألم عرفه في المعركة—ده كان جوع، خام ومبيرحمش. هو اترنح لورا، ومسك حلقه، وكيانه كله التهمته الحرقة المعذبة.
      
      صوت، ناعم ولهجته غريبة، رن في الكهف.
      
      "انت جعان."
      
      الكلمتين قطعوا ضباب معاناته، وثبتوه. هو بلع ريقه بصعوبة، حواسه الجديدة والحادة كانت واعية تمامًا لوجود الراجل، وإزاي ثباته كان محسوس زي مفترس بيراقب فريسته.
      
      كالياس أجبر نفسه يتكلم، صوته كان خشن، وغريب. "انت مين؟ وعايز مني إيه؟"
      
      ابتسامة بطيئة، شبه مستمتعة، اترسمت على شفايف الغريب.
      
      "أهلاً بيك في وجودك الجديد."
      
      ابتسامة الغريب وسعت، وكشفت عن أسنان حادة وبتلمع. مش أسنان راجل. ولا حتى أسنان وحش.
      
      "أنا أقدر أديلك أكتر حاجة انت عايزها،" هو قال بنعومة، وهو بيقرب، وجوده كان بيبتلع الكهف كله. "الانتقام."
      
      الكلمة عملت صدمة جوه كالياس، وقطعت للحظة الجحيم اللي في حلقه. الانتقام. بيته—اتحرق. عيلته—اتدبحت. شعبه—اتقتلوا.
      
      إيديه اتقبضت. "قصدك إيه؟" صوته كان أجش، ومبقاش عارفه.
      
      الغريب ميل راسه، وهو بيدرسه. "انت مبقتش المخلوق الضعيف الهش اللي وقع مع مدينته. انت مبقتش فاني." عينيه القرمزية نورت في الضوء الخافت. "انت بقيت زيي دلوقتي—أقوى، أسرع، أحسن. انت إله."
      
      إله.
      
      
      
      
      
      
      
      تراجع كالياس، وهو مش مصدق. الآلهة كانوا دايمًا قاسيين، بيلعبوا ألعابهم بحياة البشر الفانيين. هو عبدهم، وحارب باسمهم، وصلى عشان رضاهم. لكنهم اتخلوا عنه. سابوا بيته يتحول لخراب. هل دي كانت خدعة من خدعهم؟ هل كانوا بيسخروا منه؟
      
      هو هز راسه، أنفاسه كانت بتطلع متقطعة وسريعة. "لأ. ده مستحيل."
      
      الغريب ضحك ضحكة مكتومة وعارفة. "بجد؟"
      
      بعدها، وكأنه بيثبت وجهة نظره، لف وشاور جوه الضلمة. صدى خطوات خفيفة ومترددة جه من عمق الكهف. خيال ظهر—بنت، عمرها ميعديش ستة عشر سنة، لابسة أسمال بالية. كانت بتترعش، وعينيها الواسعة والمرعوبة بتتنقل بين كالياس والراجل الشاحب اللي جابها هنا.
      
      جسم كالياس كله اتصلّب.
      
      الحرقان اللي في حلقه رجع للحياة، أقوى مرتين. حواسه بقت حادة بدقة مرعبة.
      
      كان قادر يشوف كل حاجة—كل تفصيلة، كل حركة. ضوء الشعلة المتردد عكس لمعة العرق الخفيفة اللي على جبينها. نقطة عرق واحدة اتكونت عند صدغها، بتنزل على خدها ببطء معذب.
      
      كان قادر يسمع قلبها. دقات طبل محمومة ومش منتظمة—سريعة أوي، سريعة لدرجة إنها قربت تبقى همهمة.
      
      والأسوأ من ده كله، كان قادر يشم ريحتها.
      
      ريحتها خبطته زي موجة مد، غنية ومُسكرة، ملت كل ركن في عقله. كانت دفا، وحلاوة، وحياة. جوعه هاج بانتقام، غرق على كل تفكير، كل منطق.
      
      الغريب وقف ورا البنت، وحط إيده على كتفها اللي بيترعش. ميل عليها، وهمس بسخرية: "يلا. اشرب."
      
      كالياس حاول يقاوم—حاول يحارب الرغبة الوحشية اللي بتنهش في كيانه—لكن جسمه خانه. نفسه بقى متقطع، وإيديه بتترعش جنبه.
      
