موصى به لك

    الأقسام

    روايات تاريخية

    معارك ملحمية، مؤامرات، وأبطال منسيون

    ... ...

    روايات فانتازيا

    ممالك مفقودة وسيوف أسطورية، هنا تبدأ المغامرة

    ... ...

    روايات رومانسية

    لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير بتلك النظرة

    ... ...

    روايات رعب

    السحر والكتب يخفون أسراراً لا تريد معرفتها

    ... ...

    روايات خيال علمي

    سافر عبر الزمن بتكنولوجيا تتحدى الخيال

    ... ...

    روايات مافيا

    عالم الجريمة المنظمة حيث القوة هي القانون

    ... ...

    روايات كورية

    اجمل القصص الكوريه المترجمه والكيدراما

    ... ...

    روايات اجتماعية

    صراعات يومية تعكس حقيقة الحياة التي نعيشها

    ... ...

    الأفضل شهرياً

      روايه مدرسة هيوز

      مدرسة هيوز

      بقلم,

      اجتماعية

      مجانا

      دايمًا بتعمل مشاكل واحتجازات في مدرستها. أهلها وخصوصًا باباها بيزهقوا من تصرفاتها فبيقرروا يبعتوها مدرسة عسكرية عشان تتأدب. چينا بتتفاجئ إن المدرسة دي مش في بلدها، دي في إنجلترا، وبتبقى مدمرة هي وصاحبتها سارة. بنشوف رحلتها لوحدها للمطار، ومشاعرها المتلخبطة ناحية عيلتها اللي حست إنهم رموها. وأول ما بتوصل إنجلترا بتقابل سواق تاكسي رخم اسمه رايان، وده بيكون أول تحدي ليها هناك.

      چينا

      درجاتها كلها ممتازة بس متمردة ولسانها طويل ومش بتعمل حساب لحد. بتكره قرار أهلها، وبتبان قوية من بره بس هي حساسة وزعلت جدًا من اللي حصل.

      سارة

      صاحبة چينا الانتيم. جدعة وبتقف جنبها، ووداعهم كان مؤثر أوي. هي الوحيدة اللي چينا بتثق فيها.

      رايان آدامز

      سواق التاكسي اللي قابلته في إنجلترا. شاب صغير (أكبر من چينا بسنة تقريبًا)، رخم ومستفز، ولاحظ إنها رايحة مدرسة "هيوز" العسكرية واتريق على قصرها وعلى إنها "بنت شقية".
      روايه مدرسة هيوز
      صورة الكاتب

      الفصل الأول
      
      "ده خامس احتجاز ليكي الأسبوع ده،" أمي قالتها بصرامة. اتنهدت وقلبت عينيا. يعني هو الاحتجاز ده حاجة جديدة عليا؟ بالعكس، ده عمليًا بقى جزء من روتيني الأسبوعي.
      
      "يا ماما، أنا أقدر أتصرف. متقلقيش عليا،" قلتها بصراحة. المرة دي جه دور ماما إنها تتنهد. هزت راسها وبصت في الأرض، وهي عاقدة حواجبها. بابا دخل الأوضة وانضم لينا في "قعدتنا العظيمة" دي.
      
      "يا چينا،" قالها وهو بيديني بصة مُرهقة. رفعت عيني بصيت له، وبعدين لماما، ورجعتله تاني. استنيت أيًا كان اللي هيقوله. قعدت أهز رجلي في الأرض بزهق والسكوت بيطول.
      
      "لازم تفهمي... إحنا مش عايزين نربي بنت سيئة. إحنا عايزينك تقدري تدخلي الكلية بمنح دراسية وسجل نضيف. عايزينك تقدري تلاقي وظيفة أحلامك، وفي يوم من الأيام، تكوّني أسرتك الخاصة،" بابا قالها أخيرًا، نطقها مرة واحدة. اتأففت. أدينا بدانا. هي هي نفس الأسطوانة كل مرة.
      
      "يا بابا، أنا عارفة. بس أنا درجاتي الأكاديمية ممتازة. بجيب دايمًا أعلى الدرجات في الدراسة. السلوك ده قصة تانية؛ والمجهود واضح إنه مرتبط بالسلوك. إحنا اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده،" قلت له وأنا مربعة إيديا. ماما رفعت عينها بصت لي، وعينيها بتلمع بدموع لسه نازلة. ده فاجئني؛ ماما ست قوية جدًا ومستقلة. عمرها ما بتعيط.
      
      "يا چينا،" ماما اتهتهت، "أنا وأبوكي اتكلمنا من كام يوم، وقرارنا واضح." شهقت وحطت خصلة شعر هايشة ورا ودنها. أنا قلقت؛ هو فيه إيه؟ قرار إيه؟ هي بتتكلم عن إيه بالظبط؟ كان واضح إن ماما مش هتقدر تتكلم من غير ما تنهار في العياط باقي الحوار، فبابا كمل بدالها.
      
      "إنتي بتاخدي احتجازات من سنة أولى ابتدائي بس بسبب أسلوبك المستهتر وتصرفاتك،" بابا قال وهو مبحلق لي، وحط إيده حوالين ماما. زقيت شعري بعيد عن وشي، وحتى قرصت رسغي عشان أشوف ده كابوس ولا إيه. عمري ما اتحاسبت في البيت على درجات، أو احتجازات، أو المدرسة خالص. إيه اللي بيحصل هنا؟
      
      "أنا ومامتك قررنا،" بابا قال ببطء ووضوح، وصوته العميق خلى دماغي تلف، "إنك هتتبعتي مدرسة عسكرية."
      
      بعد كده، أنا مش متأكدة أوي إيه اللي حصل. كل اللي أنا متأكدة منه إني لقيت نفسي محبوسة في أوضتي، بموت من العياط طول الليل.
      
      ```
      
      منمتش ثانية واحدة الليلة دي. ومكلفتش نفسي أبص في المراية؛ أنا مش رايحة في أي حتة النهاردة.
      
      حسيت إن عنيا وارمة ومنفخة، وكانت بتحرقني لما بمسحها. أنا كنت خلاص خلصت كل الدموع، فمكنش فيه أي داعي أفرك عنيا. بس برضه فضلت أعمل كده.
      
      كنت مشغلة جهاز الأغاني بتاعي على أعلى صوت، بغطي بيه على أي صوت تاني في الدنيا. كان أملي الأكبر إني أغطي على أي أصوات من الناحية التانية من باب أوضتي.
      
      حسيت تليفوني بيهتز جنبي، ومسكته بهدوء. بصيت على اسم المتصل، اللي كان مزغلل شوية عشان عنيا كانت وارمة. لمحت إنها صاحبتي الانتيم، سارة.
      
      "همم،" أنيت في التليفون. سارة اتحمقت.
      
      "إنتي مالك في إيه؟" سألت بحزم. سارة مبتستحملش أي هبل، وعشان كده هي صاحبتي الانتيم.
      
      "كل حاجة يا سارة. حياتي بتتدمر،" قلت بصوت واطي. صوتي اتهز عند آخر كلمة، وسمعت سارة بتتنهد على الناحية التانية من الخط.
      
      "احكيلي إيه اللي حصل. أكيد دي حاجة مش كويسة طالما مضيقاكي أوي كده،" قالت بحزن. هزيت راسي وقلت، "دي حاجة فظيعة. رهيبة بجد. والأسوأ، إن بابا حط بتاع خمس أقفال على شباكي عشان معرفش أنط وأهرب. الحقيني."
      
      "يا إلهي. إيه اللي حصل؟" سارة سألت بهدوء. حاولت أحبس كام دمعة. يمكن لسه مخلصتش كل العياط.
      
      "أهلي هيبعتوني مدرسة عسكرية."
      ```
      
      
      
      
      
      الطريق للمطار بالعربية كان صامت بشكل مؤلم. كنت ببص من الشباك، بتفرج على العربيات وهي بتعدي والناس في الشارع. قبل ما نمشي، كانت سارة ظهرت قدام بيتنا عشان تقول لي آخر سلام. كان وداع مليان دموع، وحميمي، وكليشيه خالص. بس أنا حبيته على أي حال.
      
      بابا كان سايق بيا للمطار في عربيته الهوندا. شنط سفري كانت في الشنطة اللي ورا، غالبًا عمالة تخبط في بعضها. أنا حقيقي مكنش عندي أي فكرة أنا مبعوتة فين، بس بالحكم على كمية الحاجات اللي كان لازم ألمها، فأكيد مش في أي حتة قريبة من البيت. بصيت لمحة لبابا. كان باصص قدامه مباشرةً، وماسك الدريكسيون جامد لدرجة إن عقل صوابعه ابيضت. اتنهدت ورجعت أبص من الشباك تاني.
      
      السما كانت مليانة سحب عواصف رمادية، وده بالتأكيد زود على جو الموقف كله. والموضوع مسعدش برضه إن بابا مكنش بيقول ولا كلمة. كنت هقدر لو قال كام كلمة اعتذار أو حزن أو أي حاجة، بس ولا كلمة.
      
      "وصلنا،" بابا قالهالي بخشونة. كان لسه قابض على الدريكسيون بقبضة مميتة، ومحركش عينيه عن الطريق اللي قدامه. "نطق أخيرًا،" تمتمت بمرارة. نزلت من العربية ورزعت الباب ورايا. فتحت شنطة العربية بقوة. طلعت شنطي، واحدة ورا التانية. مشيت لحد شباك بابا وخبطت عليه. بصلي بجدية. شاورته إنه ينزل الشباك، فعمل كده. اداني تذكرة طيارتي من غير ولا كلمة.
      
      "سلام يا بابا،" قلت ببرود. مشيت بعيد قبل حتى ما يقدر يفتح بقه. عندي أمل إنه يحس بالذنب عشان بعتني بعيد، على الأقل يبقى زعلان شوية إنه بيبعت بنته الوحيدة. بس أنا أراهن إنه هيعمل حفلة في البيت، بزينة وأكل وبلالين، وكل الليلة دي. هزيت راسي بقرف. دخلت من الأبواب الأوتوماتيكية، وأنا بجر شنطي ورايا. اضطريت أحط التذكرة في بقي.
      
      المطار كان ضخم وشكله عصري. مكنش فيه طابور طويل أوي لأي حاجة، عشان دي مجرد نهاية أسبوع عادية. حاجة تقرف؛ أهلي بعتوني في نص الترم التالت. يعني، أقل حاجة كانوا ممكن يعملوها إنهم يبعتوني قبل امتحانات نص السنة. غريبة أوي.
      
