موصى به لك

    الأقسام

    روايات تاريخية

    معارك ملحمية، مؤامرات، وأبطال منسيون

    ... ...

    روايات فانتازيا

    ممالك مفقودة وسيوف أسطورية، هنا تبدأ المغامرة

    ... ...

    روايات رومانسية

    لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير بتلك النظرة

    ... ...

    روايات رعب

    السحر والكتب يخفون أسراراً لا تريد معرفتها

    ... ...

    روايات خيال علمي

    سافر عبر الزمن بتكنولوجيا تتحدى الخيال

    ... ...

    روايات مافيا

    عالم الجريمة المنظمة حيث القوة هي القانون

    ... ...

    روايات كورية

    اجمل القصص الكوريه المترجمه والكيدراما

    ... ...

    روايات اجتماعية

    صراعات يومية تعكس حقيقة الحياة التي نعيشها

    ... ...

    الأفضل شهرياً

      روايه مدرسة هيوز

      مدرسة هيوز

      بقلم,

      اجتماعية

      مجانا

      دايمًا بتعمل مشاكل واحتجازات في مدرستها. أهلها وخصوصًا باباها بيزهقوا من تصرفاتها فبيقرروا يبعتوها مدرسة عسكرية عشان تتأدب. چينا بتتفاجئ إن المدرسة دي مش في بلدها، دي في إنجلترا، وبتبقى مدمرة هي وصاحبتها سارة. بنشوف رحلتها لوحدها للمطار، ومشاعرها المتلخبطة ناحية عيلتها اللي حست إنهم رموها. وأول ما بتوصل إنجلترا بتقابل سواق تاكسي رخم اسمه رايان، وده بيكون أول تحدي ليها هناك.

      چينا

      درجاتها كلها ممتازة بس متمردة ولسانها طويل ومش بتعمل حساب لحد. بتكره قرار أهلها، وبتبان قوية من بره بس هي حساسة وزعلت جدًا من اللي حصل.

      سارة

      صاحبة چينا الانتيم. جدعة وبتقف جنبها، ووداعهم كان مؤثر أوي. هي الوحيدة اللي چينا بتثق فيها.

      رايان آدامز

      سواق التاكسي اللي قابلته في إنجلترا. شاب صغير (أكبر من چينا بسنة تقريبًا)، رخم ومستفز، ولاحظ إنها رايحة مدرسة "هيوز" العسكرية واتريق على قصرها وعلى إنها "بنت شقية".
      روايه مدرسة هيوز
      صورة الكاتب

      الفصل الأول
      
      "ده خامس احتجاز ليكي الأسبوع ده،" أمي قالتها بصرامة. اتنهدت وقلبت عينيا. يعني هو الاحتجاز ده حاجة جديدة عليا؟ بالعكس، ده عمليًا بقى جزء من روتيني الأسبوعي.
      
      "يا ماما، أنا أقدر أتصرف. متقلقيش عليا،" قلتها بصراحة. المرة دي جه دور ماما إنها تتنهد. هزت راسها وبصت في الأرض، وهي عاقدة حواجبها. بابا دخل الأوضة وانضم لينا في "قعدتنا العظيمة" دي.
      
      "يا چينا،" قالها وهو بيديني بصة مُرهقة. رفعت عيني بصيت له، وبعدين لماما، ورجعتله تاني. استنيت أيًا كان اللي هيقوله. قعدت أهز رجلي في الأرض بزهق والسكوت بيطول.
      
      "لازم تفهمي... إحنا مش عايزين نربي بنت سيئة. إحنا عايزينك تقدري تدخلي الكلية بمنح دراسية وسجل نضيف. عايزينك تقدري تلاقي وظيفة أحلامك، وفي يوم من الأيام، تكوّني أسرتك الخاصة،" بابا قالها أخيرًا، نطقها مرة واحدة. اتأففت. أدينا بدانا. هي هي نفس الأسطوانة كل مرة.
      
      "يا بابا، أنا عارفة. بس أنا درجاتي الأكاديمية ممتازة. بجيب دايمًا أعلى الدرجات في الدراسة. السلوك ده قصة تانية؛ والمجهود واضح إنه مرتبط بالسلوك. إحنا اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده،" قلت له وأنا مربعة إيديا. ماما رفعت عينها بصت لي، وعينيها بتلمع بدموع لسه نازلة. ده فاجئني؛ ماما ست قوية جدًا ومستقلة. عمرها ما بتعيط.
      
      "يا چينا،" ماما اتهتهت، "أنا وأبوكي اتكلمنا من كام يوم، وقرارنا واضح." شهقت وحطت خصلة شعر هايشة ورا ودنها. أنا قلقت؛ هو فيه إيه؟ قرار إيه؟ هي بتتكلم عن إيه بالظبط؟ كان واضح إن ماما مش هتقدر تتكلم من غير ما تنهار في العياط باقي الحوار، فبابا كمل بدالها.
      
      "إنتي بتاخدي احتجازات من سنة أولى ابتدائي بس بسبب أسلوبك المستهتر وتصرفاتك،" بابا قال وهو مبحلق لي، وحط إيده حوالين ماما. زقيت شعري بعيد عن وشي، وحتى قرصت رسغي عشان أشوف ده كابوس ولا إيه. عمري ما اتحاسبت في البيت على درجات، أو احتجازات، أو المدرسة خالص. إيه اللي بيحصل هنا؟
      
      "أنا ومامتك قررنا،" بابا قال ببطء ووضوح، وصوته العميق خلى دماغي تلف، "إنك هتتبعتي مدرسة عسكرية."
      
      بعد كده، أنا مش متأكدة أوي إيه اللي حصل. كل اللي أنا متأكدة منه إني لقيت نفسي محبوسة في أوضتي، بموت من العياط طول الليل.
      
      ```
      
      منمتش ثانية واحدة الليلة دي. ومكلفتش نفسي أبص في المراية؛ أنا مش رايحة في أي حتة النهاردة.
      