      البنت خدت خطوة مترددة لقدام، صوتها كان يا دوب أعلى من الهمس. "أميري؟"
      
      ذكرى.
      
      قاعة ولائم في طروادة. ضحك النبلاء. ريحة النبيذ واللحم المشوي. بنت تاجر راكعة قدام أمه، بتقدملها لفة حرير فاخر. هو شاف البنت دي قبل كده.
      
      ودلوقتي—
      
      دلوقتي، هي مبقتش أكتر من فريسة.
      
      مكنش مسيطر.
      
      مكنش نفسه.
      
      الجوع التهمه.
      
      قبل حتى ما يدرك إنه اتحرك، كانت بقت في قبضته، إيده الحديدية حبست جسمها الضعيف. صرخت—صوت حاد ومرعوب يا دوب اتسجل وسط جنونه.
      
      بعدها أسنانه غرزت في رقبتها.
      
      اللحظة اللي دمها لمس لسانه، العالم اختفى.
      
      دافي. حلو. مثالي.
      
      الجوع اللي كان معذبه اختفى، واتبدل برضا صافي ونشوة. شرب بعمق، بشراهة، ومقاومة البنت كانت بتضعف مع كل ثانية بتعدي. دقات قلبها—الطبل المجنون—بطأت، اتلجلجت، وبعدين وقفت تمامًا.
      
      بس لما جسمها ارخى بين إيديه، هو أخيرًا سمعها تاني.
      
      السكوت.
      
      كالياس بعد، نفسه كان بيعلى ويهبط، وشفايفه متلطخة بلون قرمزي. بص على اللي اتبقى من البنت—البنت اللي في يوم كانت عارفة اسمه، اللي بصتله عشان ينقذها.
      
      كانت ميتة.
      
      هو قتلها.
      
      الرعب خبطه زي كبش هدم، معدته اتقلبت، وكيانه كله كشّ من اللي عمله. رمى جسمها، واتعثر وهو بيرجع لورا، إيديه المتلطخة بالدم بتترعش.
      
      الغريب كان بيتفرج بس، وابتسامة مستمتعة مرسومة على شفايفه.
      
      "ده،" هو قال، وصوته مليان رضا، "هو اللي انت بقيت عليه دلوقتي."
      
      صدر كالياس كان بيعلى ويهبط في فزع سريع، كأنه بيتنفس. لكنه مكنش بيتنفس، خلاص. حلقه مبقاش بيحرقه، لكن حاجة أسوأ بكتير خدت مكانه.
      
      الحقيقة البشعة، والمروعة.
      
      هو كان وحش.
      
      ومكنش فيه رجوع.
      
      

      روايه المخطوطات - كامله فانتازيا

      المخطوطات

      بقلم,

      فانتازيا

      مجانا

      عالم فيه سحرة نادرين عايشين في سرية تامة، عشان يهربوا من صراع قديم بينهم وبين "الناس العادية" اللي كانوا بيخافوا منهم. السلام ده بيتهد سنة ١٥٢٤ لما ساحر شاب بيلجأ للسحر الأسود عشان يرجع شخص عزيز عليه مات. لما بيفشل وبيعرف إن روحه اتحطمت للأبد، بيتملي قلبه بالكراهية. بينتقم بإنه بيحرر جيش من التنانين المحبوسة، وبيأمرهم يولعوا في عالم الناس العادية ويدمروه بالكامل.

      الساحر الشاب

      ساحر قوي جدًا ومتخصص في السحر الأسود. مفيش حاجة تانية في حياته غير دراسة السحر ده في كهف منعزل. الدافع بتاعه هو إنه يرجع شخص بيحبه (اللي روحه اتحطمت)، ولما فشل، حبه ده اتحول لكراهية عمياء ورغبة في تدمير "الناس العادية" اللي بيحملهم مسؤولية اللي حصل. هو اللي أصبح "سيد التنانين" الجديد.

      الضحايا

      البشر اللي معندهمش أي قدرات سحرية. زمان كانوا بيخافوا من السحرة وعملوا منظمات "صائدي السحرة" عشان يقضوا عليهم. حاليًا عايشين في سلام ومش عارفين حاجة عن عالم السحر اللي مستخبي، لحد ما التنانين هجمت عليهم.