      حطيت كل شنطي على الأرض ورميت نفسي على كرسي. تفيت التذكرة من بقي، بحاول أتخلص من طعمها الفظيع. مسكتها في إيدي الشمال وأنا بشرب كام بوق مية. رجعت إزازة المية في شنطة ضهري وبصيت على تذكرتي لأول مرة. عنيا كانت هتطلع من مكانها.
      
      "إنجلترا؟!" صرخت، وأنا مش مدركة خالص شكلي كان مجنون إزاي. كل اللي حواليا وقفوا وبحلقوا لي. أنا بس فضلت مبحلقة لهم لغاية ما اتحركوا. "همم."
      
      اتنهدت ومشيت ناحية شاشة الرحلات الإلكترونية. الحروف الخضرا الفاتحة كانت عمالة تتغير بسرعة أوي لدرجة إني مش عارفة ألاقي رحلتي. أخيرًا لقيت رقم رحلتي تحت خالص. بربشت وأنا ببص على رقم البوابة. "بوابة إي-٣،" قلت لنفسي. اتحركت بعيد عن الشاشة عشان أجيب شنطي. المرة دي اتأكدت إن التذكرة في جيبي اللي ورا ومحطوطة كويس.
      
      رميت شنطة ضهري على كتفي ومسكت شنطي التلاتة. كان صعب أجرجرهم حواليا، بس قدرت أوصل لبوابة إي-٣ من غير ما أقع من طولي. بصيت بذهول لكمية الناس اللي مستنيين نفس الرحلة لإنجلترا. كل كراسي الانتظار كانت مليانة، وكان فيه حتى شوية عيال قاعدين على الأرض. بصيت حواليا وسط الزحمة عشان أشوف لو فيه أي تشابه بين الركاب، أي أدلة تقول ليه فيه ناس كتير أوي كده. بس اتنهدت بس، وأنا بلاقي إن مفيش أي راكب شبه التاني خالص.
      
      قعدت على الأرض جنب زوجين صغيرين ومعاهم توأمهم اللي لسه بيتعلموا المشي. التوأم كانوا بيتهادوا حواليا، ولما شافوني قعدت، بدأوا يجوا ناحيتي. رجعت لورا شوية، وبصيت لأهلهم. الأم كانت بتبتسملي، والأب كان بيضحك شوية. كانت عيلة جميلة، بصراحة، بس أنا بس مش شاطرة مع العيال.
      
      "دول لذاذ أوي،" قلت أخيرًا، وأنا بتفرج على التوأم وهما بيترنحوا. الأهل شكروني، والأب حط إيده حوالين مراته. "عندهم سنتين،" قال. ابتسمت وواحد من التوأم وقع، والتاني كان بيشاور لي. اللي وقع ده اتثاوب فجأة. الأب ضحك وشال الطفل وباس جبينه. الطفل اتثاوب تاني.
      
      "الأفضل أنيمهم،" الأب قال، وهو بيكرر اللي عمله مع التوأم التاني. ابتسمت للطف الأهل. يا ريت لو عيلتي كانت كده في يوم من الأيام. أقدم ذكرى ليا مع عيلتي هي... وأنا بعمل نوبة غضب في حفلة عيد ميلادي التالت. أهلي قالولي إنه من وقتها، سلوكي بقى في النازل.
      
      "الرحلة المتجهة إلى المملكة المتحدة تبدأ الآن في الصعود إلى الطائرة،" صوت راجل ممل قاله في السماعات. قمت وجمعت كل حاجتي. حسيت بدمعة تايهة نازلة على خدي، ومسحتها بسرعة.
      
      خليكي قوية يا چينا. إنتي تقدري تعمليها.
      
      
      
      
      
      
      "حاسب!" زعقت لما واحد خبط فيا. هو بس زقني وعدى من جنبي، وأنا اتأففت. هو فاكر نفسه مين ده بحق الجحيم؟ كنت خلاص همد إيدي وأمسكه من ياقة قميصه، بس افتكرت إن ده هو السبب كله إني هنا. اهدي يا چينا، اهدي. سحبت إيدي وحطيتها في جيب الجاكيت بتاعي. شديت شنطي من على السير المتحرك العملاق لما ظهرت قدامي.
      
      حطيت شنطة ضهري على كتفي قبل ما آخد باقي شنطي في إيديا. مشيت ورا الزحمة للخروج. كنت شايفة شمس ساطعة وسما زرقا بره. بس مكنتش شايفة أي حاجة تانية عشان كل اللي حواليا كانوا أطول مني. يمكن دي حاجة بريطاني. شقيت طريقي لأبواب الخروج المزدوجة.
      
      "استمتعي بإقامتك،" ست كبيرة قالتلي، وهي بتديني كام كتيب. ابتسمتلها ابتسامة سريعة قبل ما أخرج بره. رميت كل كتيب ورا كتفي، واحد ورا التاني. خط سير سياحي مقترح. هراء. فنادق سياحية مقترحة. هراء. محلات سياحية مقترحة. هراء... تاني. ياربي، هو كل حاجة هنا بتبدأ بـ "سياحي مقترح"؟ يعني، ميعرفوش يبقوا مبدعين أكتر في عناوين الكتيبات بتاعتهم؟
      
      رميت كمان شوية كتيبات "سياحي مقترح"، لحد ما وصلت لآخر واحد. مدرسة هيوز العسكرية. بدل ما أرميه على جنب وخلاص، اتأففت بصوت عالي وكرمشته. قررت أشيله في شنطة ضهري. محدش عارف ممكن أحتاج الحاجة الغبية دي إمتى.
      
      فضلت أتمشى في المدينة، بحاول ألاقي تاكسي. الموضوع بقى، إنه مكنش فيه ولا تاكسي أصفر واحد قدامي. اتأففت تاني وفتحت سوستة شنطتي. فردت الكتيب المتكرمش بتاع المدرسة العسكرية اللي هروحها. رفعت رجلي على دكة وفردت الكتيب على فخذي. بصيت فيه بسرعة عشان ألاقي عنوان. لما لقيته، طبقته وحطيته في جيبي. قررت أجرب حظي مع التاكسيات تاني.
      
      "تاكسي!" زعقت، وأنا برفع إيدي في الهوا. شفت التاكسي وهو بيفرمل جامد فجأة في نص الشارع. شفت السواق بصلي، وبعدين لف الدريكسيون لفة كاملة. التاكسي وقف عند الرصيف. السواق مال ناحية باب الراكب وزقه فتحهولي. نسيت إنه في الناحية العكسية هنا. ركبت.
      
      "سواقة حلوة،" برطمت، وأنا برمي كل حاجتي في الكنبة اللي ورا. السواق كان بيتفرج عليا وهو رافع حاجبه. "مش من هنا، تقريبًا،" اتنهد. كشرت في وشه. كان شعره أشقر غامق وعينيه خضرا. معظم شعره كان متغطي بالكاب الصغير بتاع السواقين.
      
      "هو فيه مشكلة في ده؟" قلت بفضول. السواق بصلي لمحة، وهو بيرمش بعينيه الخضرا. بص للطريق تاني وهز كتافه. لبس نضارة شمس. "أنا مش بحب السياح أوي يعني،" قال. قلبت عينيا.
      
      "أمال سايق تاكسي ليه يا غبي؟" قلت، وأنا مربعة إيديا. اتأفف ومسك الدريكسيون جامد. "ده شغل مؤقت. دلوقتي بس قوليلي إنتي رايحة فين،" قال. طلعت الكتيب من جيبي وزقيته ناحيته. ابتسم بخبث. "كنتي بنت شقية؟" حسيت إني عايزة أضربه بالقلم، بس مسكت نفسي.
      
      "ميخصكش،" قلت بثبات. ضحك مع نفسه وحط الكتيب على التابلوه قدامه. قلبت عينيا وهو بيسوق على الطريق الرئيسي.
      
      "طيب اسمك إيه؟" سأل فجأة. مكنش عندي أي رد ذكي أو قليل الذوق أو جاهز على ده، فقلت بس، "چينا." مد إيده في الجنب وقال، "أسوأ مقابلة." ابتسم نص ابتسامة وأنا بزق إيده بعيد. بصيت على وشه. أقسم، شكله أكبر مني بسنة بالكتير. كشرت.
      
      "هو إنت أصلا كبير كفاية إنك تسوق التاكسي ده؟" سألته. طلع محفظته من جيبه. فتحها ووراني رخصة السواقة بتاعته. "أنا كبير كفاية من السنة اللي فاتت،" قال بغرور. حطيت دقني على إيدي وسندت كوعي على الباب.
      
      "إنتي منين؟" السواق سأل. كشرت وبصيت له. هو مش عارف أنا منين؟ يعني من طريقة كلامي؟
      
      "أمريكا، يا فالح. ده زي ما تكون بتسأل واحد من الفايكنج هو منين،" قلت. كشر. "آه. دي وجعت،" قال. طب ما طبيعي. "ما هو ده المفروض،" رديت. عدت كام لحظة صمت كمان قبل ما حد يتكلم.
      
      "يعني إنتي مش ألطف واحدة بالظبط،" السواق ضحك. قلبت عينيا، فابتسم بخبث. "إيه الجديد؟" قلت.
      
      "يعني إنتي مدركة إنك مش لطيفة. خالص،" قال. كانت لسه الابتسامة المستفزة دي على وشه. ضميت شفايفي بضيق.
      
      "أيوة. وعشان كده أنا هنا،" قلت، وأنا متأكدة إن نبرتي وصلتلوا قد إيه هو بني آدم رخم. بس هو فضل يتكلم... رغي رغي رغي.
      
      "عشان كده إنتي هنا؟ عشان قليلة الذوق؟" قال وهو مستمتع. هزيت راسي وحطيت خصلة شعر ورا ودني.
      
      "وأسوأ بكتير،" قلت ببرود. حاجبه اترفع وابتسملي.
      
      "بس إنتي قزمة،" ضحك. حسيت وشي بيحمر.
      
      "أيوة، أنا طولي متر ونص بس. فيها إيه يعني؟" زعقت. ضحك تاني.
      
      "جربي بس اتصرفي زي ما بتتصرفي كده في هيوز. هياكلوكي حية،" قال بنبرة مستمتعة. رفعت حواجبي وبحقلتله. "إنت بتتكلم كإنه سجن،" قلت. هز كتافه. "مش بعيد أوي عنه،" قال. في اللحظة دي بالظبط، المدرسة العسكرية نفسها ظهرت قدامنا. وقف التاكسي عند الرصيف.
      