      حسيت إن عنيا وارمة ومنفخة، وكانت بتحرقني لما بمسحها. أنا كنت خلاص خلصت كل الدموع، فمكنش فيه أي داعي أفرك عنيا. بس برضه فضلت أعمل كده.
      
      كنت مشغلة جهاز الأغاني بتاعي على أعلى صوت، بغطي بيه على أي صوت تاني في الدنيا. كان أملي الأكبر إني أغطي على أي أصوات من الناحية التانية من باب أوضتي.
      
      حسيت تليفوني بيهتز جنبي، ومسكته بهدوء. بصيت على اسم المتصل، اللي كان مزغلل شوية عشان عنيا كانت وارمة. لمحت إنها صاحبتي الانتيم، سارة.
      
      "همم،" أنيت في التليفون. سارة اتحمقت.
      
      "إنتي مالك في إيه؟" سألت بحزم. سارة مبتستحملش أي هبل، وعشان كده هي صاحبتي الانتيم.
      
      "كل حاجة يا سارة. حياتي بتتدمر،" قلت بصوت واطي. صوتي اتهز عند آخر كلمة، وسمعت سارة بتتنهد على الناحية التانية من الخط.
      
      "احكيلي إيه اللي حصل. أكيد دي حاجة مش كويسة طالما مضيقاكي أوي كده،" قالت بحزن. هزيت راسي وقلت، "دي حاجة فظيعة. رهيبة بجد. والأسوأ، إن بابا حط بتاع خمس أقفال على شباكي عشان معرفش أنط وأهرب. الحقيني."
      
      "يا إلهي. إيه اللي حصل؟" سارة سألت بهدوء. حاولت أحبس كام دمعة. يمكن لسه مخلصتش كل العياط.
      
      "أهلي هيبعتوني مدرسة عسكرية."
      ```
      
      
      
      
      
      الطريق للمطار بالعربية كان صامت بشكل مؤلم. كنت ببص من الشباك، بتفرج على العربيات وهي بتعدي والناس في الشارع. قبل ما نمشي، كانت سارة ظهرت قدام بيتنا عشان تقول لي آخر سلام. كان وداع مليان دموع، وحميمي، وكليشيه خالص. بس أنا حبيته على أي حال.
      
      بابا كان سايق بيا للمطار في عربيته الهوندا. شنط سفري كانت في الشنطة اللي ورا، غالبًا عمالة تخبط في بعضها. أنا حقيقي مكنش عندي أي فكرة أنا مبعوتة فين، بس بالحكم على كمية الحاجات اللي كان لازم ألمها، فأكيد مش في أي حتة قريبة من البيت. بصيت لمحة لبابا. كان باصص قدامه مباشرةً، وماسك الدريكسيون جامد لدرجة إن عقل صوابعه ابيضت. اتنهدت ورجعت أبص من الشباك تاني.
      
      السما كانت مليانة سحب عواصف رمادية، وده بالتأكيد زود على جو الموقف كله. والموضوع مسعدش برضه إن بابا مكنش بيقول ولا كلمة. كنت هقدر لو قال كام كلمة اعتذار أو حزن أو أي حاجة، بس ولا كلمة.
      
      "وصلنا،" بابا قالهالي بخشونة. كان لسه قابض على الدريكسيون بقبضة مميتة، ومحركش عينيه عن الطريق اللي قدامه. "نطق أخيرًا،" تمتمت بمرارة. نزلت من العربية ورزعت الباب ورايا. فتحت شنطة العربية بقوة. طلعت شنطي، واحدة ورا التانية. مشيت لحد شباك بابا وخبطت عليه. بصلي بجدية. شاورته إنه ينزل الشباك، فعمل كده. اداني تذكرة طيارتي من غير ولا كلمة.
      
      "سلام يا بابا،" قلت ببرود. مشيت بعيد قبل حتى ما يقدر يفتح بقه. عندي أمل إنه يحس بالذنب عشان بعتني بعيد، على الأقل يبقى زعلان شوية إنه بيبعت بنته الوحيدة. بس أنا أراهن إنه هيعمل حفلة في البيت، بزينة وأكل وبلالين، وكل الليلة دي. هزيت راسي بقرف. دخلت من الأبواب الأوتوماتيكية، وأنا بجر شنطي ورايا. اضطريت أحط التذكرة في بقي.
      
      المطار كان ضخم وشكله عصري. مكنش فيه طابور طويل أوي لأي حاجة، عشان دي مجرد نهاية أسبوع عادية. حاجة تقرف؛ أهلي بعتوني في نص الترم التالت. يعني، أقل حاجة كانوا ممكن يعملوها إنهم يبعتوني قبل امتحانات نص السنة. غريبة أوي.
      
      حطيت كل شنطي على الأرض ورميت نفسي على كرسي. تفيت التذكرة من بقي، بحاول أتخلص من طعمها الفظيع. مسكتها في إيدي الشمال وأنا بشرب كام بوق مية. رجعت إزازة المية في شنطة ضهري وبصيت على تذكرتي لأول مرة. عنيا كانت هتطلع من مكانها.
      
      "إنجلترا؟!" صرخت، وأنا مش مدركة خالص شكلي كان مجنون إزاي. كل اللي حواليا وقفوا وبحلقوا لي. أنا بس فضلت مبحلقة لهم لغاية ما اتحركوا. "همم."
      
      اتنهدت ومشيت ناحية شاشة الرحلات الإلكترونية. الحروف الخضرا الفاتحة كانت عمالة تتغير بسرعة أوي لدرجة إني مش عارفة ألاقي رحلتي. أخيرًا لقيت رقم رحلتي تحت خالص. بربشت وأنا ببص على رقم البوابة. "بوابة إي-٣،" قلت لنفسي. اتحركت بعيد عن الشاشة عشان أجيب شنطي. المرة دي اتأكدت إن التذكرة في جيبي اللي ورا ومحطوطة كويس.
      