      كبار السحرة

      الأقلية اللي عندهم سحر. هما اللي قرروا يوقفوا الحرب زمان ويستخبوا، وعملوا تعاويذ عشان الناس العادية تنساهم، وحبسوا الكائنات السحرية زي التنانين في أماكن محمية عشان محدش يشوفها.
      روايه المخطوطات - كامله رعب
      صورة الكاتب

      منذ بداية العالم وظهور البشر، ظهر معاهم فن السحر.
      
      السحر ده مش حاجة أي حد يقدر يعملها، دي حاجة نادرة قوي، يمكن حتى مفيش واحد من كل مية شخص يقدر يعمله. الناس النادرين دول اللي عندهم القوة السحرية بنسميهم "السحرة".
      
      أما البشر العاديين اللي ميعرفوش في السحر، فدول بيسموهم "الناس العادية".
      
      نسبة السحرة للناس العادية متجيش حتى واحد في المية، عشان كده قوتهم قليلة جدًا ونقدر نقول إنهم أقلية بسيطة.
      
      السحر عادةً بيتم وراثته جيل بعد جيل، والساحر مبينقلش قوته السحرية دي غير لأولاده اللي زيه عندهم نفس القدرة.
      
      وهنا بقى حصلت مشكلة. لو ساحر خلف طفل من واحدة من الناس العادية (مش ساحرة زيه)، الطفل ده دمه بيكون خليط من الاتنين. علشان كده، الطفل ده ممكن يطلع ساحر، أو يطلع واحد من الناس العادية مفيهوش أي سحر. أو يمكن، ودي حاجة مش متوقعة، تطلع عنده قدرة سحرية من نوع تاني خالص.
      
      فنون السحر دي غامضة ومعقدة جدًا، وعشان كده كل ساحر بيختلف عن التاني في مهاراته وقدراته.
      
      التعاويذ السحرية كمان ملهاش حصر، ومستحيل حد يقدر يتعلمها كلها.
      
      مهما كان الساحر ده قوي وقدراته خارقة، صعب جدًا إنه يعرف ويفهم كل فنون السحر اللي في الدنيا. السحر ملوش نهاية.
      
      فن السحر متقسم بشكل أساسي لأربع مجموعات: المية، والنار، والأرض، والهوا.
      
      أغلب السحرة اللي بيقدروا يتحكموا في المية بيكونوا مولودين في الأبراج اللي بتمثل المية.
      
      والسحرة اللي بيتحكموا في النار نفس الكلام، وكذلك الأرض والهوا.
      
      المية (الأبراج - السرطان، العقرب، الحوت)
      
      النار (الأبراج - الحمل، الأسد، القوس)
      
      الأرض (الأبراج - الثور، العذراء، الجدي)
      
      الهوا (الأبراج - الجوزاء، الميزان، الدلو)
      
      في الأيام الخوالي، كان السحرة عايشين وسط الناس العادية. ومكانوش بيخبوا قوتهم السحرية أوي، وحتى الكائنات السحرية كانت بتظهر قدام الناس العادية كل شوية.
      
      وزي ما الدنيا فيها الخير والشر، السحرة كمان كان فيهم الكويس والوحش. فظهر سحرة بيستخدموا قوتهم في الشر.
      
      اللي هو "السحر الأسود"، أو عشان نبسطها، نقدر نسميه "السحر السفلي". الفنون دي كانت بتستخدم عشان تأذي الناس اللي مش طايقينهم، أو يعملوا أعمال عشان ياخدوا حد بيحبوه، أو يلعنوا الناس اللي بيكرهوهم جيل بعد جيل... يعني من الآخر، فنون مبتجيبش غير المصايب والنتائج الوحشة.
      
      بسبب السحرة اللي بيستخدموا السحر السفلي ده، الناس العادية بقت مرعوبة، وسموهم "السحرة الأشرار"، وبدأوا يقمعوهم ويقضوا عليهم بكل الطرق اللي يقدروا عليها.
      
      وظهرت منظمات ملهاش عدد اسمها "صائدي السحرة"، شغلتهم يطاردوا السحرة ويقتلوهم. وبسبب ده، حصلت صراعات ومعارك كتير جدًا بين السحرة والناس العادية.
      
      خوف الناس العادية من السحر زاد جدًا لدرجة إن لما ساحر كان بيستخدم قوته قدامهم، قلقهم من الخطر اللي ممكن السحرة يعملوه فيهم كان بيزيد أكتر. وفي الوقت ده، اضطهاد الناس العادية للسحرة والقبض عليهم وصل لأعلى مستوى ليه. ولما كانوا بيشوفوا تنانين أو كائنات سحرية تانية شكلها مرعب، رعبهم وخوفهم كان بيزيد أكتر وأكتر.
      