      "وإنت إيه عرفك اللي جوه عامل إزاي؟" قلت بغرور. هز كتافه تاني. "فراسة سواقين؟" نزلت من العربية وطلعت على الرصيف. شديت حاجتي من ورا. اداني شنطة ضهري، ومعاها كارت أبيض صغير. رفعته بتعبير زهقان. "بجد؟ أنا افتكرت شغلك في التاكسي ده مؤقت."
      
      "إنتي عارفة إنك عايزاه،" قالها بابتسامة خبيثة. رجع التاكسي وبدأ يسوق ويمشي. طلع إيده من الشباك وشاور. هزيت راسي بس وبصيت على الكارت بتاعه.
      
      رايان آدامز، سواق تاكسي
      
      تحت اسمه كان رقم تليفونه. هزيت راسي تاني ورميته في الشارع. بدأت أمشي ناحية البوابات الضخمة للمدرسة العسكرية. كنت لسه هضغط على الزرار بتاع السماعة، لما بصيت بلمحة ورايا على الكارت اللي في الشارع. اتنهدت.
      
      جريت للشارع وحطيت الكارت الصغير في جيبي.
      
      

      زوجة الدون - روايه مافيا

      زوجة الدون

      بقلم,

      مافيا

      مجانا

      بنت مجبورة تسيب حياتها في نيويورك وتتجوز زعيم مافيا قوي في إيطاليا اسمه كريستيانو سيراتوري. الجوازة دي مترتبة من وهما عيال عشان يوحدوا عيلتين مافيا كبار، بعد ما أهلها اتقتلوا. جيادا مرعوبة من جوزها اللي متعرفش عنه حاجة غير إنه راجل خطر ومخيف. الرواية بتابع دخولها للعالم ده، وهي محاطة بالشك والخوف من كل اللي حواليها، حتى عم جوزها المريب. القصة كلها عن محاولتها للنجاة في وسط عالم مفيهوش ثقة، ومليان أسرار ودم.

      جيادا

      نت شابة قربت تتم 18 سنة. أهلها اتقتلوا وهي صغيرة. حاسة إنها مسلوبة الإرادة ومجبرة على الجواز ده. خايفة جدًا من جوزها ومن عيلته، ومبتثقش في حد بسهولة.

      كريستيانو

      زعيم المافيا (عيلة سيراتوري) وجوز جيادا المستقبلي. شخص غامض، قوي، وباين عليه إنه مرعب ومخيف من أول ظهور ليه. أهله هو كمان اتقتلوا.

      لوكا

      الحارس الشخصي لجيادا من سنين. بيخاف عليها وبيحميها، وهو اللي حذرها إنها "متثقش في حد" حتى جوزها.
      زوجة الدون - روايه مافيا
      صورة الكاتب

      نزلت من عربية الليموزين اللي وصلتني من بيتي. كنت حريصة إني متكعبلش في زلط الممر، اللي بيوصل لحد الأبواب الضخمة لبيت عيلة سيراتوري. البيت كان ضخم جدًا، كله شبابيك لدرجة إني حسيت كإن حد بيراقبني. طبعًا كنت متراقبة. في أي حتة بروحها، كان دايمًا فيه حد بيراقبني. كنت تقريبًا سرحانة في ذهولي لحد ما حسيت بإيد على كتفي، ده كان حارسي الشخصي. هو مكنش بيطمني، هو كان بيقولي اتحركي وادخلي البيت ده.
      
      أنا وحارسي، لوكا، طلعنا السلالم، ولوكا رن جرس الباب. في خلال ثواني الباب اتفتح وظهرت ست عجوزة قصيرة ومليانة لابسة زي الخادمات. وطّت راسها وشبكت إيديها في بعض.
      
      "آنسة بينيتي، أهلًا بيكي. سيد سيراتوري مستني حضرتك في أوضة المعيشة."
      
      مكنتش متوقعة ترحيب حار. الخدم والشغالات كان دايمًا المفروض يوطوا راسهم وهما بيتكلموا مع حد في رتبة أعلى. دخلت البيت، كنت حاسة بوجود حارسي الشخصي والخادمة ورايا. البيت من جوه كان زي السيرك، الناس رايحة جاية بسرعة، صناديق في كل حتة، وشنط مكومة جنب الباب. بطرف عيني لمحت الخادمة مستنياني ألحقها، ومشيت ناحيتها. الخادمة خدتني في طرقة طويلة بتوصل لأوضة حواليها مكتبات ولوحات. في نص الأوضة، كان فيه راجل. كنت عارفة إنه مش جوزي المستقبلي، الراجل ده كان كبير أوي في السن.
      
      "يا بنت أخويا!" نده وهو فاتح دراعاته. ده كان عم خطيبي، ديافولو. كان لازم أعرف اسم كل فرد في عيلة جوزي المستقبلي. كان إلزامي على "الدونا" إنها تعرف كل واحد في عيلة جوزها. كانت في الغالب وظيفة "الدونا" إنها تاخد بالها من العيلة. وظيفة "الدون" كانت بتشمل مهام أعنف بكتير.
      
      "أهلًا يا عمي." رديت بنص ابتسامة وهزيت راسي. تقنيًا هو مكنش عمي لسه، بس الموضوع كان محتوم. أنا وخطيبي كنا مخطوبين من ساعة ما كان عندي 4 سنين. أهالينا قرروا إننا هنوحد عيلتي بينيتي وسيراتوري. كان إحساس غريب إني مخطوبة لراجل لأكتر من 13 سنة، ومع ذلك معرفش عنه أي حاجة تقريبًا. حتى مكنتش أعرف اسمه. كنت عارفة إنه أكبر مني، وإنه قوي جدًا. وبس.
      
      "آآآه، كبرتي وبقيتي ست جميلة أوي يا جيادا. أنا متأكد إن ابن أخويا هيفرح جدًا أول ما يشوفك. طيارتك لإيطاليا هتطلع إمتى؟"
      
      "كمان يومين يا سيد سيراتوري." رديت. عيد ميلادي الـ 18 كان كمان 3 أيام. فجأة استوعبت إني تاني يوم ما نوصل إيطاليا، هتجوز. اتنفضت من جوايا من الفكرة. كنت كمان متوترة من عمي الجديد ده. هو معجبنيش. لو مكنش من عيلتي المستقبلية كنت قرفت من عواطفه دي.
      
      "آه، متوقعتش أقل من كده من العيلة دي. أخويا الله يرحمه ومراته كانوا نفس الكلام. اتجوزوا تاني يوم ما تم 18 سنة. متتوتريش يا بنت أخويا، "الدون" مش أكبر منك بكتير. أهلك برضه مكنوش أكبر بكتير بعد ما اتجوزوا."
      
      اتخشبت أول ما جاب سيرة أهلي. كانت قاعدة أساسية في المرحلة دي إن محدش يجيب سيرتهم. الناس المفروض تكون عارفة قد إيه الموضوع ده بيوجع حتى مجرد التفكير في أبويا وأمي. بس طبعًا ديافولو ممكن يكون عارف ده. يمكن بيختبرني.
      
      "أنا قابلت أهلك مرة واحدة بس. بس فاكر مامتك كويس. إنتي شبهها بالظبط، بس أحلى."
      
      ابتسمتله ووطيت راسي. كسوفي كان بيبان، ووشي كان هـ يِحمرّ. مكنش المفروض يكلمني بالطريقة دي. أنا مشفتش ده إطراء، أنا اتكسفت.
      
      "أعتقد إن الاسم الوحيد اللي تعرفيه لجوزك دلوقتي هو 'الدون'. تحبي تعرفي اسمه الحقيقي؟" ديافولو ابتسملي بخبث. هزيت راسي بتردد، أنا مش واثقة في الراجل ده.
      
      
      
      
      
      "كريستيانو" فضلت أكررها لنفسي مرارًا وتكرارًا في العربية وإحنا مروحين البيت. كنت قادرة أقول إن لوكا لاحظ، بس هو مقالش حاجة. لوكا كان بيحمي عيلتي من قبل ما أتولد. هو كان موجود الليلة دي. الليلة اللي خسرت فيها أهلي.
      
      "جيادا؟" فجأة فوقت ورجعت للواقع. أنا لازم أبطل أسرح أوي كده.
      
      "أيوه؟"
      
      "إحنا وصلنا البيت." قالها وهو باصصلي بصة تكاد تكون شفقة. لوكا أكيد كان عارف قد إيه أنا متوترة إني هسافر إيطاليا. زقني برفق بره العربية ودخلني البيت. رحت أنام الليلة دي بس معرفتش أنام. دماغي كانت بتودي وتجيب. بمجرد ما أسيب نيويورك غالبًا عمري ما هرجع تاني إلا لو جوزي عايز كده. وبرضه مكنتش قادرة أبطل تفكير فيه. معرفش أي حاجة عن خطيبي. أنا شفته مرة واحدة بس. في جنازة أهلي. شيلت الذكرى دي من دماغي بسرعة، وبدأت أكرر اسمه تاني. كريستيانو.
      
      اليومين اللي بعد كده عدوا في لمح البصر. كل واحد كان بيجري في كل حتة، بيوضبوا شنطي، بيقرروا مين هيتولى إيه، بيخططوا هلبس إيه. حياتي كلها كانت دايمًا كده، عمري ما أخدت قرار لنفسي. الحاجة اللي بعدها إني لقيتنا بنقف قدام المطار، وفيه طيارة خاصة مستنية. أنا مش عايزة أركب الطيارة دي. أنا عايزة أفضل في نيويورك. بس برضه، ده مش اختياري. بابي اتفتح ولوكا ساعدني أنزل من العربية. بدأت أمشي ناحية الطيارة، بس لوكا وقفني.
      
      "جيا، إنتي هتوحشينا أوي. أهلك كانوا هيبقوا فخورين بيكي أوي عشان بتعملي ده." قالها وهو بيبتسم، باين عليه كإنه ماسك دموعه.
      
      "شكرًا يا لوكا. إنت كمان هتوحشني. مش قادرة أقولك قد إيه أنا مقدرة حمايتك ليا كل السنين دي."
      
      مديت إيدي عشان أسلم عليه. فجأة راح شاددني في حضن. وهمس
      
      "متثقيش في حد يا جيا. ولا حتى جوزك. دول ناس خطر وممكن يقتلوكي في غمضة عين."
      
      بصلي مرة أخيرة قبل ما يلف ويرجع للعربية. أنا تقريبًا حسيت إني متخدرة. هي دي النصيحة اللي هيسيبهالي؟ بس أنا عارفة إنها حقيقة. أنا هتجوز أخطر عيلة في الدنيا. فجأة حسيت بإيد على ضهري. لفيت عشان أشوف ديافولو.
      