      رميت شنطة ضهري على كتفي ومسكت شنطي التلاتة. كان صعب أجرجرهم حواليا، بس قدرت أوصل لبوابة إي-٣ من غير ما أقع من طولي. بصيت بذهول لكمية الناس اللي مستنيين نفس الرحلة لإنجلترا. كل كراسي الانتظار كانت مليانة، وكان فيه حتى شوية عيال قاعدين على الأرض. بصيت حواليا وسط الزحمة عشان أشوف لو فيه أي تشابه بين الركاب، أي أدلة تقول ليه فيه ناس كتير أوي كده. بس اتنهدت بس، وأنا بلاقي إن مفيش أي راكب شبه التاني خالص.
      
      قعدت على الأرض جنب زوجين صغيرين ومعاهم توأمهم اللي لسه بيتعلموا المشي. التوأم كانوا بيتهادوا حواليا، ولما شافوني قعدت، بدأوا يجوا ناحيتي. رجعت لورا شوية، وبصيت لأهلهم. الأم كانت بتبتسملي، والأب كان بيضحك شوية. كانت عيلة جميلة، بصراحة، بس أنا بس مش شاطرة مع العيال.
      
      "دول لذاذ أوي،" قلت أخيرًا، وأنا بتفرج على التوأم وهما بيترنحوا. الأهل شكروني، والأب حط إيده حوالين مراته. "عندهم سنتين،" قال. ابتسمت وواحد من التوأم وقع، والتاني كان بيشاور لي. اللي وقع ده اتثاوب فجأة. الأب ضحك وشال الطفل وباس جبينه. الطفل اتثاوب تاني.
      
      "الأفضل أنيمهم،" الأب قال، وهو بيكرر اللي عمله مع التوأم التاني. ابتسمت للطف الأهل. يا ريت لو عيلتي كانت كده في يوم من الأيام. أقدم ذكرى ليا مع عيلتي هي... وأنا بعمل نوبة غضب في حفلة عيد ميلادي التالت. أهلي قالولي إنه من وقتها، سلوكي بقى في النازل.
      
      "الرحلة المتجهة إلى المملكة المتحدة تبدأ الآن في الصعود إلى الطائرة،" صوت راجل ممل قاله في السماعات. قمت وجمعت كل حاجتي. حسيت بدمعة تايهة نازلة على خدي، ومسحتها بسرعة.
      
      خليكي قوية يا چينا. إنتي تقدري تعمليها.
      
      
      
      
      
      
      "حاسب!" زعقت لما واحد خبط فيا. هو بس زقني وعدى من جنبي، وأنا اتأففت. هو فاكر نفسه مين ده بحق الجحيم؟ كنت خلاص همد إيدي وأمسكه من ياقة قميصه، بس افتكرت إن ده هو السبب كله إني هنا. اهدي يا چينا، اهدي. سحبت إيدي وحطيتها في جيب الجاكيت بتاعي. شديت شنطي من على السير المتحرك العملاق لما ظهرت قدامي.
      
      حطيت شنطة ضهري على كتفي قبل ما آخد باقي شنطي في إيديا. مشيت ورا الزحمة للخروج. كنت شايفة شمس ساطعة وسما زرقا بره. بس مكنتش شايفة أي حاجة تانية عشان كل اللي حواليا كانوا أطول مني. يمكن دي حاجة بريطاني. شقيت طريقي لأبواب الخروج المزدوجة.
      
      "استمتعي بإقامتك،" ست كبيرة قالتلي، وهي بتديني كام كتيب. ابتسمتلها ابتسامة سريعة قبل ما أخرج بره. رميت كل كتيب ورا كتفي، واحد ورا التاني. خط سير سياحي مقترح. هراء. فنادق سياحية مقترحة. هراء. محلات سياحية مقترحة. هراء... تاني. ياربي، هو كل حاجة هنا بتبدأ بـ "سياحي مقترح"؟ يعني، ميعرفوش يبقوا مبدعين أكتر في عناوين الكتيبات بتاعتهم؟
      
      رميت كمان شوية كتيبات "سياحي مقترح"، لحد ما وصلت لآخر واحد. مدرسة هيوز العسكرية. بدل ما أرميه على جنب وخلاص، اتأففت بصوت عالي وكرمشته. قررت أشيله في شنطة ضهري. محدش عارف ممكن أحتاج الحاجة الغبية دي إمتى.
      
      فضلت أتمشى في المدينة، بحاول ألاقي تاكسي. الموضوع بقى، إنه مكنش فيه ولا تاكسي أصفر واحد قدامي. اتأففت تاني وفتحت سوستة شنطتي. فردت الكتيب المتكرمش بتاع المدرسة العسكرية اللي هروحها. رفعت رجلي على دكة وفردت الكتيب على فخذي. بصيت فيه بسرعة عشان ألاقي عنوان. لما لقيته، طبقته وحطيته في جيبي. قررت أجرب حظي مع التاكسيات تاني.
      
      "تاكسي!" زعقت، وأنا برفع إيدي في الهوا. شفت التاكسي وهو بيفرمل جامد فجأة في نص الشارع. شفت السواق بصلي، وبعدين لف الدريكسيون لفة كاملة. التاكسي وقف عند الرصيف. السواق مال ناحية باب الراكب وزقه فتحهولي. نسيت إنه في الناحية العكسية هنا. ركبت.
      
      "سواقة حلوة،" برطمت، وأنا برمي كل حاجتي في الكنبة اللي ورا. السواق كان بيتفرج عليا وهو رافع حاجبه. "مش من هنا، تقريبًا،" اتنهد. كشرت في وشه. كان شعره أشقر غامق وعينيه خضرا. معظم شعره كان متغطي بالكاب الصغير بتاع السواقين.
      