      المعركة بين السحرة والناس العادية كبرت أوي لدرجة إنها وصلت لمرحلة كان لازم طرف منهم ينتهي تمامًا. علشان كده، عشان يوقفوا المصايب دي، السحرة قرروا يخبوا حقيقتهم وميدخلوش في مواجهات مباشرة مع الناس العادية، ومنعوا استخدام السحر قدامهم.
      
      واستخدموا "تعاويذ الذاكرة" على قد ما قدروا عشان يخلوا الناس العادية تنسى تمامًا وجود السحر. بس الموضوع مكنش سهل، لإنهم مكنوش هيقدروا يستخدموا التعاويذ دي على كل واحد من الناس العادية لأن عددهم كان كبير جدًا.
      
      وعشان السبب ده، فضلت منظمات "صائدي السحرة" موجودة ومنتشرة بين الناس العادية.
      
      كبار السحرة، عشان يتجنبوا أي صدام مع الناس العادية، بقوا بيقبضوا في السر على السحرة اللي بيستخدموا السحر الأسود وياخدوا إجراءات ضدهم، وخلوهم يعيشوا مستخبيين على قد ما يقدروا.
      
      والكائنات السحرية اللي شكلها مرعب، خبوهم في مراعي آمنة ومحمية بـ "تعويذة طاردة للبشر العاديين" عشان محدش منهم يقدر يدخلها.
      
      مع مرور الوقت، الناس العادية اطمنوا وبقوا فاكرين إن السحر خلاص اختفى وانقرض. والسحرة كمان قدروا يعيشوا حياة طبيعية.
      
      وفي الوقت اللي افتكروا فيه إن الدنيا بقت تمام ومفيش مشاكل، كانت كارثة جديدة على وشك إنها تحصل في العالم.
      
      سنة ١٥٢٤ ميلاديًا.
      
      جوه كهف في وسط الغابات والجبال، كان فيه شاب لابس عباية سودا، قاعد بيقرا في كتاب متغلف بجلد أسود.
      
      كان بيهمس بالتعاويذ المكتوبة في الكتاب، ولما عمل كده، جسمه كله اتغطى بدخان أسود.
      
      حيطان الكهف الصخرية كانت رطبة وبتنفس هوا بارد، والكهف كان مليان كتب مرمية في كل حتة.
      
      كل أغلفة الكتب دي كانت من الجلد الأسود، ومحفور عليها "السحر الأسود".
      
      هو نفسه مكنش فاكر بقاله كام يوم في الكهف ده. كل وقته ضاع وهو بيدرس ويتعلم السحر الأسود.
      
      نور المصباح اللي متعلق على الحيطة كان خافت، والواحد كان بالعافية بيشوف شوية حاجات بسيطة بتدل إن في حد عايش جوه الكهف.
      
      شفايفه الباهتة كانت ناشفة ومشققة، وجفونه محمرة، وشكله كله كان زي اللي مفيش فيه روح.
      
      لما لقى تعويذة معينة، عينيه الباردة رمشت شوية، كأنه اتحمس.
      
      
      
      
      
      
      
      تعويذة يمكنها استدعاء أرواح الموتى مجددًا..
      كانت تلك تعويذة من التعاويذ المحرمة.
      
      بشفاهٍ مرتعشة من الإثارة، همس بالتعويذة.
      
      مع نهاية التعويذة، شعر بهبة ريح قوية تلفح وجهه، فالتفت بجنون ليبحث، لكن كل ما سمعه كان همسات تتردد في أذنه:
      
      "خلاص مبقاش موجود... اللي بتدور عليه.. حتى روحه مبقتش موجودة... روحه اتحطمت تمامًا... إنت عمرك ما هتقدر تقابله تاني... مش مكتوبلكم تتقابلوا... ههههههه..."
      
      كانت أصواتًا مشوشة وضحكات ساخرة..
      
      في الحقيقة، كان الدخان الأسود يدور حوله، يثير عقله ويحرضه.
      
      "آآآآآآآ!!!!......"
      
      صرخ بأعلى صوته وهو يغلق أذنيه، غير قادر على مواجهة تلك الكلمات.
      
      عندما طغت الكراهية والحقد على مشاعره التي لا تطاق، تحولت عيناه السوداوان إلى لون أحمر قانٍ.
      