      "آنسة بينيتي! المفروض نتحرك لو عايزين نوصل إيطاليا قبل الدنيا ما تليل."
      
      هزيت راسي بس وسبته يوصلني للطيارة. كنت كارهة حقيقة إنه هو اللي هيرافقني لإيطاليا. في العادي أم العريس أو أبوه هما اللي بيرافقوا العروسة. بس أهل كريستيانو اتقتلوا من سنتين. فاكرة واحدة من خادماتي قالتلي. حد كان زارع قنبلة في الموتور. فأول ما شغلوا العربية، انفجرت وقتلت كل اللي جواها. ده خلاني أحس بكريستيانو. ع الأقل فيه حاجة مشتركة بينا. إحنا الاتنين أهالينا اتقتلوا بوحشية.
      
      "تحبي تشربي حاجة يا جيادا؟" ديافولو سأل كإنه بيمتحني.
      
      "لأ، شكرًا." رديت بابتسامة مزيفة. ديافولو معملش أي حاجة غلط أصلًا. أنا بس جالي إحساس وحش منه. أنا مبحبوش.
      
      "ماشي. المفروض نوصل إيطاليا كمان كام ساعة."
      
      مع الكلمة دي أنا ارتحت. قولت لنفسي ممكن أستمتع بآخر لحظات السلام والوحدة اللي عندي. بس برضه معرفتش أنام. كنت متوترة زيادة عن اللزوم. وزني كمان كإنه كان بينزل. لما كانوا بياخدوا مقاساتي الأسبوع اللي فات عشان فستاني كنت مقاسي أصغر نمرتين عن العادي. تاني، أنا كنت متوترة لدرجة إني مش قادرة أعمل حاجة تقريبًا. وجوازي من وحش واضح إنه مش هيخلي حياتي أقل ضغط.
      
      ديافولو كان مبحلق فيا طول الرحلة. بس أنا عمري ما بصيتله. كل حركة صغيرة في المافيا ليها معنى. إنك تبص في عين حد ممكن يموتك. مكنتش قادرة أبطل تفكير في اللي لوكا قاله.
      
      "متثقيش في حد يا جيا."
      
      
      
      
      
      
      على ما الطيارة هبطت كانت الشمس بتبدأ تغرب. إحنا كنا سابقين المعاد بشوية ومكنتش عارفة دي حاجة حلوة ولا وحشة. طب إيه لو عيلته مكنتش جاهزة ليا لسه؟ مخاوف بدأت تهاجم عقلي، وكنت عارفة إن ده بسبب إني هتجوز بكرة. كنت عايزة أصرخ، كنت عايزة أعيط، بس معملتش كده. فضلت محافظة على هدوئي وقومت وقفت لما شفت باب الطيارة اتفتح.
      
      نزلت السلالم، وكنت حاسة بخطوات ديافولو ورايا. كان فيه رجالة، واضح إنهم يا إما شركا أو حراس شخصيين لعيلة سيراتوري، مستنييني. كلهم كانوا لابسين بدل وبدأوا يمشوني ناحية عربية ليموزين. فجأة حسيت إني لبسي مش مناسب أوي. كل اللي كنت لابساه كان هاي كول أسود وبنطلون جينز أزرق وبالطو تان واسع.
      
      قبل ما أستوعب، أنا وديافولو كنا في الليموزين وهنوصل البيت في أقل من نص ساعة. عربيتين ماشيين ورانا وعربيتين قدامنا. للحماية، زي ما افترضت. مكنش ينفع يسيبوا "الدونا" المستقبلية تتمشى من غير حراسة. أنا محتاجة أشتت نفسي، ومكنتش هفتّح كلام مع راجل أنا مش بثق فيه. إيطاليا فعلًا جميلة، خصوصًا المدينة. بصيت من الشباك واتفرجت على الغروب. الغروب هو فعلًا أجمل وقت في اليوم. جمال كل الألوان وهي ممتزجة ببعضها يكاد يكون شاعري بطريقته الخاصة. اتفرجت على كل الألوان وهي بتتحول لضلمة ببطء.
      
      ده تقريبًا رمز للي حياتي بتتحول ليه. كل الألوان والحرية بتنطفي بسبب ضلمة إني كبرت في المافيا. فجأة صحيت من سرحاني على صوت ديافولو.
      
      "آنسة بينيتي، إحنا وصلنا."
      
      بدأ يمد إيده ليا، بس أنا اتزحلقت من الكرسي وعديت من جنبه. نزلت من العربية وشفت البيت. كان جميل. كان أقرب لـ فيلا، ومثالي لحد في المافيا. كان فيه خصوصية، بس على بعد كام ميل بس من المدينة. حارس شخصي مشي لحد عندي وزقني بالراحة ناحية البوابات اللي بتوصل للباب الأمامي. أنا كنت بحب الحراس الشخصيين. كانوا أقوياء، وبيحموك. بس عمرهم ما حاولوا يفتحوا معاك كلام أو يبقوا أصحابك. ده كان بيخلي الأمور أسهل.
      
      دخلت البيت ومقدرتش إلا إني أنبهر. الديكور بتاعه كان جميل، مشيت شوية لجوه وبصيت لفوق وطبعًا كان فيه نجفة. مكنش هيبقى بيت مافيا من غير واحدة. فجأة ست كبيرة جت تجري عليا ورحبت بيا.
      
      "أوه يا سنيورينا بينيتي! (أوه يا آنسة بينيتي) جميل أوي إنك وصلتي هنا أخيرًا. شنطك بيتشالوا، رحلتك كانت عاملة إيه؟"
      
      أنا تقريبًا اتخضيت من كلامها. كانت لطيفة أوي ومرحبة جدًا. قدرت أعرف إنها خادمة بسبب لبسها. كانت كبيرة في السن، قدرت أعرف من التجاعيد، وأطول مني بحاجة بسيطة. تقريبًا اتلجلجت عشان أرد.
      
      "كانت- كانت كويسة! شكرًا ليكي... أنا متهيألي معرفتش اسمك."
      
      "أوه، اسمي بياتريس."
      
      سلمت عليا، وفردت دراعاتها عشان تحضني. معرفتش أتصرف إزاي. دي كانت أكتر عاطفة أشوفها من حد غير أبويا قبل كده. هو كان أول وآخر شخص حضنته ووثقت فيه تمامًا. وهو ميت بقاله 10 سنين. أعتقد إني أخدت وقت طويل عشان أقرر عشان كده بياتريس نزلت دراعاتها جنبها تاني. هي متضايقتش، هي كانت عارفة إنها يمكن عدت حدودها.
      
      "جيادا، ليه متمشيش وتتعرفي على البيت. بعد كده تعالي دوري عليا وأنا هوريكي أوضتك." بياتريس قالت كده، وشاورتلي عشان أسيب أوضة المعيشة.
      
      "استني دقيقة يا جيادا." لفيت ولقيت ديافولو بيقرب مني.
      
      "للأسف أنا مش هقعد هنا، أنا هقعد مع قرايب من بعيد في المدينة." قالهالي وهو باصصلي بصة شفقة.
      
      حاولت أخبي فرحتي. الحمد لله إني مش هضطر أفضل أتهرب منه طول الوقت.
      
      "أنا آسفة يا عمي." رديت بصة شفقة مزيفة.
      
      "متخافيش يا جيادا، أنا هزورك كل ما أقدر!" ابتسمت ابتسامة مزيفة وهزيت راسي. باين كده إني هضطر أتهرب منه برضه. هو بيحاول يكسب ثقتي. بس هو مكسبهاش.
      
      مع الكلمة دي ديافولو مشي، وبياتريس طلعت الدور اللي فوق. بقيت لوحدي خالص وهتمشى براحتي. اتمشيت واتفرجت على أوضة السفرة، ودخلت المطبخ وشفت إيه اللي في دولاب الخزين. هو فعلًا مكان جميل للعيشة. يمكن العيشة هنا متبقاش وحشة أوي في الآخر. كنت غرقانة في جمال البيت لدرجة إني مخدتش بالي إني دخلت أوضة عشوائية.
      
      باين عليها إنها مكتبة. الأرفف الخشب كانت مليانة كتب، وصور قديمة. كان فيه كراسي مريحة جنب ترابيزة عليها رقعة شطرنج. كنت منشغلة أوي بالأثاث لدرجة إني مشفتش الجسم اللي كان على بعد ياردة واحدة قدامي. بصيت لفوق واتخضيت من الراجل اللي كان بيدخن سيجارة في الركن. كان لابس بدلة سودا مبهدلة، شعره كان كيرلي ومنكوش، وكان بيدخن سيجارة. بدأ يلف ببطء وأنا عرفت هو مين فورًا. ده "الدون". اللي هو، جوزي المستقبلي. الراجل اللي المفروض ممنوع تمامًا إني أشوفه لحد ما أقابله قدام المذبح بكرة. خد نفس تاني من سيجارته وبرقلي. فجأة بدأ يمشي ناحيتي بطريقة تهديدية.
      
      اتخضيت وجريت بره الأوضة ونزلت في الطرقة. يا إلهي، أنا غبية أوي. كان المفروض أقول لبياتريس إني عايزة أروح أوضتي. أنا ممكن أتعاقب، هو ممكن يبعت رجالته يضربوني عشان متبعتش القواعد. أنا كان إيه عرفني إنه هيرجع البيت؟ ناهيك عن إنه هيبقى في الأوضة اللي دخلتها بالصدفة دي. بعد ما جريت في كام طرقة ولفيت كام زاوية، أخيرًا لقيت بياتريس.
      
      "وديني أوضتي لو سمحتي. حالًا!"
      
      هي اتخضت وتقريبًا وقعت سلة الغسيل اللي كانت شايلاها. هزت راسها وطلعتني على سلم، كان بيودي على طرقة مليانة أوض. بياتريس شاورت على تالت باب على اليمين.
      
      "دي أوضتك الليلة دي، إنتي هتروحي أوضة الدون بكرة." قالتها بصرامة. أنا عارفة ليه. أنا لازم أكون عذراء وأنا ماشية في الممر بكرة. فستان الفرح الأبيض بيرمز للنقاء. نومي لوحدي هيضمن إني نقية. أنا أصلًا كشفت على غشاء البكارة الأسبوع اللي فات.
      
      "شكرًا يا بياتريس." قلتها، وأنا بديها ابتسامة ضعيفة. أنا تعبانة أوي من السفر، ومن التهرب المستمر والهروب من الناس. أنا بس عايزة أقلع الهدوم دي.
      