      "هو فيه مشكلة في ده؟" قلت بفضول. السواق بصلي لمحة، وهو بيرمش بعينيه الخضرا. بص للطريق تاني وهز كتافه. لبس نضارة شمس. "أنا مش بحب السياح أوي يعني،" قال. قلبت عينيا.
      
      "أمال سايق تاكسي ليه يا غبي؟" قلت، وأنا مربعة إيديا. اتأفف ومسك الدريكسيون جامد. "ده شغل مؤقت. دلوقتي بس قوليلي إنتي رايحة فين،" قال. طلعت الكتيب من جيبي وزقيته ناحيته. ابتسم بخبث. "كنتي بنت شقية؟" حسيت إني عايزة أضربه بالقلم، بس مسكت نفسي.
      
      "ميخصكش،" قلت بثبات. ضحك مع نفسه وحط الكتيب على التابلوه قدامه. قلبت عينيا وهو بيسوق على الطريق الرئيسي.
      
      "طيب اسمك إيه؟" سأل فجأة. مكنش عندي أي رد ذكي أو قليل الذوق أو جاهز على ده، فقلت بس، "چينا." مد إيده في الجنب وقال، "أسوأ مقابلة." ابتسم نص ابتسامة وأنا بزق إيده بعيد. بصيت على وشه. أقسم، شكله أكبر مني بسنة بالكتير. كشرت.
      
      "هو إنت أصلا كبير كفاية إنك تسوق التاكسي ده؟" سألته. طلع محفظته من جيبه. فتحها ووراني رخصة السواقة بتاعته. "أنا كبير كفاية من السنة اللي فاتت،" قال بغرور. حطيت دقني على إيدي وسندت كوعي على الباب.
      
      "إنتي منين؟" السواق سأل. كشرت وبصيت له. هو مش عارف أنا منين؟ يعني من طريقة كلامي؟
      
      "أمريكا، يا فالح. ده زي ما تكون بتسأل واحد من الفايكنج هو منين،" قلت. كشر. "آه. دي وجعت،" قال. طب ما طبيعي. "ما هو ده المفروض،" رديت. عدت كام لحظة صمت كمان قبل ما حد يتكلم.
      
      "يعني إنتي مش ألطف واحدة بالظبط،" السواق ضحك. قلبت عينيا، فابتسم بخبث. "إيه الجديد؟" قلت.
      
      "يعني إنتي مدركة إنك مش لطيفة. خالص،" قال. كانت لسه الابتسامة المستفزة دي على وشه. ضميت شفايفي بضيق.
      
      "أيوة. وعشان كده أنا هنا،" قلت، وأنا متأكدة إن نبرتي وصلتلوا قد إيه هو بني آدم رخم. بس هو فضل يتكلم... رغي رغي رغي.
      
      "عشان كده إنتي هنا؟ عشان قليلة الذوق؟" قال وهو مستمتع. هزيت راسي وحطيت خصلة شعر ورا ودني.
      
      "وأسوأ بكتير،" قلت ببرود. حاجبه اترفع وابتسملي.
      
      "بس إنتي قزمة،" ضحك. حسيت وشي بيحمر.
      
      "أيوة، أنا طولي متر ونص بس. فيها إيه يعني؟" زعقت. ضحك تاني.
      
      "جربي بس اتصرفي زي ما بتتصرفي كده في هيوز. هياكلوكي حية،" قال بنبرة مستمتعة. رفعت حواجبي وبحقلتله. "إنت بتتكلم كإنه سجن،" قلت. هز كتافه. "مش بعيد أوي عنه،" قال. في اللحظة دي بالظبط، المدرسة العسكرية نفسها ظهرت قدامنا. وقف التاكسي عند الرصيف.
      
      "وإنت إيه عرفك اللي جوه عامل إزاي؟" قلت بغرور. هز كتافه تاني. "فراسة سواقين؟" نزلت من العربية وطلعت على الرصيف. شديت حاجتي من ورا. اداني شنطة ضهري، ومعاها كارت أبيض صغير. رفعته بتعبير زهقان. "بجد؟ أنا افتكرت شغلك في التاكسي ده مؤقت."
      
      "إنتي عارفة إنك عايزاه،" قالها بابتسامة خبيثة. رجع التاكسي وبدأ يسوق ويمشي. طلع إيده من الشباك وشاور. هزيت راسي بس وبصيت على الكارت بتاعه.
      
      رايان آدامز، سواق تاكسي
      
      تحت اسمه كان رقم تليفونه. هزيت راسي تاني ورميته في الشارع. بدأت أمشي ناحية البوابات الضخمة للمدرسة العسكرية. كنت لسه هضغط على الزرار بتاع السماعة، لما بصيت بلمحة ورايا على الكارت اللي في الشارع. اتنهدت.
      
      جريت للشارع وحطيت الكارت الصغير في جيبي.
      
      

      الرئيسة والباد بوي - روايه كوريه

      الرئيسة والباد بوي

      بقلم,

      كوريه

      مجانا

      رئيسة مجلس الطلبة بتكره بارك سيونغتاي، الولد "الباد بوي" المشهور وكابتن فريق السلة، كره العمى. كرهها ده بدأ من وهما صغيرين لما اتنمر على لهجتها الصيني أول ما جت كوريا. دلوقتي في آخر سنة ثانوي، الظروف بتجبرهم يبقوا وش في وش طول الوقت. من القاعة لصالة الألعاب، كل مقابلة بينهم عبارة عن خناقة وتوتر. دي قصة عن اتنين مبطلوش يكرهوا بعض، لحد ما يمكن الكره ده يطلع حاجة تانية خالص.

      بارك سيونغتاي

      المز بتاع المدرسة، كابتن فريق السلة. شايف نفسه، وبارد، ومستهتر (بيدخن في المدرسة وسمعته وحشة مع البنات). بيستمتع باستفزاز مايينغ.