      "مش هسيبهم عايشين... مش هسيب واحد منهم عايش...."
      
      مد كفه، فاشتعلت شعلة نار في راحة يده.
      
      ألقى بالشعلة على الكتب المكومة على الأرض، فاشتعلت النيران في الكتب، واحدة تلو الأخرى، وفي لحظة، اندلعت ألسنة اللهب بعنف وانتشرت إلى الأشياء الأخرى.
      
      نظر إلى هذا المشهد بعيون باردة، ثم استدار وخرج الرجل ذو العباءة السوداء، ووصل إلى موطن التنانين، الذي كان السحرة يحمونه بطبقات من التعاويذ.
      
      في هذا الموطن، الذي لا يستطيع الناس العادية رؤيته أبدًا، كانت التنانين تحلق فوق الأشجار العالية التي تبدو وكأنها تلامس السماء.
      
      قام بإبطال طبقات التعاويذ التي صنعها السحرة، وبعد ذلك، نظر ببرود إلى التنانين المحلقة وهو يقرأ تعويذة، فبدأت التنانين بالهبوط بأعداد كبيرة إلى الأرض حيث يقف.
      
      كان هناك أكثر من عشرة تنانين، كل واحد منهم بحجم منزل عادي، وعندما هبطوا، اهتزت الأرض بعنف.
      
      "من دلوقتي... أنا... سَيِّدكم... وأي حاجة آمركم بيها... لازم تنفذوها...."
      
      وهو واقف وسط التنانين التي بدت وكأنها تطيع أمره، أصدر أمرًا بعينيه الحمراوتين القانيتين.
      
      "روحوا لعالم الناس العادية... ولعوا فيه كله... وماتسيبوش واحد منهم عايش... أنا عايز أشوف بعيني دي نهايتهم وموتهم..."
      
      مع انتهاء أمره، رفرفت التنانين بأجنحتها الكبيرة ذات الأشواك وطارت في السماء.
      
      بعد أن اختفت التعاويذ الحاجبة، طارت التنانين دون أي عائق نحو أماكن ومعيشة الناس العادية، وبدأت في إحراق عالمهم، تمامًا كما أمرهم سيدهم.
      
      
      
      
      
      
      المعركة بين السحرة والناس العادية كبرت أوي لدرجة إنها وصلت لمرحلة كان لازم طرف منهم ينتهي تمامًا. علشان كده، عشان يوقفوا المصايب دي، السحرة قرروا يخبوا حقيقتهم وميدخلوش في مواجهات مباشرة مع الناس العادية، ومنعوا استخدام السحر قدامهم.
      
      واستخدموا "تعاويذ الذاكرة" على قد ما قدروا عشان يخلوا الناس العادية تنسى تمامًا وجود السحر. بس الموضوع مكنش سهل، لإنهم مكنوش هيقدروا يستخدموا التعاويذ دي على كل واحد من الناس العادية لأن عددهم كان كبير جدًا.
      
      وعشان السبب ده، فضلت منظمات "صائدي السحرة" موجودة ومنتشرة بين الناس العادية.
      
      كبار السحرة، عشان يتجنبوا أي صدام مع الناس العادية، بقوا بيقبضوا في السر على السحرة اللي بيستخدموا السحر الأسود وياخدوا إجراءات ضدهم، وخلوهم يعيشوا مستخبيين على قد ما قدروا.
      
      والكائنات السحرية اللي شكلها مرعب، خبوهم في مراعي آمنة ومحمية بـ "تعويذة طاردة للبشر العاديين" عشان محدش منهم يقدر يدخلها.
      
      مع مرور الوقت، الناس العادية اطمنوا وبقوا فاكرين إن السحر خلاص اختفى وانقرض. والسحرة كمان قدروا يعيشوا حياة طبيعية.
      
      وفي الوقت اللي افتكروا فيه إن الدنيا بقت تمام ومفيش مشاكل، كانت كارثة جديدة على وشك إنها تحصل في العالم.
      
      سنة ١٥٢٤ ميلاديًا.
      
      جوه كهف في وسط الغابات والجبال، كان فيه شاب لابس عباية سودا، قاعد بيقرا في كتاب متغلف بجلد أسود.
      
      كان بيهمس بالتعاويذ المكتوبة في الكتاب، ولما عمل كده، جسمه كله اتغطى بدخان أسود.
      