      بعد ما غيرت هدومي، رقدت على سريري. كان نفسي يبقى معايا حبوب النوم بتاعتي. أنا قلقانة أوي. طب إيه لو "الدون" دخل هنا وعاقبني عشان كنت بحشر مناخيري؟ بس ده مش أكتر حاجة مخوفاني. الفكرة الملازماني اللي عايشة في دماغي هي اللي مصحياني.
      
      أنا هتجوز بكرة...
      ...
      
      

      رواية لا ديناستيا

      لا ديناستيا

      بقلم,

      مافيا

      مجانا

      "تاسيا" بتبدأ يومها عادي خالص، خناقة على الحمام ومدرسة ومستنية تروح المول مع مامتها. بس بترجع البيت تلاقي كارثة: مامتها وصحابها مقتولين وغرقانين في دمهم. بتفتكر في الأول إنه كابوس، بس بتصحى وتكتشف إن ده الواقع المر. بتلاقي رجالة غريبة في الصالة مع إخواتها المرعوبين، وبيطلعوا مافيا. الصدمة الأكبر لما بتعرف إن أبوها الغايب كان زعيم عصابة كبير وإن عيلتها في خطر.

      تاسيا

      بنت عندها 17 سنة، لسانها طويل وبتاعت خناقات بس جدعة. حياتها بتتقلب فوق تحت لما بتكتشف حقيقة أهلها.

      جوناثان

      أخو تاسيا. بيبان في الأول إنه بتاع هزار وخناق، بس بيبان ضعفه وصدمته الكبيرة بعد الكارثة.

      جايسون

      رجالة المافيا اللي بيظهروا فجأة، صحاب الأب، وهما اللي بيكشفوا الحقيقة لتاسيا.
      رواية لا ديناستيا
      صورة الكاتب

      إيه القرف ده؟
      
      يا رب، خليه يسكت بقى.
      
      قعدت أخبط بإيدي في كل حتة، بدور على سبب اللي صحاني ده. أخدت كام ثانية عشان أدرك إنه المنبه بتاعي.
      
      كان يوم الاتنين الصبح، وكان لازم أجهز للمدرسة.
      
      حد يقتلني أرجوكم. شكراً.
      
      أخيراً إيدي خبطت في المنبه، دوست على الزرار بتاعه ورميته كله جوه دُرج الكومودينو اللي جنبي.
      
      المنبهات دي أكيد من اختراع الشيطان.
      
      قمت وأنا بتأفف ومسكت الفوطة بتاعتي. أنا مكنتش فتحت عيني طول الوقت ده، أنا بس كنت عارفة مكان كل حاجة.
      
      سمعت صوت خطوات رجلين جاية من بعيد، طيرت النوم كله من عيني.
      
      الدش كان معركة حياة أو موت في بيتنا. وكان لازم أكسبها.
      
      طلعت أجري، وقعت أباجورة في طريقي وكنت هتزحلق بسبب الشراب. سندت على أوكرة باب الحمام ونطيت جوه.
      
      بسرعة، رزعت الباب وقفلته بالمفتاح.
      
      مافيش ثانيتين بالظبط، والخبيط بدأ.
      
      "تاسيا اطلعي من الحمام!" أخويا جوناثان زعق، وقبضة إيده كانت بتهز الباب.
      
      ضحكت، "دلوقتي يا ناتي، تفتكر ليه هعمل كده؟"
      
      خبط مرة كمان ومشي، وصوت خطواته بيبعد.
      
      المية الباردة بتاعة الدش ريحتني وظبطت جسمي. الحر بتاع لوس أنجلوس ده حاجة تانية خالص، والدش البارد بيساعد مع العرق.
      
      لفيت الفوطة حوالين جسمي وخرجت، بس عشان أخويا "حبيبي" يزقني من قدامي.
      
      لبست بسرعة، لبست بنطلون جينز مقطع وبلوزة قصيرة. بسرعة، لميت شعري وعملته ديل حصان.
      
      الشعر الطويل كان خنقة في الحر ده.
      
      وأنا رايحة المطبخ، لمحت ورقة على التلاجة.
      
      تاسيا، وناثان، وسيسي،
      
      بالتوفيق في المدرسة النهاردة! أنا هخلص بدري وهنروح المول لما ترجعوا. سبتلكم فلوس للغدا وأجرة أتوبيس تاسيا، فياريت يا ناثان متاخدهاش. ولمصلحتك يا تاسيا، يارب مكونتيش خليتي ناثان يتأخر. بحبكم كلكم وافطروا وإلا هتتعاقبوا!
      
      ماما.
      
      ابتسمت، هي عارفانا كلنا كويس أوي. وشكلي كده هاخدلي تهزيقة محترمة عشان ناتي أكيد هيفتن عليا.
      
      سمعت باب أوضة أختي بيتفتح، شكلها صحت على الدوشة دي كلها.
      
      "مش ممكن انتوا الاتنين يا حيوانات تحترموا إن أنا محتاجة أنام نوم الجمال بتاعي ده." قالت كده وهي بتغطي بوقها عشان كانت بتتـاوب.
      
      جوناثان وأنا بصينا لبعض، وضحكنا.
      
      "جربي تاني. المحاولة دي منجحتش." قلتها وأنا بضحك من مناخيري، وخلصت بقية أكلي قبل ما أخطف شنطتي وأجري على الباب.
      
      أول ما الجرس رن معلناً نهاية الحصة الأولى، طرت من الباب كأن الشيطان بيجري ورايا.
      
      "واو، أنا بحلم ولا إنتي هنا، في معادك، يوم اتنين؟" صاحبتي الانتيم لانا قالت كده وهي بتلعب بخصلة من شعرها الأشقر. عينيها الزرقا الواسعة كانت مليانة فرحة. كانت جميلة جمال مالوش وصف.
      
      "إحنا محتاجين نشتغل على أسلوبك ده عشان هو مش عاجبني." هزيت راسي، وعملت نفسي مش موافقة.
      
      "ابقي عيطيلي بحر يا حبيبتي."
      
      "يمكن أعملها،" هزيت كتافي.
      
      وإحنا بنضحك، رحنا في طريقنا لحصة الكيميا بس عدينا على الخزانة بتاعتي الأول.
      
      "يا آنسات، عندنا اختبار قصير. اقعدوا"
      
      لانا وأنا قعدنا في أماكنا وبدأنا الاختبار. هي على طول بدأت تجاوب على الأسئلة، في حين إني كنت بصة لأول سؤال كأنه مكتوب بالهولندي. مش محتاجة أقول إني سقطت.
      
      وقت الغدا خلص وجت الحصة الأخيرة. كنت مستعدة أخلص اليوم ده بأي شكل، كنت عايزة أروح البيت وأروح أتسوق.
      
      إحنا عمرنا ما كان معانا فلوس كتير، عيلتي وأنا. بس ماما كانت دايمًا بتدبر مبلغ للفسح الصغيرة اللي زي دي. إحنا عمرنا ما اتدلعنا وكان دايمًا لازم نشتغل عشان نجيب اللي إحنا عايزينه. بس أمي، الست دي كانت محاربة. عدت بأسوأ الظروف، ولسه واقفة قوية. أمي كانت الشخص اللي أنا نفسي أكون زيه. كانت عظيمة وبابا كمان كان عظيم، بس كان نفسي أشوفه أكتر.
      
      هو في مركز احتجاز عشان حاول يعدي الحدود عشان ييجي يشوفنا. إحنا مشوفناهوش من ساعة ما كان عندي اتناشر سنة، أنا دلوقتي سبعتاشر. من ساعة ما اترحّل، والأمور بقت أصعب. أوقات بخاف عليه.
      
      والأوقات التانية بفتكر إنه يقدر يشيل نفسه.
      
      لما المدرسة خلصت، جريت على بره فوراً.
      
      وصلت أول الشارع بتاع بيتي وبدأت أمشي بسرعة. لمحت حد قاعد على عتبة بابنا، بس مكنتش عارفة مين ده. غريبة. فكرت، ولما قربت أكتر شفت إنه جوناثان.
      
      "إزيك!"
      
      راسه لفت ناحيتي فوراً وبصلي بصة كده بعدين شاورلي بإيده عشان أستعجل. أنا الوحيدة اللي كان معايا مفاتيح. طلعت عند الباب عشان أبدأ أفتحه لما سمعت صوت.
      
      "أهلاً،" جيسيكا قالت.
      
      لفيت عشان أشوفها جاية ناحيتنا.
      
      كلنا دخلنا جوه العمارة وأنا بحاول أفتح باب الشقة.
      
      في مناسبات قليلة جداً بتخض. مش عشان أنا قلبي ميت، بس عشان أنا متعودة إن الأمور تبوظ. اتعلمت أتعامل مع الحاجات اللي زي دي واتأكدت إني دايمًا مستعدة. إنك تكون ضعيف ده عمره ما كان اختيار.
      
      
      
      
      
      
      
      لو إنت متوقع إنها تمطر، هتحضّر شمسية. نقط المطر غالباً لسه هتقع على حتت منك، بس على الأقل مش هتغرق.
      
      أنا اتعلمت أشيل شمسيتي دايمًا، حتى لو النشرة الجوية مقالتش إن فيه مطر. هو كده أحسن وخلاص. أأمن.
      
      بس، بطريقة ما، لما الكون بيحس إنك حفظت كل ألاعيبه واتعلمت إزاي تتحايل عليها، كل التحضيرات دي بتروح على الفاضي.
      
      وده اللي يخلي مش غريب، وإني مروحة البيت، ومستعدة للمطر في آخر دماغي، الكون غيّر الدنيا شوية.
      
      فتحت الباب ومفاتيحي وقعت من إيدي.
      
      يا إلهي... يا إلهي.
      
      صرخة مليانة رعب اخترقت أفكاري. عرفت مصدرها... جيسيكا.
      
      بلف لأختي، بشوفها على الأرض، عينيها متثبتة على المشهد اللي قدامها.
      
      جوناثان شكله مرعوب، نفسه تقيل ووشه أبيض زي التلج. أنا خايفة أبص ورايا وأشوفه تاني. أنا مصدومة.
      
      أنا أكيد بحلم. يا رب أرجوك يطلع حلم.
      
      لما فتحت باب بيتي، أنا متغرقتش بالمطر. لأ.
      
      أنا اتغرقت بالدم.
      
      دم أمي.
      
      ببص ورايا تاني وبحس إني دايخة، الدم، الجثث.
      
      حسيت إني عايزة أرجع، النور بيقفل حواليا وفي ثانية، وقعت.
      