      لي مايينغ

      رئيسة مجلس الطلبة، وبتاخد كل حاجة بجدية لدرجة إنها دايمًا متوترة. مش طايقة سيونغتاي ومبتقدرش تسكت لما تشوفه بيعمل حاجة غلط.

      أونمي

      صاحبة مايينغ الانتيم. لسانها طويل وكلامها "دبش" وصريحة جداً، بس هي أكتر واحدة بتقف جنب مايينغ وبتخاف عليها.
      الرئيسة والباد بوي
      صورة الكاتب

      مقدمة
      
      لي مايينغ كانت تكره بارك سيونغتاي من يوم ما تقابلا.
      
      كان عندها إحدى عشرة سنة عندما دخلت لأول مرة ذلك الفصل الكوري غير المألوف، عيناها ما زالتا متسعتين ومتوترة، متمسكة بالأمل في أن الأمور ستسير على ما يرام بطريقة ما. كانت قد انتقلت لتوها من الصين منذ أسبوع واحد فقط. لغتها الكورية كانت ضعيفة في أحسن الأحوال، ولهجتها كانت واضحة ونشاز، ولم تكن قد كونت صديقًا واحدًا بعد.
      
      "لي مايينغ؟" نادت المعلمة بلطف، وهي تتفحص قائمة الحضور قبل أن ترفع نظرها. "لماذا لا تأتين إلى الأمام وتعرفين نفسك للفصل؟"
      
      تجمدت مايينغ.
      
      معدتها التوت في عقدة بينما اتجهت كل العيون نحوها. عظيم. عظيم جدًا.
      
      برجلين متيبستين، أجبرت نفسها على الذهاب إلى مقدمة الفصل، وقلبها يدق في أذنيها. نظفت حلقها، وصوتها بالكاد أعلى من الهمس. "إحم... مرحبًا. أنا لي مايينغ. انتقلت للتو إلى هنا من الصين، لذا... آسفة إذا لم تكن لغتي الكورية مثالية بعد." قدمت ابتسامة ضعيفة، ثم أضافت بارتباك، "يمكنكم مناداتي مايينغ أو... ماي."
      
      شخص ما ضحك بسخرية في الخلف.
      
      انطلقت عيناها نحو الصوت، وعندها رأته - مستندًا للخلف في كرسيه كأنه يمتلك المكان، وابتسامة ساخرة مرسومة على وجهه. محاطًا ببعض الأولاد الذين كانوا من الواضح شلته. المعلمة لم يفوتها الأمر أيضًا.
      
      "بارك سيونغتاي،" قالت بحدة. "كفاية كده."
      
      رفع يديه ببراءة مصطنعة، لكن الابتسامة الساخرة لم تفارق وجهه. شعرت مايينغ بخديها يحترقان وهي تعود بسرعة إلى مقعدها، محاولة التظاهر بأنها لم تسمع الضحك. أو تشعر به.
      
      بقية الحصة لم تكن أفضل بكثير. بالكاد فهمت ما كانت تقوله المعلمة، وفاتتها نصف التعليمات، وعندما وُزعت أوراق الواجب، حدقت في ورقتها وكأنها مكتوبة بلغة أخرى. وهو ما كانت عليه تقنيًا.
      
      الجميع مروا بها بسهولة، أقلامهم تخربش بثقة. يدا مايينغ كانتا ترتعشان وهي تحاول كتابة الحروف بشكل صحيح. بدت الحروف غريبة وغير متقنة، وكأن طفلاً صغيراً قد خربشها.
      
      بحلول الوقت الذي كان فيه الآخرون يسلمون أوراقهم، كانت لا تزال في منتصف الطريق. احترق وجهها بالإحراج وهي تنحني فوق مكتبها، يائسة للانتهاء قبل أن يلاحظ أي شخص.
      
      ولكن بالطبع، هو لاحظ.
      
      "بتتكلمي جد؟" سأل صوت ساخر بجانبها.
      
      رفعت نظرها - كان سيونغتاي يقف هناك، يحدق في ورقتها وحاجبه مرفوع. "إيه ده أصلاً؟ إنتي بتكتبي وإنتي مغمضة عينيكي ولا حاجة؟"
      
      انحبست أنفاس مايينغ. ضغطت على فكها، وترمش بسرعة لتحبس الدموع.
      
      "امشي من هنا،" تمتمت. "إنت رخم أوي."
      
      ضحك. "أوه، سوري. مكنش قصدي أقاطع التحفة الفنية دي." قلد لهجتها، ولوى كلماتها في محاكاة قاسية. "'إنت رخم أوي،'" كرر بنبرة عالية حادة، مبتسمًا وكأن هذا أطرف شيء في العالم.
      
      كانت تلك هي القشة الأخيرة. اشتدت قبضتها على القلم الرصاص حتى انكسر إلى نصفين، وشعرت بلسعة الدموع وهي تنساب.
      
      ركضت إلى المنزل تبكي ذلك اليوم - مباشرة إلى ذراعي والدتها، تتوسل للعودة إلى الصين.
      
      الوقت الحاضر
      
      شعرت مايينغ وكأنها جثة تمشي.
      
      لقد نامت أكثر من اللازم - مرة أخرى - وكل شيء تدهور من هناك. روتينها الصباحي اختل، وتخطت وجبة الإفطار، والهالات السوداء تحت عينيها كانت عمليًا تحمل كتبًا دراسية خاصة بها. السنة الأخيرة في الثانوية قد مضغتها ورمتها، ولم تكن قد وصلت حتى إلى منتصف اليوم.
      
      بينما كان زملاؤها في الفصل يبدون مستمتعين بسنتهم الأخيرة، يصنعون الذكريات ويأخذون الأمور ببساطة، كانت مايينغ عالقة في حلقة: تذاكر، تتوتر، تفكر أكثر من اللازم، تكرر. التخرج كان يلوح في الأفق مثل المقصلة. طلبات الالتحاق بالجامعة، المسارات المهنية، امتحانات القبول... كل هذا كان يتراكم. ماذا لو اختارت التخصص الخطأ؟ ماذا لو انخفضت درجاتها بمجرد دخولها؟ ماذا لو هي-
      
      "ألو؟ الأرض بتنادي ماي؟" صوت أونمي اخترق أفكارها الدوامة.
      