      حيطان الكهف الصخرية كانت رطبة وبتنفس هوا بارد، والكهف كان مليان كتب مرمية في كل حتة.
      
      كل أغلفة الكتب دي كانت من الجلد الأسود، ومحفور عليها "السحر الأسود".
      
      هو نفسه مكنش فاكر بقاله كام يوم في الكهف ده. كل وقته ضاع وهو بيدرس ويتعلم السحر الأسود.
      
      نور المصباح اللي متعلق على الحيطة كان خافت، والواحد كان بالعافية بيشوف شوية حاجات بسيطة بتدل إن في حد عايش جوه الكهف.
      
      شفايفه الباهتة كانت ناشفة ومشققة، وجفونه محمرة، وشكله كله كان زي اللي مفيش فيه روح.
      
      لما لقى تعويذة معينة، عينيه الباردة رمشت شوية، كأنه اتحمس.
      
      تعويذة يمكنها استدعاء أرواح الموتى مجددًا..
      كانت تلك تعويذة من التعاويذ المحرمة.
      
      بشفاهٍ مرتعشة من الإثارة، همس بالتعويذة.
      
      مع نهاية التعويذة، شعر بهبة ريح قوية تلفح وجهه، فالتفت بجنون ليبحث، لكن كل ما سمعه كان همسات تتردد في أذنه:
      
      "خلاص مبقاش موجود... اللي بتدور عليه.. حتى روحه مبقتش موجودة... روحه اتحطمت تمامًا... إنت عمرك ما هتقدر تقابله تاني... مش مكتوبلكم تتقابلوا... ههههههه..."
      
      كانت أصواتًا مشوشة وضحكات ساخرة..
      
      في الحقيقة، كان الدخان الأسود يدور حوله، يثير عقله ويحرضه.
      
      "آآآآآآآ!!!!......"
      
      صرخ بأعلى صوته وهو يغلق أذنيه، غير قادر على مواجهة تلك الكلمات.
      
      عندما طغت الكراهية والحقد على مشاعره التي لا تطاق، تحولت عيناه السوداوان إلى لون أحمر قانٍ.
      
      "مش هسيبهم عايشين... مش هسيب واحد منهم عايش...."
      
      مد كفه، فاشتعلت شعلة نار في راحة يده.
      
      ألقى بالشعلة على الكتب المكومة على الأرض، فاشتعلت النيران في الكتب، واحدة تلو الأخرى، وفي لحظة، اندلعت ألسنة اللهب بعنف وانتشرت إلى الأشياء الأخرى.
      
      نظر إلى هذا المشهد بعيون باردة، ثم استدار وخرج الرجل ذو العباءة السوداء، ووصل إلى موطن التنانين، الذي كان السحرة يحمونه بطبقات من التعاويذ.
      
      في هذا الموطن، الذي لا يستطيع الناس العادية رؤيته أبدًا، كانت التنانين تحلق فوق الأشجار العالية التي تبدو وكأنها تلامس السماء.
      
      قام بإبطال طبقات التعاويذ التي صنعها السحرة، وبعد ذلك، نظر ببرود إلى التنانين المحلقة وهو يقرأ تعويذة، فبدأت التنانين بالهبوط بأعداد كبيرة إلى الأرض حيث يقف.
      
      كان هناك أكثر من عشرة تنانين، كل واحد منهم بحجم منزل عادي، وعندما هبطوا، اهتزت الأرض بعنف.
      
      "من دلوقتي... أنا... سَيِّدكم... وأي حاجة آمركم بيها... لازم تنفذوها...."
      
      وهو واقف وسط التنانين التي بدت وكأنها تطيع أمره، أصدر أمرًا بعينيه الحمراوتين القانيتين.
      
      "روحوا لعالم الناس العادية... ولعوا فيه كله... وماتسيبوش واحد منهم عايش... أنا عايز أشوف بعيني دي نهايتهم وموتهم..."
      
      مع انتهاء أمره، رفرفت التنانين بأجنحتها الكبيرة ذات الأشواك وطارت في السماء.
      
      بعد أن اختفت التعاويذ الحاجبة، طارت التنانين دون أي عائق نحو أماكن ومعيشة الناس العادية، وبدأت في إحراق عالمهم، تمامًا كما أمرهم سيدهم.
      .
      .
      .
      
      ساندي بير
      تايكوك يجعلني سعيدًا.
      