      أنا أكيد بحلم. ده مش ممكن يكون حقيقي. إحنا كان المفروض نروح نتسوق. أرجوكم، ساعدوني. النور كان المفروض ينورلنا تاني. أرجوك، لأ، إحنا كان المفروض نرجع عيلة تاني.
      
      ومع آخر كلمة، الضلمة سيطرت عليا.
      
      ***
      
      صحيت على سريري، قلبي كان بيدق هيطلع من صدري، وكنت غرقانة في العرق، بس بشكل عام كنت كويسة.
      
      يبقى ده كان مجرد كابوس.
      
      يا إلهي ده كان فظيع، قلت لنفسي.
      
      كان فيه دم كتير أوي، وأمي، يا ربي أمي. في الحلم، أو يعني الكابوس، هي كانت ميتة. أنا رجعت البيت وفتحت الباب ووقعت مفاتيحي من المنظر. كانت مرمية هناك مع ستاسي وجوزها. كانوا متغطيين بالدم، دمهم. ستاسي كانت واخدة رصاصة في راسها وجوزها كمان. بس أمي، أوه يا أمي، كان عندها رصاصات أكتر ما أقدر أعدهم في بطنها وبعدين واحدة في نص عينيها بالظبط.
      
      الكابوس ده، كلمة "صادم" قليلة عليه.
      
      بقوْم وأنا حاسة بدوخة بسيطة، أكيد نمت أكتر من اللازم. أنا هروح آخد ماما بالحضن، فكرت. كنت لسه بتعش شوية بس طنشت، بعدين مسكت تليفوني وفتحت الباب. بمشي في الطرقة وبسمع أصوات، بدأت أمشي أسرع مستغربة ليه كله صاحي بدري في يوم مدرسة.
      
      "أهلاً، فـ إنتي عايزة تقولي-"
      
      اتسمّرت في مكاني. جسمي مبقاش بيتحرك وكنت بس بصة قدامي، مرعوبة. فجأة مابقتش قادرة أتنفس وحسيت إن دنيتي كلها بتقفل عليا، بتخنقني، بتموتني.
      
      كانوا هما، نفس الرجالة اللي شفتهم في حلمي. الحلم اللي شكله بقى حقيقة. أخويا وأختي قاعدين على الكنبة والرجالة قدامهم. جوناثان باصص في الهوا، وجيسيكا كانت بتعيط زي المجنونة، شهقاتها عالية.
      
      لسه مكنتش قادرة أتحرك، بس بصيت للناس الموجودة برعب. كانوا ست رجالة وستتين. كانوا بيتكلموا بس مكنتش سامعة بيقولوا إيه. مكنتش سامعة أي حاجة، غير دقات قلبي، بتهدد إنها تطلع من صدري، وساعتها بس اتمنيت إنها تطلع فعلاً عشان لو طلعت، كل ده كان هيخلص.
      
      كنت بضعف، ولسه مش قادرة أتكلم، حاسة إن رجليا بتخوني. صوت عالي طلعني من السرحان اللي كنت فيه، وكل الروس لفت ناحيتي. بصيت حواليا وأدركت إن تليفوني وقع من إيدي، بوطي أجيبه وبشوف بس حتة صغيرة من الشاشة اتشرخت.
      
      "أهلاً إزي-"
      
      اترعبت ووقعت تليفوني تاني والراجل وطى جابهولي. اتكسر جامد المرة دي، الشاشة كلها اتشرخت. عظيم.
      
      لما استوعبت تماماً إن الراجل اللي من حلمي واقف قدامي، رجعت كام خطوة لورا وأنا مذعورة، وبرضو مش قادرة أتنفس.
      
      "لأ، لأ لأ لأ لأ. أنا مش هأذيكي. أنا هنا عشان أساعد، باباكي-"
      
      بابايا. أمي!
      
      "هي فين؟" سألت وأنا بزق الراجل من قدامي. بقف قدام إخواتي، وأبصلهم، والذعر بيزيد وبحس إني بفقد السيطرة. جوناثان بيهز راسه وجيسيكا بتبدأ تعيط تاني، بصوت أعلى.
      
      "لأ، لأ. لأ! مش ممكن، هي فين يا جوناثان؟ بطلوا هزار وقولي مامي فين. قولي!"
      
      جوناثان نزلت منه دمعة، وبعدها، كأنه كان ماسك نفسه، بدأ هو كمان يعيط بهستيريا. مشي ناحيتي وحاول ياخدني في حضنه، زقيته جامد ووقع تاني على الكنبة. الرجالة والستات كانوا بس بيتفرجوا، والشفقة على وشهم.
      
      أنا رافضة أصدق، مش ممكن يكون حقيقي. أمي كانت، لأ هي، لا تُقهر، هي قدرت، وتقدر، تعدي من أي حاجة.
      
      الدموع بتنزل على وشي قبل ما أقدر أوقفها وبمسحها بسرعة.
      
      "جون... جوناثان... جوني... قولي... هي فين... مامي" قدرت أقولها بالعافية وسط الشهقات. هو عيط أكتر وأنا لفيت للناس اللي من حلمي اللي بقى واقع.
      
      "فين؟" قلتها بأهدى ما يمكن.
      
      "يا حبيبتي، مامتك كانت-"
      
      "لأ. إوعى... إوعى... إوعى تقول.... كانت." وقعت على الأرض، غرقانة في دموعي. هي بجد راحت خلاص.
      
      "أمال فين؟"
      
      الناس اللي قدامي وسعوا وعلى الأرض كان محطوط تلات أكياس، كبار كفاية لجثة.
      
      قمت ورجعت لورا. خايفة، متلخبطة، كنت بتعش.
      
      "إنتوا مين؟"
      
      كلهم كان شكلهم يخوف وأشرار. ده غير إن معاهم أكياس جثث عشان يحطوا أمي وأصحابها فيها.
      
      "أنا جايسون، زعيم عصابة الجاجوارز وده مارتن، زعيم المافيا في كولومبيا."
      
      بُقي اتفتح وكنت هحلف إني سمعتهم غلط.
      
      هزيت راسي، متلخبطة أكتر من الأول.
      
      "إنتوا هنا ليه؟" قلتها بنبرة عمري ما استخدمتها في حياتي، كانت أسوأ من الغضب، أسوأ من الرعب، كانت حاجة أنا معرفتهاش.
      
      "باباكي. إحنا أصحاب باباكي."
      
      معرفش إيه اللي حصلي بالظبط بس بدأت أضحك، وده فاجئ الكل.
      
      بابايا! نفس الأب اللي بيحس بالذنب لما يقتل عنكبوت. نفس الأب اللي عيط عشان كان خايف نكون نسيناه من ساعة ما مشي. ده الأب اللي مصاحب المافيا وواحدة من أخطر العصابات. مكنتش قادرة أصدق.
      
      بس خطرت في بالي، "وإنتوا ليه أصحاب بابايا؟"
      
      "أعتقد جه الوقت إنك تعرفي..."
      
      "أعرف إيه؟"
      
      "باباكي كان زعيم الدايناستي، أو يعني في الحقيقة اسمها، لا ديناستيا."
      
      لأ. مستحيل.
      
      اتفاجئت لدرجة إني كنت هضحك تاني، بس بعدين شفت أكياس الجثث، وافتكرت كل حاجة والدموع نزلت على وشي تاني.
      
      الزعيم مارتن قال، "شيلوا ده حالاً! حالاً!"
      
      "يا سيدي، العربيات لسه موصلتش." واحدة من الستات ردت، وملامح الحزن على وشها.
      
      بصلها بصة حادة ولف وشه ليها بالكامل. "أنا قلت، شيلوا ده من هنا حالاً!"
      
      بسرعة شالوا الأكياس وبدأوا يمشوا، وأنا مشلتش عيني من عليها. رؤيتي بقت مشوشة أكتر والدموع مغرقة وشي. أنا عارفة إن جايسون بيكلمني بس مش قادرة أشيل عيني من على الأكياس، ولما خرجوا أخيراً بصيتله بالظبط وهو بيقول، "... تطلعوا من هنا، إنتوا في خطر"
      
      خطر؟ خطر من إيه؟ فكرت.
      
      "الناس اللي قتلوا أهلك." مكنتش واخدة بالي إني قلت ده بصوت عالي وبعدين استوعبت، هو قال أهلك.
      
      "أهلي؟" قلتها.
      
      بصلي برعب باين على وشه وبملامح حزينة، وهز راسه.
      
      ومرة تانية، انهرت.
      
      إحنا كان المفروض نرجع عيلة تاني. النور كان المفروض ينورلنا تاني.
      
      
      
      ***
      
      يا جماعة!
      
      عشان نبدأ أنا عايزة أشكركم كلكم على قراية كتابي!!!! أتمنى إنه يعجبكم.
      
      بعد تلات سنين من نشر الكتاب ده أنا قررت أرد على حاجة بتتكرر كل مرة. بقت متكررة أوي لدرجة إني مبقتش قادرة أتجاهلها.
      
      الكتاب ده مفهوش أي مشاهد مخلة.
      

      طالبة جامعية بتحب حبيبها أكتر من نفسها

      أعشقه أكثر من نفسي

      بقلم,

      مافيا

      مجانا

      ليراتو طالبة جامعية حياتها ملخبطة، ودايمًا متأخرة ومشاكلها مبتخلصش مع أخوها. هي وصاحبتها الأنتيم "تي" بيعانوا من علاقات عاطفية سامة وفاشلة. "تي" بتسيب حبيبها، بس ليراتو متمسكة بواحد بيخونها ومد إيده عليها. صاحبتها بتواجهها بالحقيقة، فبيتخانقوا ويرجعوا يتصالحوا وهما بيعيطوا. في الآخر، "تي" بتبدأ علاقة جديدة، وليراتو لسه غرقانة في حيرتها ومشاكلها.

      ليراتو

      طالبة جامعية بتدرس تربية. متعلقة بحبيبها السام جداً رغم إنه بيخونها وبيأذيها، وبتدور على مبررات لأفعاله.

      بويتوميلو

      صاحبة ليراتو الأنتيم. لسه سايبة حبيبها الأهبل. شخصية صريحة وبتحاول تفوق صاحبتها من علاقتها المدمرة، بس هي كمان بتبدأ علاقة جديدة بسرعة.

      رالف

      صاحبهما المشترك اللي بيبدأ علاقة جديدة مع "تي" بعد انفصالها مباشرة.
      طالبة جامعية بتحب حبيبها أكتر من نفسها
      صورة الكاتب

      يا نهار أسود! أنا اتأخرت – تاني. هي مسألة وقت وتابانج هيسيبني. بقالُه نص ساعة بيزعق بأعلى صوته عشان أستعجل. مش بإيدي، أنا بحب النوم أوي! المشكلة إني كمان من النوع اللي بيسهر، فعلى طول بسهر متأخر أتفرج على أفلام أو أخلص كتاب.
      