      رمشت مايينغ، وعادت فجأة إلى الواقع. "هاه؟ آسفة، كنت سرحانة. قلتي إيه؟"
      
      أعطتها أونمي نظرة جامدة، وهي تمرر شعرها الأسود الحريري فوق كتف واحد. "قلت،" كررت، "إن شكلك زي الزفت."
      
      آه.
      
      ولكن مرة أخرى، كانت هذه هي أونمي فقط - لسانها طويل، وكلامها دبش، وصريحة بوحشية منذ اليوم الأول لصداقتهما في السنة الثانية.
      
      "أنا بتكلم جد،" تابعت أونمي، وتحولت نبرتها إلى قلق حقيقي. "عينيكي منتفخة. إنتي مبقتيش تنامي، مش كده؟"
      
      أطلقت مايينغ زفيرًا ببطء، وفركت مؤخرة رقبتها. "مش أوي. أنا بس كنت-"
      
      "بتذاكري،" قاطعتها أونمي باستهزاء. "طبعًا. ماي، إنتي مش مكنة. مش لازم تخلصي على نفسك كل ليلة. درجاتك كويسة."
      
      قبل أن تتمكن مايينغ من المجادلة، لفت انتباههما صوت كرسي يُسحب بحدة. جلست هييبين على طاولتهما، وهي تشع حماسًا عمليًا.
      
      "سمعتوا يا بنات؟" همست - أو حاولت الهمس، لكن الصوت خرج مكتومًا بسبب ساندويتش الدجاج المحشو في فمها.
      
      تنهدت أونمي، مستعدة نفسيًا. "ابتدينا..."
      
      ابتلعت هييبين، وعيناها تلمعان. "بورا وبوريوم."
      
      "التوأم؟" سألت مايينغ، وهي ترفع حاجبًا.
      
      "أيوة. اتخانقوا خناقة جامدة في الطرقة! شد شعر، وصريخ، وشغل جامد. الأستاذ بارك اضطر يفصلهم عن بعض بنفسه - كان وشه أحمر وغرقان في عرقه."
      
      هذا جعل مايينغ تجلس مستقيمة قليلاً. هي عادة لا تهتم بالنميمة، ولكن... بورا وبوريوم؟ كانتا دائمًا ملتصقتين ببعضهما. ما الذي يمكن أن يفرقهما؟
      
      "إيه اللي حصل؟" سألت، والفضول يتغلب عليها.
      
      مالت هييبين، وخفضت صوتها إلى همس مسرحي. مسحت الكافتيريا بعينيها وكأنهن مراقبات من جواسيس. "سيونغتاي،" قالت بجدية، متوقفة للتأثير.
      
      تأوهت أونمي. "اخلصي بقى، يا بتاعة الدراما."
      
      اتسعت ابتسامة هييبين. "نام معاهم هما الاتنين!"
      
      صوتها لم يكن هادئًا كما كانت تظن. التفتت الرؤوس. بعض الطلاب حدقوا علنًا. تجهمت مايينغ وأونمي في وقت واحد بينما نصف الكافتيريا ثبتت أعينهم عليهن.
      
      "يا ساتر يا رب، هييبين!" همست أونمي، وخداها محمّران. "المرة الجاية، ابقي أجري ميكروفون أحسن!"
      
      "أوبس،" تمتمت هييبين خلف يدها، لكن كان من الواضح أنها مستمتعة بالاهتمام.
      
      مايينغ، مع ذلك، لم تكلف نفسها عناء إخفاء اشمئزازها. "الخنزير ده،" تمتمت. "بينام مع أي حاجة بتتحرك. يتخانقوا عليه - وخصوصًا مع أختك - ده قمة السخافة."
      
      "مش كده؟" وافقت أونمي باستهزاء عالٍ.
      
      "بس هو مز،" أضافت هييبين دون أي اعتذار، وهي تقضم ساندويتشها مرة أخرى.
      
      تمامًا عندما بدأت المحادثة تتجه نحو جولة أخرى من "نظرية الولد الشقي" السخيفة لهييبين، تجمدت مايينغ فجأة في منتصف رشفة من مائها. اتسعت عيناها.
      
      "يا لهوي،" تمتمت.
      
      نظرت أونمي، وحاجبها مرفوع. "إيه تاني؟"
      
      صفعت مايينغ الطاولة بخفة، والإدراك يضربها كشاحنة. "مجلس الطلبة. عندي اجتماع. حالاً. المفروض أكون في القاعة بجهز للاجتماع الأهبل بتاع بكرة."
      
      انفتح فم أونمي. "قصدك الاجتماع اللي المدير بيقول فيه 'خطبته الملهمة' السنوية وكل الناس بتتظاهر بالاهتمام؟"
      
      "أيوة، هو ده،" تأوهت مايينغ، وهي تجمع أشياءها بالفعل في عجلة. "نسيت خالص. كنت مشتتة أوي الصبح..."
      
      رفعت هييبين يديها. "روحي! اجري! انقذي المدرسة بالكليب بورد بتاعك وغضبك المقدس."
      
      "هسيبك لعفاريت النميمة تلبسك،" ردت مايينغ وهي تعلق حقيبتها على كتف واحد، وكانت بالفعل نصف واقفة.
      