      احفظ التاريخ ~ ١.١.٢٠٢٤ (الإثنين)
      
      يونيكود
      
      منذ بداية العالم وظهور البشر، ظهر معاهم فن السحر.
      
      السحر ده مش حاجة أي حد يقدر يعملها، دي حاجة نادرة قوي، يمكن حتى مفيش واحد من كل مية شخص يقدر يعمله. الناس النادرين دول اللي عندهم القوة السحرية بنسميهم "السحرة".
      
      أما البشر العاديين اللي ميعرفوش في السحر، فدول بيسموهم "الناس العادية".
      
      نسبة السحرة للناس العادية متجيش حتى واحد في المية، عشان كده قوتهم قليلة جدًا ونقدر نقول إنهم أقلية بسيطة.
      
      السحر عادةً بيتم وراثته جيل بعد جيل، والساحر مبينقلش قوته السحرية دي غير لأولاده اللي زيه عندهم نفس القدرة.
      
      وهنا بقى حصلت مشكلة. لو ساحر خلف طفل من واحدة من الناس العادية، الطفل ده دمه بيكون خليط من الاتنين. علشان كده، الطفل ده ممكن يطلع ساحر، أو يطلع واحد من الناس العادية مفيهوش أي سحر. أو يمكن، ودي حاجة مش متوقعة، تطلع عنده قدرة سحرية من نوع تاني خالص.
      
      فنون السحر دي غامضة ومعقدة جدًا، وعشان كده كل ساحر بيختلف عن التاني في مهاراته وقدراته.
      
      التعاويذ السحرية كمان ملهاش حصر، ومستحيل حد يقدر يتعلمها كلها.
      
      مهما كان الساحر ده قوي وقدراته خارقة، صعب جدًا إنه يعرف ويفهم كل فنون السحر اللي في الدنيا. السحر ملوش نهاية.
      
      فن السحر متقسم بشكل أساسي لأربع مجموعات: المية، والنار، والأرض، والهوا.
      
      أغلب السحرة اللي بيقدروا يتحكموا في المية بيكونوا مولودين في الأبراج اللي بتمثل المية.
      
      والسحرة اللي بيتحكموا في النار نفس الكلام، وكذلك الأرض والهوا.
      
      المية (الأبراج - السرطان، العقرب، الحوت)
      
      النار (الأبراج - الحمل، الأسد، القوس)
      
      الأرض (الأبراج - الثور، العذراء، الجدي)
      
      الهوا (الأبراج - الجوزاء، الميزان، الدلو)
      
      في الأيام الخوالي، كان السحرة عايشين وسط الناس العادية. ومكانوش بيخبوا قوتهم السحرية أوي، وحتى الكائنات السحرية كانت بتظهر قدام الناس العادية كل شوية.
      
      وزي ما الدنيا فيها الخير والشر، السحرة كمان كان فيهم الكويس والوحش. فظهر سحرة بيستخدموا قوتهم في الشر.
      
      اللي هو "السحر الأسود"، أو عشان نبسطها، نقدر نسميه "السحر السفلي". الفنون دي كانت بتستخدم عشان تأذي الناس اللي مش طايقينهم، أو يعملوا أعمال عشان ياخدوا حد بيحبوه، أو يلعنوا الناس اللي بيكرهوهم جيل بعد جيل... يعني من الآخر، فنون مبتجيبش غير المصايب والنتائج الوحشة.
      
      بسبب السحرة اللي بيستخدموا السحر السفلي ده، الناس العادية بقت مرعوبة، وسموهم "السحرة الأشرار"، وبدأوا يقمعوهم ويقضوا عليهم بكل الطرق اللي يقدروا عليها.
      
      وظهرت منظمات ملهاش عدد اسمها "صائدي السحرة"، شغلتهم يطاردوا السحرة ويقتلوهم. وبسبب ده، حصلت صراعات ومعارك كتير جدًا بين السحرة والناس العادية.
      
      خوف الناس العادية من السحر زاد جدًا لدرجة إن لما ساحر كان بيستخدم قوته قدامهم، قلقهم من الخطر اللي ممكن السحرة يعملوه فيهم كان بيزيد أكتر. وفي الوقت ده، اضطهاد الناس العادية للسحرة والقبض عليهم وصل لأعلى مستوى ليه. ولما كانوا بيشوفوا تنانين أو كائنات سحرية تانية شكلها مرعب، رعبهم وخوفهم كان بيزيد أكتر وأكتر.
      
      

      Pages