      "إنتي بتختبري صبري! هتمشي لحد الجامعة، أقسم بكل غالي!" أوف، تابانج ده لازم يهدى، كلها نص ساعة زيادة. يعني مش حوار كبير، ولا إيه؟
      
      "خلاص، خلصت أهو!" زعقت وأنا بشيل شنطة الكمبيوتر المحمول بتاعتي وشنطة المدرسة.
      
      جريت على العربية ولقيته مستني ورا الدريكسيون ومتعصب على الآخر وبيبصلي بصة مرعبة. يا دي النيلة! شكلها كده دي آخر توصيلة ببلاش. أنا لازم أبدأ أظبط مواعيد نومي لأن الموضوع ده مش نافعني خالص.
      
      "هو إنتي مستمتعة إنك تنرفزيني يا ليراتو؟" زعق وهو بيرجع بالعربية عشان يطلع على الشارع.
      
      "أكيد طبعاً، بس المرة دي لأ. أنا آسفة بجد. أنا سهرت متأخر بتفرج على الفيلم الوثائقي الجديد اللي لسه نازل وشدني جامد! أقسم لك لما الراجل ده..." وبدأت أرغي.
      
      "أنا ماليش فيه!" أوووه! ده شكله متعصب جامد الصبح ده، "أنا اتأخرت على شغلي – تاني. أنا بعمل فيكي جميل إني بوصلك للجامعة، لكن لو هي دي 'شكراً' اللي باخدها من أختي العزيزة، يبقى إنتي ممكن تمشي على رجلك. يا ساتر!" طب ما أنا قلت آسفة.
      
      طبعاً مكنش فيه أي رد بعد الكلمتين دول. غير إني مكنتش عايزة أصب زيت على النار اللي أصلاً مولعة، فقفلت بُقّي بقية السكة للجامعة – اللي هي حوالي ربع ساعة.
      
      "شوفي بقى هترجعي البيت إزاي. يلا انزلي من عربيتي" قالها وهو بيجز على سنانه.
      
      يا إلهي. يعني حتى مقاليش 'يومك سعيد يا أختي' ولا أي حاجة؟ بس يلا أنا فاهماه. أنا عارفة إنه مش بيكرهني ولا حاجة. أنا هطلبله الحذاء الرياضي اللي هو كان عاوزه. كنت عايزة أجيبهوله هدية في عيد ميلاده بس شكلي مضطرة أصلح الموقف.
      
      الساعة حوالي 11 ومحاضرتي النهاردة بتبدأ 12، فعندي شوية وقت أضيعه. أفطر ولا أتسلى؟ سؤال غريب أوي لواحدة بتحب الأكل زيي! يا ترى 'تي' فين، كانت هتساعدني. فين الصحاب الأنتيم وقت ما تكون محتاجهم بجد. أوف.
      
      يبقى هو مطعم الأكل السريع ده! عمرك ما تغلط مع الأكل السريع. اشتريت لنفسي وجبة أطفال – محدش يحكم عليا! أنا بس كان نفسي فيها أوي دلوقتي. بس مين اللي قرر إن وجبات الأطفال دي للصغيرين بس؟ يعني إحنا منبقاش مبسوطين؟ تباً.
      
      وطلبت معاها كوباية جيلاتي لأن الهبل بتاع القهوة اللي إنتو بتحبوا تشربوه ده طعمه مقرف. ده كله ضغط صحاب وأنا فاهمة، عادي. مش هحكم عليكم.
      
      "مساء الخير يا آنسة يا جميلة" سمعت الصوت ده مع خبطة على كتفي. يا ربي على الإغراء. في يوم جميل زي ده. بهزر طبعاً، أنا مكنش ليا مزاج أتكلم مع ناس غريبة دلوقتي. خصوصاً الرجالة.
      
      "ليراتو." بصتله بصة حادة.
      
      "أوه؟ إيه الجرأة دي. بس أنا معنديش مانع. هو أنا ممكن أكون ليراتـ..."
      
      "أنا مش آنسة. أنا اسمي ليراتو يا أستاذ." قلتها وأنا بقطعه قبل ما يكمل افتراضاته المجنونة.
      
      جريت عشان آخد طلبي لما ندهوا عليه، وبنفس السرعة، سبت المطعم.
      
      "ليراتو!" سمعت الراجل بينده عليا. يا ربي! هو فيه إيه تاني؟ أنا بس عايزة آكل في سلام يا ناس.
      
      "بصي، أنا آسف إني بعطلك – شايفك مستعجلة. ممكن بس آخد رقمك وبعدها همشي." قالها وهو بيبصلي بعينين بتترجاه. يا حرام.
      
      "مش هسامح نفسي لو سبت الفرصة دي تضيع. مع إن الكلام ده ممكن يبان متكرر بس إنتي غالباً واحدة من أجمل البنات اللي شفتهم في حياتي، ونفسي أتعرف عليكي وممكن نخرج في يوم." كمل وهو بيحاول يقنعني.
      
      أخيراً خدت لحظة عشان أبص على شكله. هو الصراحة شكله مش وحش. هو فعلاً شكله كويس. طويل، أسمراني، عينيه غامقة، شفايفه غامقة، وحالق شعره جديد وشكله مهندم. هو حلو أه بس للأسف، أنا مش مهتمة.
      
      "آسفة، أنا مرتبطة." قلتها، ولما بصيت شمال لمحت صاحبتي الأنتيم جاية ناحيتي.
      
      كشرت حواجبها وهي بتسأل مين الراجل اللي معايا. بس البت دي بتحب النميمة أوي. هزيت راسي عشان أقولها مفيش حاجة تستاهل الحكي، هزت راسها وهي شكلها محبط شوية. يا عيني صاحبتي دي بتموت في الحكايات.
      
      "أهلاً" قالتها وهي بتقرب مننا بابتسامة جميلة على وشها. حاجة واحدة عن صاحبتي؟ قمر! مزة. هي قصيرة زيي، طولها مية خمسة وخمسين سنتي وأنا مجرد مية وخمسين. أنا عارفة إني قصيرة أوي بس أعمل إيه. دي الجينات بقى.
      
      جسمها رياضي ودايماً بتلبس على سنجة عشرة. دي حاجة من الحاجات اللي قربتنا من بعض – الشياكة. أنا طول عمري بحب الموضة. كنت بشتري حاجات مستعملة كتير وأنا بكبر لأننا في البيت مكنش معانا فلوس نغطي شغفي بالموضة ده. ولحد النهاردة بحب أشتري من محلات المستعمل لأني بلاقي قطع فريدة أوي وبدفع فلوس قليلة جداً. أنا و'تي' ممكن نشتري دولاب كامل! وده عملناه مرات كتير قبل كده. بس دلوقتي مبنشتريش مستعمل كتير. بصراحة، مبنشتريش خالص.
      
      "أهلاً" رد عليها التحية، وأنا ابتسمتلها وهي بتحضني.
      
      "إحنا لازم نمشي عشان منضيعش المحاضرة." قلتله وأنا بشبك دراعي في دراع 'تي'. شاورلنا بإيده. وكده بدأت رحلتنا حوالين الجامعة. أنا كدبت في موضوع المحاضرة ده. إحنا لسه عندنا وقت نضيعه. الوصول للمحاضرة بدري أوي ملوش لازمة لأن المحاضر بياخد نص ساعة زيادة عقبال ما يوصل.
      
      "يا بنتي، أنا تعبانة إزاي" قالتها وإحنا بنقعد تحت الشجرة بتاعتنا المعتادة.
      
      "يا شيخة، هي الساعة لسه مجتش 3 وإنتي خلاص تعبتي يا بويتوميلو" ضحكت. صاحبتي دي كسلانة أوي. ممكن تطلعي معاها خمس سلالم وتقولك محتاجة تاخد غفوة.
      
      "لأ، الموضوع مش كده خالص. ده بسبب الأهبل ده!" بدأت تحكي.
      
      "تخيلي يصحيني الساعة 6 الصبح عشان نروح نجري، وفي الآخر يسيبني! ممكن تتخيلي؟ يعني مين المجنون اللي بيصحى 6 الصبح بمزاجه؟!" كملت وهي متنرفزة.
      
      "إيه؟ بتهزري! يعني هلكك وبعدين سابك؟ وإنتي كمان مشيتي وراه وسمعتي كلامه. يا بنتي إنتي تستاهلي أحسن، وكان المفروض عالأقل كبيتي عليه مية ساقعة ولا أي حاجة!" أنا اتعصبت. الأهبل ده بيلعب بصاحبتي بقاله كتير أوي!
      
      "كنت المفروض أقول إيه؟ أنا زهقت من الخناق عشان علاقة مبقتش تفيدني. عندك حق – أنا أستاهل أحسن، وللأسف خدت وقت طويل عشان أسيب العلاقة السامة دي." كانت خلاص هتعيط، قدرت أعرف لأنها كانت بتعض على شفايفها اللي بتترعش.
      
      "عادي إنك تعيطي، متحبسيش دموعك. إنتي عارفة إنك هنا في أمان." قلتها وأنا بقرب عشان أحضنها.
      
      لفت دراعاتها حواليا وهي بتعيط في صمت. أنا نفسي اتسدت. حوارات الارتباط دي مش حلوة خالص. صدقيني – أنا عارفة. كمية البهدلة اللي حبيبي بهدهالي السنين اللي فاتت كافية تخلي أي حد يخلع، بس أنا فضلت عشان بحبه. بس هو اتحسن دلوقتي.
      
      "استني، طب وإنتي ليه لسه مرتبطة بالبيه بتاعك وإنتي بتقوليلي أسيب الأهبل بتاعي، في حين إن الأهبل بتاعك مش بيعاملك أحسن منه." اتنفضت وهي بتقلب الترابيزة عليا.
      
      "إيه ده؟ الموضوع مش زي بعضه خالص" دافعت عن علاقتي.
      
      "إزاي؟ عمال يخونك وإنتي عمالة تسامحيه!" هي بتتعصب دلوقتي.
      
      "يا بنتي، هو اعتذر وبطل خلاص." قلت.
      
      "هو بيخونك عشان إنتي مبقتيش عايزة تنامي معاه. دي حركة ندالة." هي 'تي' جرالها إيه دلوقتي؟
      
      "هاها، حلوة دي" ضحكت. شفتي قالت إيه؟ البت دي كوميديانة أوي.
      
      "يا بنتي." كانت بتتكلم جد.
      