      لوحت مايينغ بيدها دون أن تستدير. كانت بالفعل تعد نفسها عقليًا للصمت المحرج في القاعة، والشكاوى التي لا نهاية لها من طاقم التقنيات، والمهمة المثيرة المتمثلة في إعادة فحص مخططات الجلوس. كونها جزءًا من مجلس الطلبة بدا مرموقًا على الورق - مهارات قيادية، مسؤولية، وكل الكلام ده - ولكن في معظم الأيام كان الأمر يعني مجرد رعاية أشخاص لا يستطيعون اتباع جدول زمني حتى لو كانت حياتهم تعتمد عليه.
      
      
      
      
      
      
      في اللحظة اللي مايينغ زقت فيها أبواب القاعة، كحت.
      
      يا إلهي، تاني؟
      
      الريحة اللاذعة المألوفة دي ضربت مناخيرها - الريحة النتنة اللي مفيش شك فيها بتاعة دخان السجاير. عينيها ضاقت فوراً. دايمًا المكان ده. ودايمًا هما.
      
      اتقدمت لقدام، كعوب جزمتها بتطقطق بعنف على البلاط، كل خطوة مدفوعة بالكافيين، والغضب، وصفر طاقة باقية للصبر.
      
      وأهم كانوا هناك. متجمعين قرب المسرح كأنه النادي اللعين بتاعهم.
      
      سيونغتاي كان قاعد ممدد على كرسي، سيجارة بين صوابعه، باين عليه زهقان من حياته. اتنين من صحابه كانوا مريحين جنبه، وعلى جنب - ساندة على سماعة كأنها في وسط جلسة تصوير - كانت ناري. رجلين طويلة، وبشرة مفيهاش غلطة، وتعبير دائم على وشها كأنها لسه شامة حاجة معفنة.
      
      واللي بالمناسبة، هي غالباً كانت شامة.
      
      صوت مايينغ اخترق الدخان. "انتو بتتكلموا جد بتعملوا كده تاني؟"
      
      سيونغتاي لف راسه ببطء، عينيه قابلت عينيها بكل الحماس بتاع واحد بيتفرج على دهان بينشف. مفيش ابتسامة سخرية. مفيش ترحيب. مجرد نظرة باردة، جامدة. فكه الحاد ده كان مشدود، والدخان بيلف بكسل من زاوية بقه. مقالش ولا كلمة - مجرد نفخ الدخان في اتجاهها كأن هي اللي غلطانة هنا.
      
      النظرة دي مكنتش لامبالاة. كانت رسالة صامتة معناها "ويعني هتعملي إيه؟"
      
      "يا إلهي،" تمتمت مايينغ، وهي بتضغط على قصبة مناخيرها. "انتو حتى مهتمين إن دي ممتلكات مدرسة؟ ممنوع تدخنوا هنا. انتو ممنوع تتنفسوا هنا في النقطة دي."
      
      "ظريف،" ناري اتدخلت في الكلام، وهي بتبص على كارديجان مايينغ والكليب بورد بميلة راس ساخرة. "جاية تدينا إنذار، يا آنسة رئيسة المجلس؟ ولا بس جاية تعيطي تاني بخصوص القوانين؟"
      
      مايينغ وجهت نظرتها الحادة لناري، غير متأثرة. "بتعرفي تقري؟ فيه حرفيًا يافطة "ممنوع التدخين" ملزوقة على الباب اللعين."
      
      "أوه لأ،" شهقت ناري، وهي بتمسك صدرها بـ "بوز" مصطنع. "اليافطة."
      
      واحد من الشباب ضحك بسخرية، وناري غمضتله بعينها.
      
      "أنا مش بهزر،" صاحت مايينغ. "لو كلكم عايزين تدمروا رئتكم، روحوا اعملوا ده بره. أنا عندي شغل أعمله."
      
      "يا ساتر،" ناري قالت، بابتسامة خبيثة. "إنتي ليه دايمًا متوترة أوي كده، يا مايينغ؟ محتاجة تلاقي حد ينام معاكي ولا حاجة."
      
      الكلمة دي وجعت. ضحكة انفجرت من ورا الستارة.
      
      وش مايينغ احمر - مش من الإحراج، لكن من الغضب الخالص، الحارق. لكنها مبينتش ده. ربعت إيديها ووقفت ثابتة.
      
      سيونغتاي وقف أخيرًا، رمى سيجارته على الأرض وطفاها بجزمته. بص لتحت على مايينغ - طويل، عريض المناكب، مهيب - ولثانية، حسيت كأن الهوا نفسه بقى أتقل. عينيه كانت حادة ومبتتقريش، وقفته كانت مسترخية لكن خطيرة.
      
      بعدين لف وشه، وهو بيتمتم، "يلا بينا."
      
      الباقيين مشيوا وراه من غير اعتراض.
      
      وبينما الباب اترزع وراهم، وقفت مايينغ لوحدها في القاعة المليانة دخان، فكها مشدود لدرجة إنه وجعها. صوابعها كانت بترتعش كأنها عايزة تضرب حد بالقلم. ياريت ناري. ويمكن سيونغتاي كمان، بالمرة.
      
      اندفعت ناحية الشبابيك وفتحتها على آخرها، وهي بتكح والدخان البايت بيلف حواليها في حضن أخير مر قبل ما الهوا النضيف يسحبه لبره. عينيها حرقتها. صبرها كان في آخره.
      
      وبمجرد ما كانت بتدلك صدغها، الباب اتفتح ببطء وراها.
      
      "يا إلهي، إيه الريحة المقرفة دي؟"
      
      الأستاذة يون دخلت، وهي بتهوي الهوا قدام مناخيرها بشكل مسرحي بكومة ملفات. "المكان ده ريحته زي ما تكون جنازة ولعت فيها نار."
      
      "آسفة يا أستاذة،" مايينغ قالت بانحناءة مهذبة. "بعض الطلبة كانوا - إحم، بيسيئوا استخدام المكان. أنا اتصرفت في الموضوع."
      
      الأستاذة يون شمت وهزت راسها، واضح إنها مش مستنية تفاصيل أكتر. "أكيد اتصرفتي. دايمًا مسيطرة على الأمور، مش كده؟" بصت في ساعتها وابتسمت. "وفي الوقت بالظبط كمان!"
      