      "يووه بقى. ده مش هيحصل تاني، ماشي! إحنا اتكلمنا في الموضوع ده وقلتله إني مستعدة أحاول تاني." قلتها وأنا متوترة لأني عارفة إن الموضوع ده حساس بالنسبة لها أكتر مني. هي بتبقى حمائية جداً معايا والحاجات اللي بتجرحني كأنها بتجرحها هي أكتر. أنا فاهماها – أنا زيها معاها.
      
      "هو لسه بيمد إيـ..."
      
      مخليتهاش تكمل الجملة. وقفت ولميت حاجتي ومشيت رايحة المحاضرة. أنا أصلاً هتأخر. مش هقعد هنا وأسمعها وهي بتقول كلام زي الزفت عن حبيبي. إيه ده!
      
      "يا بنتي استني!" ندهت عليا.
      
      إزاي تتجرأ؟! هي عارفة إن دي ضربة تحت الحزام وعارفة قد إيه أنا بكره أتكلم في الموضوع ده، خصوصاً قدام الناس. أنا وحبيبي اتكلمنا في كل حاجة وإحنا بنحاول نصلح علاقتنا على طول.
      
      
      
      
      
      
      
      "يا رب نخلص الموضوع ده على آخر الأسبوع." أنا دلوقتي بناقش البحث مع سيندي – زميلتي في الكلية.
      
      أنا وسيندي دايمًا بنبقى شركا في أي شغل جماعي ومبنعترضش. إحنا متفاهمين مع بعض وكُلنا شغف بدراستنا فالموضوع ماشي. على فكرة، أنا بدرس بكالوريوس تربية مرحلة تأسيسية.
      
      أنا طول عمري بحب الأطفال، فطبيعي التدريس بقى شغفي من وأنا صغيرة. كنت دايمًا بخلي أهلي وإخواتي يمثلوا إنهم زمايلي في الفصل وأنا بدرسلهم، والموضوع ده موقفش في ابتدائي، لأني كنت بذاكر بالطريقة دي حتى في ثانوي.
      
      أنا فاهمة موضوع المرتب القليل ده بس أنا بحبها، دي مهنة مُرضية. غير كده، أنا ممكن دايمًا ألاقي مصدر دخل تاني وتالت. أنا مش بصرف على حد فده اختيار مناسب ليا. أنا بس مش عايزة أبقى تعيسة بعد عشر سنين، بشتغل شغلانة مش بحبها.
      
      "وأنا كمان. أنا مرهقة جدًا من كل الشغل اللي بنعمله. محتاجة أشم نفسي. يلا بينا" قالتها وهي بتلبس جزمتها. أنا مش فاهمة هي إزاي فكرت إنها فكرة حلوة تلبس كعب عالي في الجامعة. عمومًا، مش شغلي.
      
      سيندي ساكنة قريبة أوي من بيتي، فساعات بتوصلني في طريقها لو معندهاش مشاوير. وإحنا مروحين، دماغي فضلت تسرح في خناقتي الصغيرة مع 'تي' الصبح. أنا لسه مش مصدقة إنها فتحت الموضوع ده كده. بصوا، حبيبي مش ملاك وأيوة إحنا عدينا بطلوع ونزول كتير، بس كل العلاقات كده. ولا أنا بكدب؟ قولولي لو أنا غلطانة.
      
      أوف، طيب بصوا. أنا عارفة إن الكلام يبان إني بلاقيله أعذار، بس إحنا عدينا بحاجات صعبة. أوكي، *أنا* اللي عديت بحاجات صعبة، وإحنا تخطينا الموضوع. مقدرش دلوقتي أرمي كل المجهود ده. أنا بحبه وعارفة إنه بيحبني. دي سنين والموضوع مكنش كده دايمًا. كل ده بدأ السنة اللي فاتت بس هو بقى كويس مؤخرًا وإحنا كويسين.
      
      "إنتي كويسة؟" مكنتش واخدة بالي إن فيه دمعة نزلت على خدي. مسحتها بسرعة.
      
      "أه، بس شوية مغص. هبقى كويسة." كدبت عليها بابتسامة باهتة.
      
      الحمد لله هي عدت الموضوع ووقفت عند مطعم الأكل السريع عشان تجبلي أكل يريحني زي ما بنعمل دايمًا لبعض. يااه! سيندي دي أحسن زميلة، أقسم بالله. إحنا متخطيناش الخط ده. إحنا مجرد زمايل، مش صحاب. فيه فرق، وأعتقد عشان كده هي عدت كدبة المغص دي. هي عارفة متتخطاش حدود معينة. أنا بحترم ده.
      
      لما رجعت البيت، خدت دش الأول ولبست قميص واسع وشرابات. عملت لنفسي أكل وقعدت على الكنبة أتفرج على فيلم رعب.
      
      تليفوني رن وأنا اتنهدت. أنا عارفة إنها 'تي'. عاملالها نغمة مخصوص. أنا مطنشة رسايلها طول اليوم ولسه بقرر إذا كنت هسيبها تبرر موقفها ولا هطوّل في الموضوع.
      
      "عايزة إيه يا بويتوميلو؟" رديت أخيراً.
      
      سمعت صوت شهقات في المقابل وعرفت إنها بتعيط.
      
      "أرجوكي افتحيلي" صوتها كان مكتوم وسط العياط بس سمعتها برضه.
      
      هي مش محتاجاني أفتحلها حاجة. هي عارفة طريقها وعندها مفتاح احتياطي زي ما أنا معايا مفتاح شقتها. هي بتعمل كده عشان إحنا متخانقين. زي ما المفروض تعمل طبعًا.
      
      لبست شبشب ومشيت عالمطبخ عشان أفتحلها وأنا بقفل السكة. أول ما فتحت البوابة، رمت نفسها عليا وهي عمالة تكرر قد إيه هي آسفة وإنها مش هتعمل كده تاني. اتنهدت تنهيدة طويلة قبل ما أحضنها. دخلنا أوضتي وقعدنا على سريري.
      
      "أنا آسفة أوي يا صاحبتي. مكنش قصدي أزعلك أو أضايقك، و، و - أنا بس مش عاجبني طريقته معاكي. أنا فاهمة إنكم كويسين دلوقتي بس لحد إمتى؟ الأهبل اللي كنت معاه ده يمكن كان نرجسي زبالة بس هو ده كان كل الموضوع غير الإيذاء النفسي. وحتى كده، الموضوع حصل حوالي تلات مرات بس. في حين إن حبيبك ده بيعاملك زي الزفت بقاله سنين." فضلت ترغي وهي متوترة.
      
      اتنهدت ودمعة نزلت على خدي ووراها دموع تانية. أنا عارفة إن عندها حق بس الحقيقة بتوجع. على قد ما أنا وحبيبي كويسين دلوقتي، بس لسه بيوجعني إنه كان بيمد إيده عليا كذا مرة طول السنين دي. هو خانّي كذا مرة قبل كده وحتى مرة كان فيه شك في حمل من واحدة أي كلام عرفها في نادي. هو دايمًا بيرمي اللوم عليا في تصرفاته، بس من آخر خناقة، إحنا صفينا الأمور وماشيين صح دلوقتي.
      
      أنا إديته عذريتي، يعني نوعًا ما. أنا كنت فاكرة بجد إن هو ده خلاص نصيبي، بس دلوقتي؟ أنا متلخبطة جدًا.
      
      خدنا غفوة بعد المصارحة اللي من القلب دي. صحيت لقيتها بتتكلم في التليفون ووشها محمر وهي بتعمل العشا. هي بتبات هنا كتير. معنديش مانع لأني بعمل نفس الحاجة معاها. إحنا بنخطط ننقل نعيش مع بعض بما إننا أصلاً بنقضي وقت كتير أوي في شقق بعض، ولقينا مكان.
      
      قفلت السكة بسرعة وكحّت لما أخيرًا خدت بالها إني واقفة على باب المطبخ. حاولت أخطف تليفونها واتخانقنا عليه. في الآخر عرفت آخده وفتحته عشان أشوف كانت بتكلم مين. الحلة اللي كانت واقفة عليها بدأت تفور ومكنش عندها اختيار غير إنها تسيبني وتروح تبص عليها.
      
      أنا مش مصدقة عينيا دلوقتي!
      
      "رالف؟!" زعقت، ووشها احمر وبصت بعيد مش قادرة تبص في عيني.
      
      "احكي" طلبت منها وأنا مبتسمة أوسع ابتسامة.
      
      طيب، رالف ده صاحبنا، صاحبنا بقاله سنتين. مكنتش أعرف أبدًا إنهم بيشوفوا بعض بالطريقة دي بس يا للدهشة!
      
      "هو حصل كده وخلاص" وشها كان محمر.
      
      "انطقي يا داهية!" زقيتها من كتفها وأنا بضحك. أنا لسه مش مصدقة بس مبسوطة بالموضوع ده. هو عسول أوي بجد.
      
      "طيب فاكرة إمبارح لما اتسابيت"، بدأت تحكي، وحتة مني بدأت تحس بالذنب والأنانية. أنا قفلت في وشها وهي نفسها كانت بتمر بظروف صعبة.
      
      "أنا آسفة جدًا! كنت أنانية أوي" قطعتها.
      
      "يا بنتي، أنا كمان غلطت لما فتحت موضوعك الزفت، فعادي. مش لازم تتأسفي يا حبيبتي." قالتها بابتسامة دافية على وشها وأنا عارفة إنها تقصدها.
      
      "المهم! زي ما كنت بقول، بعد ما سبتيني، هو لقاني بعيط وأنا رايحة عربيتي،" كملت. صاحبتي غرقانة.
      
      "ها، إيه اللي بيحصل بينكم بالظبط؟" حشرت مناخيري أكتر في حياتها زي ما أي صاحبة أنتيم المفروض تعمل.
      
      "بصي، هو طلب نخرج. وإحنا يمكن.. يعني.. بُسنا بعض كذا مرة إمبارح والنهاردة الصبح." قالتها بسرعة أوي لدرجة إني يا دوب لحقت أسمعها.
      
      صرخت: "يا فاجرة" وهي ضحكت.
      
      "أنا عارفة إني خنته إمبارح بس أهو أنا اتسابيت كده كده."
      
      وهو ده اللي حصل بقية اليوم – قضيناه نميمة وأكل وفرجة على مسلسلات. أنا بس يارب الواد رالف ده ميبهدلش صاحبتي. يا جماعة إحنا شفنا كتير أوي، أنا وصاحبتي يا عيني. نستاهل ناخد هدنة صغيرة.
      
      

      Pages