      ---
      
      مايينغ حدقت في الرسالة على تليفونها بذهول، بتعيد قرايتها كأن الكلمات ممكن بطريقة سحرية تعيد ترتيب نفسها لحاجة أقل إزعاجًا.
      
      "ماي، أنا آسفة جدًا!! حصل حاجة ومقدرش أجي لتحضير البطولة النهاردة. ممكن من فضلك تغطي مكاني المرة دي بس؟ إنتي بس محتاجة تساعدي الفريق في التجهيز ويمكن توزعي شوية مية أو أي حاجة. إنتي قدها!" - جييون
      
      مايينغ اتأوهت. بصوت عالي.
      
      هي مكنتش حتى في اللجنة الرياضية. مكنتش تعرف أي حاجة عن كرة السلة. الحلقات الوحيدة اللي كانت تهتم بيها هي اللي بتتدلى من ودانها. ومع ذلك أهي، ماشية تدخل صالة الألعاب الرياضية ومعاها كليب بورد تحت دراعها زي مساعد مدرب تايه.
      
      ريحة العرق، ونعال الكاوتش، ومشروبات الرياضة ضربتها زي الحيطة. كور بتنط، جزم بتزيق، وولاد بيصرخوا - وواقف في نص كل ده الصداع البشري المتجسد.
      
      سيونغتاي.
      
      التيشيرت الكت بتاعه كان لازق عليه في كل الأماكن الغلط (أوكي، ماشي، الأماكن الصح بموضوعية)، وشعره المتبهدل لازق على جبهته وهو بيزعق في اللعيبة التانيين بأوامر. كان مسيطر بطبيعته، وجذاب للأسف، ومدرك للأسف للأمرين دول.
      
      لمحها بعينه أول ما دخلت. تعبيره متغيرش - نفس النظرة الباردة، اللي مبتتقريش واللي بتصرخ "إنتي عايزة إيه بحق الجحيم؟"
      
      مايينغ حافظت على وشها خالي من التعبيرات وهي بتقرب. متتوتريش. متظهريش ضعف. إنتي هنا بس عشان تاخدي بالك من الرياضيين وتوزعي مية. سهل.
      
      سيونغتاي بص لها من فوق لتحت، غير متأثر. "بتعملي إيه هنا؟"
      
      "متتحمسش أوي كده." ادتله إزازة من الصندوق اللي جنبها. "جييون معرفتش تيجي. رمت مسؤولياتها عليا."
      
      فكه اتشد شوية، بس مقالش حاجة، مجرد خد الإزازة وشربها كلها كأنها أهانته شخصيًا.
      
      "أنا مش المديرة بتاعتك،" أضافت بسرعة، "أنا بس بتأكد إنكم متنسوش إن فيه حدث بجد بكرة."
      
      مسح بقه بضهر إيده، بعدين رمى الإزازة الفاضية في الزبالة بدقة مستفزة. "يبقى متتعرضيش في الطريق."
      
      "أوه، صدقني، مكنتش هبقى هنا لو كان عندي اختيار."
      
      "يبقى امشي."
      
      "مقدرش. عندي شغل أعمله." رفعت الكليب بورد بتاعها وابتسمت ابتسامة ساخرة. "إنت متعرفش حاجة عن الموضوع ده، مش كده؟"
      
      ده جابلها نظرة حادة، بس هو مبلعش الطعم. بدلًا من كده، مشي عدى من جنبها ناحية كومة المعدات، ولرعبها، شاورلها عشان تتبعه.
      
      "ساعديني في ده،" قال ببساطة.
      
      "إيه - ليه أنا؟ مش ممكن واحد من زمايلك الصغيرين الغرقانين عرق يعمله؟"
      
      "بيسخنوا." نبرته كانت جامدة، كأنه حتى مش عايز يتعب نفسه ويتخانق معاها. "إنتي واقفة مبتعمليش حاجة. الأفضل تخلي لنفسك فايدة."
      
      تمتمت بحاجة تحت أنفاسها صوتها كان شبه كلمة "حمار" بشكل مريب، لكنها مشيت وراه برضه.
      
      هما الاتنين وطوا عشان يجروا العربية التقيلة بتاعة كور السلة، وطبعًا - طبعًا - العربية علقت في نص الملعب. مايينغ شدت فيها، وهي بتجز على سنانها، بينما سيونغتاي وقف وراها ومد إيده من فوقها.
      
      "ابعدي،" قال، بصوت واطي وقريب من ودنها.
      
      اتنفضت. "متقفش فوق دماغي كده، يا ساتر!"
      
      مردش، مجرد مسك جنب العربية، ولثانية، إيديهم لمست بعض. مايينغ سحبت إيدها بسرعة كأنها اتلسعت.
      
      "أنا مقتنعة إنك بتعمل كده بالعمد."
      
      "أنا مش زهقان للدرجة دي."
      
      "أوه واو، شكرًا. إنت ساحر أوي."
      
      زق العربية حررها بزقة واحدة قوية، بعدين بص لها. مكنش فيه ابتسامة سخرية، ولا غرور - مجرد نفس النظرة الثابتة، اللي مبتتقريش. "إنتي بتكرهيني أوي كده؟"
      
      "بس لما بتتنفس جنبي."
      
      لحظة صمت.
      
      بعدين، أخيرًا، شبح ابتسامة سخرية - مش كاملة، بس قريبة بشكل خطير. "من حظك، أنا مش مخطط أقعد هنا كتير."
      
      "عظيم،" ردت بحدة. "أحسن خبر سمعته طول اليوم."
      
      مشي من غير ولا كلمة زيادة، وهو بياخد مجموعة تانية من المعدات كأن كل ده أقل من مستواه. واللي هو في دماغه، غالبًا كان كده.
      
      

      Pages